آخر الأخبار
في الذكرى الأولى.. كيف يبدو مسار هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟ (تقرير خاص)
الثلاثاء, 19 نوفمبر, 2024 - 08:37 مساءً
صادف اليوم الثلاثاء الموافق 19نوفمبر/ تشرين الثاني 2024م الذكرى الأولى لانطلاق هجمات الحوثيين تجاه السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، واستيلائهم على سفينة "جلاكسي ليدر" الإسرائيلية، التي تم احتجازها مع طاقمها في مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر غربي اليمن إسنادًا لغزة.
واحتوت السفينة طاقمًا يتكون من 25 شخصًا، ومازالت محتجزة حتى اليوم، حيث تشدّد الجماعة على أن مصير طاقم السفينة "مرتبط بالمفاوضات مع الأشقاء في حركة حماس، باعتبار أن أفراد طاقمها يعملون على سفينة إسرائيلية".
وعقب التدخل العسكري من قبل أمريكا وبريطانيا في اليمن مطلع العام الجاري، توسّعت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر والمحيط الهندي وخليج عدن مستهدفة سفن الدولتين، كما استمرت في تنفيذ ضربات هجومية على الجانب الإسرائيلي، وصل بعضها إلى تل أبيب وخلّفت ضحايا.
وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن الحوثيون للمرة الأولى عن استهداف العدو الإسرائيلي بعدد كبير من الطائرات المسيرة والصواريخ تضامنًا مع غزة، وبعد هذا التاريخ واصلت الجماعة تنفيذ عدة عمليات، أبرزها في 19 يوليو/تموز الماضي، حينما أعلنت تنفيذ عملية عسكرية نوعية طالت أحد الأهداف المهمة في تل أبيب، بواسطة طائرة مسيرة جديدة من نوع "يافا".
وذكرت الجماعة في بيانها أن "الطائرة قادرة على تجاوز المنظومات الاعتراضية للعدو، ولا تستطيع الرادارات اكتشافها"، وأعلنت أن "تل أبيب منطقة غير آمنة".
وفي المقابل، أعلنت حينها هيئة البث العبرية مقتل إسرائيلي وإصابة 10 آخرين بجروح، إثر انفجار مسيّرة مفخخة عند تقاطع شارعي شالوم عليخم وبن يهودا، على بعد مئات الأمتار من سفارة الولايات المتحدة.
و19 فبراير/شباط من العام الجاري، أطلقت قوات الحوثيين على سفينة الشحن "روبيمار" صواريخ باليستية في خليج عدن، مما أدى إلى إصابتها بشكل مباشر وجعلها عرضة للغرق، وهي سفينة مملوكة للمملكة المتحدة وترفع علم دولة بليز، الواقعة شمال أميركا الوسطى، ويبلغ طول السفينة نحو 172 مترًا وعرضها 27 مترًا.
وآنذاك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في بيانٍ أن الهجوم الذي شنّه الحوثيون على السفينة تسبّب بأضرار جسيمة، وأدى لتسريب بقعة نفط بطول 29 كيلومترًا، موضحًا أن السفينة كانت تنقل أكثر من 41 ألف طن من الأسمدة، وقد يؤدي غرقها لكارثة بيئية، وهو ما حدث في الثالث من مارس/آذار، حيث أعلنت القيادة المركزية الأمريكية غرق السفينة في البحر الأحمر.
وفي 12 يونيو/حزيران الماضي، أعلنت جماعة الحوثي استهداف السفينة اليونانية "توتور" بالبحر الأحمر، "تضامنًا مع الشعب الفلسطيني المظلوم في قطاع غزة"، وقالت الجماعة في بيانها إنها استهدفت السفينة لانتهاك الشركة المالكة لها "قرار حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلة".
وبعد أسبوع بثت الجماعة مقطع فيديو يظهر مشاهد استهداف السفينة في البحر الأحمر بزورقين مسيّرين، وهو ما أدى لإغراقها، وكشف الحوثيون أنهم استخدموا عدة أسلحة بحرية في استهداف وإغراق السفينة، من بينها أسلحة تستخدم للمرة الأولى.
كما أعلن الحوثيون غرق السفينة "فيربينا" في خليج عدن في 15 من الشهر نفسه، بعد يومين من استهدافها بعدد من الصواريخ البحرية، وبرّرت الجماعة استهداف السفينة "بسبب انتهاكها حظر الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة".
وبالتزامن، أكّدت القيادة المركزية الأمريكية عبر بيان، أن سفينة "فيربينا" هي ناقلة بضائع مملوكة لأوكرانيا وتديرها بولندا وترفع علم بالاو الواقعة غرب المحيط الهادئ، حيث تعرّضت السفينة لقصف بواسطة صاروخ باليستي مضاد للسفن تم إطلاقه من منطقة يسيطر عليها الحوثيون باتجاه خليج عدن.
