آخر الأخبار
الموظفون النازحون يقاسون ظروف الغلاء ويشكون الحرمان المستمر (تقرير خاص)
أرشيفية
الاربعاء, 30 أكتوبر, 2024 - 09:36 مساءً
توقّفت رواتب موظفي الدولة البالغ عددهم ما يقارب مليون ومائتي ألف موظف وموظفة منهم 800 ألف في مناطق الحوثيين في أيلول/سبتمبر 2016م مما دفع بالآلاف منهم إلى النزوح إلى مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
بعد انقطاع المرتبات وتعرّض العديد من الموظفين لمضايقات من قبل الحوثيين بسبب مواقفهم المناهضة لهم، نزحوا إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية ظنًا منهم أنهم سينعمون بحياة كريمة في كنف الدولة؛ حيث شهد القطاع الوظيفي في عامي 2017م و 2018م أكثر حالة نزوح لأولئك الموظفين الذين نزحوا وكلهم أمل بأن يستعيدوا ما فقدوا خلال السنوات الماضية.
وقد أوصت الحكومة خلال فترة الرئيس عبد ربه منصور هادي آنذاك بالعديد منهم، باعتماد رواتبهم، بحيث تُصرف من بنك عدن المركزي فيما استبعد أغلبهم ولم يتم اعتمادهم ماليًا، وبعد ذلك اعتمدت الحكومة الشرعية زيادة 30% لجميع الموظفين الثابتين في جميع المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، بالإضافة إلى حصولهم على علاوات وتسويات وظيفية؛ في حين بقى مرتب الموظف النازح كما هو عليه، يترواح ما بين 30 إلى 35 دولار شهريًا.
وتنصّلت الحكومة الشرعية من جميع التزاماتها تجاه الموظفين النازحين؛ إذ اعتبرتهم وكأنهم غير حكوميين فلم تصرف مرتباتهم بصورة شهرية؛ بل وصل الحد بها إلى أن تصرف مرتباتهم كل خمسة إلى ستة أشهر ثلاثة مرتبات على الأكثر، وختمت ذلك بإسقاط أسماء العديد منهم من كشوفات المرتب مطلع العام 2024م.
مرّت السنوات ولسان حال هؤلاء الموظفين النازحين يقول "كالمستجير من الرمضاء بالنار" لا يحصلون على حقوقهم المشروعة، ولا البطالة تركتهم وشأنهم، وزاد غلاء المعيشة الطين بلةً لتتحول حياتهم إلى مأساة كان سببها خذلان الحكومة الشرعية لهم.
نازحون يشكون التهميش
بهذا الشأن يقول وليد الجبزي" معلمٌ نزح من محافظة المحويت إلى تعز، مطلع 2017م: الحكومة تتعامل معنا نحن الموظفين النازحين وكأننا لسنا يمنيين؛ بل كأننا قدمنا من كوكب آخر، لا أهمية لنا ولا اعتبار".
وأضاف الجبزي لـ"المهرية نت": "نزحنا من مناطق سيطرة الحوثيين جراء المضايقات التي تعرضنا لها لنتفاجأ بخذلان الحكومة الشرعية لنا، وبصمت كبير من قبل النقابات فضاعت حقوقنا، وأصبح وضعنا الاقتصادي والمعيشي أصعب من بقية الموظفين الحكوميين الذين- على الأقل- تنتظم مرتباتهم شهريًا ولو أنها لا تفي بأبسط مقومات الحياة".
وبحسرة تساءل قائلًا"هل ستنظر الحكومة الشرعية بعين الرحمة للموظفين النازحين في مناطق سيطرتها ؟.. أم أنها ستستمر بخذلانهم".
وأشار إلى أن "النقابات التي ينتمي إليها هؤلاء الموظفون النازحون ومنها نقابة المعلمين أو الصحفيين وغيرها من تلك النقابات قلما تحدثت عن حقوق الموظفين النازحين؛ بالرغم من تسميتهم بهذا الاسم وإدخالهم شكليًا تحت مسمى النازحين".
الحرمان من المساعدات الإنسانية
وأكّد الجبزي أن "السلطات المحلية في المحافظات المحررة ترفض إدراج الموظفين النازحين ضمن المستهدفين من المنظمات الإغاثية طوال الفترة الماضية وهذا يعد حربًا أخرى عليهم".
في السياق ذاته يقول، رئيس ملتقى الموظفين النازحين بعدن، محمد العزيزي" لا توجد إحصائيات دقيقة للعدد الإجمالي للموظفين النازحين؛ لكننا نستطيع القول إن عدد من سلموا وثائقهم من أجل الحصول على مرتباتهم إلى الجهات المختصة بالحكومة الشرعية يقدر بتسعين ألف موظف وموظفة وكان ذلك بناءً على وعدٍ من الحكومة بإعادة صرف رواتبهم".
وأضاف العزيزي لـ"المهرية نت": تم صرف رواتب مايقارب ثلاثين ألف موظف وموظفة حتى اليوم من إجمالي عدد الموظفين النازحين الذين تقدموا بملفاتهم، ومازال النزوح للموظفين مستمرًا خصوصا مع توسع المضايقات الحوثية لهم في مناطقهم واستمرار انقطاع الراتب، بل والزج ببعضهم إلى جبهات القتال عند مطالبتهم بالراتب".
وأردف "منذ عام 2017م والموظفون النازحون يتعرضون للعديد من التعسفات والابتزازات من قبل وزارتي الخدمة المدنية والمالية في الحكومة الشرعية كان آخرها تشديد إجراءات إصدار كشوفات مرتبات الموظفين النازحين في المناطق المحررة التابعين للسلطات المحلية من قبل وزارة الخدمة المدنية مختلقةً شروطًا للصرف، في مخالفة صريحة لقانون السلطة المحلية وتدخل سافر في صلاحياتها ليلحق هؤلاء الموظفين بإخوانهم الموظفين في دواوين الوزارات والهيئات الحكومية الذين يتعرضون للتعسف بمصادرة وإيقاف مرتباتهم".
مغادرة المدن هروبًا من الغلاء
وأشار العزيزي إلى أن "معظم الموظفين النازحين غادروا عواصم المحافظات إلى مناطقهم الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية خصوصًا إلى الأرياف؛ نتيجة غلاء المعيشة وعدم تمكينهم من أعمالهم في جهات أعمالهم وصرف مرتباتهم وكافة حقوقهم المكتسبة والمستحقة بقوة القانون والدستور من زيادات معيشية وعلاوات سنوية وتسويات وظيفية وبدل انتقال، وبدل سكن".
ولفت إلى أن" معظم الموظفين النازحين اضطر للعمل في مهن شاقة ومخجلة لهم إلى جانب وظائفهم كباعة متجولين، أو عمال بناء، أو في بيع الخضروات والفواكه وبيع القات والمياه الباردة في الجولات، وبعضهم وقع عرضة للحالات النفسية والأمراض والأوبئة وبعضهم توافاه الله نتيجة جلطة أو ذبحة قلبية مؤلمة نتيجة الظروف التي يعيشونها أو نتيجة التصرفات التي يقابلون بها من المجتمع".
وطالب العزيزي الحكومة الشرعية بسرعة التوجيه بصرف مرتبات الموظفين النازحين جميعًا دون قيد أو شرط والعمل على تمكينهم من العمل في جهات أعمالهم بالمحافظات التي نزحوا إليها وصرف حقوقهم من زيادات معيشية وعلاوات سنوية وتسويات وظيفية وبدل انتقال وبدل سكن وحافز شهري".
كما شدّد على "ضرورة صرف 30% التي صرفت لكافة موظفي الدولة وتم استثناء الموظفين النازحين في المناطق المحررة منها منذ عام 2018م بالإضافة إلى صرف إعانة معيشية للموظفين أو رفع مرتباتهم لمواجهة غلاء المعيشة والتدهور المريع للعملة الوطنية، وكذلك تشكيل لجنة حكومية لاستيعاب بقية الموظفين النازحين الذين لم تصرف مرتباتهم حتى الآن والعمل الجاد على صرفها سريعا".
خذلانٌ كبير
برهان علي (معلم نزح من محافظة صنعاء مطلع2017) يشرح معاناته قائلًا "نزحنا أنا والكثير من الموظفين من العاصمة صنعاء عام 2017م إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وقد كنا نتعشّم فيها الخير لكنها عاملتنا معاملة قاسية وحرمتنا من حقوقنا، نحن نستلم مرتبات ثلاثة أشهر كل ستة أشهر ومرتباتنا لا تكفي لتوفير القوت الضروري في ظل هذا الغلاء الفاحش".
وأضاف لـ"المهرية نت" نحن استنجدنا بالحكومة الشرعية وتعشمنا فيها الخير لكنها واجهت أحلامنا وطموحاتنا كلها بالخذلان الكبير، وقدمت لنا أذنًا من طين وأخرى من عجين تجاه كل مطالبنا التي نطالبها بها".
وتابع" نناشد الحكومة الشرعية بأن تنظر لنا كبقية المعلمين غير النازحين في صرف مرتباتنا بشكل شهري وزيادة ما تم زيادته لمرتبات المعلمين وصرف العلاوات حتى نشعر أننا نعيش في كنف دولة وفي ظل قيادة عادلة".
بدوره يقول محمد غالب عبده" معلم نزح من محافظة ريمة إلى تعز": "بعدما انقطعت مرتباتنا عام 2017 اضطرينا للعودة إلى محافظة تعز وقد كان أملنا أننا سنرجع إلى أحضان الدولة فهي التي تقدر العلم والتعليم والعاملين بهذا المجال لكنا فوجئنا أننا غادرنا الجحيم لنصل إلى الخذلان والتناسي الذي تمارسه حكومتنا ضدنا".
وأضاف غالب: سنوات مرّت وأعمارنا تمضي معها ونحن لا نحصل على حقوقنا ونظل نصارع الحياة من أجل توفير القوت الضروري لأسرنا".
تهميش متعمّد
وتابع: "نحن نعاني من تهميش متعمد من قبل الحكومة من حيث أننا نتسلم في العام الواحد مرتين فقط ومرتبات ستة أشهر لا أكثر من ذلك، بالإضافة إلى حرماننا من العلاوات والزيادة التي صرفت لبقية المعلمين غير النازحين، أجورنا ما تزال كما هي رغم تدهور الوضع المعيشي الذي لا يخفى على أحد".
وأردف" نناشد مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية ووزارة التربية والتعليم بالنظر بعين الرحمة للمعلمين النازحين الذين يداومون في المدراس ولم يتم صرف مرتباتهم منذ شهر يونيو حتى الآن ولم يتم منحهم العلاوات السنوية وكذلك الزيادة التي منحت لبقية المعلمين غير النازحين".