آخر الأخبار

كيف أثرت السيول على الوضع النفسي لليمنيين؟ (تقرير خاص)

السيول تسببت بدمار متعدد

السيول تسببت بدمار متعدد

المهرية نت - رهيب هائل
الإثنين, 26 أغسطس, 2024 - 07:26 صباحاً

تتعرضُ العديدُ من المحافظاتِ اليمنية منذ مطلع الشهر الماضي، إلى أمطارٍ وفيضانات تُخلف الكثير من  الخسائر في الأرواحِ والمساكن والممتلكات العامة، والخاصة بشكل مروع، يؤثر على  نفسية العديد من  السكان اليمنيين.

 

وبحسب إحاطة قدمتها  مديرة قسم التمويل والشراكات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ليزا دوتن- يوم الخميس 15أغسطس- فإن:" الأمطار الغزيرة والفيضانات ضربتْ عدة محافظات في اليمن ما أدى إلى تأثر حوالي 695 ألف أسرة بشكل مباشر وفقدت منازلها ومصادر رزقها، وقتل نحو 98 شخصا، فيما أصيب أكثر من 600" منذ مطلع العام الجاري 2024.

 

وأعلنت جماعة الحوثي -الاثنين الماضي- وفاة 14 شخصًا جراء الصواعق الرعدية بمحافظة حجة شمال البلاد. 

 

 

ويوم الأربعاء أصدر المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع للحوثيين إحصائية أشار فيها إلى تضرر 33 ألفاً و140 أسرة، معظمها من الأسر النازحة في 14 محافظة منذ نهاية يوليو حتى 15 أغسطس الجاري. 

 

والخميس الماضي" لقي تسعة أشخاص حتفهم في محافظتي ريمة وحجة في شمال غربي اليمن جراء هطول أمطارٍ غزيرةٍ تسببت في سيولٍ جارفةٍ بفعل منخفضٍ جوي يضربُ جنوبَ الجزيرة العربية". وفقًا لوكالة رويترز.

 

وقالت لجنة الطوارئ بمحافظة الحديدة إن:" السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة بمديريتي باجل والمراوعة في محافظة الحديدة أدت أمس السبت إلى وفاة شخصين بحادثتي سقوط منزل؛ وإصابة فتاة في مديرية اللحية للسبب ذاته".

 

وحسب مصادر "المهرية نت"  فإن:" شابًا توفي غرقًا، - الأحد- نتيجة سيول جارفة جرت بعد هطول الأمطار الغزيرة في محافظة إب". ليرتفع  إجمالي عدد الضحايا إلى 124 شخصًا منذ بداية العام الجاري.

 

ومع استمرار الأمطار وحدوث الفيضانات وارتفاع أعداد الضحايا وحصيلة الدمار في الممتلكات العامة والخاصة، أثر ذلك على  نفسية العديد من اليمنيين المتضررين منها أو المتابعين لها عن طريق وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي .

 

وأصبح الكثير منهم مصابون بحالة  قلقٍ وخوفٍ  مستمرٍ  كلما سمعوا أصوات الرعدِ أو اشتدَّتْ الرياح أو تلبَّدتْ السماءُ بالغيوم وأوشكتْ الأمطارُ أن تتساقطَ على مناطقِهم.

 

بهذا الشأن، يقول الدكتور" جمهور ناجي الحميدي" أستاذ علم النفس في كلية التربية بجامعة تعز إن:" الأحداث الأخيرة وما نتج عنها من خسائر بشرية ومادية لها أثر عميق ونفسي على المدى القريب  أو البعيد ولذلك  تظل هذه الآثار، وتعتبر من الرضوض التي تترك أثرًا على المدى الطويل في النواحي النفسية والاجتماعية لدى الأفراد".

 


 وأضاف لـ" المهرية نت" طبيعةُ الحوادث الأخيرة  الناتجة عن الفيضانات والسيول أثرها أعظم وأكبر من حيث المفاجأة وشدَّة الخسائر، وفقد بعض الناس  لمصادر رزقهم أو أشياء ثمينة  كالأوراقِ  والوثائقِ الملكية وغيرها، تُحدث حالة ندوب ورضوض نفسي، تجعل الفرد  يشعر بأنه  أصبح في عشيّة وضحاها وفي وقت قصير يعاني من كارثة  لا يمكن أن تعوض خاصة ونحن في ظل لا دولة أو جهات مسؤولة  غير مهتمة  بالتعويضات وجبر الضرر".

 

وتابع" الشيء الأخطر من ذلك ما تعانيه النساء والأطفال؛ لأن  هذه الأحداث تبقى محفورة في الذاكرة تؤثر عليهم على المدى البعيد وقد ترافقهم طيلة حياتهم، كون الاضطرابات النفسية والأحداث النفسية المتوسطة، لها صدى وآثار تمتد حتى نهاية العمر".

 

وأردف" الأطفال لا يستطيعوا أن  يفسروا  الوضع بأنه قضاء وقدر وأن هذه الأمور يمكن أن تعوض ولا يمتلكون هذه الحلول المنطقية، وستبقى محفورة في ذاكرتهم، تُلازمهم باضطرابات بعيدة المدى".

 

يواصل "الحميدي" قائلاً:" النساء يتعرضنَّ لعنصر المفاجأة  من الفيضانات والسيول ويحدث لهنَّ هلع كبير؛ كونهنَّ أكثر الفئات استجابة انفعالية لهذه  الأحداث".

 

وأفاد بأن" المشكلة تتعقد أكثر حينما لا يجد الفرد المساندة من الجهات المختصة أو من الجهات الداعمة أو المنظمات، ويسبب ذلك اضطرابات نفسية شديدة له".

 

وفي تأثير الصور ومقاطع الفيديو لضحايا السيول على نفسية المتلقي، يقول الحميدي لـ" المهرية نت" إن:" التناول  غير المنهجي والمهني من بعض وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، للأحداث تُعد  من الجوانب  السلبية والتي تخلق اضطرابات نفسية  للمتلقين".
 

وأضاف" بعض المراسلين أو المصورين  العاملين في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي يقومون بتصوير الضحايا وهم يُلاقون حتفهم،  وتنشر في وسائل الإعلام،  ويؤثر ذلك على المتعرضين  لهذه الوسائل بشكل كبير".  

 

وتابع" كما قد يقوم  بعض الأشخاص المصابين باضطرابات نفسية باستغلال مواقع التواصل الاجتماعي كـ(الفيسبوك أو الواتساب وغيرها) وينشر أحيانًا مقاطع مُفبركة أو يعيدُ  إرسال المشاهد لبعض ضحايا السيول وهم يغرقون بشكل مباشر، وعندما يتلقى الأطفال أو النساء هذه المشاهد يشعرون بالألم والخوف  المستمر، ويبقى هذا الأمر محفوظًا في ذاكرتهم، يسترجعونه وقتما حل عليهم المطر ويشعرهم بالخوف الشديد".

 

وأكد بأن" من يتعرض للأحداث بطريقة مباشرة أشدُّ خطورة من الشخص المتلقي؛ لأن نفسية  الشخص أثناء الصدمة والمفاجأة المباشرة تختلفُ بشكل عام عن الجانب النفسي للشخص المتلقي لوسائل الإعلام".

 

واعتقد بأن" الأحداث التي حصلتْ في اليمن خلال الفترة الأخيرة لاشك  بأن أحداثًا سابقة  وقعتْ قبلها وربما  تكررتْ لدى نفس الأشخاص أو الأشخاص العاديين ولا يمكن أن نغفل الجانب النفسي في ظل الأوضاع التي نعيشها، وغياب الجهات المسؤولة  والجهات المانحة".

*حالة اكتئاب


بدوره، يقول الناشط الإعلامي  "شعيب الأحمدي" إن:" مأساة الأمطار أضيفتْ إلى رواية الأحداث الحزينة في اليمن، ما إن تنهِ الفصل الأول من حكاية (الحرب والحصار) إلا وتنتقل للفصل الثاني (الكوارث الطبيعية) والذي يؤثر بشكل كبير على كل متابع ومراقب له نفسيًا وجسديًا".

 


وأضاف لـ" المهرية نت" كلما رأيتُ حادثًا مؤلمًا أفقد الراحة وأشعرُ بالقلقِ، حتى أنني أدخل بحالة اكتئاب وبعضها تطول لأيام، لا أعلمُ هل هذا شيئًا جلل؟ أنني ما زلتُ أحمل مشاعر إزاء ما يحدث أو أمر طفولي ويجب التخلص منه! منذ شاهدتُ الصور ومشاهد الفيديو في تهامة ومأرب والقلق ينتابني باستمرار". 

 

وتابع" الأخبار التي أقرأها عن ضحايا الصواعق الرعدية، التي لا تهدأ كل يوم، عادتني للوضع المأساوي السابق في القرية، حينما بُرقتْ بيتُ أحد الجيران وحرقتْ كل اللمبات الكهربائيّة وانفجرتْ بطارية الطاقة الشمسية ونحن في البيت، آنذاك أصابني أشبهُ بصدمةِ قلقٍ وخوفٍ وكأنني أسمعها الآن". 

 

وأشار إلى أن "المطر خيرٌ من الله للعباد، لكن بهذا الشكل المخيف والوضع الصعب، أثر ذلك  على السكان نفسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، وأصبح الكثير منهم يخافون ويخشون أن يحدثَ ذلك في مناطقهم لا سمح الله". 

 

وشدد على ضرورة أن" تعزز السلطات الحكومية ومجلس القيادة قدراتها في بناء بنية تحتية متينة، ورفع النازحين والمشردين من مجاري السيول وتحويلهم إلى أماكن آمنة، وأن تكون فرق مختصة بالمناخ ومراقبة الأوضاع والتغيرات المناخية وتبلغ الناس قبل وقوع الكوارث".

*حالة رعب وخوف

"الكوارث التي حدثتْ في العديد من محافظات اليمن، أثرتْ عليَّ بشكل كبير، وأصبحتُ أعيش في حالة رعبٍ وخوفٍ مستمر كلما سمعتُ صوت الرعد  أو اشتدَّتْ الرياح، خاصة مع غياب الاهتمام بالمناطق المنكوبة من جرف السيول من قبل الحكومة الشرعية أو الحوثيين، واستمرار تدهور الأوضاع". بحسب  المواطن "محمد عبده" من محافظة تعز.


وأضاف لـ" المهرية نت" شاهدتُ الحوادثَ التي حصلتْ في تهامة وفي حجة وفي مقبنة وفي إب، والمنازل التي طُمرتْ بالسيول، وأخشى أن يصيبَ أسرتي ما أصابهم، فأنا أعيشُ في منزلٍ شعبي مكون من ثلاثةِ غرفٍ وحمامٍ مع أسرتي المكونة من خمسة أفراد في  جبل حبشي". 

 

وتابع" لا يوجد اهتمام من قبل السلطة الشرعية أو الحوثيين، للأراضي المنكوبة من السيول، عن طريق ترميم المنازل، أو تصليح الطرقات، أو انتشال جثامين الضحايا أو جبر خواطر المواطنين ولو بالقليل من الدعم المالي".

 

ويرى عبده بأن" الكثير من المواطنين يعيشون في حالة خوفٍ ورعبٍ، لدرجة أنَّهُم لا يجرؤوا على الذهاب إلى المساجد في ظل استمرار الأمطار، وما تُحدثه من أضرارٍ كبيرة في مختلف مناطق اليمن، ويخشون  أن يحدث ذلك لهم".

 

واختتم حديثه قائلًا:" نتمنى أن يمرَّ هذا العام  بسلام وأن لا يحدث في منطقتنا أو بقية المناطق في اليمن  كوارث بيئية بسبب المنخفض الجوي، وأن  تهتم الحكومة الشرعية والمنظمات في المناطق المنكوبة، بتقديم الدعم اللازم للسكان".


كلمات مفتاحية: السيول الوضع النفسي دمار


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية