آخر الأخبار
منع الحكومة من العودة لعدن.. هل يقرع طبول الحرب بين الشرعية والانتقالي؟
أفراد من الجيش اليمني_ارشيف
الجمعة, 24 أبريل, 2020 - 09:34 صباحاً
تصعيد جديد من "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا، بدد حالة التفاؤل التي أبداها البعض تجاه الدفع بتنفيذ اتفاق الرياض المتعثر، عقب منع حلفاء أبوظبي رئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك وعدد من الوزراء من العودة إلى عدن التي تئن من آثار ودمار السيول جراء الأمطار الغزيرة التي ضربت المحافظة.
كانت الساعات الماضية، تبشر وفق مصادر حكومية، بعودة الحكومة أمس الخميس إلى عدن، إلا أنها سرعان من تبخرت تلك الأخبار التي اصطدمت بتحدٍ صعب عقب أقدام المليشيات التابعة للمجلس الانتقالي على تطويق مطار عدن الدولي، بالتزامن مع إطلاق كتائب الانتقالي الإعلامية وسم على مواقع التواصل الاجتماعي " #عوده_حكومه_الفساد_مرفوضه".
تراشق متبادل
الحكومة من منفاها بالعاصمة السعودية الرياض، وعقب تلقيها ما وصفه البعض بالإهانة، سارعت إلى إصدار بيان رسمي حملت فيه المجلس الانتقالي الجنوبي مسؤولية عرقلة عودتها إلى عدن، مشيرة إلى أن ذلك تصرف يفتقر للمسؤولية في التعامل مع جهود تطبيق اتفاق الرياض وفي مواجهة الآثار الكارثية للسيول التي طالت العاصمة المؤقتة والخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة.
وتأتي التطورات الأخيرة، بعد أيام من توقيع الحكومة والانتقالي على تنفيذ اتفاق الرياض الذي رعته السعودية في الخامس نوفمبر من العام الماضي، ويواجه تعثرا وتبادلا للاتهامات بين الطرفين.
وجاء التوقيع الأخير عقب تصاعد التوتر والتحشيد العسكري للقوات الحكومية والمجلس الانتقالي في أبين، استعدادا لتفجير الوضع عسكريا في ظل تراشق الطرفين خلال الأشهر الماضية حول السبب في تعثر اتفاق الرياض.
بدروه ألمح "الانتقالي" في بيان أن منعه عودته الحكومة إلى عدن، يأتي لعدم التزامها ببند عودة رئيس الوزراء فقط، وأعاد المجلس المدعوم إماراتيا مذكرا بحادثة منع قياداته في 11 ما رس(آذار) الماضي من العودة إلى عدن عبر طائرة اليمنية من العاصمة الأردنية عمان، في إشارة إلى أن ما حدث للحكومة رد عملي على تلك الواقعة.
وساهمت الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة التي شهدتها عدن اليومين الماضيين، وما خلفتها من أضرار ودمار واسع، في إحياء الحديث عن عودة الحكومة إلى عدن في ظل معاناة السكان بالمدينة، وتنصل الانتقالي من واجباته تجاه المدينة التي يسيطر عليها.
وتسببت السيول في مصرع 8 أشخاص بينهم خمسة أطفال وجرح أربعة آخرين وانهيار جزئي وكلي 76 منزلا إضافة إلى دمار واسع في البنية التحتية والخدمات الأساسية.
الخيار العسكري
ويرجح كثير من المراقبين عودة الخيار العسكري بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي في حسم الصراع، خاصة بعد مرور قرابة ستة أشهر من توقيع اتفاق الرياض دون إحراز تقدم ملحوظ، الأمر الذي يضع راعي الاتفاق في مأزق واختبار أمام الحكومة الشرعية والمجتمع الدولي في صدق النوايا وترجمتها أهداف التدخل في دعم الشرعية إلى واقع.
ويعيد الخيار العسكري أحداث أغسطس(آب) الماضي التي انتهت بطرد الحكومة من العاصمة المؤقتة، وهرولة الانتقالي باتجاه المحافظات الشرقية لفرض سيطرته، لكن طموحاته تكسرت حين شنت القوات الحكومة هجوما مضادا من شبوة ووصلت إلى أطراف عدن قبل شن الطيران الإماراتي غارات جوية على قوات الجيش أوقعت 300 قتيل وجريح وفق وزارة الدفاع اليمنية.
