آخر الأخبار
العمل الخيري باليمن يواجه تحدياتٍ جسيمة مع تفشي الفقر والمجاعة والكوارث (تقرير خاص)
معظم اليمنيين يعانون من الفقر
الخميس, 05 سبتمبر, 2024 - 10:10 صباحاً
يصادف يومنا هذا الخميس، الموافق/ الخامس من سبتمبر/ أيلول، اليوم العالمي للعمل الخيري والذي يحتفل فيه العالم بهدف تحفيز وتوعية المؤسسات والمجتمعات في العالم من أجل مساعدة المعوزين من الناس وتعزيز الأواصر المجتمعية.
ويواجه العمل الخيري في اليمن تحدياتٍ جسيمةً في ظل تفشي الفقر والبطالة وكثرة الكوارث في الفترة الأخيرة؛ إذ فاقت احتياجات المواطنين المساعدات الخيرية التي تقدم لهم، وبات أغلبهم لا يحصل على شيء منها.
انعدام فرص العمل والانهيار الاقتصادي بالإضافة إلى غياب الكثير من المساعدات التي كانت تقدم من منظمات عالمية، كل ذلك أدى إلى اتساع رقعة الاحتياج بين أوساط اليمنيين في البلد الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم ، بحسب تصنيف الأمم المتحدة.
وفي الخامس من شهر ديسمبر 2023، أعلن برنامج الأغذية العالمي في اليمن، إيقاف برنامج مساعداته الغذائية العامة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين ، بسبب محدودية التمويل وعدم التوصل إلى اتفاق مع السلطات من أجل تنفيذ برنامج أصغر يتناسب مع الموارد المتاحة للأسر الأشد ضعفا واحتياجا.
بهذا الشأن يقول فؤاد عون" متابع ومهتم في الجانب الخيري الإنساني" العمل الخيري في اليمن أصبح شبه معدوم؛ خاصة في ظل هذه الأوضاع والمتغيرات وازدياد معاناة المجتمع اليمني؛ إذ تساوت أو كادت أن تتساوى كل شرائح المجتمع تحت مظلة الفقر المدقع".
انحسار الدعم
وأضاف عون للمهرية نت" في الفترة الأخيرة ظهرت الفئات المعدمة في الهرم السكاني بنسبة 60% في ظل انقطاع الرواتب وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وفي زحمة هذه الأوضاع انحسر العمل الخيري الذي كانت تقدمه جمعيات وهيئات محلية وغيرها؛ بسبب انحسار الدعم والتبرعات التي كانت تعتمد عليها في الإنفاق بهذا المجال للفئات الأشد فقرًا".
وأردف" حتى وإن وجدت بعض الجمعيات الخيرية لكنها لاتستطيع تغطية نسبة الاحتياج لدى الأسر التي تدحرجت إلى المستوى الأشد فقرا بسبب تدني مستوى دخل هذه الأسر؛ في ظل عدم توفر فرص العمل وانهيار العملة المحلية وارتفاع أسعار الغذاء".
وأشار عون إلى أن" العمل الخيري في اليمن أصبح شبه معدوم؛ لأن السواد الأعظم من المجتمعات اليمنية أصبحت اليوم تحت خط الفقر المدقع؛ لهذا أصبح العمل الإنساني والخيري لا يفي بالغرض، فعلى سبيل المثال ما يتم توزيعه من سلل غذائية من قبل برنامج الأغذية العالمي أصبح لايفي لعدد المستفيدين مع ازدياد حالة الفقر وانتشار المجاعة".
وتابع" اليوم نجد المنظمات الخيرية والعالمية العاملة بالمجال الإنساني تدعو إلى تقليص عدد الحصص الغذائية على مستوى اليمن بدلًا من أن توسع من دائرة الدعم، وهذا الأمر سيؤدي إلى حرمان المستفيدين بشكل كبير وهذه كارثة كبيرة ستحل في أوساط الأسر المعدمة والأشد فقرًا والنازحين".
ولفت إلى أن" انحسار العمل الخيري يؤدي إلى ازدياد حالات الاحتياج ممن تنطبق عليهم معايير الاستهداف، ومعلوم ما تمر به البلاد اليوم من أزمات متتالية في كافة الجوانب الحياتية".
وشدد عون" ندعو كل المنظمات والجمعيات الخيرية إلى التوجه نحو كفالة الأسر وإيجاد مشاريع تمكين للأسر المعدمة والفقيرة، كما ندعو برنامج الأغذية العالمي إلى التراجع عن قرار التقليص من عدد الحصص الغذائية للمستفيدين الذين يعانون من ويلات الجوع ومخاطره".
ودعا كل المنظمات والمؤسسات العاملة في المجال الإنساني والخيري إلى خلق فرص عمل بواسطة إيجاد مشاريع تمكين في أوساط الشباب العاطلين عن العمل وإبعادهم عن الانزلاق في بؤرة المجاعة.
