آخر الأخبار
في ذكراها الـ 60... ثورة 14 أكتوبر تذكي روح المقاومة في نفوس أحفاد لبوزة ورفاقه ضد المحتل الجديد
14 أكتوبر
الجمعة, 13 أكتوبر, 2023 - 10:37 مساءً
تحل على اليمنيين الذكرى الـ 60 لثورة 14 أكتوبر المجيدة، وهم في حالة كفاح ضد التمزق والانقسام الممول خارجيا، التمزق التي أفرزته الحرب، منذ انقلاب الحوثي على الشرعية، وتدخل التحالف بقيادة السعودية والإمارات في الصراع اليمني، لتدخل اليمن في انقسامات تهدد اليمن الموحد.
ستون عاما مرت على تفجر ثورة الرابع عشر من أكتوبر، التي انطلقت شرارتها الأولى من جبال 'ردفان'، وأحالت ليل المستعمر البريطاني إلى جحيم لا يطاق، حتى أجبر على الرحيل من جنوب اليمن يجر أذيال الهزيمة، ليس في اليمن فقط، إنما في منطقة الخليج، حيث حصلت دولة الإمارات على استقلالها من المستعمر في السبعينيات من القرن الماضي، عقب نجاح ثورة أكتوبر، لذلك الإمارات التي تحاول تقليد المستعمر، هي في الأساس مدينة لثورة أكتوبر.
لقد كانت ثورة أكتوبر 1963 امتدادا طبيعيا لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962، فهما من أعظم الثورات اليمنية على الإطلاق، وبهما وعبرهما دخلت اليمن طورا جديدا بعد غياب طال قرونا في الشمال وعقودا في الجنوب، وتشارك الرجال والنساء، في ربوع البلد، الذي كان مقسما حينها، الحلم بالخلاص من الاستبداد والتحرر من الاستعمار، وتنفس هواء الحرية والعدالة، عاد غالب راجح لبوزة ، من الشمال إلى جبال ردفان، ممتلئا بدوافع الكفاح المسلح ضد الاستعمار الأجنبي، ومؤمنا بأحقية الأرض لأصحابها، وعلى عاتقه حمل مسؤولية اللحاق بموكب الأحرار لصناعة فجر ال14 من أكتوبر، بعد 128 عاما من الاستعمار البريطاني.
استعمار جديد
وبعد مضي ستة عقود على ثورة أكتوبر المجيدة، تعيش اليوم عدن واقعا لم يكن موجودا حتى أيام الاحتلال البريطاني، ففي عهد الاحتلال كانت عدن هي واجهة الصحافة، والحريات، والمجتمع المدني، والنقابات العمالية، اليوم اختفى كل شيء في المدينة إلا من السلاح والقتل والفوضى والثقافة المناطقية والعنصرية، كل هذا أحدثته دولة الإمارات عبر ما يعرف ب "المجلس الانتقالي الجنوبي".
ويتشابه الواقع اليوم في الجنوب بما كان عليه من شتات أيام الاحتلال البريطاني الذي تم إجلاء آخر جندي منه من عدن عام 1967، حيث يعيش جنوب اليمن اليوم وضعا تتشابه فيه السياسات والممارسات والذرائع للمستعمر البريطاني، في ظل سيطرة السعودية والإمارات اللتين أعادتا الماضي نفسه، في دعم مليشيات تشبه السلطنات التي كانت تدعمها بريطانيا.
التحالف السعودي الإماراتي كشف النقاب عن مساعيه الخبيثة منذ تحرير عدن من قبضة الحوثيين في 21 مايو/ أيار 2015 عندما سلم المدينة ومحافظات أخرى محسوبة على الحكومة الشرعية لأبو ظبي تستبيح الأرض والإنسان.
ودشنت أبو ظبي مخططاتها الاستعمارية في عدن بعد أن فخختها بالميليشيات المسلحة والمتطرفة، فكان قيادات وطنية وشيوخ علم قادوا معركة التحرير ضد الحوثيين في رأس قائمة الاغتيالات والاعتقالات الإماراتية، حيث اغتالت ميليشيات الإرهابية العشرات منهم واغتالت آخرين، ومن تبقوا اجبروا على مغادرة عدن.
ومع هذا الواقع أصبح تحالف السعودية الإمارات محتلا جديدا، بعد الانقلاب على الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، وتكوين مجلس القيادة الرئاسي، مجلس منقسم ويعمل لصالح كفيلة وليس من أجل اليمن، وليس له أي سيطرة على الواقع، الواقع التي تتحكم به أدوات الامارات، ففي عدن يحكم المجلس الانتقالي "الانفصالي" السيطرة على العاصمة المؤقتة لليمن، ولا يسمح حتى للمجلس البقاء فيها، وكذلك طارق صالح، الذي يسيطر على اجزأ من تعز في الشريط الساحلي، ليقوم بتأمين القوات الاماراتية في اختلال الجزر اليمنية.
ذكرى بين احتلالين
يقول الأكاديمي اليمني عادل ابراهيم اليزيدي "أن اليمن بموقعه الاستراتيجي وتحكمه بطرق التجارة العالمية ومضيق باب المندب، ظل عبر التاريخ هدفا للأطماع الاستعمارية لذلك تكتسب احتفالات الشعب اليمني عامة وابناء الجنوب خاصة بالذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر أهمية خاصة، كون الجنوب خاضعا الآن للاحتلال الإماراتي.
واستطرد الأكاديمي اليزيدي في حديثه ل" موقع المهرية نت "بالقول: إن" ما تمارسه دويلة الإمارات العربية المتحدة بحق أبناء الجنوب شعبا وإنسانا باحتلالها للجزر والموانئ اليمنية وعدم السماح بتصدير الغاز والنفط اليمني، لا يختلف كثيرا عن ما كان يمارسه الاحتلال البريطاني مع فارق جوهري بين الاحتلالين البريطاني والإماراتي المتمثل في أن بريطانيا أوجدت خدمات وبنية تحتية، فيما دمرت أدوات الاحتلال الإماراتي كل المقومات الاقتصادية والحضارية والثقافية في جنوب اليمن.
ودعا اليزيدي كل أبناء اليمن والجنوب لجعل الاحتفال بذكرى ثورة 14 أكتوبر لهذا العام فرصة لإحياء روح المقاومة في نفوس أحفاد غالب بن راجح لبوزة ورفاقه ضد الاحتلال الجديد الذي يمعن في إذلال ابناء الجنوب ومصادرة حريتهم واذكاء نار الصراعات بينهم من خلال سياسة فرق تسد التي كان يمارسها الاحتلال البريطاني قبل ثورة أكتوبر الخالدة.
وتحسر الأكاديمي على خيبة الأمل بأن تعود الذكرى الستين لثورة 14 أكتوبر 1962 والجنوب يعيش أوضاعا اقتصادية وسياسية وأمنية سيئة وغيابا تاما للدولة، متسائل بأي صورة ولغة يمكن الاحتفال بذكرى ثورة أكتوبر في ظل الوضع الإنساني الكارثي الذي تعيشه مدينة عدن، التي لا يتوفر لها في الكثير الاوقات وقود لتشغيل محطة الكهرباء.
المهرة تلهم بالتحرر الجديد
وأدركت قبائل المهرة خطر التواجد السعودي في وقت مبكر، وفي مايو من العام 2018، جرى الإعلان عن تشكيل لجنة الاعتصام السلمي لأبناء المهرة، لتكون واجهة للنضال السلمي والتصدي لأطماع السعودية في المهرة والمطالبة برحيل قواتها.
واستطاع الحراك السلمي الذي حظي بدعم غالبية قبائل المحافظات لفت أنظار الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي نحو المحافظة، وقبل ذلك نحو طبيعة الوجود السعودي الإماراتي والنوايا التي يضمرها التحالف.
وحظيت المظاهرات السلمية التي شهدتها المحافظة، بتأييد واسع من أبناء الشعب، فشكلت ثورة وعي واسعة كشفت ما ظل خفيا لسنوات، من ملف انتهاكات الإمارات والسعودية، على مستوى السجون السرية والتعذيب واستهداف الجيش الوطني وقياداته، وتعطيل موارد الدولة، والتحكم بالقرارات السيادية وغيرها من الانتهاكات التي لا يتصف بها إلا محتل ومستعمر.
وأصبح مشروع النضال السلمي الذي انطلقت شرارته من المهرة يتوسع أكثر إلى المحافظات الأخرى، فهو الطريق الأسمى نحو الدفاع عن كرامة واستقلال وسيادة البلد.
البحث عن قائد ك " لبوزة "
من بين صخب النقاشات المحتدمة والتساؤلات المثارة التي أشعلتها الذكرى السنوية الستين لثورة 14 أكتوبر/ ضد الاحتلال البريطاني برز السؤال الأهم على شفاه أبناء اليمن وفي عقول المستعمر الجديد ووكلائه: أين غالب بن راجح لبوزة؟
وفي خضم البحث عن إجابتين متناقضتين لسؤال واحد يظل كلا الطرفين أبناء اليمن المتطلعين للانعتاق من المستعمر الجديد المترقب لثورة اكتملت جميع مسبباتها يترقبون قدوم راجح لبوزة الثائر الذي بات مقدمه أمرا حتميا.
ثمة إجماع شعبي في الشارع اليمني بأن الجنوب بكل جزره وموانئه وأرضه وقراره السيادي بات محتلا من قبل دولة الإمارات، وعلى اليمنيين إيجاد القائد لتحرير أرضه، عبر الكفاح المسلح، والأعمال السياسية، والنضالية المشتركة المختلفة، وإنهاء الأنقاض والدويلات التي تشبه السلطنات والإمارات والمشيخات التي تريد الإمارات بناءها في الوطن الكبير والموحد.
وعلى اليمنيين إنهاء الحروب الصغيرة المختلفة، سوى بتحركات سياسية أو عسكرية والقضاء على الأجندة الرجعية والاستعمارية، والذهاب للوحدة القوية التي تحفظ لليمن سيادته واستقلاله، ومعالجة ما أوصل اليمن إلى ما هو عليه اليوم من تداعيات سلبية، في الشمال والجنوب، التي أتت على كل المنجز الوطني والجمهوري، وقد أكدت أحداث السنوات الماضية فشل خيار أدوات المستعمر الإماراتي بالانفصال الذي يتبناه المجلس الانتقالي، حيث عجزت النخب المدعومة من الإمارات عن إدارة حتى مدينة عدن، ولم تستطع خلق إجماع جنوبي على خيار الانفصال لتمكين المستعمر، ما عزز من أهمية التخلص من أدوات المستعمر، وفرض خيار "اليمن الاتحادي"، كحل واقعي ومتوازن.