آخر الأخبار
ما تداعيات الغارات الإسرائيلية على الاقتصاد اليمني؟ (تقرير خاص)
جانب من الغارات الإسرائيلية على ميناء الحديدة
السبت, 21 ديسمبر, 2024 - 07:24 مساءً
أعلن جيش العدو الإسرائيلي صباح الخميس الماضي، شنّ غارات جوية على "أهداف عسكرية" تابعة للحوثيين في اليمن شملت "موانئ وبنى تحتية للطاقة"، في هجوم أعقب اعتراضًا لصاروخ أطلقته الجماعة باتجاه الاحتلال.
جاء ذلك في بيانٍ لجيش الاحتلال قال فيه: "إنّ طائراته شنّت الخميس الماضى غارات دقيقة استهدفت أهدافًا عسكرية حوثية في اليمن، شملت موانئ وبنى تحتية للطاقة، استخدمها الحوثيون في أنشطتهم العسكرية".
وأوضحت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين أن غاراتٍ عديدة "استهدفت محطتي كهرباء حزيز وذهبان المركزيتين، جنوب وشمال العاصمة صنعاء، بينما استهدفت غارات أخرى في محافظة الحديدة الساحلية غرب ميناء الحديدة، ومنشأة رأس عيسى النفطية، ما أسفر عن مقتل وإصابة تسعة أشخاص".
وصرّح وزير دفاع الاحتلال يسرائيل كاتس قائلاً "ستُقطع يد كل من يرفع يده على دولة إسرائيل" مشيرًا إلى أن العملية استهدفت "بنى تحتية إستراتيجية" للحوثيين.
وتوعّد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بتنفيذ مزيد من الهجمات على الحوثيين في اليمن، مشيرًا إلى أن الحوثيين سيتعلمون “بالطريقة الصعبة".
وقال زعيم جماعة الحوثي عبدالملك الحوثي في كلمة له بثتها قناة المسيرة، إن "العدو الإسرائيلي استهدف الموانئ في الحديدة ومحطتي كهرباء في صنعاء، وأسفر العدوان الإسرائيلي عن استشهاد 9 شهداء مدنيين" مؤكّدًا: "رغم ذلك، فإن العدوان الإسرائيلي لن يثنينا أبدًا عن موقفنا المناصر للشعب الفلسطيني ومجاهديه في غزة، أو مستوى التصعيد".
وقال نائب رئيس المكتب الإعلامي للحوثيين نصرالدين عامر إن تسعة أشخاص استشهدوا في غارات إسرائيلية، فجر الخميس، على اليمن، مشيرا" أن 7 منهم في الغارات على ميناء الصليف، واثنان في الغارات على منشأة رأس عيسى النفطية".
وأضاف عامر إن "استهداف منشأة مدنية هنا أو هناك لن يكون له - بالتأكيد- أي تأثير على القدرات الهجومية لليمن"، كما جدّد تأكيد دعم الحوثيين للفلسطينيين في غزة، قائلاً: "لن نترك غزة مهما كانت التحديات والمخاطر".
وقال القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي، إن"هجمات العدو الإسرائيلي الأمريكي على الأعيان المدنية جرائم حرب إرهابية مدانة".
وأضاف في منشور له على منصة إكس "تأتي جرائم الكيان المؤقت الإسرائيلي والأمريكي على اليمن استمرارًا لمسلسل الإجرام في المنطقة" مؤكّدا" لن تثني اليمن جرائم إاسرائيل وأمريكا الإرهابية عن القيام بواجبها الإسنادي لغزة، وعمليات اليمن مستمرة ضد إرهابهم".
محللون وخبراء اقتصاديون يقولون إن استمرار الغارات الإسرائيلية على اليمن، سيكون لها أثرها البالغ على الاقتصاد اليمني، ولها تداعياتها الوخيمة على معيشة المواطنين المتعبة.
تأثيرها على التجارة
بهذا الشأن يقول المحلل الاقتصادي، رشيد الآنسي" تداعيات الغارات الإسرائيلية على الاقتصاد اليمني، خصوصًا فيما يتعلق باستهداف الموانئ في الحديدة وطاقات الكهرباء في صنعاء، يمكن أن تكون عميقة وشاملة وذلك بتأثيرها على أمور عديدة منها التجارة".
وأضاف الآنسي لـ"المهرية نت": الغارات على الموانئ ستعطّل الواردات والصادرات؛ فموانئ الحديدة هي شريان حيوي للاقتصاد اليمني؛ إذ تدخل من خلالها معظم الإمدادات الغذائية والسلع الأساسية، واستهداف هذه الموانئ يمكن أن يؤدي إلى تعطيلٍ حادٍ في حركة الواردات والصادرات، مما يؤثر مباشرة على توفر السلع في الأسواق".
التأثير على الأمن الغذائي
وأردف"مع تقييد دخول المواد الغذائية، يمكن أن يحدث نقص حادّ في الإمدادات الغذائية، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء وزيادة معدلات الجوع وسوء التغذية في البلاد".
زيادة التكاليف اللوجستية
وأكّد الآنسي أن الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية للموانئ ستؤدي إلى زيادة تكاليف النقل؛ إذْ قد تضطر السفن إلى استخدام موانئ بديلة أبعد، مما يزيد من تكاليف الشحن والوقت اللازم لوصول البضائع".