وعقب ذلك تدخلت السعودية ونجحت في توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في الخامس من نوفمبر الماضي، ومنذ لك الحين لم تر بنود الاتفاق النور.
في 18 من نوفمبر 2019، وصل رئيس الحكومة إلى عدن برفقة عدد من الوزراء، ورغم أن العودة تأخرت وفقا لتزمين اتفاق الرياض، إلا الزيارة لم تدم سوى 80 يوما حيث غادر الوفد الحكومي المدينة في 12 فبراير/ شباط الماضي، مع تصاعد حدة التوتر مع الانفصاليين جراء تعثر تنفيذ بنود اتفاق.
مأزق للانتقالي
ويرى الصحفي والمحلل السياسي، مأرب الورد، في تصريح لـ"المهرية نت" أن الانتقالي وضع نفسه في مأزق هو في غنى عنه، مشيرا إلى أن ذلك يتجلى في اتهامه الحكومة بعدم التواجد بعدن وهو من طردها منها، وفي الوقت ذاته يطالبها بتحمل مسؤوليتها إزاء كارثة السيول وهو المسيطر على الأرض.
ولفت إلى أن الانتقالي لن يقم بواجبه كسلطة أمر واقع في عدن ولا سمح للحكومة بالعودة، مبنيا أن عدم السماح للحكومة بالعودة لعدن لا يخدم المجلس الانتقالي سياسيا بل يضر بسمعته وصورته التي تضررت كثيرا في الفترة الماضية جراء سياساته وأعماله التي ألحقت الأذى بالسكان في عدن.
وأوضح أن عدن تمر حاليا بظروف صعبة على خلفية السيول والأمطار الأخيرة التي تسببت بتداعيات مختلفة على السكان في ظل إضعاف مؤسسات الدولة وإصابتها بالشلل منذ انقلاب الانتقالي المسلح على الحكومة في أغسطس الماضي.
وذكر أن الوضع بحاجة لتمكين سلطة الدولة من القيام بواجبها لتخفيف معاناة الناس وتحمل مسؤولياتها، مؤكدا أنه من مصلحة الجميع وفي مقدمتهم الانتقالي تنفيذ "اتفاق الرياض" الذي يحقق مصالح الطرفين بغض النظر عن المآخذ عليه لكنه يبقى الحل المتاح الذي يتطلب العمل على تنفيذه.
ويعتقد الورد، أن في تنفيذ الاتفاق يتحقق للانتقالي ما يريده، مشير إلى أن خطوة منع الحكومة لن تحقق له شيئا.
تفجير الصراع
من جانيه، يقول الكاتب والباحث اليمني عادل دشيلة، إن قرار الحكومة العودة الى عدن قبل تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض غير سليم.
وأشار في تصريح لـ"المهرية نت" إلى أنه مع ذلك رفض الانتقالي دخول الحكومة إلى عدن رغم أن العودة تأتي لتقديم الخدمات.
ولفت دشيلة إلى أن فشل التحالف اليوم في إقناع المتمردين المدعومين إماراتياً السماح بعودة الحكومة إلى عدن دليل واضح أن السياسة الناعمة التي ينتهجها الطرف الضامن لتنفيذ الاتفاق لا تصب سِوى في صالح جماعات العنف المتمردة.
وأوضح أن مليشيات الانتقالي تحركها الإمارات مثل الحوثيين الذين تحركهم إيران، مؤكدا أنه لن يُنفذ اتفاق الرياض ما لم يتم إجبار الانتقالي.
واستبعد دشيلة تنفيذ اتفاق الرياض في الوقت الراهن، معللا ذلك أن الانتقالي ينفذ أجندات الإمارات التي تعد جزء من التحالف.
وأكد أن الكرة في ملعب راعي الاتفاق، فيما الحكومة اليمنية قدمت التنازلات الكثيرة وليس بوسعها تقديم أي شيء آخر.
وخلص أنه لا يُستبعد أن يتفجر الصراع في المناطق الجنوبية ما لم يتم السماح للدولة اليمنية ببسط سيطرتها على الأرض، مبينا أن تفجر الصراع لن يصبّ ذلك سِوى في صالح المشروع الإيراني.