آخر الأخبار

ما أهمية مدينة "إيلات" التي يستهدفها الحوثي بالنسبة لدولة الإمارات؟

المهرية نت - تقرير خاص
الاربعاء, 15 نوفمبر, 2023 - 09:21 صباحاً

في ظل استمرار العدوان الوحشي على قطاع غزة من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي، كشفت الحرب في غزة، طبيعة المواقف العدائية لدولة الإمارات تجاه الفلسطينيين؛ إذ تتخندق الإمارات عمليًا في صف إسرائيل، وتترجم ذلك في تبنيها بشكل كامل وجهة النظر الغربية بشأن الحرب في غزة، ليس هذا وحسب، بإدانة المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر لقيامها بعملية "طوفان الأقصى"، وتحميلها تبعات المجازر التي تقوم بها إسرائيل، بل وأيضا الحشد ضدها دبلوماسيًا، وتبني الرواية الإسرائيلية في قنواتها الإعلامية.

 

وعلى مدار أكثر من شهر من العدوان على غزة، حرصت الإمارات على تخفيف لهجة الانتقاد لإسرائيل في المحافل الدولية، وهذا يرتبط برؤية إمارتيه؛ للتعاون الاقتصادي والعسكري مع دولة الاحتلال، حسب ما أظهرتها اتفاقيات "إبراهيم" الموقعة منتصف سبتمبر 2020، برعاية الرئيس الأمريكي السابق ترامب.

 

وعبر عن ذلك بجلاء رئيس لجنة الدفاع والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات، الدكتور علي راشد النعيمي، عن تلك الرؤية الإماراتية بشأن إسرائيل؛  حينما شارك في مؤتمر صحفي للجمعية اليهودية الأوروبية، ولجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية“ أيباك " إذْ صرح:" إسرائيل موجودة لتبقى، وجذور اليهود والمسيحيين، ليست في نيويورك أو باريس، بل هنا في منطقتنا "، قاصدًا بـ"هنا" المنطقة العربية، ليؤكد ما قصده، ويضيف:" إنهم أجزاء من تاريخنا، ويجب أن يكونوا جزءًا من مستقبلنا ".

 

ويطمئن النعيمي إسرائيل على علاقاتها بدول الخليج فيقول: اتفاقات إبراهيم ليست في خطر، وسط الحرب بين إسرائيل وحركات المقاومة الفلسطينية في غزة".

 

إيلات والإمارات

 

في خضم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بات يتردد اسم مدينة إيلات منذ أيام في بيانات الجيش الإسرائيلي، وفي وسائل الإعلام، بعد أن أصبحت هدفا رئيسيا لصواريخ جماعة الحوثي من اليمن، وفصائل عراقية تسمي نفسها "المقاومة الإسلامية في العراق".

 

وأثار وصولُ الصواريخ القادمة من جهة البحر الأحمر إلى إيلات، علامات استفهام حول آفاق جولات التصعيد على الجبهات المختلفة في هذه المعركة، وما بعد المعركة؛ إذْ   أظهرت قدرات الحوثيين الكبيرة، إذ إنه  بإمكان الجماعة استهداف كل المدن في السعودية والإمارات، الدولتين المنخرطتين في الصراع في اليمن، ما يهدد مصالح الإمارات المطبعة مع إسرائيل، وكذلك السعودية القريبة من التطبيع مع إسرائيل حسب ما ذكر ولي العهد محمد بن سلمان، في مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأميركية.

 

وتعتبر مدينة إيلات، التي كانت تسمى "أم الرشراش " قبل الاحتلال، بوابة إسرائيل إلى البحر الأحمر، بل يصفها البعض بأنها قطعة مطلة على قطع أخرى في أحجية حدود إسرائيل الأمنية على البحر الأحمر، ولعل أهميتها الإستراتيجية تتجلى في أن السفن الحربية تحرك لها لردع الخطر القادم من الجبهات الأخرى، كما ينظر إليها باعتبارها بديلًا محتملًا لحركة شحن كبيرة للبضائع بين آسيا وأوروبا.

 

وبحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تزايدت حركة الناقلات في ميناء "إيلات" بعد إبرام اتفاقيات التعاون الاقتصادية مع دولة الإمارات.

 

هذا النشاط، يعود إلى اتفاقيةٍ  أبرمت بين دولة الإمارات وشركة " كاتساف " التي تدير نظام خطوط الأنابيب تحت الأرض، والتي تهدف إلى نقل النفط بين عسقلان وإيلات،  ما يعني إنشاء طريق سريع لنقل النفط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.

 

وقد تضاعف عدد سفن النفط المتجهة إلى إيلات خمس مرات منذ الاتفاق، علمًا بأن هذا الأنبوب كان هدفًا لصواريخ الفصائل الفلسطينية في مايو 2021 ما تسبب في اندلاع حريق في منشأة نفطية بعسقلان، وبعد تصعيد جماعة الحوثي على منطقة إيلات تضامنا مع غزة، فقد تأثر ميناء إيلات بشكل كبير، مما سبب خسائر اقتصادية لدولة الإمارات وإسرائيل، إذْ  تراجع عدد السفن النفطية القادمة من الإمارات إلى ميناء إيلات، بعد الهجمات الصاروخية للحوثيين ، ومن خلال مراجعة  البيانات الملاحية لسفن النفط إلى الميناء، فقد تبين أن دولة الإمارات تتكبد الخسائر بجانب دولة الاحتلال، في ظل استمرار الحرب في غزة، وتأكيد الحوثيين على استمرار استهداف إسرائيل، وكذلك السفن الإسرائيلية  في البحر الأحمر، حسب ما ورد في بيان الناطق العسكري باسم الحوثيين "يحيى سريع"، وكذلك على لسان زعيم الجماعة في خطاب له بمناسبة يوم "الشهيد"، على قناة المسيرة التابعة للجماعة.

 

أهمية إيلات لإسرائيل

 

بعد تركيز جماعة الحوثي على استهداف إيلات، بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، انطلاقًا من ذلك، يطرح سؤال وهو:  ما أهمية مدينة إيلات بالنسبة إلى إسرائيل؟، ولماذا يجري استهدافها؟

 

تطل مدينة إيلات على خليج العقبة الذي تتقاسم سواحله مع الأردن ومصر والسعودية، ويعد هذا الخليج بوابة إلى البحر الأحمر، الذي يعد أحد أهم الممرات المائية في العالم، إذ تحده شمالا قناة السويس المصرية التي تربطه بالبحر الأبيض المتوسط، وجنوبا مضيق باب المندب الذي يربطه ببحر العرب والمحيط الهندي.

 

وكانت إيلات نقطة حساسة لإسرائيل، خصوصا في حروبها مع مصر، إذ كانت الحركة في ميناء إيلات ورقة ضغط في يد القاهرة، التي كانت تسيطر على مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، ومنفذ إسرائيل الوحيد إليه.

 

وهنا تكمن الأهمية الاستراتيجية لمدينة إيلات التي تضم ميناء إسرائيل الوحيد المطل على بحر غير البحر الأبيض المتوسط، والذي افتتح سنة 1955.

 

وأصبحت إيلات منذ عام 1985 منطقة تجارة حرة تتمتع بمزايا مالية تعفى من خلالها الشركات من رسوم الاستيراد، لذلك استمرار الهجمات الصاروخية للحوثيين على المنطقة، يكبد إسرائيل خسائر، وخاصة بعد توقف ميناء عسقلان، وتوقف السياحة، وتوقف أكثر القطاعات الاقتصادية، بسبب الحرب في غزة.

 

لماذا تقف الإمارات مع إسرائيل؟

 

مع اشتعال الحرب في غزة، وارتكاب الاحتلال المجازر بحق أبناء القطاع المحاصر منذ سنوات، تمارس الإمارات حشدًا ضد المقاومة الفلسطينية على المستوى الدولي فقد دانت دولة الإمارات حركة حماس في مجلس الأمن وعبرت أن الجماعة قامت بأعمال وحشية وبربرية، كان آخرها محادثة رئيس الوزراء الهندي مود مع الشيخ محمد بن زايد رئيس الإمارات، وبعد هذا الاتصال، امتنعت الهند عن التصويت على قرار أردني في الجمعية العامة للأمم المتحدة، يسعى لوقف إطلاق النار، ولم يكن الموقف مصادفة!!

 

وبعدها صرح رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي : إن الهند والإمارات العربية المتحدة تتشاركان“ مخاوف عميقة”؛ بشأن الإرهاب. وبذلك يوضح فحوى، ما جرى من اتصالات وتنسيق لموقف مشترك ضد الفلسطينيين.

 

تلعب المصالح الاقتصادية دورها، وتتحدث التقارير الغربية عن قلق مشترك، إمارتي هندي؛ بشأن مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، والذي تم الكشف عنه في قمة مجموعة العشرين في نيودلهي الشهر الماضي.

 

المشروع يتمثل في إنشاء ممر لوجستي سلس، يربط غرب المحيط الهندي بشرق البحر المتوسط عبر المواني والسكك الحديدية والطرق التي تمر عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل؛ لينافس قناة السويس، وتلعب الإمارات دورا مهما في هذا المشروع.

 

وبعد اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، أعلنت مجموعة الدفاع الإماراتية عن صفقات دفاعية مع شركات إسرائيلية، تضمنت الصفقة العسكرية أسلحة مضادة للطائرات المسيرة، وأنظمة دفاعية، ومنصات أخرى.

 

وقد صرح "دي روش" الأستاذ المشارك في مركز الشرق الأدنى، وجنوب آسيا للدراسات الأمنية:“ أن الإمارات الدولة الوحيدة من دول اتفاق إبراهيم التي تحاول تطوير صناعة دفاعية قوية، ولديها ”خارطة طريق طموحة؛“ لتصبح قوة تكنولوجية رائدة في المنطقة، وفي هذا السياق، يمكن لإسرائيل، أن تكون صديقا قويا ".

 

وكذلك صرح جوناثان لورد ، مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي الجديد،" فمنذ توقيع الاتفاقيات، أصبحت الإمارات الشريك التجاري السادس عشر لإسرائيل، ووقعت اتفاقية التجارة الحرة هذا العام، وسافر مئات الآلاف من السياح الإسرائيليين إلى الإمارات ".

 

وأضاف لورد:“ الإماراتيون تحت حماية، ليس فقط نظام واحد، بل نظامين مختلفين للدفاع الجوي الإسرائيلي اللذين يحميان الإمارات من صواريخ الحوثيين، إلى جانب نظام ثاد الأمريكي وباتريوت".”

 

وكشفت صور الأقمار الصناعية التي التقطت في سبتمبر 2022، أن الإمارات نشرت نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي“باراك 8″؛ من أجل الدفاع ضد الهجمات الصاروخية والطائرات، دون طيار القادمة من اليمن من جماعة الحوثي ".

 

ومن الأسباب التي تجعل دولة الإمارات تقف مع إسرائيل في حربها على الفلسطينيين في قطاع غزة، صدمة الإمارات بعملية" طوفان الأقصى "للمقاومة الفلسطينية، فقبل شهر من هجمات 7 أكتوبر، كانت الإمارات تتفاخر بتحييدها المقاومة الفلسطينية، إذ قال المستشار الرئاسي، أنور قرقاش في قمة دبلوماسية، عقدت بنيويورك، أن الفلسطينيين لم يفعلوا أي شيء مع سنوات من الدعم الإماراتي، لذا فقد عقدت حكومته صفقة، خاصة بها مع إسرائيل".

 

يبدو قرقاش حريصا أكثر من إسرائيل في تنفيذ مخطط الشرق الأوسط، يظهر ذلك قائلا: "الخطط الرامية إلى تشكيل شرق أوسط جديد ومزدهر، لن تظل متعثرة؛ بسبب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي لا نهاية له على ما يبدو".

 

يتضح هذا المسار، منذ اتفاقيات التطبيع التي وقعتها الإمارات مع إسرائيل في سبتمبر 2020؛ إذْ  لم تذكر الفلسطينيين إلا بشكل عابر، وبعدها سار قطار التطبيع؛ ليصل لمحطة اتفاق تطبيع جديد بين إسرائيل والمغرب، واعتبر الفلسطينيون الاتفاقيات بمثابة“ خيانة "من قبل الإمارات، ومع اندلاع الحرب بين حركة المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، وجدت الإمارات نفسها في الجانب الإسرائيلي، باكتشافها أن التطبيع لا يحل القضية المقعدة، والحل ليس بيدها، ولكن بيد من يمتلك الحق في استرداد حقه بالطريقة التي أخذت بها أرضه، وليس بالاستسلام للمحتل.

 

هل تشارك الإمارات في الحرب على الأرض؟

 

تداولت العديد من التقارير الصحفية، أنباء عن دعم عسكري إماراتي على الأرض لإسرائيل في حربها على قطاع غزة؛ خاصة بعد تأكيد صحف إسرائيلية، عدم توقف الرحلات الجوية القادمة من الإمارات، وكذلك كشفت البيانات الملاحية عن هبوط ثماني طائرات نقل ثقيلة تابعة لأبي ظبي في إسرائيل، قادمة من قاعدة الظفرة، ولم يتم الإعلان عن سبب وجود طائرات النقل الثقيلة الإماراتية في إسرائيل، برغم توقف كل شركات الطيران إلى إسرائيل بفعل استمرار الحرب، وعلى الأرجح كانت تنقل معدات عسكرية من المخازن الأمريكية في الإمارات.

 

إسرائيل والإمارات تعتبران إيران عدوا مشتركا؛ فعمل كلا البلدين معا بشكل سري لسنوات؛ لمناوئة إيران في الخليج والشرق الأوسط ككل، وتتهم الإمارات العربية المتحدة حركة حماس بأنها تابعة لإيران في المنطقة، لذلك لا تتحرج الإمارات من الدعم لإسرائيل في ارتكابها المجازر في قطاع غزة.

 

لذلك كشفت حرب غزة ادعاء دولة الإمارات بأن التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، كان في خدمة القضية الفلسطينية، واتضح بأن الأمر لا يتعلق بإسرائيل ولا بفلسطين، الأمر يتعلق بمصالح أمريكا في المنطقة، والتي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة، والآن مطلوب منها مساعدة إسرائيل في ارتكاب الجرائم بحق أبناء غزة.


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية