آخر الأخبار

تحركات دولية مكثفة.. سلام شامل أم مزيد من التعقيد للأزمة اليمنية؟ ( تقرير خاص)

مبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن هانس غروندبرغ

مبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن هانس غروندبرغ

المهرية نت - رهيب هائل
الأحد, 03 سبتمبر, 2023 - 08:55 صباحاً

تُحاوِل الأمم المتحدة والدول المهتمة بالملف  اليمني منذ العام الماضي صناعة توافق بين الحوثيين والحكومة الشرعية وخلق سلام دائم، خاصَّة مع نجاح الهدنة التي بدأت في أبريل 2022.


وتحت إطار  تحقيق السَّلام الشَّامل في اليمن كَرَّسَ الوسطاء الإقليميون والدوليون جميع جهودهم في مراضاة أطراف الصراع في اليمن على تقديم بعض التنازلات.

لكنَّ تعنُّت بعض الأطراف- لا سيما جماعة الحوثي - عن تحقيق مطالب الحكومة الشرعية بفتح الحصار المطبق على مدينة  تعز، وقبول تسليم رواتب الموظفين بناءً على كشوف 2014 م، تسبَّب بعرقلة تحقيق اختراق فعلي نحو عملية السلام.

وخلال الفترة الأخيرة تكثفت الزيارات من قبل المبعوث الأممي "هانس غروندبيرغ" والسفير الأمريكي "ستيفن فاجن" ووفد المبعوث الخاص للأمين العامِّ للأمم المتحدة لليمن برئاسة كبير المستشارين السياسيين "ماساكي واتنابي" والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي "جاسم البديوي" إلى محافظة عدن وحضرموت ومأرب بهدف تحقيق  السلام في اليمن.

وتُعَدُّ زيارتا السفير الأمريكي لحضرموت والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي للعاصمة المؤقتة عدن للمرة الأولى منذ بدء الحرب أمرًا لافتًا، وتأتي تحت إطار دعم جهود السلام في اليمن وتحقيقه وفقًا للمرجعيات الثلاث.


وأثارت هذه الزيارات العديدَ من التساؤلات حول تحقيق السلام في اليمن، كما خلَّفت موجة أمل لدى بعض اليمنيين بحدوثه، فيما  يرى آخرون أنَّها تهدف  إلى الدفع والتأثير في مصالحهم التي يكسبونها من خلال استمرار الصِّراع في اليمن.


بهذا الشأن يقول "علي الذهب" محلل سياسي وباحث في الشؤون العسكرية والأمنية" إن: " هذه الزيارات الدولية جزء من جهود عملية السلام التي تقوم بها الأمم المتحدة والذي يحركها مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والدول ذات المصالح سواء كانت دول إقليمية أو أوروبية أمريكية".

ويضيف لـ"المهرية نت " تأتي هذه الجهود في ظل متغيرات أو تحولات دولية وإقليمية  كالصراع  أو التنافس الدائر في غرب أفريقيا  وفي أوكرانيا ، والمصالحة الحاصلة بين السعودية وإيران  والنفوذ الصيني  في المنطقة وغيرها من العوامل  التي تدفع إلى إخماد النيران في اليمن".

*تقاسم المكاسب

ويفيد الذهب بأن "هنالك تقاسما لمكاسب الحرب في اليمن وكل طرف يحضر  بنفسه  في هذه المساعي بهدف التأثير أو الدفع بها إلى الأمام، وخدمة مكاسبه التي يتوخاها  من وراء  هذه الحرب، وقد تكون المكاسب بالحوار العسكري أو الأمني  أو الحضور الاقتصادي أو الهيمنة السياسية أو الفوز بعقود و اتفاقات  في هذه المجالات كلها أو بعضها".

ولفت إلى أن " الانفراجة لن تحصل بين  عشية أو ضحاها والعملية السياسية متعثرة، وما يجري داخل اليمن أو في الملف اليمني مرتبط  بالملفات الإقليمية، ولا يجب أن  نستبعد هذه الفرضية، كون الملف مرتبط بالعلاقات السعودية الإيرانية بشكل كبير جدًا".

وأردف "لا يمكن أن تكون هناك أي  انفراجة بين السعودية أو إيران،  أو عودة العلاقات بينهما عودة لا رجعة فيها مع الشقاق أن يكون ذلك مبررًا أو كافيا  لإخماد الحرب في اليمن".

ويشير  إلى أن" المسألة متعلقة بصراع سلطوي تاريخي بين اليمنيين وبين السلاليين مدعيي النسب الهاشمي".

وأوضح أن "هناك  مساعي لإحلال السلام في اليمن لكنها لن تحقق  كل السلام ولن تنجح هذه المساعي بتحقيقه، وتحتاج  لفترة طويلة؛ لأن الصراع في اليمن مستمر كون هنالك أجندات متعارضة وكبيرة سواء على مستوى الحكومة الشرعية أو الحوثيين أنفسهم كما حصل وسيحصل بشكل عام".



في السياق ذاته، يقول المحلل السياسي والكاتب الصحفي" عبد الواسع الفاتكي" لـ"المهرية نت" إن:" زيارة المبعوث الأممي هانس غروندبرغ والمبعوث الأمريكي تيم ليندركينج ، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي ، تأتي في إطار التحركات الدولية والإقليمية الرامية لإنهاء الحرب بتسوية سياسية ، يلهث وراءها المجتمع الدولي والإقليمي".


