آخر الأخبار
ما مدى تأثر الإمارات بإعلان جماعة الحوثي منع كل السفن المتجهة إلى "إسرائيل"...؟
مسلحون حوثيون بالقرب من السفينة المختطفة جلاكسي ليدر
الأحد, 10 ديسمبر, 2023 - 09:07 مساءً
على وقع الحرب الإسرائيلية المدمرة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، شنت جماعة الحوثي سلسلة هجمات في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن، وهو ممر بحري حيوي للتجارة العالمية، وعادة ما تؤدي التوترات فيها إلى ارتفاع الأسعار على مستوى العالم، وهو ممر ملاحي استراتيجي؛ الأمر الذي أدى إلى تضرر المصالح الاقتصادية الإسرائيلية وحليفتها الإمارات العربية المتحدة.
وبعدما أعلنوا مراراً استهداف "إسرائيل" بصواريخ ومسيرات، قام الحوثيون بالاستيلاء على سفينة الشحن "غالاكسي ليدر"، المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي في البحر الأحمر، واقتيادها إلى الساحل اليمني، ومن ثم أعلنت الجماعة استهدافها سفينتين إسرائيليتين بمضيق باب المندب في البحر الأحمر بصاروخ بحري وطائرة مسيرة.
وتوعد الحوثيون جميع شركات الشحن التي تتعاون مع "إسرائيل". ووفقا لإعلان المتحدث العسكري للحوثيين، فإن سفنها ستكون هدفا لهجمات الجماعة في البحر الأحمر.
وذكر سريع في بيان لاحق أنه تقرر "منع مرور السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني من أي جنسية كانت، إذا لم يدخل لقطاع غزة حاجته من الغذاء والدواء، وستصبح هدفا مشروعا لقواتنا المسلحة".
تصعيد تخشاه الإمارات
تعزز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الإمارات و"إسرائيل" بشكل كبير، بعد اتفاق التطبيع، وهو المحرك الرئيسي للتطبيع بينهما في عام 2020، والذي كان خروجا على عقود من السياسة العربية تجاه القضية الفلسطينية.
وتصطدم اليوم دولة الإمارات بآثار تطورات حرب "إسرائيل" على قطاع غزة، بعد تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر ضد جميع السفن القادمة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، لذلك تخشى دولة الإمارات من الأضرار الاقتصادية التي تتكبدها، نتيجة قرار الحوثيين، ومن وقوع سفن تملكها لاستهداف جماعة الحوثي، في ظل التعاون التجاري الكبير بين الحليفين.
فقد وقعت تل أبيب وأبوظبي في مايو 2022 اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة تلغي أو تقلص الرسوم الجمركية على أكثر من 96 بالمئة من المنتجات. وتقول غرفة دبي الدولية، إن هناك بالفعل حوالي 1000 شركة إسرائيلية تعمل في الإمارات.
جسر إماراتي لإنقاذ "إسرائيل"
في ظل تصعيد الحوثيين ضد المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر، تعمل الإمارات على إنقاذ "إسرائيل" عبر جسر بري يربط بينهما لتجاوز تهديد الحوثيين.
فقد كشفت صحيفة "معاريف" العبرية مؤخرا عن اتفاق بين الإمارات وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، يقضي بإنشاء جسر بري بين ميناءي حيفا ودبي؛ لـ"تجاوز تهديد الحوثيين" للسفن التي تمر عبر البحر الأحمر.
ويتوقع المصدر نفسه، أن الاتفاق تم توقيعه مع شركة "بوريترانس" للخدمات اللوجستية، التي تتخذ من دولة الإمارات مقرا لها، والتي تعمل بالتعاون مع مواني دبي العالمية، يتم بموجبه تشغيل جسر بري لنقل البضائع على طريق يربط دبي والسعودية والأردن بميناء حيفا والعكس.
وأكدت أن الاتفاق حصل على موافقة وزارة الدفاع والحكومة الإسرائيلية، ومن المقرر أن يوفر 80٪ من الوقت على الطريق البحري، ويوفر بديلا أسرع للمرور عبر قناة السويس، ويحقق حل للمشاكل الأمنية عن طريق البحر، بسعر منافس.
وفي السياق قالت جماعة الحوثي إنه من المعيب على دولة الإمارات البحث عن جسر بري لإنقاذ "إسرائيل"، في الوقت التي تذبح الشعب الفلسطيني، جاء ذلك على لسان وزير الإعلام للجماعة ضيف الله الشامي، في مداخلة له على قناة الجزيرة الإخبارية، الذي توعد خلالها بأن أي سفينة تتحرك لإيصال أي شيء للصهاينة ستكون في مرمى نيران القوات البحرية للجماعة.
