آخر الأخبار
عمالة المسنين.. مأساة إنسانية تعمقها صعوبات المعيشة وأوجاع الحرب
صعوبات معيشية يتجرعها المسنون - أرشيف
الجمعة, 20 نوفمبر, 2020 - 08:27 صباحاً
وأنت تتجول في أسواق ومدن اليمن، تلحظ رجالا مسنين مازالوا يمارسون أعمالا متعددة، رغم إنهم قد بلغوا من العمر عتيا.
ظروف المعيشة الصعبة التي يتجرعوها مع أسرهم ، وتداعيات الحرب المشتعلة في البلاد منذ سنوات، أجبرت العديد من المسنين على الاستمرار في العمل والكفاح الدائم في سبيل لقمة العيش، الذي بات جلبها صعبا وغاليا.
وخلفت الحرب اليمنية تأثيرات اقتصادية واجتماعية ونفسية كبيرة، أجبرت مسنين على العمل ولو في أعمال شاقة، حيث لا خيار لهم من أجل مواصلة العيش سوى الاستمرار بالعمل رغم عدم القدرة البدنية، مع اتساع رقعة العمر.
صراع على لقمة العيش
محمد سعيد (62 عاما)، أحد المواطنين المقيمين في مدينة تعز المكتظة بالسكان، يشرح للمهرية نت قصة كفاح مستمرة في سبيل لقمة العيش.
سعيد يعمل بشكل يومي في كافتيريا بمدينة تعز، يقوم بطهي رغيف الخبز المقلي بالزيت المسمى يمنيا على نطاق واسع ب"الخمير" ، أو "الزلابية" في بعض المناطق .
يقول إنه" ليس لديه خيار آخر غير مواصلة العمل من أجل إعالة أسرته المكونة من 8 أفراد".
وأضاف أنه:" يحصل في اليوم الواحد على 2000 ريال، مقابل عمله الذي قد يبدو مجهدا؛ لكن تعب البدن أهون من متاعب الحاجة للناس، يقول سعيد".
ويشير سعيد إلى أنه:" كان يتقاضى راتب عسكري متقاعد قبيل اندلاع الحرب في العام 2014، لكنه توقف هذا الراتب، ولم يعد يتسلمه بشكل منتظم منذ بدء الصراع".
وأضاف:" نتسلم نصف راتب فقط في بعض الأشهر، وهذا لا يكفي تكاليف المياه التي تستهلكه الأسرة مع هذا الغلاء الفاحش".
وعلى الرغم من تقدمه في العمر؛ إلا أن علامات الصمود والبسمة بادية على وجهه، فهو يشعر بسعادة كونه يقتات من عرق جبينه.
يتحدث سعيد عن الحرب وتداعياتها، قائلا:" الوضع أصبح صعبا، والغلاء بات جنونيا، فيما فرص العمل باتت ضئيلة، ومن يحصل على أي عمل فهو محظوظ.
وضع معيشي بائس
سعيد واحد من بين الكثير من اليمنيين المسنين الذين ما زالوا يعيلون أسرهم رغم تقدمهم في السن، فيما لا منظمات فاعلة تقوم بدعمهم، ولا حكومة تنظر إليهم، في ظل الانقسام الحاد الذي تشهده البلاد اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.
عبدالرحيم السلامي، مسن يمني يبلغ من العمر (64 عاما)، ومازال مستمرا في العمل من أجل إعالة أسرته المكونة من نحو عشرة أفراد.
يعمل السلامي سائق دراجة نارية في مدينة تعز، طوال وقت النهار، بين حرارة الشمس، أو لفحات البرد.
يقول في تصريحات للمهرية نت إن:" الوضع في اليمن أصبح بائسا للغاية، لم يعد يهمنا سوى توفير الحد الأدنى من وسائل المعيشة في ظل هذا الغلاء الفاحش".
ولفت إلى أن:" هناك شابين من أولاده قد بلغا ثلاثين عاما، لكن لم يحصلا على أي عمل ، وتحولا إلى عبئ عليه رغم تقدمه في السن".
السلامي الذي يعاني من هزال ومرض مستمر، لم يبق من أسنانه سوى القليل، يقول :" صحيح نعاني كثيرا في العمل بشكل يومي، فأحيانا لا نحصل على ركاب، وأحيانا نحصل على دخل جيد، خصوصا هناك من يتعاطف معنا ويقدم مبالغ مالية لنا دون أي مقابل".
ويشكو من أنه لديه بنت تعاني من مرض مزمن وباتت مقعدة في المنزل، وبحاجة إلى علاج دائم.
يضيف:" أحيانا لا نحصل على حق شراء العلاج لها، ما يزيد كثيرا من المعاناة التي نتجرعها جميعا".
ولفت إلى أن":" أحد أولاده لم يستطع الزواج كونه لم يحصل على عمل رغم إنه خريج جامعي، وبات هذا الشاب يعاني اضطرابات نفسية جراء هذه الظروف الصعبة".
يشار إلى أن الحرب المستمرة في اليمن منذ سنوات أدت إلى خلق واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية، وبات معظم السكان بحاجة إلى مساعدات.
وتكبد الاقتصاد اليمني خسائر كبيرة جراء الحرب المستمرة، فيما يواصل الريال اليمني تدهوره الحاد أمام العملات الأجنبية، ما أدى إلى موجة غلاء كبيرة أرهقت معظم السكان.