ويضيف الفاتكي " بعد أن وصل الصراع في اليمن لدرجة الإشباع ولمستوى متقدم من تثبيت مشاريع أطراف الصراع في اليمن على الأرض؛ رأى المجتمع الدولي والإقليمي بأنه قد حان الوقت لتكثيف الجهود ، وزيادة وتيرة التحركات والضغوط السياسية، خصوصا على السلطة الشرعية؛  لصياغة تسوية ، لا يهم إن كانت ستعالج مسببات الحرب وتمكن السلطات الشرعية من القيام بمهامها دون أن تنازعها أي أطراف في  المسؤوليات".

ويتابع "يتجه المجتمع الدولي بالتوافق مع الإقليم لسلام يجمع الأطراف الثلاثة الرئيسة في الملف اليمني : الشرعية والمليشيات الحوثية والمجلس الانتقالي الجنوبي ، في سلطة مشتركة يرسم حدودها ومهامها المجتمع الدولي والإقليم ، ويظل راعيا لها وضابطا لإيقاعاتها وحاكما فيما بينهم؛  لتجميد الحرب في اليمن ببعدها الخارجي المتمثل بتأمين طرق الملاحة الدولية ودول التحالف العربي من أي استهداف حوثي لها ، خصوصا بعد عودة العلاقات السعودية الإيرانية".

وأردف " نحن أمام رغبة دولية وإقليمية لصناعة سلام في اليمن ، لا يقضي على عوامله ولا يؤسس لاستقرار دائم ، بقدر ما يضع معالجات لمحاذير وتخوفات المجتمع الدولي والإقليمي الأمنية بالدرجة الأولى، ويحافظ على مصالح الإقليم وواشنطن ولندن وباريس الاقتصادية والجيو استراتيجية المتصلة بممرات الطاقة".

*حلول ترقيعية لآثار الحرب

وأوضح الفاتكي أن:" ما يبحث عنه المجتمع الدولي هو البحث عن حلول ترقيعية مجزأة لآثار الحرب في اليمن ، بعيدا عن إزالة فواعلها وسواندها، التي يحرص المجتمع الدولي على إشراكها في أي تسويات قادمة، لتظل فيروسات مهيأة لأن تنشط مرة أخرى ، متى ما أراد لها المجتمع الدولي ذلك ، ومتى ما تعقدت ملفات المنطقة وتضاربت أجندة الأطراف الإقليمية والدولية في اليمن".

بدوره، يرى الباحث السياسي عبد الحميد المجيدي أن :  " المجتمع الدولي لم يكن حريصا على تجنيب اليمن  الصراع والحرب التي دمرت اليمن أرضا وإنسانا وأهلكت الحرث والنسل  منذ حدوث الانقلاب الحوثي  على الجمهورية اليمنية  ومؤسسات الدولة في 21 سبتمبر عام 2014م ".

ويضيف لـ"المهرية نت" كان المجتمع الدولي متماهيا ومستمتعا بتلك الجرائم البشعة التي كانت تمارسها مليشيات الحوثي، وفي كل محطة من محطات التفاوض تتم ممارسة الضغط على الشرعية لتقديم تنازلات في حين أن الحوثي وفي كل المحطات من مراحل التفاوض هو الذي يقدم له التنازلات ولم يقدم الحوثي في مرحلة من التفاوض تنازلا معينا وذلك لأن كل الضغوطات التي تمارس على الشرعية ولا تمارس بنفس القدر أو أقل من ذلك على الحوثي مطلقا".


ويتابع المجيدي "ما نلاحظه اليوم من حركة مكوكية لمندوب الأمم المتحدة والسفير الأمريكي وأمين مجلس التعاون الخليجي من زيارات تطوف المدن اليمنية ابتداءً من العاصمة المؤقتة عدن، مرورًا بحضرموت ثم مأرب، هي زياراتٌ لإقناع أطراف الشرعية بسلام مستدام مع مليشيات الحوثي الإجرامية".

*ضرب من الخيال

يواصل المجيدي "الحديث عن سلام شامل في اليمن يُعَدُّ ضرباً من الخيال، ذلك لأنَّ السلام يفرض على مليشيات الحوثي الالتزام به ووقف الحرب وتسليم السلاح الثقيل لوزارة الدفاع وتنظيم تلك الوزارة، بحيث تسيطر على السلاح الثقيل لدى مليشيات الحوثي أو غيرها من بعض الكيانات التي ليست محسوبة أو مربوطة بوزارة الدفاع اليمنية".

وأكد  أنَّ "السلام المستدام يحتاج إلى قيادة شجاعة لاتخاذ هذا القرار وليست مرتهنة للخارج، وتأخذ أوامرها وقراراتها من دول إقليمية متهمة بالعبث وتخريب وتدمير اليمن".

واستطرد قائلاً: "تلك الزيارات المكوكية التي تطوف المدن نُقدِّر لها مواقفها ونريد منها جدية في حلول السلام المستدام؛ أمَّا الزيارة التي تهدف إلى رفع تقرير فقط بإتمام تلك الزيارة، فهي عبث باليمن واليمنيين على حد سواء".

وأشار إلى أنَّ "اليمنيين قد مَلُّوا من هذه الحرب اللعينة ويبحثون عن السَّلام المستدام الذي يُؤمِن به كلُّ الأطراف وليس سلامًا مفصلًا على مقياس مليشيات الحوثي التي تريد أن تلتهم ما تبقَّى من المحافظات تحت غطاء السَّلام المزعوم".


واختتم قائلًا: "الوفود الدولية التي تزور المدن تلزم الحوثي ابتداء بوقف الحرب والهجوم على المدنيين وشن الحرب هنا أو هناك من أجل تحقيق مكاسب لا أكثر ولا أقل عند تلك المفاوضات".




تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية