آخر الأخبار

سقطرى عام 2023... الإمارات تعاقب السكان بالأزمات لإسكاتهم والمناخ يهدد تنوعها الحيوي الفريد

مظاهرة في قلنسية تندد بتردي خدمة الكهرباء

مظاهرة في قلنسية تندد بتردي خدمة الكهرباء

المهرية نت - تقرير خاص
الاربعاء, 20 ديسمبر, 2023 - 09:42 صباحاً

لم يكن العام 2023 أفضل من الأعوام السابقة على سقطرى فقد شهد الأرخبيل اليمني انتهاكات إماراتية متزايدة وتفخيخ رخيص لمحميات الجزيرة بالقواعد العسكرية والاستخباراتية واستعباد سكانها بالأزمات المتنوعة.

 

واستمر المناخ وتقلباته منذُ بداية العام في مضاعفة معاناة المواطنين وتهديد التنوع البيولوجي الذي تنفرد به الجزيرة.

 

وفي مطلع العام واصلت الإمارات تحركاتها الاستعمارية بشكل أكثر وضوحا والتي تهدف من خلالها إلى إخراج الجزيرة عن هويتها، لتكون جزيرة عبدالكوري الاستراتيجية محطتها الأولى خلال العام الجديد، وفيها ستواصل إكمال مخططها الرامي إلى بناء القواعد العسكرية والاستخبارية بمشاركة الاحتلال الإسرائيلي.

 

ولم يكن تحركها بشكل سري بل كان ظاهرا وفرضت على أدواتها فيما يسمى بالمجلس الانتقالي بسرعة إخلاء مواقعها العسكرية من جزيرة عبدالكوري، وتسليمها لضباط تابعين لها وكذلك ضباط تابعين للاحتلال الإسرائيلي.

 

ويتهم سكان الجزيرة مجلس القيادة الرئاسي المسؤول عن حماية سقطرى وسيادتها، بالتواطؤ والخيانة كونه سلم الجزيرة بشكل كلي لذراع الإمارات المحلي للمساعدة في تنفيذ أجنداتها في سقطرى وغيرها من المحافظات اليمنية".

 

ويقول خبراء وباحثين إن الإمارات تواصل مساعيها الحثيثة منذ أكثر من 13 عاما، بهدف ايجاد موطن قدم على الأراضي السقطرية اليمنية، لما تتمتع به ن أهمية عسكرية استراتيجية، فهي تربط بين أربعة مضائق بحرية هامة، ومن شأن بناء قاعدة عسكرية في سقطرى، لذلك فاوضت الرئيس السابق صالح في عام 2010، ثم الرئيس هادي عام 2016 إلى حين تمكنت في عهد المجلس الرئاسي وعبر أدواتها المتمثل في المجلس الانتقالي من التوغل في الجزيرة بشكل شبه كلي.

 

ويشيرون إلى أن اهتمام الإمارات المتزايد بالأرخبيل يرجع إلى موقعه الاستراتيجي بين الممرات المائية الصالحة للملاحة في الخليج وأفريقيا وآسيا، بالإضافة إلى أنها ركيزة أساسية محتملة للشحن والخدمات اللوجستية والدفاع العسكري أو الإسقاط، ويمكن أن تسمح لدولة الإمارات العربية المتحدة بتعزيز أهدافها الجيواستراتيجية مع مواجهة أهداف المنافسين والخصوم. ويُعتقد أيضًا أن الإمارات تتطلع إلى سقطرى من أجل إمكاناتها التنموية السياحية، وهذا من شأنه أن يمثل تهديدًا أكيدًا للتنوع البيولوجي في الأرخبيل.

 

وكشفت منصة التحقيقات إيكاد في شهر فبراير النقاب عن أدلة جديدة حول مواصلة الإمارات، بناء قاعدة جوية في جزيرة عبدالكوري التابعة لمحافظة سقطرى.

 

وقالت إن الفريق التابع استطاع عبر صور أقمار صناعية حصرية، إثبات أن الإمارات تُسارع الخطى فعلًا لإتمام بناء القاعدة الجوية التي بدأت العمل عليها في ديسمبر 2021 كما كشفت في تحقيقها السابق.

 

معاقبة السكان بالأزمات

 

وخلال العام 2023 واصلت الإمارات اختلاق الازمات في الخدمات الأساسية لمعاقبة السكان وتركهم غارقين في مستنقعها والقيام بين الحين والآخر بدور المنقذ لهم لكي تتمكن من تنفيذ مخططها الاستعمارية والبسط على كل مناطق الجزيرة بمساعدة ميليشياتها.

 

لكن الغالبية العظمى من السكان يدركون تحركاتها ويعرفون مخططها الاستعماري ومن حين لآخر يتذكرون يوم 19 يونيو/ حزيران 2020، الذي يصفونه باليوم الأسود كونهم واجهوا من بعده أزمات في مختلف مجالات الحياة، بعد أن قامت الميليشيات المدعومة من الإمارات باجتياح جزيرتهم المسالمة واحتلت مؤسسات الدولة.

 

ومنذ ذلك الحين يواجه سكان سقطرى كل أنواع الأزمات في الخدمات الأساسية والمشتقات النفطية والكهرباء وغيرها.

 

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل طال التنوع الحيوي الفريد وارتفعت عمليات التهريب والاتجار غير المشروع بالأنواع النادرة المتوطنة في الجزيرة من قبل الإمارات وميليشياتها.

 

وتضاعفت معاناة المواطن خلال العام 2023 وبات وضعه لا يحسد عليه، إذ لا يفكر في شيئا سوى كيفية تأمين لقمة العيش.

 

ويقول خبراء محليون إن الأزمات في الجزيرة وصلت إلى أشدها خلال العام 2023، نتيجة الإهمال وغياب الاهتمام من قبل المجلس الانتقالي التي لا تأبه بالأزمات التي تمر بها سقطرى.

 

وأكد الشيخ عيسى سالم بن ياقوت السقطري، شيخ مشائخ محافظة أرخبيل سقطرى حينها رفض "أي محاولات عبثية، أو مشاريع طائفية وعنصرية في المحافظة.

 

وقال الشيخ بن ياقوت، إن سقطرى تحتاج إلى التنمية، والوحدة بين أبناءها، وإلى المشاريع المستدامة والاستثمارات التي تليق بسحر طبيعتها.

 

وأضاف: "ولذلك فنحن نرفض أي محاولات عبثية، ونرفض المشاريع الطائفية والعنصرية، وأي محاولة لتمزيق النسيج الاجتماعي بين أبناءها، وذلك ما يمليه الواجب علينا".

 

وحول الأمر ذاته قال وزير الثروة السمكية السابق، فهد كفاين، إن أبناء محافظة سقطرى يتطلعون إلى مراعاة التنوع الذي يتميز به الأرخبيل بيئياً وثقافيا.

 

وأضاف كفاين، في تغريدة على "تويتر": أن أبناء سقطرى يأملون أن "تتوقف عملية التهميش التي يتعرض لها الأرخبيل، وأن يحظى بما يستحقه من الشراكة والاهتمام بما يحقق الاعتراف بتميزه وصيانة بيئته وثقافته والحفاظ عليها".

 

وأشار إلى أن الأرخبيل عرف بموقعه الاستراتيجي، وتميزه البيئي والثقافي العالمي ، والذي تأثر كثيراً بسبب الحرب والصراعات، وتعرض للكثير من الأضرار في مختلف المجالات.

 

القمع يشعل الاحتجاجات الشعبية

 

وإزاء ما تتعرض له الجزيرة من قمع وانعدام في الخدمات شهدت الجزيرة خلال أشهر العام 2023 حيث اعترض شيوخ قبليين وشباب في شهر إبريل موكباً إماراتياً خلال مروره على الشريط الساحلي الجنوبي لأرخبيل سقطرى.

 

وجاء "اعتراض الموكب الامارات بهدف تقديم شكاوى تتعلق بانعدام الخدمات في منطقتهم، منذ سيطرة المجلس الانتقالي وميليشياته بدعم من أبوظبي على الجزيرة والمؤسسات الحكومية الرسمية".

 

وتعاني المنطقة منذ أكثر من عامين من انقطاع شبه تام للكهرباء وانعدام مياه الشرب"، مهددين باعتراض أي موكب إماراتي يمر من منطقتهم مالم يتم تنفيذ مطالبهم بتوفير الخدمات الأساسية وفي مقدمة ذلك الكهرباء والمياه.

 

وفي مايو تعرض عدد من المتظاهرين بمديرية قلنسية للقمع والمطاردة من قبل كتيبة قلنسية، صالح محمد الهميمي، الذي يتلقى الأوامر من المندوب الإماراتي في المديرية مبارك عبدهن، بسبب مطالبتهم بتحسين وضع الكهرباء.

 

وحمّل المتظاهرون الهميمي المسؤولية، مؤكدين استمرارهم في التظاهر حتى تلبية مطالبهم بتحسين وضع الكهرباء، والوضع المعيشي السيء في المديرية.

 

وبات غلاء الأسعار، من أبرز الهموم التي يشكو منها سكان سقطرى الذين يعانون من داء الفقر ووجع البطالة. ويتهمون مؤسسة خليفة الإماراتية بالوقوف وراء حملة العقاب الجماعي التي تستهدفهم.

 

ويقول سكان محليون ل "المهرية نت"، إن المجلس الانتقالي يرمي بسقطرى إلى مستقبل مجهول في الخدمات وتردي الوضع المعيشي والصحي والأمني.

 

وأفادوا أن المساعدات الإنسانية المقدمة من الإمارات تبيعها مؤسسة خليفة الإنسانية بأسعار خيالية، بترول، غاز، ديزل، مواد غذائية، مؤكدين أنها فتحت لها أربع محطات تجارية خاصة بالمشتقات النفطية، والمواد الغذائية فتحت لها أربعة هايبرات.

 

وأضافوا "كما أن الكهرباء أصبحت بأسعار خيالية وبالدرهم الإماراتي، بالإضافة إلى الطيران ب 400 $ ذهاب وإياب من وإلى سقطرى.

 

وقالو: حتى الصحة لم تسلم من هذا العبث فقد فتحت الصحة لها مستشفى باسم خليفة بن زايد وتباع العلاجات فيها باسم خليفة.

 

اعتقال صحفيين فرنسيين

 

وضمن حملة القمع والترهيب التي تمارسها الإمارات وأدواتها ضد أي ناشط أو صحفي يكشف ممارساتها الاستعمارية اعتقلت الصحفيين الفرنسيين كوينتين مولر وسيلفان ميركادير، بتاريخ 28 مايو 2023.

 

وأدانت منظمة مراسلون بلا حدود إقدام مليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً، صحفيين اثنين من فرنسا في أرخبيل سقطرى الشهر الماضي، واستجوابهما لنحو أسبوع؛ قبل إرغامهما على مغادرة المحافظة.

 

وقالت المنظمة، إن اعتقال الصحفيين المستقلين كوينتين مولر وسيلفان ميركادير، يمثل عودة للعنف التعسفي ضد الصحفيين في اليمن، داعياً الانتقالي للتوقف عن مضايقة الصحفيين وإطلاق سراح الذين ما زالوا محتجزين.

 

الكائنات الغازية تهدد سقطرى

 

وفي سبتمبر كشف مسح ميداني جديد، عن تسجيل ما لا يقل عن 126 نوعًا غريبًا في أرخبيل سقطرى حتى الآن. معظمها نباتات تم استيرادها لاستخدامها في الزراعة المحلية أو لأغراض الزينة ولكن بعض الحشرات وصلت أيضًا إلى الجزيرة.

 

وأضاف المسح الذي نشره موقع منظمة اليونسكو: ليست كل هذه الأنواع الغريبة غازية، ولكن تلك التي تخاطر بالتنافس مع الأنواع المحلية، ونشر الأمراض وتقويض الاقتصاد الهش للأرخبيل.

 

وأفاد: لنأخذ على سبيل المثال سوسة النخيل الحمراء ( Rhynchophorus Ferrugineus) ، وهي خنفساء موطنها جنوب شرق آسيا. يُعتقد أنه تم إدخاله إلى الأرخبيل في عام 2019 عن طريق استيراد نخيل التمر أو جوز الهند، حيث حدده العلماء لأول مرة في مزارع نخيل التمر ( Phoenix dactylifera L.) الواقعة على بعد 5 كم من حديبو، عاصمة محافظة سقطرى.

 

يعتبر مؤلفو هذا المسح الأولي، وهم آرني ويت وفلاديمير هولا وكاي فان دام والخبير المحلي في سقطرى أحمد سعيد سليمان، أن "هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات الاستقصائية لتحديد التوزيع الأوسع لآفة النخيل هذه في سقطرى وما هو تأثير الغزوات الحالية" في تاريخ الإنتاج".

 

ويعد هذا المسح أحد الدراسات القليلة التي تم إجراؤها على سقطرى حتى الآن لتقييم تأثير الأنواع الغازية على الاقتصاد المحلي والتنوع البيولوجي. نشر علماء يمنيون ثلاث مقالات فقط في مجلات دولية بين عامي 2012 و2019 حول معالجة الأنواع الغريبة الغازية، وفقًا لتقرير اليونيسكو للعلوم (2021).

 

إعصار تيج

 

في أواخر شهر أكتوبر تأثرت جزيرة سقطرى بالإعصار تيج الذي ضرب عدة مناطق في محافظتي المهرة وحضرموت وخلف أضرار واسعة ودمار شامل في الممتلكات العامة والخاصة.

 

ورغم أن الإعصار تسبب في أضرار قصيرة المدى في الأرخبيل، إلا أن هناك أضرار طويلة المدى طالت التنوع الحيوي الفريد الذي تنفرد به الجزيرة وخاصة أشجار دم الأخوين وغيرها من الأشجار المستوطنة داخل الجزيرة.

 

ومر إعصار تيج من الجزيرة بسلام دون أي خسائر في الأرواح لكن الفيضانات الناجمة عنه أدت إلى إتلاف المنازل والبنية التحتية، بالإضافة إلى أنه تسبب في سقوط بعض الأشجار المعمرة وتدمير شعاب مرجانية.

 

قبائل سقطرى تبتهج بعودة شيخها

 

وفي بداية شهر 11 الماضي عاد الشيخ عيسى سالم بن ياقوت شيخ مشايخ سقطرى إلى الأرخبيل قادما من سلطنة عمان بعد فترة غياب طويلة قضاها خارج محافظة سقطرى منذ ما يقارب ثلاث سنوات، وذلك بسبب الأحداث المؤسفة التي شهدتها الجزيرة في يونيو 2020 والتي من بعدها دخلت سقطرى في منعطف سياسي مظلم بسببه أقلقت السكينة وزال الأمن وضعفت حركة المؤسسات الحكومية وفقدت الدرة المكنونة سقطرى السلم الاجتماعي الحضاري والثقافي الذي اشتهرت بها منذ عصور.

 

وشهدت المحافظة منذُ عودته حراكا شعبيا وتفاعلا واسعا والتفاف حول الشيخ بن ياقوت، وخلط الأوراق والترتيبات الإماراتية في الأرخبيل، فسارعت للدفع بالمحافظ رأفت الثقلي وأتباعها في الانتقالي لإجراء تحركات في أوساط المجتمع السقطري .

 

وتقود الإمارات تحركات عبر أتباعها في المجلس الانتقالي، لاستمالة عدد من المشايخ بالمال خوفا من انضمامهم للشيخ بن ياقوت الرافض للأنشطة الإماراتية في الجزيرة.

 

 




تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية