آخر الأخبار

انفصاليو اليوم.. مليشيا مسلحة تسعى لتقسيم اليمن وسط رفض شعبي(تقرير خاص)

المهرية نت - تقرير خاص
الخميس, 23 مايو, 2024 - 03:31 صباحاً

تحل الذكرى الرابعة والثلاثون للوحدة اليمنية، على وقع التحديات التي أفرزتها الحرب للعام التاسع على التوالي، والتي أسهمت في تكريس نزعة الاستحواذ السياسي والعسكري على الجغرافيا؛ فضعف الدولة وتراجع قوة قرارها المركزي، عزز من نزعات الانفصال.

 

كما تأتي ذكرى الوحدة المباركة، في ظلّ تحديات وأزمات عدة تهدّد بقائها ومحاولاتٍ كثيرة للقضاء عليها، أبرزها قوى داخلية ممولة خارجيًا تعمل جاهدة على تقسيم اليمن، مدعية بذلك حبها للجنوب، مستغلة ضعف السلطة المركزية وإمعان الحوثيين في تفكيك وحدة الدولة واستقلال قرارها السيادي.

 

وخلال السنوات الماضية، عملت هذه القوى على دعم عدد من المكونات المسلحة خارج عباءة الدولة وأنشأت لها جيش ميليشاوي، وتم الدفع بهذه المليشيات لتكون على هرم السلطة، وتتموضع كجزء من مركز صنع القرار، كالمجلس الانتقالي الذي بات شريكا رئيسيا في الحكومة اليمنية ومجلس القيادة الرئاسي.

 

وعلى الرغم من مشاركته في السلطة والثروة، لا يزال المجلس الانتقالي منذ تأسيسه يعمل على زعزعة الأمن والاستقرار داخل الجنوب محملًا الحكومة الشرعية سوآته، في الوقت الذي يرى فيه الشعب في الجنوب أن التمسك بالوحدة هو السبيل الوحيد للنجاة من بطش الانتقالي وتنكليه.

 

ومع عودة الزخم الشعبي المتمسك بالوحدة ومشروعها، كأعظم إنجاز في تاريخ اليمنيين، يعود المجلس الانتقالي يدغدغ أحلام بعض أبناء الجنوب، بالمضي في طريق التقسيم، في مسرحية لا تهدف في الحقيقة، سوى اكتسابه غطاءً سياسيا في ظل وجود أكثر من مشروع انفصال ليس على مستوى الجنوب فقط بل على مستوى الوطن ككل.

 

وبالرغم من أن المجلس الرئاسي يمثل في معظمه قادة معظم مليشيات الانفصاليين؛ فمن الطبيعي عجزه عن اتخاذ قرار لردع أي مليشيا تتجاوز قرار ما تبقى من الدولة؛ وبالتالي يمضي المجلس الانتقالي ومن يموله باتجاه الانفصال، ولا يجد أي رد فعل من قبل الحكومة، التي هو جزء منها.

 

"مليشيا انفصالية بلا رادع"

 

وفي هذا الشأن، قال مستشار وزير الإعلام في الحكومة اليمنية، الإعلامي مختار الرحبي، إن "الساسة اليمنيين يعتقدون أن التغاضي عن المواقف المؤيدة للإنفصال، وتلك المخططات المؤيدة لتفكيك جغرافيا اليمن، هو أسلوب مفيد للحفاظ على المسار السياسي للشرعية".

 

وأكد الرحبي، أن "هؤلاء الساسة، في الحقيقة يمنحون بهذه السياسة المشاريع المشبوهة فرصة لتعزيز أوهامها بإمكانية تشطير البلاد. بدلًا من إلزامهم بمبادئ النظام ودفعهم للتخلي عن كل طموح عدائي مناهض لوحدة اليمن".

 

بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبدالناصر المودع، أن "المجلس الانتقالي" الجنوبي هو كيان غير منسجم، تهيمن عليه قوى قبلية تنتمي إلى محافظتي لحج والضالع، اللتين تقعان في مساحة صغيرة غرب الجنوب".

 

"مساع لتفكيك اليمن"

 

على صعيد متصل، يقول نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي، محمد المخلافي، إنّ "استئناف الحرب في عام 2014 قد ترتب عليه مزيد من الصراعات الداخلية وتعدّد سلطات الأمر الواقع، وشجّع قوى خارجية، وعلى رأسها إيران وبعض دول الجوار، بالتمادي في مساعي تفكيك الدولة اليمنية وتغذية استمرار الحرب، ما أدى إلى استمرار الحرب إلى يومنا هذا".

 

وأضاف في تصريح صحفي "أن أهم عامل داخلي وفّر الفرص للخارج لتحقيق أطماعه يتمثل برأيه "في حالة انقسام القوى السياسية، وبالنتيجة التنازع والانقسام في هيئات الدولة الشرعية وعلى رأسها مجلس القيادة الرئاسي".

 

ولفت المخلافي إلى أنه "من دون تشكيل كتلة تاريخية تستعيد الدولة وتحقق القضاء على الانقلاب وإنهاء سلطات الأمر الواقع، وفي مقدمتها سلطة الأمر الواقع للحوثيين، سيصبح التهديد ليس لوحدة اليمن فحسب، بل تهديد وجودي لليمن".

 

"النفوذ الإماراتي"

 

بعد انقلاب الحوثيين على الدولة وتحرير المحافظات الجنوبية، أُعلن عن قيام المجلس الانتقالي الجنوبي بدعم وتمويل من دولة الإمارات، حيث يحاول اليوم تقديم نفسه صوتاً معبراً عن الجنوب، ويرفع مطلب استعادة الدولة الجنوبية.

 

وفي الحقيقة، يعتبر المجلس الانتقالي الجنوبي أداة من أدوات النفوذ الإماراتي في الداخل اليمني، وبالعودة إلى ما قبل ظهور المجلس قبل 2017 فلم يكن رئيسه عيدروس الزُبيدي سوى مسؤول حكومي لم يتقبل عزله من موقعه محافظاً لعدن ليرفض القرار، ويدخل فيما بعد ضمن مشروع جديد ظهر من خلالها على الساحة، متصدراً الحديث عن القضية الجنوبية انطلاقاً من إمكانات مالية ظهرت فجأة بموازاة تشكيلات مسلحة خارج نطاق الدولة ممثلة في الأحزمة الأمنية في عدن وأبين وغيرهما، حتى أصبح في وقت قصير تهديداً لقوة الحكومة اليمنية.

 

وبالعودة إلى اتفاقية الوحدة اليمنية، فإن الاستفتاء على الدستور في جميع مناطق اليمن والي تم في مايو 1991، وحصل على موافقة 98.3 في المائة، وتنص المادة الأولى منه، التي لم يطلها التغيير في التعديلات اللاحقة، على أن الجمهورية اليمنية هي وحدة لا تتجزأ، ولا يجوز التنازل عن أي جزءٍ منها. ووفقاً لذلك النص، فإن الوحدة اليمنية نهائية وأبدية.

 

ويقوم النظام الدولي على مبدأ سيادة الدول ووحدة أراضيها. ووفقاً لهذا المبدأ، يمنع القانون الدولي الانفصال من جانب واحد، لأن السماح بانفصال كهذا سيفكك معظم دول العالم، ويخلق فوضى لا نهاية لها.

 

واستناداً إلى هذا المبدأ، رفض مجلس الأمن الدولي الاعتراف بدولة الجنوب التي تم الإعلان عنها خلال حرب 1994. ففي القرار رقم (924) و(931) اللذين أصدرهما المجلس خلال تلك الحرب، تعامل المجلس مع النزاع على أنه نزاع داخلي ضمن الجمهورية اليمنية.

 

وفي جميع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن المتعلقة باليمن، التي تزيد على 10 قرارات، وبعضها تحت الفصل السابع، هناك تشديد على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، وهذا يعني أن شعب اليمن واحد ينظم حياته دستور هذه الدولة، بحسب المحلل السياسي عبدالناصر المودع,

 

وبما أن الدستور اليمني يُجرم أي عمل أو سلوك يهدد وحدة الدولة، فإن السلطة التنفيذية والتشريعية لا تستطيع أن تتفاوض أو تقبل بأي وضع يؤدي إلى ذلك، وعليه، فإن الانفصال القانوني الوحيد الذي سيعترف به الداخل اليمني والعالم لن يكون إلا بتغيير المادة الأولى من دستور الجمهورية اليمنية، بنص يسمح للمحافظات الجنوبية بإعلان الانفصال أو الاستفتاء لتقرير المصير، أو أي صيغة أخرى. وهذا التغيير يتطلب استفتاءً شعبياً من قبل جميع المواطنين اليمنيين، وحدوث هذا الأمر عملية شبه مستحيلة في ظل وجود أغلبية شمالية (85 في المائة من سكان اليمن) تعارض الانفصال.

 

ويرى المحلل السياسي المودع، أن "من يعرف طبيعة الوضع في اليمن بتعقيداته يدرك أن هذه الدولة يصعب تقسيمها، وما الدعوات الانفصالية إلا نتيجة ضعف السلطة المركزية بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء.

 

وفي حال هزيمتهم، وبناء سلطة مركزية جديدة، سيكون من السهل احتواء الحركة الانفصالية في الجنوب، سياسياً وعسكرياً، فالدولة الواحدة في اليمن هي الصيغة الوحيدة القابلة للحياة والاستمرار، وما دون ذلك هو مشاريع فوضى دائمة".




تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية