آخر الأخبار
ما تأثيرات التحركات الدبلوماسية الروسية على الأزمة اليمنية؟ (تقرير خاص)
الاربعاء, 21 فبراير, 2024 - 10:48 صباحاً
أجريت مباحثات دبلوماسية روسية في محافظة عدن يوم الخميس الموافق 15/ فبراير لمناقشة آفاق التسوية السياسية في اليمن وتوطيد العلاقات بين البلدين خاصة مع استمرار التصعيد في اليمن والمياه المحيطة بها.
وبحسب السفارة الروسية في اليمن والتي قالت: عبر حسابها على منصة إكس إن: اللقاء أجري بين مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوزارة الخارجية الروسية الكسندر كينشاك ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية لشؤون المغتربين للجمهورية اليمنية والدكتور أحمد بن مبارك وبمشاركة القائم بأعمال سفير روسيا لدى اليمن د. يفغيني كود روف.
ونهاية الشهر الماضي الموافق 25/ يناير، زار وفد حوثي موسكو والتقى بوزارة الخارجية الروسية وناقشا الأوضاع في غزة وعسكرة واشنطن للبحر الأحمر.
وقال رئيس وفد الحوثيين الناطق باسم الجماعة، محمد عبد السلام، في بيان، عبر منصة "إكس" إنه "التقى في موسكو مع الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف".
وأضاف عبد السلام، "جرى خلال اللقاء عرض أوضاع المنطقة خصوصا ما يجري في غزة من جرائم إبادة جماعية مدانة ومرفوضة، وضرورة تكثيف الجهود الدولية للضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل لوقفها".
وأوضح المتحدث باسم الحوثيين "إنه تم استعراض آخر تطورات التفاوض والنقاش مع السعودية بوساطة سلطنة عمان الشقيقة بشأن تطورات العملية السياسية اليمنية".
وفي وقت سابق قالت الخارجية الروسية إنه تم التأكيد خلال اللقاء على أهمية زيادة الجهود الدولية لتهيئة بسرعة لإجراء حوار وطني واسع النطاق بين اليمنيين تحت رعاية الأمم المتحدة ".
وتحدثت الخارجية الروسية في بيان" عن إدانة الهجمات الصاروخية التي شنتها أمريكا وبريطانيا على اليمن والتي يمكن أن تؤدي إلى زعزعة الوضع على نطاق إقليمي ".
وأكد البيان بأنه" تم إيلاء اهتمام خاص لتطور الأحداث المأساوية في منطقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فضلا عن تفاقم الوضع في البحر الأحمر ".
وقف إطلاق النار واستمرار الهجمات الحوثية
وبسبب التحركات الروسية يرى محللين بأنها تهدف إلى وقف إطلاق النار في الداخل اليمني ودعم الحوثيين في ممارسة عملياتهم في البحر الأحمر؛ كونه يخدم مصالحها في المنطقة.
في هذا الجانب، يقول الدكتور "عبد القادر الخلي" أستاذ مساعد في جامعة تعز إن: "زيارة الوفد الروسي إلى اليمن تهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار والاستمرار في عملية الجهود التي تهدف إلى الوصول إلى تسوية سياسية شاملة".
وأضاف ل "المهرية نت" روسيا تريد المحافظة على اتصالاتها مع كافة أطراف الصراع في اليمن وتسعى لأن تكون لاعبا دوليا في الشأن اليمني والصراع في البحر الأحمر خاصة مع ارتباطه بالصراع في منطقة غزة ".
وتابع" التحركات الروسية تهدف إلى أن يكون لها صوت مسموع في مختلف ملفات الشرق الأوسط خاصة في المنطقة الأهم في العالم "البحر الأحمر" والتي تتقاطع فيها مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والصين ".
وأردف" تحاول موسكو الدخول للشرق الأوسط عن طريق الأزمة اليمنية بحيث لا تسمح باتساع الصراع بين الحكومة والحوثيين على الأقل في هذا الوقت خاصة مع دخول الحوثيين في صراع البحر الأحمر ويبدو بأن ذلك يخدم المصالح الروسية في المنطقة ".
وأشار إلى أن" موسكو تحاول إعادة بناء علاقات طويلة الأمد مع عدد من دول الشرق الأوسط بعد أن تراجعت لسنوات منذ انهيار الاتحاد السوفيتي ".
وبين" منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية احتفظت روسيا بعلاقاتها مع جميع الأطراف ولم تقطع اتصالاتها لا مع الحوثيين ولا مع الحكومة الشرعية ".
ولفت إلى أن" هنالك عوامل جديدة أدت إلى زيادة اهتمام روسيا بالشأن اليمني وفي مقدمتها حرب غزة والانخراط الحوثي في الصراع بالبحر الأحمر ورغبة روسيا في تحقيق مكاسب دولية من خلال المشاركة في عملية السلام ولارتباطها بعلاقتها مع إيران ".
وأكد بأن" روسيا تسعى لاستغلال ما يحدث في البحر الأحمر؛ لإظهار تأثير دورها العالمي والذي أصبح محل شك بعد زيادة الضغوط عليها جراء غزوها لأوكرانيا ".
يخفف الأنظار عن أوكرانيا
وأعتقد بأن" الصراع في البحر الأحمر أثر بالاقتصاد الأوروبي "البريطاني، الألماني، الفرنسي" وهو ما سينعكس سلبا على دعم الدول الغربية لأوكرانيا وسيخفف من الضربات الأوكرانية على روسيا وسيخدم روسيا بصرف أنظار الإعلام العالمي عما يجري في أوكرانيا وسيسمح ذلك لروسيا باستخدام القوة ضد أوكرانيا ".
واستطرد قائلا:" روسيا ترى بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تدعم ما يحدث في غزة وبدعمها لإسرائيل بشكل رئيسي، ولذلك تتبنى روسيا الموقف العربي بمناصرتها للمقاومة في غزة وإدانتها للعمليات البريطانية والأمريكية على اليمن، ومن خلال هذا تريد استعادة الصورة الروسية للاتحاد السوفيتي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ".
ورجح الخلي بأن" روسيا لا ترغب بتهدئة الصراع في البحر الأحمر كونها ليست متأثرة به، ولأن مصالحها الاقتصادية تأتي من جنوب شرق قارة آسيا عبر الصين والهند وإيران ولا تأتي عبر البحر الأحمر وإنما عن طريق الخطوط البرية.
ووضح "فقد استفادت من عملية الحصار الأوروبي والعقوبات الأوروبية التي فرضت عليها منذ الحرب الأوكرانية الروسية، وعملت على مد سكك حديدية إلى الصين والهند وإيران وعبرها تستورد احتياجاتها".
وواصل حديثه قائلا: "لا يؤثر عليها ما يجري في البحر الأحمر وإنما يؤثر على سمعة أمريكا والاقتصادات الأوروبية، وترى بأن استمرار الصراع في البحر الأحمر يخدم مصالحها من خلال إشغال الساسة الأوروبيين وصناع القرار الأمريكيين، كونهم يهتمون بقضايا الشرق الأوسط أكثر من اهتمامهم لما يجري في أوكرانيا".
ولفت الخلي "تدخلها في الأزمة اليمنية يهدف إلى إبقاء الشرعية بعيدة عن الصراع في البحر الأحمر؛ بحيث لا تتأثر العمليات التي تنفذها الجماعات الحوثية بالإضافة إلى الحفاظ على العلاقات بين السعودية وإيران ولكي لا تنخرط القوى المحلية اليمنية أو الإقليمية بزعامة السعودية للصراع في البحر الأحمر".
إبعاد النفوذ الأمريكي عن المنطقة
وأشار الخلي إلى أن "التحرك الروسي يهدف حاليا إلى إبعاد النفوذ الأمريكي وعدم السماح بتواجد قوات أمريكية على الشواطئ اليمنية ويأتي في هذا الإطار دعم القوى المحلية سواء الشرعية أو الحوثيين لتقريب وجهات النظر وإبعاد اليمن عن خطر النظر الغربي".
واختتم حديثة قائلا: "التحرك الروسي جاء بتنسيق مع الصين وكلاهما تهدفان إلى عدم السماح بتحرك القوات الأمريكية في البحر الأحمر؛ لأن ذلك سيؤثر على مشروع الصين والنفوذ الروسي في المنطقة".
البحث عن دور في الشرق الأوسط
بهذا الشأن يرى صحفيون بأن روسيا تبحث لها عن دور في الشرق الأوسط؛ لكنها لن تستطيع الحصول عليه جراء تواجد النفوذ الأمريكي والسعودي والإماراتي في المنطقة.
ويوضح ذلك الصحفي "محمد الخامري" بقوله إن: "روسيا تبحث عن دور لها في الشرق الأوسط؛ لكنها لن تستطيع فعل شيء يذكر على الأرض لعدة أسباب؛ أهمها أن المنطقة برمتها ضمن النفوذ الأمريكي، وترتبط بالولايات المتحدة ارتباطا وثيقا؛ سياسيا واقتصاديا، لا سيما الدول المحورية في الشرق الأوسط كالسعودية والإمارات ذوات النفوذ في اليمن".
وأضاف "بسبب حرب روسيا مع أوكرانيا التي تدعمها أمريكا وأروبا، بهدف كسرها عسكريا في ميدان المعركة، واقتصاديا بالعقوبات والاستنزاف المالي للإنفاق على الحرب والأسلحة، وسياسيا بالنبذ الدولي".
تعزيز العلاقات الدبلوماسية
فيما يؤكد صحفيون آخرون بأن تدخل روسيا سيسهم في تعزيز العلاقات بين البلدين وسيؤثر على عملية تحقيق السلام وسيزيد من التوتر بين الدول ذات المصالح في اليمن.
من جهته يقول الصحفي "محمد الطياري" إن: "التحركات الدبلوماسية الروسية في الأزمة اليمنية لها تأثيرات متعددة على الوضع السياسي والعسكري في اليمن، منها تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين روسيا واليمن وتعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والتأثير على جهود التسوية السياسية".
وأضاف ل "المهرية نت" تدخل روسيا في الأزمة اليمنية يمكن أن يؤثر على جهود التسوية السياسية، وقد يسعى الروس للعب دور الوسيط بين الأطراف المتحاربة في النزاع، وهذا قد يؤدي إلى التغيير في ديناميكية المفاوضات ".
وتابع" قد يؤدي تدخل روسيا في الأزمة اليمنية إلى التأثير على العلاقات الدولية المتصلة بهذا الصراع ويتسبب في زيادة التوترات مع الدول الأخرى المعنية بالأزمة اليمنية، مثل السعودية وإيران والولايات المتحدة الأمريكية والإمارات ".
وأردف" قد توفر روسيا إمدادات عسكرية للأطراف المتحاربة في اليمن، وهذا يمكن أن يؤثر على توازن القوى في الميدان العسكري، ومما يجعلها تسهم في حسم النزاع ".
وأكد بأن" تعزيز الأزمة السياسية أو تفاقم العنف في اليمن، سيسهم بزيادة حجم المعاناة الإنسانية وأعداد الضحايا المدنيين بشكل غير معهود ".
وأشار إلى أن" الأبعاد الإقليمية والدولية تتداخل في الأزمة اليمنية خاصة مع الدول ذات المصالح، والتحركات الروسية يمكن أن تؤثر على هذه العلاقات، سواء في التعاون أو زيادة التوترات، مما يؤثر سلبا أو إيجابا على المستوى الإقليمي والدولي ".
استعادة هيمنة الاتحاد السوفيتي
فيما يرى أكاديميون بأن التحركات الروسية تسعى إلى استعادة هيمنة الاتحاد السوفيتي وبسط نفوذها على الشرق الأوسط فقط ولا تهتم بالأزمة اليمنية.
في هذا السياق، يؤكد البروفسور" ماهر المقطري "بأن:" التحركات الروسية تأتي في إطار البحث عن مصلحتها وأخذ موقع لها في البحر الأحمر، وبمعنى آخر استرداد موقعها السابق أيام الاتحاد السوفيتي ولا يهمها مصلحة اليمن ولا الأزمة اليمنية كغيرها من الدول الغربية ".