وفي 21 أغسطس/آب 2024 أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية أن 3 مقذوفات أصابت السفينة "سونيون" على بعد 77 ميلًا بحريًا قبالة مدينة الحديدة غربي اليمن، مما أدى إلى تقييد حركتها، وهي ناقلة يونانية تحمل 150 ألف طن من النفط الخام (مليون برميل)، وذلك للسبب نفسه (انتهاك حظر الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة)، وأنها باتت عرضة للغرق.
لكن الجماعة أعلنت في 29 أغسطس/آب أنها سمحت بسحب السفينة، وهو ما تم في 16 سبتمبر /أيلول، حيث أعلنت مهمة الاتحاد الأوروبي العسكرية بالبحر الأحمر "أسبيدس"، نجاح سحب السفينة "سونيون" إلى منطقة آمنة دون أي تسرب نفطي، وذلك بعد نحو 3 أسابيع من استهدافها.
وفي 15سبتمبر/ أيلول 2024م، أعلنت تل أبيب إصابة 9 إسرائيليين بجروح طفيفة خلال تدافعهم نحو الملاجئ، بعد إطلاق صاروخ أرض- أرض من اليمن، وأكدت ذلك جماعة الحوثي، في بيانٍ لها أن قواتها الصاروخية نفّذت "عملية عسكرية نوعية استهدفت هدفًا عسكريًا في منطقة يافا بفلسطين المحتلة".
وكشفت أن "العملية نُفذت بصاروخ باليستي جديد فرط صوتي، قطع مسافة تقدر بـ2040 كم في غضون 11 دقيقة ونصف، ونجح في الوصول إلى هدفه، بينما أخفقت دفاعات العدو الإسرائيلي في اعتراضه والتصدي له".
وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أعلن زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي حصيلة الهجمات التي نفّذتها جماعته إسنادا لغزة، وقال إن قواتهم المسلحة استهدفت 193 سفينة مرتبطة بالعدو الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني على مدى عام.
وتابع في كلمة متلفزة بثتها قناة المسيرة: "قصفنا على مدى عام بأكثر من ألف صاروخ ومسيّرة، واستخدمنا الزوارق في البحار إسنادًا لغزة"، وأضاف "تم إسقاط 11 طائرة مسيّرة مسلحة أمريكية من نوع إم كيو 9 خلال عام".
والأسبوع الماضي أعلنت جماعة الحوثي، تنفيذها عمليتين وصفتهما بالنوعيتين، استمرتا 8 ساعات في البحرين الأحمر والعربي، وقد استهدفتا خلالهما حاملة طائرات ومدمرتين أمريكيتين، بعدد من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.
لكن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أكدت أن الحوثيين أطلقوا صواريخ ومسيّرات باتجاه مدمّرتين أمريكيتين أثناء عبورهما مضيق باب المندب، لكنهما تمكنتا من التصدي للهجوم.
والخميس الماضي أعلن زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي، في كلمة متلفزة بثتها قناة المسيرة تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة خلال الأسبوع الجاري تشمل إطلاق 29 صاروخًا باليستيًا ومجنحًا، بالإضافة إلى طائرات مسيّرة، وذلك في إطار دعمهم للمقاومة في قطاع غزة.
وأوضح أن العمليات شملت استهداف حاملة الطائرات الأمريكية "أبراهام لينكولن" في البحر العربي، وهذا دفعها للابتعاد مئات الأميال عن موقعها، وفقًا لتصريحاته. كما استهدفت بعض الهجمات مناطق في عمق الاحتلال الإسرائيلي، منها يافا وعسقلان وأم الرشراش (إيلات)، إضافة إلى قاعدة جوية في صحراء النقب.
وأشار زعيم الجماعة إلى أن القوات الأمريكية، منذ ذلك الحين، تتجنب الاقتراب من البحر الأحمر خوفًا من الاستهداف، ومؤكدًا أن استهداف المصالح الأمريكية سيستمر.
تغير في مسار العمليات
وبعد مرور عام على الانطلاق الفعلي لهجمات الحوثيين على السفن إسنادًا لغزة، يرى مراقبون أن جماعة الحوثي طوّرت من قدراتها العسكرية ومسار استهدافها لمواقع في الداخل الإسرائيلي أو السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي.
بهذا الشأن، يقول الخبير العسكري علي الذهب، إن: "التغير في مسار العمليات العسكرية، كان واضحًا جدًا، في الأهداف ووسائل التهديد، والتكتيكات لدى جماعة الحوثي، وقد وصلت هجماتهم إلى غربي المحيط الهندي، وبحر الغرب".
وأضاف لـ"المهرية نت" أن: "وسائل تهديد الجماعة تطوّرت إلى الغواصات الصغيرة، والزوارق غير المأهولة، واتخذت هجماتها طابعًا مرحليًا، كل مرحلة مختلفة عن الأخرى".
وحول تراجع الحوثيين عن ممارسة هجماتهم يقول الذهب إن "التراجع عن الهجمات مرتبط بالحرب في غزة ولبنان وربما إيران، والسياسة الأمريكية تجاه الحوثيين".
انخفاض هجمات الحوثيين
فيما يرى محللون أن هجمات الحوثيين انخفضت خلال الفترة الأخيرة، عن العام الماضي، وأصبح مدى ضرباتها أقل، ويتوقعون أن تنخفض بشكل كبير خلال العام المقبل بسبب تغير الإدارة الأمريكية.
في ذات السياق، يقول عبد الواسع الفاتكي -صحفي ومحلل سياسي-:" من خلال المقارنة بين العمليات العسكرية التي تشنها جماعة الحوثي في هذه الآونة، والفترة السابقة، نلاحظ وجود انخفاض واضح للعمليات العسكرية التي تشنها جماعة الحوثي على السفن المارة في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي".
وأضاف لـ"لمهرية نت" منذ بداية تنفيذ جماعة الحوثي عملياتها العسكرية كانت عمليات مكثفة، لا يمرّ أسبوع أو بضعة أيام حتى تعلن عبر ناطقها العسكري، عن استهدافها للسفن، كما أن ضرباتها العسكرية كانت بعيدة المدى، وكانت التجارة البحرية تعلن عن حوادث أو تفجير قريب من بعض السفن التي تمر في مناطق بعيدة عن البحار المحاذية للمناطق التي تسيطر عليها الجماعة".
وتابع "في الفترة الأخيرة لوحظ انخفاض كبير في عدد العمليات العسكرية التي تشنها جماعة الحوثي على السفن، كما أنها لم تكن بعيدة بمقدار البعد الذي كانت تصل إليه الصواريخ الحوثية أو الطائرات المسيرة سابقًا".
ولفت إلى أن "مسار العمليات العسكرية الرامية لاستهداف السفن لم تتغيّر بشكل كبير جدًا في تلك المناطق، أو المسارات التي تمرّ فيها السفن بمرمى أسلحة الحوثيين أو القريبة من السواحل اليمنية التي مازالت تسيطر عليها جماعة الحوثي".
وحول تطوّر قدرات الحوثيين يقول "الفاتكي" إن "بعض الوسائل الإعلامية تحدثت عن رغبة جماعة الحوثي في تطوير قدراتها العسكرية جراء المحاولات الحثيثة التي تسعى من خلالها للحصول على أسلحة روسية الصنع، وأسلحة ذات تقنية جيدة لا سيما الصواريخ المضادة للسفن".
وتابع" هنالك وساطة إيرانية لدى الروس في تزويد جماعة الحوثي بتلك الصواريخ، وهنالك تذمر من قبل أمريكا والدول الغربية إزاء هذه الأخبار، كما أن الحكومة الشرعية قد تحركت وطرحت هذا الموضوع على المسؤولين الروس".
وتابع: "هذه الأمور توضّح بأن هنالك توجه من قبل إيران وجماعة الحوثي على امتلاك صواريخ أكثر دقة وبعيدة المدى تمكّن جماعة الحوثي من أن ترفع من قدراتها على استهداف السفن المارة في تلك المناطق لاسيما بأن روسيا تريد أن تلعب في هذه الورقة في إطار صراعها مع الغرب، كردة فعل من روسيا على الموقف الغربي الداعم لأوكرانيا".
وتوقع الفاتكي أنه "خلال العام المقبل ستحدث تغيرات جديدة في مسار عمليات جماعة الحوثي، خاصة مع الإدارة الأمريكية الجديدة والتي ستكون أكثر حدّة تجاه الجماعة، وقد تجبرها على تخفيض العمليات التي تقوم بها".
ولفت إلى أن "الأمم المتحدة شكلت تحالف الازدهار للحد من قدرات الحوثيين، في ممارسة هجماتهم، بالتعاون مع بعض الدول الأوروبية وبالذات بريطانيا، ولذلك جماعة الحوثي، ستضع في حسبانها هذه العوامل ولن ترفع من منسوب استهدافها، خشية من تعرضها لردة فعل عنيفة، أو تلقيها توجيهات من قبل إيران بتقليص الهجمات كورقة تستخدمها إيران في إطار مفاوضاتها مع الإدارة الأمريكية الجديدة".
واختتم حديثه قائلًا: "هذه المتغيرات قد ترغم جماعة الحوثي بأن تلجأ إلى تخفيض هجماتها خشية من تدهور الأوضاع في المنطقة، والتي قد تجلب عليها الغضب الأمريكي، الذي يمكن أن يخرج عن مسار ردة الفعل المضبوطة إلى شن عمليات عسكرية واسعة ودعم الحكومة الشرعية لتحرير الحديدة وهذا مالا تريده جماعة الحوثي مستقبلًا".