آخر الأخبار

الحديدة.. سيول عارمة كادت أن توقف الحياة ومطالبات بمدّ يد العون للمنكوبين (تقرير خاص)

شهدت الحديدة وحجة وتعز ومحافظات أخرى أمطاراً غزيرة وسيول جارفة خلال الأيام الماضية

شهدت الحديدة وحجة وتعز ومحافظات أخرى أمطاراً غزيرة وسيول جارفة خلال الأيام الماضية

المهرية نت - إفتخار عبده
الخميس, 08 أغسطس, 2024 - 05:59 مساءً

سيول عارمة لم يسبق لها مثيل اجتاحت محافظة الحديدة يوم أمس الأول لتميت ما تبقى من نبض للحياة هناك، وتحيل حياة المواطنين إلى مأساة تفوق الوصف.

 

حارات بأكملها غرقت نتيجة هذه السيول وقرى كثيرة تحولت إلى أطلال بعدما تم طمرها، والناس في هذه المناطق المنكوبة وصلت بهم الحال إلى أنهم لم يفرقوا بين البر والبحر لشدة ما يرون من كثافة هذه السيول المخيفة التي تقتحم بيوتهم وأراضيهم وتسحب ممتلكاتهم بلا رحمة.

 

ويوم أمس الأربعاء أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن 45 شخصًا لقوا حتفهم جراء السيول الجارفة الناجمة عن الأمطار الغزيرة التي هطلت على اليمن.

 

وفي حديثٍ له عبر قناة المسيرة التابعة لجماعة الحوثي قال محافظ الحديدة محمد قحيم: إن "30 حالة وفاة و5 مفقودين ونزوح أهالي أكثر من 500 منزل وتقطع العديد من الأودية نتيجة السيول في الحُديدة"، مؤكدًا أن "العديد من المنازل تهدمت ما أدى لوفاة سكانها، وأكثر من 7 سيارات سحبتها السيول".

 

بهذا الشأن، يقول عبد الإله يحيى، أحد ساكني قرية المنقم في ريف محافظة الحديدة "حدثت يوم أمس الأول أمطار غزيرة في مدينة اللاوية والقرى المجاورة لها مثل القطية الكرد، والسولة والمنقم الجارحة والعمرية، والمنقم الجربة الشجن، بدأت الأمطار عند الساعة الخامسة مساءً وقد كانت في البداية تتفاوت بين الشدة والهدوء لكنها استمرت حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ما أثار خوف المواطنين وذعرهم نتيجة تدفق السيول".

 

وأضاف يحيى لموقع "المهرية نت": أمطار الليل تأتي مخيفة للناس، فما بالكم لو كانت سيولًا غاضبة تقتحم المنازل، وتهدُّ أغلبها على رؤوس ساكنيها وهذا تمامًا ما حدث في ريف الحديدة المنكوب فقد تدفق السيل من ثلاثة وديان مصبها الرئيسي في وادي الغدير في مدينة اللاوية مما أدى إلى إصابة عدد من المساكن، وتشتيت الأسر، وجرف المواشي وتكسير الإسفلت، وقطع الخط الواصل من مفرق اللاوية إلى الدريهمي".

 

وأشار إلى أنه "من ضمن المناطق المتضررة في مدينة اللاوية قرية القطية فالأضرار التي لحقت بسكان تلك المنطقة كبيرة، بداية بالخسائر في الأرواح، وصولاً إلى الممتلكات من أراضٍ ومبانٍ وماشية إذ إن ساكني تلك المنطقة معتمدون على الكسب من المرعى وتربية المواشي لتلبية الاحتياجات الخاصة بهم، وهاهم قد فقدوا ما كان يعينهم على العيش بسلام، وأصبحوا بلا مرعى ولا مأوى".

 

ليلةٌ مفزعة

ويصف يحيى ليلة السيول قائلًا "كنا نائمين في أمان الله، فإذا بنا نسمع أصوات الناس تصيح بكل قوة، ونسمع صوت حركة السيل الذي يقترب من القرية، والناس الذين يستغيثون ويصرخون من الخوف، ويريدون إنقاذ دوابهم خوفًا عليها من الغرق، والذين يصحون من نومهم على أصوات هواتفهم ويردون على الاتصال فإذا بصوت يقول لهم إخوانكم الذين في المزارع قد أخذهم السيل مع البقر والثيران وبقيه المواشي في المزرعة".

 

وتابع: "يرمون بالهواتف دون شعور ويسارعون نحو المزرعة محاولين إنقاذ إخوانهم، وكنت ترى أخ الغرقى يمسكه الجميع من أجل ألا يدخل مجرى السيل ولكنه مصرّ على الدخول بعد إخوانه فإذا به يرى أحد إخوانه راكبًا على إحدى المواشي التي كانت طوق نجاة له من الغرق، تلك الماشية التي ذهب صاحبها لمجرى السيل من أجل انقاذها هي من أنقذته بالأخير".

  

وواصل "اجتمع بعض شباب ورجال القرية حول الناس الغرقى، ورموا لهم بحبال وتم ربط تلك المواشي التي قد ركب عليها الناس لينقذوا حياتهم، وتم سحبهم والمواشي ليخرجوا سالمين من الغرق؛ وبعد أن كادوا يلفظوا أنفاسهم الأخيرة. وقد كانت القرية كلها تجري وتحاول الهروب، ومساجد القرية تضج بأصوات التحذيرات، وفي الوقت نفسه تطمئن الناس بعدم الخوف والتوكّل على الله".

 

ولفت إلى أن "الجميل في الأمر هو تعاون الناس بينهم البين فقد كانوا من يرون بيته ضعيفًا أو في مكان هابط يقومون بنقله إلى البيوت الآمنة، وهناك من بعض المشاهد المفزعة منها أن بعضهم كان قد صعد على إحدى العشش والسيل يسحبه وهو يصيح طالبًا الإنقاذ، وآخر تعلّق فوق الأشجار، ورموا له بالحبال ولم يقدر على مسكها".

 

كارثة طبيعية لم يحدث لها مثيل

في السياق ذاته يقول قاسم البعيصي (صحفي من منطقة السلخانة بمديرية الحالي محافظة الحديدة): الحمد لله على كل حال. وهذه الأمطار هي نعمة من الله، ونحن أبناء الحديدة نرفع أيدينا إلى السماء طالبين من الله العوض فيما حل بناء من أضرار بسبب قوة الأمطار الشديدة التي لم تشهدها مدينة الحديدة من ذي قبل.

 

 

وأضاف البعيصى لموقع "المهرية نت": الحديدة حلت فيها كارثة طبيعية لم يحدث لها مثيل من قبل فقد تهدمت منازل، وتشردت أسر بكاملها جراء سيول الأمطار التي حوّلت حياة المواطنين إلى مأساة لا تحتمل".

 

وأشار إلى أنه "هناك ضحايا ووفيات بشرية وحيوانية فالأضرار أغلبها نالت من سكان الريف وأما سكان المدينة فهم الأقل إصابة وخسارة عن غيرهم من سكان الريف الذين لقوا المصيبة الأقوى، الخسائر المادية والبشرية خسائر في المال والأرواح والممتلكات".  

 

وأكّد "الحديدة اليوم حالة إنسانية من الدرجة الأولى تستدعي وقوف المعنيين في اليمن، وتنتظر تدخل المنظمات والهيئات الإنسانية لإنقاذ البشرية هنا، ومدّ يد العون للمتضررين من هذه السيول الغاضبة التي لم تفرق بين قوي أو ضعيف".

  

وأوضح" أنا واحد من المتضررين من هذه السيول فقد حدثت لي خسارة كبيرة في أثاث منزلي من أجهزة وأدوات حتى بناء المنزل تضرر إثر هذه السيول، لكنا نسأل الله العوض ونحمده على نعمة الأمطار التي طالما انتظرناها".

 

بدوره، يقول الدكتور محمد الهاشمي (أحد ساكني مدينة اللاوية بمديرية الدريهمي) "حدثت أضرار جسيمة في مديرية الدريهمي نتيجة السيول الغاضبة فقد بدأت الأمطار من الساعة الخامسة مساء وحتى الواحدة بعد منتصف الليل، وبدأت السيول تجتاح المنطقة عند الساعة العاشرة ليلًا وخلّفت هذه الأضرار الكبيرة والجراح الغائرة التي لن تتعافى سريعًا".

 

وأضاف الهاشمي لموقع "المهرية نت" الحقيقة أن المنطقة لم تكن مهيأة لاستقبال هذا الكم الهائل من السيول الغاضبة لذلك لم يقم الأهالي بوضع منافذ خاصة بالسيول تجعلها تمرّ بعيدًا عن المنازل والمزارع وأماكن المواشي".

 

وقال: اليوم وبعد هذه النكبة أكثر كلام الناس في المنطقة يقولون بأن الذي تسبب بهذه الكارثة هي  الحاملة (مصد السيل)، والتي يتبناها شيخ المنطقة فتجدهم اليوم يلقون اللوم عليه، والحقيقة أنه لو كان سيلًا واحدًا وحصل الذي حصل كان بالإمكان أن يكون بسبب المصد المائي (الحاملة) لكن السيل تدفق من ثلاث جهات أهمها القوقر وكبري ومحطة المسعودي لذلك وحسب التحليل المرئي والمسموع ليس بسبب المصد المائي، وإنما الكارثة حدثت نتيجة كثافة الأمطار والتدفق من جهات مختلفة".

 

وتابع"ما حدث قد حدث ولله الحمد في السراء والضراء لكن الحديدة اليوم بحاجة ماسة إلى تدخل عاجل من قبل السلطة المحلية، ومن المنظمات الدولية الإنسانية من أجل إعادة الحياة إلى الحديدة وإعادة الابتسامة للوجوه السمراء التي غادرتها الابتسامة إثر هذه النكبة الكبيرة".

 

ولفت الهاشمي إلى أنه "حتى الآن لا يوجد تدخل خارجي من أجل تخفيف المعاناة عن المواطنين لكنا ما نزال نرجو ذلك بقوة ولن نقطع حبل الأمل بإذن الله".

 

وناشد الهاشمي المنظمات الدولية والجهات المعنية بمدّ يد العون للمتضررين للتخفيف من معاناتهم التي يتكبدونها اليوم إثر هذه السيول.

 

وتوقّعت سابقًا منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أن "يشهد اليمن في الأيام الـ10 الأولى من شهر أغسطس/آب الجاري "هطول أمطار تراكمية بمعدل 300 مليمتر عبر المرتفعات الوسطى والمرتفعات الجنوبية، مع تسجيل أعلى كثافة هطول أمطار يومية بأكثر من 120 مليمتر".




تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية