آخر الأخبار
مساكن من ورق سكانها في العراء..السيول تعيد النازحين في مأرب إلى نقطة البداية
تضررت قرابة 17 ألف أسرة من السيول في مأرب
الثلاثاء, 11 أغسطس, 2020 - 04:52 مساءً
خيمتان وكنتيرة صغيرة (كرفان) احتضنت عائلة العقبي وسط مخيم الجفينة بمحافظة مأرب، أكبر مخيمات النازحين في اليمن.
كانت الأسرة قد نزحت في بادئ الأمر إلى الجوف، لكنها اضطرت مرة أخرى إلى النزوح مع آلاف الأسر بعد سيطرة ميليشيا الحوثي على المحافظة في أوائل مارس الماضي.
ورغم حالة الاستقرار النسبي الذي شعرت به أسرة العقبي في مأرب، إلا أنها لم تكن تتوقع أن الأمطار الغزيرة والسيول المتدفقة ستعصف بما جهزته كمأوى، والذي استغرق منها جهداً ووقتاً كبيرين.
داخل الكرفان
يحكي عبدالمجيد العقبي وهو أبٌ لثلاث فتيات لـ"المهرية نت" كيف اضطر أن يجمع عائلته مع عائلة أخيه المكونة من سبعة أفراد داخل الكنتيرة (الكرفان)، بعد أن ابتلت الخيمتان وأصبح من غير الممكن البقاء فيهما. إضافة إلى جمع المواد الغذائية المتوفرة فيهما ومحاولة الحفاظ عليها من التلف.
يقول العقبي: "رغم تحملنا اشتداد المطر والصوت المزعج وسط الكنتيرة، إلا أننا لم نسلم من تسرب المياه إلى داخلها، أخذنا السطول والصحون ووضعناها على الأرض كي تتلقف القطرات المتساقطة من السطح، كان المكان مزدحماً لأننا عائلتين كبيرتي الحجم والغرفة صغيرة".
وشهدت مأرب وعدد من محافظات الجمهورية خلال الأيام الماضية أمطاراً غزيرة تسببت بفيضانات وسيول وانهيارات في المنازل، وضاعفت معاناة السكان والنازحين الذين يتوزعون على عشرات المخيمات.
بيتٌ طيني
حال الجندي (أبو نصار) – الذي أبدى رغبة في عدم ذكر اسمه- مع السيول الجارفة ليست أفضل، فالرجل الذي نزح منذ 4 سنوات كان يسكن في أحد المعسكرات التابعة للقوات الشرعية، لكن أمد المعركة الذي طال كثيراً وحال دون عودته إلى أهله في صنعاء، جعله يقرر جلب زوجته وابنه الصغير إلى مأرب، ولأن الإيجارات داخل المدينة مرتفعة بشكل جنوني، قرر بناء منزل طيني في أحد المخيمات، واستطاع بعد عناء لمّ شمل الأسرة الصغيرة.
راح (أبو نصار) يشرح لـ "المهرية نت" ما تبقى من منزله الذي تضرر كثيراً من السيول التي شهدتها المحافظة بعد تساقط الأمطار بمستويات قياسية لم تشهدها منذ زمن..غرفة واحدة ومطبخ صغير ملحقٌ بها مبنيان من الطين وبدون أساسات قوية، ذلك "لأن السلطات المشرفة على المخيم تمنع دخول مواد البناء ولا تسمح إلا بالتراب وبعض الأدوات الخفيفة".
يقول أبو نصار وعيناه تنظر لبقعة تضررت كثيراً من منزله: "عندما هطل المطر تآكل البيت من الخارج، أصبح ضعيفاً جداً، ويمكن أن ينهار في أي وقت، حاولنا بقدر الإمكان إيقاف تسرب الماء إلى الداخل فغطيناه من الأعلى بالطرابيل..لكن مع ذلك تعرض كل الأثاث للضرر وظل البيت مبتلاً لثلاثة أيام رغم توقف المطر".
حلول لمنع وصول الماء
ورغم محاولته مع عدد من إدارة وساكني المخيم الحيلولة دون وصول السيول إلى داخل المنازل من خلال بناء حاجز يمنع وصول الماء، لكن الحاجز انهدم نتيجة قوة تدفق السيول، فالبيوت الطينية تحتاج أساسات قوية وترميماً بشكل دوري لأنها تتضرر كثيراً من السيول.
تتفق عائلتا العقبي وأبو نصار في حديثهما لـ"المهرية نت" على ألا وجود لمنظمات أو أي جهة حكومية زارت المنطقة أو قدمت مساعدات إغاثية لهما ولا لغيرهما من الأسر المتضررة، "المشكلة أن قدراتنا المادية بسيطة جداً لا نستطيع استئجار منزل أو بناء بيوت تغنينا عن الخيام".
يقول عبدالمجيد العقبي: "لم نختر أن نترك بيوتنا وننزح، نحن مجبورون على ذلك، الحرب شردتنا وأهانتنا كثيراً، نرجو أن تقدر السلطات والمحافظة ظروفنا، وقبل أن تأتي أمطار وعواصف أخرى عليهم أن يتخذوا بعض الإجراءات حتى لا يتضرر النازحون، وتتحول نعمة هطول الأمطار إلى نقمة عليهم".
إحصاءات
وبحسب لجنة الطوارئ التي شُكلت من قبل السلطة المحلية في مأرب لتقييم حجم الأضرار التي لحقت بالسكان والنازحين في المحافظة فإن 3.666 أسرة تضررت كلياً وأصبحت في العراء، بينما تضررت جزئياً 13.219 أسرة، وشملت الأضرار تدمير المساكن والمباني وتلف المواد الإيوائية وتدمير مصادر المياه والخزانات والصرف الصحي وتلف المواد الغذائية.
وبالرغم من جهود السلطات المحلية إلا أن الكثير من الأسر مازالت تنتظر المساعدات، وتناشد المنظمات بسرعة التدخل لإنقاذهم وتوفير المأوى والغذاء والمياه النظيفة لهم.