آخر الأخبار
واشنطن بوست: سيطرة الحوثيين في البحر الأحمر تتيح لهم التأثير على سلاسل التوريد العالمية (ترجمة خاصة)
قالت الصحيفة إن استغلال الممر المائي في البحر الأحمر نقطة ضعف يبدو أن الولايات المتحدة التي تفتخر بدورها كضامن لحرية الملاحة تقف عاجزة للتحرك بشأنها
الاربعاء, 17 يناير, 2024 - 09:25 مساءً
قالت صحيفة واشنطن بوست، إن الحوثيين يملكون ما يمكن تسميته بخاصية "عنق الزجاجة"، فهم يسيطرون على الممر الضيق المؤدي إلى البحر الأحمر، مما يتيح لهم التأثير في نقطة ضعف سلاسل التوريد العالمية.
وأضافت الصحيفة الأمريكية، في مقال للكاتب ديفيد اغناتيوس المتخصص في الشؤون الخارجية، ترجمه "المهرية نت": هذه القدرة على استغلال الممر المائي المزدحم هي نقطة ضعف خطيره، ولكنها غير مطروحة للنقاش في الاقتصاد العالمي.. نقطة ضعف يبدو أن الولايات المتحدة، التي تفتخر بدورها كضامن لحرية الملاحة، تقف عاجزة للتحرك بشأنها.
وأشارت إلى إعلان البيت الأبيض رسميا عن تخصيص شهر أبريل "شهر سلامة سلسلة التوريد"، وقالت: "لكن يبدو أن الحوثيين في اليمن وعشرات اللاعبين الآخرين الذين بإمكانهم إحداث الفوضى في اللوجستيات العالمية لم يفهموا الرسالة بعد".
وقالت: الحوثيون في بلد بعيد لا يتسنى للعديد من الأمريكيين تحديد موقعه على الخريطة لكن لديهم القدرة على تعطيل الأسواق العالمية، وعلى مدى ثلاثة أشهر كانوا يرسلون الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه سفن الشحن التجارية في البحر الأحمر، مما أدى إلى تغيير مسارات الشحن العالمية وتقلبات في أسعار التأمين".
ومنذ نوفمبر الماضي بدأ الحوثيون بإرسال صواريخ طائرات مسيرة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، قبل أن يصعّدوا موقفهم بإعلانهم منع مرور السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل، ضمن موقفهم الداعي لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وتقول الصحيفة نقلاً عن وكالة رويترز، بأنه في الأسبوع الماضي وحده، ارتفعت أسعار تأمين مخاطر السفن التي تعبر المنطقة بأكثر من 40%.
وتابعت: "لم تردع التهديدات العسكرية الأمريكية الحوثيين، الذين بدأوا بإطلاق الصواريخ على سفن الشحن في نوفمبر لإبداء احتجاجهم على الحرب في غزة، كما أن التحالف المتغطرس المسمى "بحارس الازدهار" الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يضم أكثر من 20 دولة، لم يوقف هجماتهم أيضا".
وتابعت: "أعلنت ميرسك وشركة هاباج لويد، وهما من أكبر شركات الشحن العالمية، في الثاني من يناير/ كانون الثاني أنهما ستتوقفان عن استخدام طريق البحر الأحمر بسبب صواريخ الحوثيين".
ولفتت الصحيفة إلى الخطوة الأمريكية البريطانية بشن العدوان على اليمن، في 11 يناير الجاري، إذ قصفت يومها أكثر من 60 هدفاً بأكثر من 100 قنبلة؛ وتقول: "لكنّ هذا لم يردع الحوثيين، حيث استهدفوا سفينة شحن مملوكة للولايات المتحدة يوم الاثنين، مما أدى إلى هجوم انتقامي أمريكي يوم الثلاثاء على موقع لإطلاق صواريخ حوثية".
واعتبرت الصحيفة أن الحوثيين يضربون القوى العظمى في نقطة ضعفهم، "كعب أخيل" كما يصفه الكاتب في إشارة للأسطورة الاغريقية القديمة.. كان أخيل منيعاً للغاية، نقطة ضعفه الوحيدة كانت في كعبه الذي لم يغمس في البحيرة السحرية، وفي النهاية أصابه السهم في كعبه.. كما أصاب الحوثيون كعب أخيل الغرب المنيع؛ تقول الصحيفة.
وتتابع: "يتقن الحوثيون فن حرب الغوريلات الحديثة، مستغلين نقاط الضعف لدى القوى العظمى، فقد خاضت السعودية والإمارات حربًا ضدهم منذ عام 2014، وأعلنت الإمارات استسلامها عام 2020، بينما وافق السعوديون على اتفاق سلام العام الماضي، لكنه لم يحقق شيئا سوى زيادة جرأة الحوثيين".
ووصف الكاتب الحوثيين بأنهم "مقاتلون أشداء وصبورون - تزودهم إيران بالأسلحة والتدريب والمعلومات الاستخباراتية - ويتربعون على هرم واحدٍ من أهم الممرات المائية استراتيجية في العالم..".
وقال: "يبدو أن قادة الحوثيين فهموا اللعبة جيداً فكلما قاموا بجرّ الولايات المتحدة إلى الصراع، زاد تأثيرهم على الاقتصاد العالمي؛ وهذه هي عبرة هذه الحرب غير المعلنة، فالولايات المتحدة تمتلك قوة اقتصادية ساحقة، ولكن بسبب اعتمادها على التجارة العالمية والتدفقات المالية، فهي معرّضة بشكل خاص للهجمات الاقتصادية من قبل جهات تبدو قليلة التأثير مثل الحوثيين".
ومن المفارقات أنه كلما زادت هيمنة الولايات المتحدة اقتصادياً، كلما زادت هشاشتها وأصبحت أكثر عرضة لهجمات سلسلة التوريد الخاصة بها، وكان حظر النفط العربي عام 1974 مثالًا مبكرًا على هذا الاعتماد، حيث استمرت آثاره المزعزعة لاستقرارها معظم العقد التالي؛ وفق واشنطن بوست.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "هذه الحرب الصغيرة الغريبة قبالة سواحل اليمن - وتأثيرها المحتمل الكبير على التجارة العالمية -هي تذكير بمدى هشاشة الشبكة اللوجستية الأمريكية، وسلاسل توريدها، وينبغي على عظماء الاقتصاد العالمي الذين يتجمعون هذا الأسبوع في دافوس بسويسرا أن يراقبوا عن كثب نقطة الاختناق البعيدة في باب المندب، حيث يبدو النظام في الواقع ضعيفًا للغاية.