خدمة مجانية إماراتية لـ"إسرائيل"
الأكاديمي والمحلل الاقتصادي اليمني، ماجد العماد، يرى أن فتح جسر بري بين ميناءي حيفا ودبي مروراً بالأردن والسعودية، لن يحقق أي مكاسب اقتصادية للمنطقة، وأن الاحتلال الإسرائيلي هو المستفيد الوحيد من الاتفاقية ولا يوجد هناك مستفيد آخر.
ويقول العماد في حديثه لـ"المهرية نت": "على المستوى الاقتصادي سيكسب الاحتلال عدم هيمنة جماعة الحوثي على سفنه التجارية وحمايته من نيران الحوثي في البحر الأحمر وإعادة تنشيط تجارته، التي تعاني من الحصار البحري للحوثيين".
ويضيف: "الإعلان عن مثل هذه المشاريع بالتزامن مع حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، تأتي لفك القيود التي وضعها اليمنيون على الاحتلال في البحر الأحمر، وهي خدمة مجانية من دولة الإمارات للاحتلال".
ويشدد أن "على دولة الإمارات التوقف عن دعم مثل هذه المشاريع، التي توضح للمشاهد بأنها شريكة للاحتلال في المجازر الصهيونية بحق المدنيين في غزة، عبر دعمه في المجالات الاقتصادية".
لماذا تخاف الإمارات؟
الجسر البري الذي تعتزم الإمارات إنشاءه بين ميناءي حيفا ودبي؛ يكشف خوف دولة الإمارات لتهديدات الحوثيين للمصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر، وإلى تضرر الاقتصاد الإماراتي بجانب الإسرائيلي بشكل كبير من الحصار البحري الذي يفرضه الحوثيون على دولة الاحتلال.
ويعكس جانبا من التداعيات الإقليمية لحرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ يأتي بعد العمليات والتحذيرات التي نفذتها جماعة الحوثي، ضد المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر، وآخرها كان قرار منع كل السفن القادمة إلى الموانئ الإسرائيلية.
وتحت وطأة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، تترقب شركات الملاحة البحرية العالمية تطورات حركة الملاحة عبر باب المندب، وأظهرت بيانات لهذه الشركات ارتفاعا في تكلفة تأمين السفن المارة في المنطقة.
وأوضحت صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية، تداعيات الهجمات التي يشنها الحوثيون على سفن الشحن الإسرائيلية، مشيرة إلى أن كثيرا من السفن اضطرت إلى أن تسلك طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا، ما رفع أسعار الشحن بشكل كبير.
وذكرت الصحيفة، في تقرير ترجمه موقع "المهرية"، أن الهجمات الحوثية تصاعدت خلال الفترة الماضي مع إصابة ثلاث سفن في نفس اليوم، الذي أدى إلى معاناة التجارة الدولية مع "إسرائيل"، وارتفاع أسعار الشحن على الخطوط بين آسيا والبحر الأبيض المتوسط بنسبة 9 %، وارتفاع أسعار الشحن بين موانئ الصين و"إسرائيل" بنسبة تتراوح بين 16 % و36
ويرى مراقبون أن الإمارات وحليفتها "إسرائيل" لا تملكان حتى الآن الوسائل لوقف هجمات الحوثيين، مما يزيد من الخسائر الاقتصادية للبلدين، في مجالات عدة أبرزها في مجال الطاقة، ونقل الغاز والنفط من آسيا والشرق الأوسط إلى أوروبا.
فقد أبرمت دولة الإمارات وشركة "كاتسا" الإسرائيلية اتفاق تقوم بموجبه ناقلات نفط عملاقة بنقل الخام الإماراتي إلى ميناء "إيلات" في البحر الأحمر، ثم ضخه عبر أنبوب إلى ميناء "عسقلان" الواقع على شاطئ البحر المتوسط، ومن ثم لأوروبا، وفقا لصحيفة "هآرتس" العبرية.
وبالتالي، سيكون لتوقف ميناء إيلات، بفعل الهجمات الصاروخية للحوثيين، واستهداف وتهديدات السفن القادمة إلى الموانئ الإسرائيلية، انعكاسات وتداعيات اقتصادية كبيرة على دولة الإمارات و"إسرائيل" في ظل مواصلة الحوثي الهجمات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وبعد توقيع اتفاق التطبيع بين البلدين، وقعت الشركات الإماراتية والإسرائيلية عددا كبيرا من الاتفاقات لتحقيق التناغم والتعاون الاقتصادي في مجال الطاقة ومجالات عديدة، وعليه يمكن القول إن أنبوب "إيلات – عسقلان" هو واحد من مجالات التعاون والمشروعات والاتفاقيات المبرمة بين الجانبين، التي تجعل الاقتصاد الإماراتي يتضرر بشكل مباشر لارتباطه بـ"إسرائيل"، وتأثر الاقتصاد الإسرائيلي بفعل توقف معظم القطاعات الاقتصادية بسبب الحرب على قطاع غزة.