آخر الأخبار
نيويورك تايمز: جماعة الحوثي تجذب معجبين جدد في جميع أرجاء العالم (ترجمة خاصة)
مسلحون حوثيون بالقرب من السفينة المختطفة جلاكسي ليدر
الخميس, 25 يناير, 2024 - 09:39 صباحاً
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن جماعة الحوثي نجحت في جذب معجبين جدد في جميع أرجاء العالم.
جاء ذلك في تقرير للباحثة فيفيان نيريم، المتخصصة بالشأن الخليجي في صحيفة نيويورك تايمز..
وقالت الصحيفة "استفادت جماعة الحوثي من حرب غزة للحصول على جمهور دولي لنشر رسالتها إلى ما هو أبعد من حدود اليمن".
وأضافت "بعد فترة وجيزة من اختطاف الحوثيين سفينة تجارية في البحر الأحمر واحتجاز طاقمها المكون من 25 فردًا كرهائن، قامت الجماعة المسلحة باستخدام السفينة لتصوير فيديو موسيقي" .
وفي الفيديو المنتج عالي الجودة المسمى ب "محور الجهاد"، تصور طائرة درون السفينة الضخمة. ثم يظهر شاعر حوثي شهير على ظهر السفينة، تظهر بالخلفية لوحة من الورق المقوى لقاسم سليماني، القائد الإيراني الذي اغتيل في عام 2020، ويبدأ في الغناء.. يصرخ الشاعر عيسى الليث، مصحوباً بإيقاع حماسي: "الموت لأمريكا وإسرائيل ". "والله لن ُنهزم!"، وفق الصحيفة.
وتابعت الصحيفة "لطالما تميز الحوثيون بإنتاجهم الماهر للدعاية، من خلال صياغة الشعر والبرامج التلفزيونية ومقاطع الفيديو الموسيقية الجذابة لنشر رسائلهم. لكن لم يكن لديهم جمهور كبير كما هو الحال الآن، حيث تدفعهم حرب غزة إلى مركز معركة عالمية للسرديات جاذبة معجبين جدد في جميع أرجاء العالم".
وأردفت" على مدى الأشهر القليلة الماضية، برز الحوثيون على الساحة العالمية من خلال إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل ومهاجمة السفن في البحر الأحمر، مما أنتج أضرار محدودة ولكن تسبب بتعطل وتدفق التجارة العالمية، واستهدفت الولايات المتحدة وحلفاؤها الجماعة بغارات جوية متكررة هذا الشهر، مما رفع من مكانتها، ولازالت الهجمات على الملاحة البحرية مستمرة".
وقد أعلن الحوثيون، وفق الكاتبة، أن هدفهم الرئيسي هو خوض معركة مباشرة مع الولايات المتحدة، وفي المظاهرات الأخيرة، ردد مؤيدوهم مقطعًا من قصيدة حوثية شهيرة: "لا نبالي، لا نبالي: واجعلوها حرب كبرى عالمية "، وصور قادة الحوثيين حملتهم على أنها معركة عادلة لإجبار إسرائيل على إنهاء الحرب في غزة، حيث قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 25 ألف فلسطيني منذ هجمات السابع من أكتوبر من قبل حماس، وفقا لسلطات الصحة في غزة.
وقالت الصحيفة" الآن، يستغل الحوثيون الغضب الواسع النطاق على سلوك إسرائيل في الحرب، ولا يخاطبون فقط العرب، ولكن خطابهم ايضا موجه إلى جنوب آسيا والأوروبيين والأمريكيين، الذين لا يعرفون الكثير الجماعة المتمردة وتاريخها الدموي والقمعي في اليمن".
وكتب محمد البخيتي، وهو سياسي حوثي كبير، على منصة اكس يوم الثلاثاء، مروجاً لمقطع فيديو على منصة يوتيوب لمقابلة أجراها مع كاتب أمريكي: "النصر في معركة الوعي أهم من النصر في المعركة العسكرية"، ونشر حصرياً باللغة الإنجليزية تقريبًا في الأيام الأخيرة، منتقدًا الإمبريالية الغربية و"عصابة الصهيونية الحاكمة" بينما يطلب من المتابعين الأمريكيين قراءة أعمال المفكر اليساري نعوم تشومسكي.
وكتب البخيتي : "سأنشر رسالتي إلى شعوب الدول الغربية الآن، وآمل أن تعيد الشعوب الحرة في العالم نشرها على أوسع نطاق".
وتحدثت الصحيفة أنه كان العديد من الأشخاص المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي حريصين على مشاركة رسائل مؤيدة للحوثيين باللغة الإنجليزية، مشيدين بالجماعة لمهاجمة إسرائيل وحليفها الرئيسي، الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن هانا بورتر، وهي باحثة مستقلة في شؤون اليمن ودارسة للدعاية الحوثية قولها : "هذا ما كانوا يعملون عليه لسنوات. إنهم واضحون جدًا بشأن حقيقة أن ما يسمى بالحرب الناعمة، أي الحرب النفسية، لا تقل أهمية عن الحرب الحقيقية، بل قد تكون أكثر أهمية منها".
بدأت الجماعة، التي تطلق على نفسها "أنصار الله"، كحركة بقيادة أفراد من قبيلة الحوثي، تركز على الإحياء الديني والثقافي للمذهب الزيدي الشيعي. وتقول السيدة بورتر إن استراتيجياتها المبكرة في التواصل كانت منخفضة التقنية بشكل واضح، بما في ذلك المنشورات الورقية والمخيمات الصيفية للأطفال.
ولكن في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، قاد الزعيم المتمتع بالكاريزما حسين الحوثي، تحول الجماعة إلى قوة متمردة تقاتل الحكومة اليمنية المستبدة المدعومة من الولايات المتحدة.
تضيف بورتر إنه خلال سنوات الحرب ضد الحكومة، تم بناء الدعاية الحوثية. ووصف الحوثيون أنفسهم بأنهم قوة معادية للإمبريالية، تقاتل ضد الفساد والتأثير الأجنبي، واعتمدوا شعارًا يردد في التجمعات يشتمل على عبارة "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود".
وفي العام 2012، وسعوا نطاق سردهم الإعلامي من خلال تأسيس قناة "المسيرة"، وهي قناة تلفزيونية ناطقة باللغة العربية ومقرها بيروت.
ومع حلول العام 2014، شكل الحوثيون تحالفًا انتهازيًا مع الرئيس اليمني المخلوع حديثًا - نفس الرئيس الذي حاربوا ضده لسنوات - ودخلوا العاصمة صنعاء، وأطاحوا بالحكومة. وقادت السعودية خصم إيران الإقليمي، تحالفًا عسكريًا عربيًا في حملة قصف استمرت لسنوات في اليمن في محاولة لهزيمة الحوثيين،ومات خلالها مئات الآلاف من اليمنيين بسبب القتال والجوع والمرض، بحسب الكاتبة.
ومع ذلك، لم ينج الحوثيون من تلك الحرب ضد السعوديين فحسب، الذين ساعدتهم المعونات الأمريكية العسكرية بالأسلحة والخبرات،بل انهم ازدهروا أيضًا، وأقاموا شبه دولة فقيرة يحكمونها بقبضة من حديد. وهم يقدمون أنفسهم الآن على أنهم الحكومة الشرعية لليمن، متجاهلين الحكومة المعترف بها دوليًا التي تعمل إلى حد كبير في المنفى.
ونقلت الصحيفة عن هشام العميسي، المحلل السياسي اليمني الذي سجنه الحوثيون عام 2017 قوله : "لقد تمكنوا من اختطاف تلك السردية القائلة نحن نمثل اليمنيين". وأضاف أن ذلك يعود جزئيًا إلى مهارة الحوثيين في الدعاية، "ولكنه يعود أيضًا إلى ضعف الحكومة اليمنية في حقيقة الامر ".
ويسرد العميسي ذكرياته،الذي كان يعيش في صنعاء عندما سيطر عليها الحوثيون،أن الناس غادروا المدينة لكنهم عادوا بعد فترة وجيزة لأن الأوضاع الاقتصادية والأمنية كانت أسوأ في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية .
ورأت الكاتبة أنه منذ بدء الحرب في غزة، قدم قادة الحوثيين أنفسهم على أنهم المستضعفون الشجعان: الجماعة العربية الوحيدة التي ترغب في مواجهة إسرائيل والقوة الإمبريالية للولايات المتحدة. ومن خلال القيام بذلك، استغلوا الشعور بالعجز الذي يشعر به العديد من العرب الذين يسعون بشدة لوقف المجازر في غزة، في حين ركزت دول عربية قوية مثل السعودية على الدبلوماسية في محاولة لإنهاء الحرب وتجنبت التدابير الأكثر صرامة التي استخدمتها ذات مرة للضغط على إسرائيل وحلفائها الغربيين مثل الحظر النفطي عام 1973.
وقال العميسي في هذا السياق إن الحوثيين "قدموا أنفسهم على أنهم الأبطال الحقيقيون الأكثر أخلاقية ومصداقية، إن صح التعبير، ليس فقط للعرب، بل للإنسانية بشكل عام".
وتقول الكاتبة "في حين يعم الحزن الشديد على الفلسطينيين والغضب على إسرائيل،جميع أنحاء الشرق الأوسط، ارتفع مؤشر شعبية الحوثيين بشكل كبير".
وقال بهاء الدين الجملي، تونسي يبلغ من العمر 35 عاماً"إنهم على الأقل يبذلون جهدًا في وقت لم تفعل فيه دول أخرى مثل مصر والإمارات شيئًا لفلسطين".
أما في البحرين، المملكة الخليجية التي ساعدت التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في ضرب الحوثيين، جذبت الجماعة اليمنية إعجاب العديد من المواطنين المحبطين من موقف حكومتهم.
وقال أحمد المرشدي، مهندس برمجيات مصري يبلغ من العمر 30 عامًا، إنه بينما لا يؤيد أيديولوجية الحوثيين ويشعر "بريبة كبيرة من دوافعهم"، فإنه يجد صعوبة في إدانة هجمات الجماعة في البحر الأحمر.
وقال: "يبدو أنها محاولة يائسة لممارسة الضغط على المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، لحثها على التدخل لوقف الإبادة الجماعية المستمرة في غزة".
وكتب في منشور على منصة اكس: "نحن لسنا في انتخابات". "موقفنا هو موقف الواجب".
وقالت ندوى الدوسري، الباحثة اليمنية غير المقيمة في معهد الشرق الأوسط، إن سردية الحوثيين غالبًا ما توجه نحو المتعاطفين المحتملين في اليسار الغربي، مستغلة الغضب بشأن غزة و"الخوف من تورط أمريكا في حرب أخرى".
وتفيد الصحيفة أنه في الداخل اليمني، لا يتسامح الحوثيون مع المعارضة، ويعتمدون على بعض الأساليب الاستبدادية نفسها التي ينتهجها الحكام العرب المتحالفون مع الولايات المتحدة الذين يحتقرونهم. لقد أغلقوا محطات إذاعية واعتقلوا صحفيين ونشطاء وأفراد من أقليات دينية - وفي إحدى الحالات حكمت محكمة على أربعة صحفيين بالإعدام قبل الإفراج عنهم في تبادل للاسرى .
وأشار تقرير صدر موخرا لمنظمة هيومن رايتس ووتش إلى أنه حتى عندما انتقد الحوثيون إسرائيل لتقييدها الشديد لتدفق الطعام والمياه إلى أكثر من مليوني من سكان غزة، منع الحوثيون وصول المياه إلى المدنيين في تعز، إحدى أكبر المدن اليمنية.
وقال العميسي إن نجاح الحوثيين في سرد قصتهم كان غريباً على اليمنيين الذين عانوا تحت حكم الحوثيين. ففي عام 2017، بعد أن انتقد الحوثيين علانية، اعتقلوه واحتجزوه لعدة أشهر واتهموه بالتجسس. وتذكر زنزانة صغيرة مقطوعة تمامًا عن الضوء أصابته بشعور بأنه "يدفن حيا".
وأضاف : "أنا في الواقع أحد المحظوظين". "الكثير من الناس لم ينجحوا في الخروج من هناك."
الآن، وهو يقيم في الولايات المتحدة، يشعر بالذهول عندما يهاجمه غرباء مصريون أو فلسطينيون أو أمريكيون عبر الإنترنت لانتقاده الحوثيين.
يختم العميسي بالرد عليهم، هل تفهمون حتى من هم الحوثيون؟"