آخر الأخبار
"بكلان والفُشت"..جزيرتان يمنيتان معزولتان تواجهان مرارة العيش والتوغل السعودي
ساحل جزر بكلان والفُشت بمحافظة حجة شمال غربي اليمن
الإثنين, 04 سبتمبر, 2023 - 11:38 مساءً
في كبد البحر جزر منسية ويمنيون عالقون، يكابدون مرارة العيش وتوغل محتل يكشر عن أنيابه لالتهام مناطقهم وتشريدهم إلى الأبد.
ذلك هو وضع العشرات من الأسر اليمنية في جزيرتي "بكلان والفُشت" غربي اليمن، حيث يعاني السكان هناك بصمتٍ، مرارة العزلة، وأطماع الخارج.
وتعتبر الجزيرتان ضمن مجموعة كبيرة من الجزر اليمنية الصغيرة والمتناثرة في عرض البحر الأحمر تتبع إدارياً مديرية ميدي التابعة لمحافظة حجة شمال غربي اليمن، وتقع في المياه الحدودية مع السعودية.
كما تعد الجزيرتان اثنتين من ست جزر يمنية مأهولة بالسكان، ويبلغ عدد الأسر في جزيرة الفشت 46 أسرة ويصل عددها في بكلان 39 أسرة، وتبعد جزيرة بكلان عن سواحل ميدي 16 ميلاً بحريا، فيما تبعد جزيرة بكلان 25 ميلاً بحرياً.
ويقول خبراء عسكريون إن أبرز الجزر اليمنية في البحر الأحمر تتوزع على قطاع ميدي، مؤكدين في الوقت ذاته أن لجزيرتي بكلان والفشت، أهمية كبيرة وتقعان تحت سيطرة الجيش اليمني، بالتنسيق المباشر مع القوات السعودية، ما يشير إلى أن للرياض نفوذاً كبيراً عليهما؛ لكونهما لصيقتين بالجزر القريبة من الحدود البحرية اليمنية.
ويرى الخبراء أن سكان هذه الجزر يعانون من ظروف إنسانية ومعيشية صعبة، تضاعفت منذُ انتشار القوات السعودية فيها التي تقوم بتشديد الخناق عليهم ومنعهم من ممارسة مهنتهم الوحيدة المتمثلة في الصيد، تحت مزاعم أمنية، معتبرين ذلك مبررات وهمية تهدف السعودية من خلالها لإجبارهم بشكل غير مباشر على النزوح إلى ناطق ساحلية أخرى داخل ميدي وحيران وإبقاء الجزر مناطق عسكرية خالية من السكان كتمهيد لابتلاعها مستقبلا.
ومنذُ بداية الصراع الدائر في اليمن فتحت هذه الجزر الاستراتيجية شهية السعودية لبسط النفوذ والهيمنة عليها، نتيجة لارتخاء الحكومة الشرعية وتخليها عن أجزاء واسعة من أراضيها وسواحلها.
الوضع الإنساني
يقول سكان محليون في تصريحات متفرقة لمراسل قناة المهرية، إن الجزيرتين تعتمدان على مهنة الصيد وبيع الأسماك لكن مع انتشار الألغام البحرية بسبب الحرب التي تشهدها البلاد منذُ تسع سنوات أعاقت تحرك الصيادين، وهددت مصدر رزقهم الوحيد، الأمر الذي تسبب في مفاقمة وضعهم المعيشي وتردي أوضاعهم المعيشية لسنوات.
وأكد أحد الصيادين الذي فضل عدم ذكر أسمه خوفا من الملاحقة أنه "خلال العامين الماضيين تمكن الأهالي في جزيرة الفشت من إبرام اتفاق مع الحوثيين يسمح لهم بتسويق صيدهم للصليف واللحية في الحديدة وجلب بعض البضائع من هناك".
وحول الوضع الصحي أوضح مصدر في مكتب الصحة بمديرية ميدي أن الخدمات الصحية في الجزيرتين تكاد تكون معدومة إلا من عيادة صحية واحدة تفتقر لأدنى المستلزمات والكوادر الطبية، تتبع منظمة "طيبة للتنمية" الشريك المنفذ لمركز الملك سلمان.
ويفيد المصدر: في حال الولادة والحالات الطارئة يركب السكان قوارب صغيرة للخروج الى مركز الجعدة التابع للمديرية لتلقي العلاج وبعض الحالات يتم اسعافها للداخل السعودي عبر البحر لاستقبالها ومعالجتها في المستشفيات السعودية دون تنسيق مع السلطة المحلية أو المنطقة العسكرية الخامسة.
الوضع التعليمي
ويعاني عدد من الأطفال في الجزيرتين من الأمية، بسبب بعد الجزيرتين عن مركز المديرية، ويفيد مصدر تربوي على اطلاع بوضع الجزر التابعة لمديرية ميدي: في جزيرة الفشت توجد مدرسة ابتدائية واحدة متهالكة مكونة من ثلاثة فصول وتسمى "مدرسة الكفاح" ويعمل فيها مدرس واحد لجميع الفصول الدراسية، وغالبا يجمع كل الصفوف الدراسية داخل فصل واحد، من أجل مراقبتهم وضمان عدم تسربهم، لكنهم يفتقرون للمستلزمات المدرسية كالكتاب المدرسي والأقلام والدفاتر وغيرها من المستلزمات التعليمية.
ويضيف: في جزيرة بكلان المجاورة أيضاً توجد مدرسة واحدة متهالكة مكوَّنة من ثلاثة فصول "مدرسة الأمل"، ويعمل فيها مدرس واحد متطوع يجمع فيها الطلاب لفصل واحد ويعمل على تدريسهم وكثيرا ما يخشى عليهم من سقوط قطع أسمنتية على رؤوسهم من السقف المتهالك.
وحول مياه الشرب في الجزيرتين، يقول المصدر سكان الجزيرة ينتظرون الأمطار لملء حفر في مناطق متفرقة بالمياه، ثم يجمعونها في أوعية للشرب والطهي.
ويرى أنه كلما تأخر موسم الأمطار يلجأ السكان إلى نقل الماء عبر قوارب في خزانات سعة 2000 لتر من ميناء ميدي الى الجزيرتين حيث ينقل صهريج مخصص بمياه الشرب المياه من محطة تحلية تابعة لمؤسسة طيبة الشريك المنفذ لمشاريع مركز الملك سلمان في المنطقة من عزلة الجعدة مسافة حوالي 15 كيلو إلى الميناء ومنه الى الجزيرتين.
معزولة عن الاتصالات
يتابع المصدر حديثه قائلاً: "العالم أصبح اليوم بين يد الجميع.. لكن جزيرتي بكلان والفُشت، معزولتان عن العالم ولا تتوفر فيهما حتى شبكة اتصالات داخلية تربط الجزيرة بالعالم".
ويضيف: العزلة زادت منذُ بداية الحرب، بسبب قطع الحوثيين لشبكات الاتصالات والإنترنت وعجز الحُكومة الشَّرعية عن إيجاد البديل.