آخر الأخبار
5 سنوات على "عاصفة الحزم".. التحالف يواصل قصف آمال اليمنيين (تقرير خاص)
بعد خمس سنوات من عمليات التحالف ما تزال العاصمة صنعاء تحت سيطرة الحوثيين ا
الخميس, 26 مارس, 2020 - 05:16 مساءً
ما تزال ذاكرة المواطن اليمني "محمد سيف" متخمة بذكريات اللحظات الأولى لانطلاق عملية "عاصفة الحزم" التي بدأ تنفيذها التحالف العسكري بقيادة السعودية ضد مسلحي جماعة الحوثي بهدف إعادة الشرعية اليمنية إلى العاصمة صنعاء والمناطق الأخرى التي سيطرت عليها الجماعة بقوة السلاح.
حتى اليوم وهو يتذكر لحظات الانفجارات الهائلة التي هزت العاصمة صنعاء بشكل مفاجئ بعد منتصف الليل.. لم يكن يدري ما الذي يحدث.. انتفض بشكل سريع للاطلاع على الأخبار عبر شاشة التلفاز، وحينها كانت إحدى القنوات الفضائية المهمة تبث خبرًا عاجلًا عن انطلاق عملية التحالف العسكري بقيادة السعودية لاستعادة اليمن وشرعيته الدستورية من قبضة "الحوثيين".
شعرت حينها بأمل كبير ونشوة هائلة، كون هناك جار يعين جاره على بطش انقلاب جاء إلى السلطة وسيطر على العاصمة بقوة السلاح، يسرد سيف حديثه لموقع "المهرية نت".
ومع مرور 5 أعوام على عمليات التحالف، يعبر سيف عن انتكاسة كبيرة وتدمير هائل لآماله وأحلامه التي بنانها مع اليوم الأول لانطلاق عملية التحالف الذي انحرف عن مساره بشكل ملحوظ وأصبح ضرره أكثر من نفعه، حسب قوله.
تدمير الشرعية بدلا من استعادتها
يشارك سيف العديد من اليمنيين هذا الشعور المأساوي الذي يعبر عن نكسة حقيقية أصابت الشارع اليمني، بسبب عدم تحقيق الكثير من الأهداف التي جاء التحالف من أجلها؛ فيما سعى إلى تدمير الشرعية وتمكين الحوثيين، كما يشير بعض المتابعين للشأن السياسي.
فبعد خمس سنوات من عمليات التحالف ما تزال العاصمة صنعاء تحت سيطرة الحوثيين الذين بدأوا بالتوسع الميداني خلال الأسابيع والأشهر الماضية، وذلك عن طريق سيطرتهم على معظم مديرية نهم الجبلية التي توصف بأنها البوابة الشرقية للعاصمة، إضافة إلى بسط نفوذهم على عاصمة محافظة الجوف _مدينة الحزم_ومناطق أخرى شرقي البلاد.
وتأتي هذه الذكرى في الوقت التي وصلت الانتقادات الكبيرة للتحالف إلى ذروتها، خصوصا بعد أشهر من سيطرة مليشيات "المجلس الانتقالي الجنوبي" على العاصمة المؤقتة عدن جنوبي اليمن، بمساعدة ودعم كبيرين من الإمارات العربية المتحدة، الدولة الثانية للتحالف العربي، ومحاولة السعودية التوسع العسكري في محافظة المهرة في أقصى شرق اليمن.
هذه المطامع التوسعية العسكرية في المناطق التي يفترض أنها خاضعة لسلطة الحكومة اليمنية الشرعية، جعلت خبراء سياسيين ومسؤولين حكوميين يشيرون إلى أن بوصلة التحالف قد انحرفت بشكل واضح عن هدفها الأساسي، وباتت دوله الفاعلة تركز فقط في كيفية بسط نفوذ واسع لها في بعض المناطق ونسيان التوسع الحوثي في مناطق أخرى، مع استمرار الانقلاب في سيطرته على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى حيوية ومهمة، ومساعدة التحالف على إضافة انقلاب آخر في عدن بدلا من إنهاء الانقلاب الأول.
وتسببت النكسة التي منيت بها الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن بعد سيطرة المجلس الانتقالي عليها، بخيبة أمل كبيرة لدى شريحة واسعة من اليمنيين، الذين اتهموا التحالف بالتواطؤ مع انقلاب الانتقالي، وقصف قوات الجيش الوطني من قبل طيران الإمارات على أبواب مدينة عدن في أغسطس/ آب الماضي، ما تسبب في مقتل قرابة 300 جندي وضابط.
وإضافة إلى ذلك، ما يزال الرئيس عبدربه منصور هادي، الرأس الفعلي للشرعية اليمنية، وعدد من المسؤولين الحكوميين، غير قادرين على العودة إلى العاصمة المؤقتة عدن، وهو الأمر الذي حد بشكل كبير من قدرة الشرعية على المناورة السياسية والعسكرية ضد الحوثيين، وسط اتهامات متكررة للتحالف بأنه يسعى إلى إعاقة الشرعية وقادتها وجعلهم يعيشون وضعا شبيها ل "الإقامة الجبرية" في السعودية".
خلق أسوأ أزمة إنسانية بالعالم
مع مجيئ التحالف إلى اليمن، كان الشارع اليمني يؤمل كثيرا بأنه سيكون خير عون إنساني لهذا البلد الفقير، وأنه سينقذه من انقلاب الحوثيين؛ غير أن الواقع بات معاكسا لذلك بشكل كبير، فالتقارير الأممية تعلن بشكل متواصل أن اليمن بات يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع انتشار كبير للأمراض والأوبئة وتدمير هائل للقطاع الصحي.
وعلى الرغم من أن انقلاب الحوثيين يعد من الأسباب الرئيسية لما وصلت إليه اليمن اليوم من تدهور للوضع الإنساني؛ إلا أن إخفاقات وفشل التحالف والخروج عن مساره عوامل وأسباب أساسية لما وصلت إليه اليمن من جوع وفقر ومأساة كبرى.
وتقول تقارير الأمم المتحدة أن أكثر من 80% من اليمنيين باتوا اليوم بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، فيما فقط نصف المرافق الصحية في البلاد تعمل في ظروف صعبة، إضافة إلى أن الصراع قد دفع بالفعل الملايين إلى حافة المجاعة.
وإضافة إلى ذلك، تؤكد الأمم المتحدة أن آلاف اليمنيين قد رحلوا بسبب الأوبئة والأمراض التي اجتاحت البلاد خلال سنوات الحرب، بسبب انهيار الوضع الصحي، كوباء الكوليرا الذي أصاب أكثر مليوني شخص، إضافة إلى وفاة قرابة 4 آلاف يمني منذ العام 2017.
وأظهر تقرير سابق صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن الحرب أدت حتى الآن إلى مصرع قرابة 250 ألف شخص، سواء بسبب العنف بشكل مباشر، أو لانعدام الرعاية الصحية وشح الغذاء.
وحذر التقرير من أنه إذا انتهى الصراع عام 2022، فسيكون معدل التراجع في مكاسب التنمية باليمن حوالي 26 عاماً.
أما إذا استمر الصراع حتى عام 2030، فسوف يعيش 71 بالمئة من السكان في فقر مدقع، فيما سيعاني 84 بالمئة منهم سوء تغذية، وسيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية حوالي 657 مليار دولار.
ومع عيش معظم اليمنيين في ظل هذه المأساة الإنسانية، واستمرار انحراف التحالف في مساره وعدم تمكين الشرعية في الأراضي المحررة؛ يواصل اليمنيون سخطهم ضد الأوضاع الصعبة في البلاد، وضد التحالف الذي جلب نكسات كبيرة لليمن بدلا من الإنقاذ.
يختتم سيف حديثه قائلا:" لست محللًا سياسيًا ولا خبيرًا إنسانيًا؛ لكن من المهم جدا أن يقوم التحالف بتقييم تجربته في اليمن وأن يعمل عاجلا على تصحيح الأخطاء، أو يترك بلادنا لأهلها، فهم أدرى بشعابها وإن طال الوجع".