آخر الأخبار
الانتقالي في 2023.. عام آخر من العنف والتخبط السياسي (تقرير خاص)
مليشيا المجلس الانتقالي
الأحد, 31 ديسمبر, 2023 - 03:15 مساءً
لم يشهد العام 2023م، انقلاباً جديداً للانتقالي في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، إذ توقفت انقلاباته العسكرية بمحافظة شبوة في أغسطس 2022م؛ لكنّ مليشيات المجلس المشكّل في مايو 2017م لم تتوقف عن مسلسل الانتهاكات والعنف ضد المواطنين؛ كما واصلت قياداته الاحتراق السياسي بمواقفها "عكس التيار".
انقضت السنة السادسة على التوالي والمجلس المدعوم إماراتياً يبيع الوهم لأنصاره، ويتخبط بمواقفه السياسية، ولا يتوقف عن نشر المليشيات وتوفير الغطاء لها لارتكاب المزيد من الانتهاكات في عدن وشبوة وسقطرى ومحافظات أخرى.
لطالما ظل المجلس يروّج لشراكته مع التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن منذ 2015م، لكنّ مواقفه تجاه الرياض استمرت بالتذبذب والتخبّط، فتارة يمدح وتارة يوعز لأنصاره مهاجمتها، قبل أن تعود المياه للركود عقب أول استدعاء لرئيسه عيدروس الزبيدي إلى الرياض.
"عمليات عسكرية"
في الوقت الذي يفترض أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتقاسم المسؤولية مع المجلس الرئاسي الحكومة، واصل المجلس المدعوم إماراتياً تحركاته العسكرية منفرداً بل ومتجاوزاً الحكومة والسلطات العليا، إذ استمرت عملياته العسكرية التي أسماها "سهام الشرق" في محافظة أبين؛ رغم توجيهات رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي بإيقاف أي عملية عسكرية نحو محافظة أبين حتى يتم إعادة تموضع القوات العسكرية المتواجدة في المحافظة وفقا لاتفاق الرياض واتفاق نقل السلطة وذلك من قبل اللجنة الأمنية والعسكرية.
وفيما أكد توجيه العليمي على أهمية "رفع خطة عسكرية لتنفيذ ذلك إلى القائد الأعلى للقوات المسلحة للمصادقة عليها، إضافة إلى التنسيق مع العمليات المشتركة للتحالف لتنفيذ العملية"، إلا أن الانتقالي ظل يقدّم نفسه أن الحاكم الوحيد في الجنوب خصوصاً عدن والمحافظات المجاورة.
ومع حال التمرد وتجاوز السلطات، مارست مليشيا الانتقالي سلسلة من الانتهاكات والجرائم في عدن وأبين ومحافظات أخرى، إذ شهد العام 2023م اقتحام مليشيا الانتقالي لمقر نقابة الصحفيين، وغيرها عشرات الاقتحامات للمساكن والمحلات التجارية، وتنفيذ سلسلة من الاعتقالات والاختطافات.
العمل بالوكالة
لم يتوقف الانتقالي عن تقديم نفسه كوكيل للإمارات ينفذ أجندتها، ويحقق مطامعها بمختلف الطرق، كما فعل في سقطرى إذ وجّه عبر قائد اللواء الأول عبدالله أحمد كنزهر بإخلاء جزيرة عبدالكوري من القوات المرابطة وتسليمها لقوات إماراتية التي وسعّت نفوذها بعد انقلاب الانتقالي على السلطة في يونيو 2020م.
كما استمر الانتقالي بنهجه في زعزعة الأمن والاستقرار خصوصاً في عدن، حيث مقرات الحكومة والمجلس الرئاسي، في سعيها لعدم توفير مناخ مناسب لعمل الحكومة والمجلس الرئاسي، وهي سياسة دأبت الإمارات على دعم المجلس فيها لمزيد من التشظي والانقسام داخل صفوف الشرعية.
الانتقالي.. المرفوض في الجنوب
ظل الانتقالي يحاول تقديم نفسه كوصي وممثل وحيد للقضية الجنوبية، وعمل على تجاوز مختلف المكونات السياسية الأخرى إلى أن شعر بكونه مرفوضاً على المستوى الشعبي فبدأ في مارس 2023م، الترويج لما أسماه "اللقاء التشاوري".
دعا المجلس حينها المكونات الجنوبية للمشاركة لكن ما لبث أن بدأ الجميع يعرّي الانتقالي برفض المشاركة لعدم إيمان الأخير بـ"الأسس التي تبنى عليها قاعدة الحوار"؛ وفق بين مؤتمر حضرموت تعقيباً على دعوته للقاء حينها.
الخطوة ذاتها اتخذتها مختف المكونات الجنوبية التي تحظى بقواعد شعبية فإلى جانب مؤتمر حضرموت رفض مجلس الحراك الثوري والهبة الحضرمية والمؤتمر الوطني لشعب الجنوب واعتصام المهرة والإئتلاف الجنوبي وملتقى أبين ومرجعية قبائل حضرموت، وأكّد الجميع أن الانتقالي يحاول انتزاع ورقة تمثيل الجنوب بأطماع قادته في السلطة دون أي برامج لخدمة المواطنين.
مزيد من الاستقطابات
لم تتوقف بوصلة الانتقالي في اتجاه واحد، بل ظلت تتأرجح يميناً وشمالاً، فحاول في مايو 2023م، استمالة محافظ حضرموت السابق فرج البحسني وأبو زرعة المحرمي قائد قوات العمالقة، والشخصيتين ضمن قوام المجلس الرئاسي
تضمنت الخطوة أيضاً إصدار ما أسماه "ميثاق وطني" عقب الحوار الذي قاطعته العديد من المكونات الجنوبية، وما إن صدر الميثاق حتى آثار الكثير من ردود الأفعال الغاضبة والساخرة من الإعلان الذي تقف خلفه الإمارات بهدف تمزيق وحدة اليمن وتحويلها إلى دويلات متناحرة.
شهد منتصف العام 2023م أيضاً محاولات بائسة من الانتقالي لفرض المزيد من السيطرة على المؤسسات السيادية وصولاً إلى الهجوم على الحكومة والبنك المركزي، كما هاجم عضو المجلس الرئاسي والقيادي في المجلس الانتقالي، عبد الرحمن المحرمي ، رئيس الحكومة، معين عبد الملك واتهمه بالفساد.
الانقياد خلف المموّل
مع تساقط أوراقه على المستويين الشعبي والرسمي، واصل الانتقالي تخبطه السياسي مهرولاً خلف الإمارات التي أنشأته وموّلته، إذ تبنى سياستها تجاه القضية الفلسطينية، متجاهلاً المجازر التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
على وقع الاستهداف الحوثي لسفن إسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وجد المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، فرصة ربما لا تعوض، حتى لو على حساب شلال الدم في غزة، فبادر سريعا بإعلانه الاستعداد للتنسيق والتعاون مع "إسرائيل" ضد هجمات الحوثيين، مقابل مساعدة المجلس في الانفصال عن اليمن والاعتراف بهم كدولة مستقلة.
فقد نقلت هيئة البث الإسرائيلية "كان" عن رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، قوله: إذا اعترفت إسرائيل بحق تقرير مصير جنوب اليمن، فسيجدون حليفا ميدانيا ضد التهديد الحوثية.
وكان الزبيدي قد صرح بالموقف ذاته قبل نحو عامين، في مقابلة تلفزيونية مع قناة "روسيا اليوم"، ووصف التطبيع مع الكيان الصهيوني بأنه خطوة مهمة للسلام في المنطقة.
ووفقا للصحفي الإسرائيلي في الهيئة، روعي كايس، فإن عيدروس الزبيدي، قال خلال أحد اجتماعاته، إن القوات في جنوب اليمن تستعد للقيام بدور مركزي في تأمين طريق الشحن في البحر الأحمر مع الشركاء الإقليميين الدوليين.
هذه الأنباء جاءت في وقت كان عيدروس الزبيدي قد اجتمع مؤخرا بمسؤولين محليين بينهم قيادات عسكرية ومع مسؤولين إماراتيين وأمريكيين لبحث التعامل مع تصعيد الحوثيين.