آخر الأخبار

100 يوم على "طوفان الأقصى".. صمود فلسطيني يفشل مخطط التوغل الإسرائيلي ويوقف قطار التطبيع

جانب من حجم الدمار الذي ألحقته غارات الإحتلال على غزة

جانب من حجم الدمار الذي ألحقته غارات الإحتلال على غزة

المهرية نت - تقرير خاص
الإثنين, 15 يناير, 2024 - 04:02 صباحاً

يوافق السادس عشر من شهر يناير الحالي، اليوم الـ" 100" منذ بداية أحداث عملية "طوفان الأقصي"، في حين أن الاحتلال لم يحقق أيا من الأهداف التي وضعها، بما في ذلك عملية برية متواصلة منذ أكثر من شهرين، دون أي حسم عسكري يلوح في الأفق، فلا أهداف نتنياهو بالقضاء على حماس تحققت، ولا الأسرى الإسرائيليين أصبحوا محررين.

 

بالمقابل، جسد الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، أروع صور الصمود البطولي، فقد تمكنت المقاومة الفلسطينية خلال هذه العملية، من تحطيم الصورة النمطية السائدة لدى الأنظمة العربية حول القوة التي لا تقهر، وأسقطتها على مرأى ومسمع أمام العالم بأبسط الإمكانيات، وقد كان لـ"طوفان الأقصى"، الأثر الكبير في إيقاف قطار التطبيع العربي وتعرّية المطبعين من الحكام العرب.

 

وحققت عملية "طوفان" الأقصى، العديد من الأهداف الاستراتيجية، التي أسهمت بشكل لافت في خدمة القضية الفلسطينية، وأعادت من احيائها بعد أن كانت قاب قوسين أو أدني من مراحل تصفيرها، بفعل الدعم الأمريكي المتواصل لمسارات التطبيع الداعمة للاحتلال الصهيوني.

 

ومن خلال متابعة سير أحداث المعركة خلال المئة اليوم، نرى صوابيه المقاومة في تحقيق عدد من الأهداف التي أعلنت عنها في السابع من شهر أكتوبر 2023، والتي تتمثل في الرد على الاعتداءات التي يمارسها الصهاينة بحق كل فلسطين وبحق المقدسيين بشكل خاص وبحق أهل غزة، والوقوف في وجه المحاولات التي صارت متكررة لتهويد القدس والاستيلاء على المسجد الأقصى وهدمه، وإخراج الأسرى الذي يقبعون في سجون الاحتلال منذ أعوام طويلة ولا سيما النساء والأطفال.

 

كما أسهمت عملية "طوفان الأقصى"، في تعرية الاحتلال الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي الذي سارع إلى التضامن مع الاحتلال، قبل أن يسهم الصمود الفلسطيني في تغيير النظرة الدولية لا سيما المجتمع الغربي الذي سارع إلى التضامن مع الجلاد ضد الضحية، لتظهر بعد ذلك خلافات أمريكية إسرائيلية على السطح بسبب جرائم الإبادة التي ارتكبها الاحتلال بحق المدنيين في غزة، وخرجت المسيرات والتظاهرات الداعمة لفلسطين وغزة في عواصم الدول الغربية التي أصدرت القرارات بمنع أي احتجاجات داعمة للفلسطينيين، لتتغير بعدها تلك النظرة وتتغير المعادلة.

 

أمّا الخسائر في الحروب فهي أمر متوقع، ولا يوجد حرب دون ضحايا، وللكرامة وحرية الأوطان واستقلالها، ثمناً باهضاً، دفعت من أجله أكثر من 25 ألف شهيد فلسطيني في هذه المعركة، فضلاً عن عشرات الآلاف من الجرحى ونزوح عظيم، وتشرّد هائل لأهل غزّة لم يسبق أن تعرض له الفلسطينيون منذ نكبة تأسيس الكيان الصهيوني.

 

على الجانب الآخر، كان الهدف الأول للرد الصهيوني، على عملية "طوفان الأقصى"، بحسب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو القضاء على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، واستعادة المئات من الأسرى الإسرائيليين الجنود الذي أصبحوا في قبضة المقاومة الفلسطينية ولا يزالون حتى اليوم.

 

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، انتهج العدو الإسرائيلي، طريقة حرب إبادة شاملة، وقام بقصف غزة بقنابل مضادة للتحصينات من أجل الترويع والوصول إلى الأنفاق التي تعتبرها أقوى أسلحة المقاومة، وقد نفذت قرابة 500 ساعة طيران وألقت نحو 20 ألف طن من المتفجرات، بين 7 و27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما بدأت العملية البرية.

 

وبعد 100 يوم على بدء المعركة، تشير المعطيات الميدانية إلى أن احتمال تحقيق "إسرائيل" نصرا عسكريا، يبدو أمرا بعيدا أو مستبعدا، كما تقول صحيفة "هآرتس" العبرية.

 

"المقاومة صادمة"

بالمقابل، يرى خبراء ومحللون أن الذي حقق الانتصار بعد 100 يوم من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هي المقاومة الفلسطينية بصمودها في الميدان. في حين أن الاحتلال لم يحقق أيا من الأهداف التي وضعها، والأكثر من ذلك أنه يُجرّ اليوم إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي بسبب جرائمه في غزة.

 

زفي هذا الشأن، يقول الخبير العسكري والإستراتيجي، اللواء فايز الدويري في تقييمه لمجريات الحرب بعد مرور 100 من الواقع الميداني، على شبكة "الجزيرة" الإخبارية، إنه يبطل مزاعم الاحتلال، ففي المنطقة الشمالية من القطاع ادعى الاحتلال أنه حقق أهدافا ودمّر 700 قاعدة لإطلاق الصواريخ، وقتل 9 آلاف من المقاومين، حيث أبطلت الرشقات الصاروخية التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- الادعاءات الإسرائيلية.

 

وفي المنطقة الوسطى من قطاع غزة -يواصل الدويري- لا يزال القتال محتدما، لكنه يراوح مكانه، والحال نفسه بالنسبة للمنطقة الجنوبية التي حشدت لها إسرائيل 7 أولية، ولكنه لم يقدم ما كان يرجوه، كما تمكنت المقاومة الفلسطينية من الصمود طوال 100 يوم من العدوان وفرضت إرادتها في إدارة المعركة.

 

وبالرجوع إلى ما حدث في معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يؤكد الخبير العسكري الدويري أن حركة حماس مارست خداعا إستراتيجيا يضاهي الخداع الإستراتيجي الذي نفّذه الجيش المصري في 1973.

 

وفي مقابل ما حققته المقاومة الفلسطينية بعد مرور 100 يوم من الحرب، مُني الجيش الإسرائيلي بإخفاق متواصل، وهو ما يجعل محللين ومراقبين عسكريين ومؤثرين إسرائيليين ينتفضون ضد جيشهم وحكومتهم، ويطالبون بالبحث عن إعادة المحتجزين لدى المقاومة في غزة حتى بوقف الحرب، كما يؤكد الكاتب الصحفي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، وديع عواودة.

 

ويشير إلى أن استطلاعات الرأي في إسرائيل تظهر انخفاض ثقة الإسرائيليين بقدرة الجيش والحكومة على حسم المعركة في قطاع غزة، خاصة وأنه بعد مرور 100 يوم تبين أنها مكلفة بشريا، ولم تحقق أهدافها.

 

وقد كشفت تقارير عبرية، أن الـ100 يوم اللاحقة شهدت تفجر خلافات حادة؛ بل صراعات داخل حكومة الطوارئ ومجلس الحرب، إذ بدا اشتراك غانتس في المظاهرة متزامنا ومنسجما مع أنباء مشاحنات داخل مجلس الحرب، حيث منع نتنياهو مدير مكتب وزير الدفاع يوآف غالانت من حضور جلسة الجمعة، الأمر الذي أغضب غالانت ودفعه لاتهام نتنياهو بالتشويش على عمله، وانسحب من الجلسة لمدة ساعة قبل أن يعود لاحقا. ويعتبر هذا الأمر موفقا غير مسبوق وفق متابعين خاصة في زمن الحرب.

 

 "قادة القسام خلال 100"

 

في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحدث قائد هيئة أركان كتائب القسام محمد الضيف عن أسباب معركة "طوفان الأقصى"، ومنها استمرار الاحتلال في جرائمه في القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك. كما برزت -في كلمته- الأوضاع المأساوية للأسرى الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، ورفض الاحتلال عقد صفقة تبادل إنسانية من ضمن أسباب "طوفان الأقصى"، وكذلك الحصار المفروض على قطاع غزة.

 

بدوره رسم الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة صورة دائمة للمشهدين الميداني والتفاوضي، وقال في بداية الحرب الإسرائيلية، إنه لا تفاوض بقضية الأسرى تحت النار، وفي ظل العدوان والمعركة.

 

وقبيل الحرب البرية التي كانت تلوح بها تل أبيب، توعّد أبو عبيدة في 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بأن غزة ستكون مقبرة لغزاتها "كما كانت دائما".

 

وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومع تطور الحرب البرية، وجّه أبو عبيدة رسالة خاصة لحكام الأمتين العربية والإسلامية، إذ لم يطالبهم بالدفاع عن أطفال غزة وتحريك الجيوش والدبابات، وإنما بإدخال المساعدات لغزة في ظل الحصار الخانق الذي فُرض عليها.

 

أما في نهاية العام المنقضي، وجّه الناطق باسم كتائب القسام تحية للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب غير مسبوقة، مؤكدا أنه سيُبنى ما هدمه الاحتلال، "وسينكسر العدوان، وسيخرج شعبنا مرفوع الرأس".

 

في الجهة المقابلة، شددت الرواية الإسرائيلية على أن هدف الحرب القضاء على حماس، وتدمير مقدراتها العسكرية، وإنهاء حكمها السياسي للقطاع، إضافة لاستعادة الأسرى، وشددت أن تحقيق النصر يتطلب مزيدا من الوقت، لكن هذه التصريحات ترافقت مع أزمات وخلافات داخلية طاحنة على مدار 100 يوم، وسط دعوات لإجراء انتخابات، وتشكيل حكومة جديدة.

 


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية