آخر الأخبار
أين يتجه الصراع المالي بين الحكومة الشرعية والحوثيين؟ (تقرير خاص)
الثلاثاء, 02 يوليو, 2024 - 09:57 مساءً
أصدر البنك المركزي اليمني في محافظة عدن، سلسلة قرارات، نهاية شهر مايو بغية إيقاف تدهور العملة الجديدة منها إيقاف التعامل مع بنوك: التضامن، اليمن والكويت، ومصرف اليمن البحرين الشامل، الأمل للتمويل الأصغر، الكريمي، اليمن الدولي؛ لرفضها نقل مقراتها الرئيسية من صنعاء إلى عدن، كما أعطى مهلة 60 يوماً للمواطنين والمؤسسات لإيداع ما لديهم من الطبعة القديمة ما قبل العام 2016 لديه والبنوك الأخرى.
وردًا على قرارات مركزي عدن أصدر البنك المركزي الخاضع لسيطرة جماعة الحوثي-يوم الجمعة الموافق 31مايو 2024م - قرارًا بحظر التعامل مع 13 بنكًا محليًا هي” بنك القطيبي الإسلامي، بنك عدن الإسلامي، البنك الأهلي اليمني -عدن، بنك التسليف التعاوني الزراعي، بنك الشمول للتمويل الأصغر، بنك السلام كابيتال، بنك تمكين للتمويل الأصغر، بنك الإنماء، بنك الشرق اليمني، بنك حضرموت التجاري، بنك بن دول للتمويل الأصغر”.
وحدّد مركزي صنعاء العديد من النقاط، الرابطة بين الحكومة الشرعية والحوثيين " مركز رقابة جمرك الراهدة في محافظة تعز، مركز جمرك عفار في محافظة البيضاء". ودعا المواطنين المؤسسات وكافة من لديهم الطبعة القديمة ما قبل 2016م إحضارها إلى هذه النقاط، ومصارفتها بالعملة الجديدة، بسعرها اليومي" الألف القديم ب 3500ريال من العملة الجديدة". علما بأن الحكومة الشرعية تصرف الألف بألف ريال.
كما عمل الحوثي على تنفيذ مبادرات فتح طرق رئيسية للعديد من المحافظات المحاصرة من قبلهم" تعز، مأرب، الحديدة، أبين". بشكل تفاجأ من خلاله الكثيرين من أبناء المجتمع، وفسرها محللون أنها من أجل الحصول على نقاط إضافية أثناء التفاوض مع الحكومة الشرعية، والضغط عليها مستقبلا لتقديم بعض التنازلات كالتراجع عن قرارات مركزي عدن.
ويوم الأربعاء، الموافق 8 يونيو 2024م اتهمت الخطوط الجوية اليمنية جماعة الحوثي باحتجاز 4 طائرات من ركاب تابعة لها في مطار صنعاء الدولي، الخاضع لسيطرة الجماعة، لكن جماعة الحوثي لم تصدر أية بيان أو توضيح إلى الآن.
وقالت الخطوط الجوية اليمنية، في بيان إنها تفاجأت بقيام جماعة الحوثي، مساء الثلاثاء، باحتجاز 3 من طائراتها من طراز إيرباص 320 في مطار العاصمة صنعاء لحظة وصولهن من مطار الملك عبد العزيز بمدينة جدة غربي السعودية وكانت هذه الطائرات تنقل مئات الحجاج العائدين من أداء فريضة الحج".
وأضافت الشركة أن عدد طائراتها المحتجزة لدى الحوثيين ارتفع بذلك إلى 4، حيث احتجزت الجماعة طائرة ركاب أخرى من طراز إيرباص 330 قبل أكثر من شهر في مطار صنعاء.
وتأتي هذه التصرفات من قبل جماعة الحوثي، بشكل مستمر، بعد القرارات التي أصدرها مركزي عدن، والتي ستؤثر بشكل كبير على البنك الواقع تحت سيطرتها جراء نقل التحويلات والواردات الخارجية والمحلية إلى البنك المركزي في عدن، ومنع إرسال الحوالات بالعملة الصعبة إلى مناطق الحوثيين، وحظر العملة القديمة، مما يسبب في تدهور العملة القديمة، وانعدام العملات الصعبة، وكساد لدى التجار، خاصة مع شحة الواردات في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
وعلى غرار ذلك تحاول جماعة الحوثي الضغط على الحكومة الشرعية، لإيقاف هذه القرارات، والعمل على إعادة التحويلات والواردات النقدية إلى البنك المركزي التابع لها، كما كان في السابق.
فيما البنك المركزي الواقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية أصدر مؤخرا قرارا يلزم البنوك وكافة الشركات ومنشآت الصرافة حظر التعامل المباشر وغير المباشر مع 12خدمة ومحفظة إلكترونية وهي" محفظة كاش، جوالي، محفظة فلوسك، محفظة جيب، محفظة يمن والت، محفظة الريال الإلكتروني، محفظة واي كاش لخدمات وأنظمة الدفع الإلكتروني، محفظة موبايل مولي، محفظة ريال موبايل، محفظة المتكاملة، محفظة سبأ كاش، محفظة الدولي مولي".
ومع استمرار الصراع المالي بين الحكومة الشرعية والحوثيين خلال الفترة الأخيرة تساءل الكثير من المواطنين إلى أين يتجه هذا الصراع، وهل سيؤثر على الاقتصاد اليمني، وعلى ظروفهم المعيشية.
تعقيدات متزايدة
يرى محللون في الجانب الاقتصادي بأن استمرار الصراع المالي بين طرفي النزاع يتجه نحو تعقيدات متزايدة، ويخلف مشكلات اجتماعية واقتصادية، ويؤثر على البنية التحتية ويعطل الإنتاج المحلي ويزيد من ارتفاع البطالة، وتزايد الطلب على المساعدات الإغاثية.
في هذا الشأن، يقول الباحث والمحلل الاقتصادي" وحيد الفودعي" إن:" الصراع المالي بين الحكومة اليمنية والحوثيين يتجه نحو تعقيدات متزايدة بسبب الانقسامات العميقة والسيطرة المتنازعة على الموارد الاقتصادية الحيوية".
وأضاف لـ"المهرية نت "مع استمرار الصراع، من المحتمل أن يزيد معدل الفقر والتضخم نتيجة لتراجع النشاط الاقتصادي وتعطل سلاسل الإمداد، ومن المتوقع أن يستمر الجمود المالي لفترة طويلة".
وتابع " كما سيؤدي إلى تدمير البنية التحتية والاقتصادية، ويعوق إعادة البناء والتنمية مستقبلا، ويسبب في تراجع الاستثمار وتوقف العديد من الأنشطة الاقتصادية، ويزيد من معدل البطالة ويخلق مشكلات اجتماعية واقتصادية، ويعطل الإنتاج ويقلل من الصادرات والواردات، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير".
وأشار إلى أن " الصراع قد يتسبب في تدهور الزراعة والنقل ويخلق أزمة في الأمن الغذائي، ويفاقم من الوضع الإنساني المتردي في البلاد، ويزيد من الاعتماد على المساعدات الإنسانية والدعم الدولي، ويضعف القدرة على بناء اقتصاد مستقل وقوي".
واستدرك" الحوثيون يسيطرون على البنك المركزي في صنعاء، بينما الحكومة اليمنية تسيطر على البنك المركزي في عدن، مما أدى إلى انقسام النظام المالي وتعدد السياسات المالية، وقد يؤدي ذلك إلى إفلاس البنوك، وما يترتب عليه من ضياع حقوق الناس من ودائع وحسابات جارية".
ولفت إلى أن "كل من الحكومة والحوثيين يسعى للسيطرة على الموارد المالية مثل إيرادات النفط والغاز، والموانئ، والمطارات، مما يعمق التنافس ويزيد من التوترات".
وأكد بأن "الحوثيين يفرضون الضرائب والرسوم الإضافية على المناطق التي يسيطرون عليها، مما يؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي والتجاري في تلك المناطق".
واستطرد قائلا "إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي شامل، فإن الوضع المالي والاقتصادي في اليمن مرشح للاستمرار في التدهور، مما يضعف فرص إعادة الإعمار والتنمية المستدامة".
نتاج الصراع الاقتصادي
في السياق ذاته، يقول المحلل الاقتصادي "عبد الرزاق حمنة" إن:" ما حصل مؤخرا من قرارات صادرة عن البنك المركزي في عدن يعتبر نتاجا طبيعيا لمرحلة الصراع الاقتصادي بين الحكومة وجماعة الحوثي، كونه امتداد للصراع السياسي الحاصل في البلاد".
وأضاف لـ" المهرية نت" من الضروري للحكومة السيطرة على التدفقات النقدية المحلية ومراقبة عمليات الإيداع والتحويل من أجل ضمان إجراءات متعددة منها ضمان أموال المودعين كونها السلطات المعترف بها وأيضا الحفاظ على معاهدات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، فإذا كانت الحركة النقدية في البلاد خارج سيطرة البنك المركزي المعترف به دوليا لن يكون بمقدوره ذلك".
وتابع" هناك السبب الأكبر وهو موضوع السيادة على سلطة النقد ولا يمكن للسيادة أن تتحقق بإدارتين متضادتين لابد من معركة كسر عظم واثبات سيطرة والبنك المركزي في عدن له الورقة الرابحة الأكبر في ذلك المتمثل في الاعتراف الدولي".
التأثير على المواطنين
وأشار إلى أن" المواجهة المالية الحالية ستكون قاسية على المواطنين فحدوث اضطرابات في السوق المصرفي يؤثر على حركة المواطن المالية من خلال صعوبة إرسال واستلام الحوالات واضطراب الصرف وأغلب الشعب قوته يعتمد على ما يحول له من قبل أرباب الأسر العاملين سواء في الداخل او الخارج".
وأكد بأن" هذا الاضطراب يؤثر بشكل مباشر على حركة البيع والشراء لدى المواطنين فتركد الحركة التجارية أكثر فأكثر".
وبين" إذا ستمرت الحكومة في الضغط نحو إصلاحات حقيقية وتحقق منها أشياء مثل فرض عملتها الجديدة على كافة أرجاء الوطن والسيطرة التامة على السوق المصرفي فإن أثر ذلك سيكون إيجابيا على جميع أنحاء الوطن حتى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين".
وتابع" في حالة انتشار العملة الجديدة في كل الأنحاء سيخفف ذلك بشكل كبير من التضخم الحاصل لها مع كونها البديل أيضا للعملة التالفة ولن يؤدي ذلك لزيادة الأسعار كما يتوهم البعض فالزيادة حاليا هي موجودة في كل المناطق بغض النظر عن كانت عملتها قديمة أو جديدة بل سيحدث العكس بحسب ما أقرأه من حسابات مالية وتجارية".
ومضى قائلا:" في النهاية نحن نريد رؤية إصلاحات حقيقية من الحكومة تتمثل في إعادة الموارد للبنك المركزي مثل موارد التصدير وغيرها وكذلك دعم قرارات البنك المركزي بإجراءات عقابية حقيقية للمخالفين ولن يكون هناك حل اقتصادي حقيقي بعيدا عن حل سياسي شامل مالم سنظل في دائرة الصراع اللامنتهي وللأسف ندفع نحن المواطنون الفاتورة التي لم نعد نستطيع تحمل تكاليفها".
خلق المعوقات
ويرى مواطنون أن الصراع المالي يسبب معوقات كبيرة على المواطنين، ويفاقم معاناتهم مثل صعوبة الذهاب إلى مناطق سيطرت الحكومة الشرعية أو الحوثيين، وحظر العملات" القديمة والجديدة" من الطرفين، وتوقف بيع العملات الصعبة من محلات الصرافة، وتدهور الأوضاع المعيشية.
بدوره، يقول المواطن "عبدالله ثابت"- 72عامًا- إن:" الصراع المالي بين الحكومة الشرعية والحوثيين، سيخلق معوقات كبيرة، لدى المواطنين، مثل صعوبة التنقل بين المنطقتين، إرسال الحوالات، شراء العملات الصعبة من قبل الصرافين، شراء بعض الأشياء من قبل إحدى المنطقتين خاصة مع حظر الحوثي للعملة الجديد، والشرعية للعملة القديمة".
وأضاف" هذا الأمر يسبب معاناة كبيرة المواطنين في التنقل، مثلا قد يمر مواطن من مناطق الشرعية إلى مناطق الحوثيين، ويتعرض إلى أخذ المال منه من قبل الحوثيين بحجة أن الطبعة الجديدة المتداولة في مناطق الشرعية، محظورة من قبلهم، أو العكس".
وتابع" سيسهم هذا الأمر إلى خلق شقاق في المجتمع وتمزق كبير، لأن الاقارب القاطنين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية لن يستطيعوا تحويل النقود إلى أهاليهم في مناطق الحوثيين أو السفر إليهم تخوفا من الأمور التي قد يتعرضون لها".
ولفت إلى أن" الحوثيين قد يضعون نقاط تأخذ النقود الجديدة من المواطنين بالقوة دون مقابل، وبيعها إلى التجار في المناطق الواقعة تحت سيطرتها بأسعار كبيرة من أجل شراء بضائع من المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، خاصة مع توقف ميناء الحديدة، بسبب الحرب الدائرة في البحر الأحمر".
وأكد بأن" نسبة البطالة والفقر ستزداد بالارتفاع مستقبلا، والأوضاع المعيشية ستستمر بالتدهور، والإنتاج المحلي سينخفض ويتقلص بشكل مهول بسبب هذا الصراع".
واختتم حديثة قائلًا" نتمنى أن يتفق طرفا الصراع، وتتوحد العملة، ويعود سعرها كما كان في السابق وأفضل من ذلك، وأن يستطيع المواطن التنقل من مكان إلى آخر في مختلف مناطق اليمن"