وتابع" كما أنها ستعمل على التأثير على الطاقة والإنتاج، من خلال انقطاع الكهرباء وتأثيره على الحياة اليومية؛ فاستهداف محطات الكهرباء في صنعاء وغيرها من المدن يسبب انقطاعات متكرّرة في التيار الكهربائي، وهذا لا يؤثر فقط على المنازل، بل يمتد تأثيره ليشمل المستشفيات، والمدارس، والمرافق الحيوية الأخرى".
تضرر القطاع الصناعي
ووضّح: "تعتمد العديد من القطاعات الصناعية على إمدادات كهرباء مستقرة، وانقطاع الكهرباء سيؤثر على القدرة الإنتاجية، ويزيد من تكاليف التشغيل نتيجة الاعتماد على مولدات الطاقة البديلة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات المحلية".
وأكّد "كما أن هذا الأمر سيؤدي إلى البطالة وتقلص الأعمال؛ فالشركات قد تضطر لتقليص حجم عملياتها أو إغلاق بعض الأقسام، مما يؤدي إلى فقدان الوظائف وزيادة معدلات البطالة، وهذا الأمر سيكون له الأثر الكبير على الجانب الاجتماعي والإنساني وذلك بارتفاع معدلات الفقر؛ فمع تدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب تدمير البنية التحتية، ستزداد معدلات الفقر في الأسر التي تعتمد على دخل يومي وستجد صعوبة في تلبية احتياجاتها الأساسية".
تدهور الخدمات العامة
ولفت إلى أن "تضرر البنية التحتية يؤثر على تقديم الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، فالمدارس والمستشفيات قد تواجه صعوبات في العمل بكفاءة، مما يؤثر على جودة التعليم والرعاية الصحية المتاحة للسكان".
وبيَّن أن "استمرار الغارات سيكون له الأثر الكبير على الاستقرار السياسي، وتكثيف النزاعات الداخلية، وقد يؤدي إلى تصاعد التوترات بين الفصائل المختلفة في اليمن، مما يزيد من عدم الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، بالإضافة إلى تعقيد الجهود الدبلوماسية؛ فمثل هذه التصرفات قد تعرقل جهود السلام والمفاوضات الدولية؛ إذ تزداد صعوبة إقناع الأطراف المتنازعة بالجلوس إلى طاولة الحوار وسط تصاعد العنف".
وواصل" هناك تأثيرات طويلة الأمد، كإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي، بعد انتهاء النزاع، ستحتاج اليمن إلى جهود ضخمة لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة، وهذا يتطلب استثمارات كبيرة، وخطة شاملة للتعافي الاقتصادي، والتي قد تكون صعبة التحقيق في ظل الوضع الاقتصادي الحالي".
وزاد" استمرار الغارات أيضًا سيكون له تأثيره على جذب الاستثمارات؛ وذلك بعدم الاستقرار الناتج عن الغارات والنزاعات ما يجعل البيئة الاستثمارية في اليمن غير جاذبة للمستثمرين الأجانب والمحليين، مما يقلّل من فرص التنمية الاقتصادية على المدى البعيد".
واختتم: "الغارات الإسرائيلية على اليمن ستؤدي إلى تعميق الأزمة الإنسانية والاقتصادية في البلاد؛ والتعاون الدولي والمساعدات الإنسانية ضرورية للتخفيف من هذه التداعيات، ودعم الجهود المحلية والدولية لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي".
في السياق ذاته يقول الباحث الاقتصادي، علي التويتي" قصف الموانئ اليمنية ومحطات الكهرباء من قبل إسرائيل، يعتبر ضرب العصب الرئيسي للتنمية وشل حركتها وهذا الأمر سيعود بكارثة على الاقتصاد بلا أدنى شك".
وأضاف التويتي لـ"المهرية نت": صحيح أن التأثير المباشر على المواطنين قليل خلال هذه الفترة؛ لكن التبعات كبيرة والضرر الأكبر على الحكومة في الوقت الحالي".
وأشار إلى أنه "في الواقع لا توجد لدينا مشاريع ومؤسسات ضخمة وكل الموجود من البنى التحتية قديمة جدًا، وهي في الوقت نفسه مكلِّفة جدًا على المواطن سواء الكهرباء أو الموانئ".
زيادة في التضخم
وتابع" الكهرباء الحكومية في الوقت الحالي سعرها مساوٍ للسعر التجاري والخسران هي الدولة التي تستفيد منها ولا تعطي خدمات ولا رواتب للمواطنين، ولكن في الوضع العام سيتم استيراد البديل وإن كان قطاعًا خاصًا وهذا المستورد سيكون له ثمنه كبير، الأمر الذي سيكلف ملايين الدولارات مما سيزيد من أزمة السيولة في البلاد ويزيد في التضخم وكل هذا طعن في ظهر المواطن المتعب".
وأكّد التويتي "ما يفعله العدو الصهيوني هو تعمّد الإيذاء الذي يصيب الجميع، يصيب الاقتصاد الرث، ويزيد من معاناة الشعب اليمني في ظل هذا الوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه المواطن سواء في شمال اليمن أو جنوبه".
وواصل" اليمن لا ينقصها هذا القصف، وليست قادرة على أن تتحمّل مثل هذه الغارات التي تصيب ما تبقى من المشاريع التنموية، مع العلم أن الحكومة لن تطوّر للأفضل ولن تبني أي مشروع بديل بحجة أنه سيتم قصفه، وهذا واقع حقيقي ومؤلم".
واختتم" العدو لا يمتلك معلوماتٍ ولا أهداف عسكرية؛ بل إنه يركّز على الأهداف المدنية، وهذا ما يظهر لنا من خلال الغارات التي حدثت من إسرائيل حتى اليوم".