في السياق ذاته يقول الصحفي، مكين العوجري" لا شك أن الأعمال الخيرية في البلدان والمجتمعات التي تعاني من الفاقة لسبب أو لآخر يكون لها صداها الكبير في تلمس حاجات الناس ومساعدتهم على تخطي الظروف الصعبة للناس الذين تقطعت بهم السبل؛ فاليوم الكثير من اليمنيين أجبرتهم ظروف الحرب على أن يعيشوا في ظل الفقر والبطالة والفاقة الشديدة".
وأضاف العوجري للمهرية نت" الأعمال الخيرية الإنسانية لا بد وأن تحضر بشكل جيد ومنظم بحيث تحقق الهدف المرجو من الأعمال الخيرية التي تستهدف شرائح من المجتمع التي تكون بحاجة إلى الوقوف بجانبها سواء في الغذاء أو الدواء أو الماء، أو أي شيء آخر من مستلزمات الحياة".
وأشار إلى أنه" في اليمن أصبحت البيئة مهيئةً للأعمال الإنسانية، لكن هذه الأعمال انحرفت انحرافات عديدة، منها: الترزق فقد أصبح أغلب فاعليي الخير يمارسون أعمالًا مشينة لا توازي العمل الإنساني ولا تتواءم مع النشاط الخيري".
صراع المصالح
يواصل العوجري حديثه " لاحظنا كم من الانتهاكات والتجاوزات باسم العمل الإنساني وتوزيع السلل الغذائية، فكثيرًا ما تحصل عمليات احتجاز لهذه الأعمال وعمليات إخضاع وتوظيف لمصالح سياسية واجتماعية وغيرها".
وتابع" إذا وجدت الدولة، والأجهزة التي تنظم هذه الأعمال لما وصلت الحال بالمواطنين إلى هنا، فهذه الفوضى الحاصلة هي بسبب عدم وجود التنظيم، وبسبب الفهم السيء للأعمال الخيرية ".
وواصل" اليوم من أمتلك صفحة في الفيس بوك أو غيره من المواقع تمتلك عددا من المتابعين، حوَّل نفسه إلى فاعل غير وقائدٍ للأعمال الإنسانية وقام بجمع المال بطريقة عشوائية لا تمتلك معايير حقيقية وقد لا تصل لأصحابها".
غياب العدالة
من جهته يقول المواطن محمد صالح( 40 عاما- أحد سكان مدينة تعز)" ما تزال الأعمال الخيرية قائمة وبشكل ملحوظ لكن طريقة توزيعها غير عادلة تمامًا".
وأضاف صالح للمهرية نت" هناك الكثير من المؤسسات الخيرية التي تعمل بجهد كبير في إيصال المساعدات للناس المحتاجين لكن العاملين في هذا المجال لا يوصلون أسماء الناس الأكثر حاجة لهذه الأعمال بقدر ما يوصلون أسماء أقاربهم وذويهم ومن هم حزبهم السياسي".
وأشار إلى أن" اليوم حتى الأعمال الخيرية أصبحت مسيسة وهذا ما يفقدها قيمتها الحقيقة؛ فمن أراد الحصول على سلة غذائية ينبغي عليه أن يمتلك واسطة قوية تؤهله للحصول عليها".
وتابع" هناك بعض الأعمال الخيرية التي توزع بشكل عام وتضم حاراتٍ بأكملها لكنها بالعادة تكون في شهر رمضان المبارك، وحتى في هذا الموسم هناك من يحرم منها تماما وهو بأمس الحاجة إليها".
إيقاف المساعدات الغذائية
بدوره يقول المواطن، علي عبده( 45 عامًا أحد أبناء مديرية خدير محافظة تعز ) إن:" المساعدات الإغاثية والإنسانية مقطوعة على مديريته منذ عام ونصف من قبَل جماعة الحوثي".
وأضاف" تأتي المساعدات الإغاثية من منطقة الراهدة مرورًا إلى دمنة خدير، حتى تصل إلى منطقتنا، لكن الحوثيين أوقفوا وصول المساعدات الإغاثية إلى مناطقهم، وأصبح العديد من السكان يعيشون في مجاعة وفقر ومدقع".
وتابع" الأعمال غير متوفرة، والمساعدات غائبة، وباتت الكثير من الأسر تقلص عدد وجباتها، تخوفًا من عدم استطاعتها توفير مقومات العيش لها بسبب ذلك".
وأردف" كعامل في الأجر اليومي ومعيل لستة أطفال، أشعر كل يوم بخوف شديد، ولا أعلم من أين آتي لهم بقوت يومهم جراء تدهور الأوضاع المعيشية".
وأشار إلى أن " السكان القاطنين في مناطق الحوثيين يعيشون في مجاعة جسمية، جراء عدم السماح بوصول المساعدات الإغاثية لهم، بالإضافة إلى غياب الأعمال".