آخر الأخبار

اختطاف وتعذيب وتجويع.. صيادو اليمن يتعرضون لأبشع الجرائم في السجون الإريترية 

المهرية نت - تقرير خاص
الأحد, 30 يوليو, 2023 - 12:58 صباحاً

لا تتوقف معاناة الصيادين في سواحل اليمن الغربية، وهم يصارعون تقلب البحر بحثا عن مصدر رزقهم الوحيد، الذي تحول إلى مبعث خطر قد يكلفهم حياتهم، حين صار اليمني عاريا دون دولة، مكشوفا بلا ظهر، ووحيدا دون صوت يحفظ حقه ويصون كرامته.

 

وهناك يلقي الصيادون شباكهم في البحر، علها تعود مثقلة بالأسماك، غير أن شباك القراصنة تكون أسرع إليهم، فيقعون في شراكها ليبدؤوا مرحلة قاسية من الإخفاء في ظلمات ما وراء البحر، وفصولا من التعذيب في السجون الإريترية.

 

يروي الصيادون العائدون من سجون إرتيريا، تفاصيل انتهاكات طالتهم دون سبب، من الاختطاف في عرض البحر إلى الاحتجاز والتعذيب المعنوي والجسدي، وليس انتهاء بإجبارهم على الأعمال الشاقة كبناء المعسكرات وحمل الحجارة وغيرها.

 

ويرى مراقبون أن هذه الانتهاكات، ما كان لها أن تمارس بحق صياد أعزل، لو أن وراءه دولة تصون كرامته أمام داره وتحفظ حقه في أرضه قبل ركوب البحر وعبور المحيطات.

 

قصص مروعه 

 

وتروي قصة محزنة بثتها قناة المهرية للصياد سلطان عبده حسن الكثير من الأوجاع التي بات الصيادون اليمنيون يتجرعونها في سواحل بلادهم دون أن تحرك سلطات بلادهم أي ساكن.

 

يقول عبده حسن" أنا كعادتي أخرج كل صباح من ساحل الخوخة إلى جزيرة حنيش أبحث عن رزقي الوحيد المتمثل في مهنة الصيد، لكنني وقعت قبل حوالي ستة أشهر في قبضة القوات الإريترية". 

 

يضيف: كنت في طريقي إلى الجزيرة وحينها تفاجأت بالبحرية الإريترية وعليها جنود يحملون أسلحة ثقيلة.. إن تحركت من مكانك سوف يردونك قتيلا، فكان لا بد من التوقف حتى وصلوا نحوي وسلمت نفسي دون أي مقاومة." "لكنني لم أسلم من الضرب ومصادرة معداتي حتى ما أحمل من زاد أخذوه لتبدئ رحلتي مع الجوع والتعذيب والتنكيل" يروي حسن. 

 

يواصل الصياد  حديثه قائلا: حينها تم نقلنا من المياه اليمنية إلى جزيرة ترمة الإريترية، ومنذ اللحظة الأولى باشرتنا القوات الإريترية بالتعذيب الشديدة، وخلال أكثر من خمسة أشهر كنا ننام على الأرض وعندما نصحو لا نجد ما نسد به رمق بطوننا الجائعة سوى بقايا طعام ملوث جلب لنا الكثير من الأمراض.

 

ويتذكر حسن الكثير من القصص المحزنة مثل الأعمال الشاقة التي كانت تفرض على جميع السجناء اليمنيين.

 

" تم إجبارنا على حمل الأحجار الثقيلة والطين ونحن نشعر بالجوع، وفي حال عدم القدر على تنفيذ ذلك العمل يتم ضربنا حتى نسقط على الأرض، ولم يسلم حتى كبار السن والأطفال، يتعرضون للضرب واللطم دون رحمة" .

 

ويقول: قضيت خمسة أشهر داخل جزيرة ترمة وحينها كان وزني ما يقارب 70 كيلو وخرجت ولم وزني سوى 40 كيلو بسبب التعذيب والإهانة والجوع الذي واجهته خلال تلك الفترة حتى جاء أمر الترحيل إلى اليمن.

 

تنهد حسن تنهيدة عميقة مثقلة بالحزن عندما تذكر المئات من رفاقه الذين ما زالوا رهن الاعتقال في تلك السجون الوحشية.

 

 

يفيد حسن بأنهم "يواجهون شتى أنواع العذاب، والبعض منهم يعانون من أمراض مزمنة، ويتم حرمانهم من أي دواء ولو مرض أحدهم لن يحركوا ساكنا من أجل حتى يتعافى وإن مات يرمونه في حفرة أو يتم رجمه في مكان بعيد للوحوش والطيور". 

 

يقول حسن" وأنت معتقل يمر عليك اليوم كأنه عام فما بالك بسنة أو خمسة شهور تتعذب وتتشرد، وليس كل هذا بل الوجع الأكثر ألما يكمن في تذكر أطفالك وأسرتك الذين يواجهون شبح الجوع والموت.. كل يوم وأنت معيلهم الوحيد وفي كل دقيقة ينتظرون عودتك لتجلب لها الطعام وبعض من احتياجات الحياة الأساسية التي تساعدهم على العيش والبقاء".

 

ويذهب إلى أن" هناك ما يقارب من 200 مواطن معتقل في سجون جزيرة ترمة.. كم لدى كل واحد من أبناء وأسر مشردة معذبين منهم المريض ومنهم من أنهكه الجوع حتى فارق الحياة ولا يسأل عليهم أو يلتفت لمعاناتهم".

 

وناشد الصياد حسن الحكومة وكل الجهات المختصة والمنظمات الحقوقية، بممارسة الضغط على القوات الارتيرية لإطلاق سراح كافة المختطفين وإيقاف انتهاكها لسواحل البلاد.

 

انتهاكات مستمرة

 

وفي ذات السياق يقول الصحفي وديع عطاء إن" هذه الانتهاكات تتكرر بشكل أسبوعي إذا لم تكن شبه يومية لأن قضيتهم لا يتم تناولها في الإعلام سوى الأحداث التي تصل إلى الإعلام عن طريق الناشطين أو الصيادين ذوي العلاقة من الإعلاميين والناشطين في المجال الحقوقي" .

 

وأفاد عطاء بأن هناك انتهاكات لا تصل إلى الإعلام وتتعلق بمنعهم من مواقع الصيد بشكل طبيعي في المياه اليمنية أو المياه الدولية التي يفترض ممارسة حقهم الطبيعي في الاصطياد.

 

ويرى أن ما تقوم به خفر السواحل الإريترية انتهاك صارخ لما تم الاتفاق عليه في التسوية السياسية بين اليمن وأريتريا والتي تسمح بممارسة الصيد بين الشاطئين اليمنى والأريتري، وأيضا تنص على السماح للصيادين أن يسوقا الصيد في أسواق البلدين.

 

وأضاف: لكن ارتفعت وتيرة هذه الانتهاكات منذ 2012 بالتحديد وتكدس الكثير من القوارب، اليوم نتحدث عن أكثر من 1200 قارب متكدسة لدى خفر السواحل الارتيرية وكلها منهوبة، تم سرقتها واختطافها واقتيادها من عمق المياه الدولية أو اليمنية على مرأى ومسمع من الحكومة اليمنية.

 

ولفت إلى أن الاختطافات لا تتوقف لكن مؤخرا كان هناك 140 صيادا لا يزالون مختطفين لدى خفر السواحل الارتيرية وقبل أيام عاد منهم 46 ولا يزال هناك حوالي 90 أو 100 صياد لأنه كذلك قبل ثلاثة أيام هناك صيادين تعرضوا لمحاولة اختطاف وربما نجو من ذلك.

 

وأكد أن الصيادين المتواجدين في السجون الإريترية البعض منهم قد مر عليه سنه أو سنتين والبعض ثلاث سنوات وفقا لبعض المناشدات التي وصلتنا، يتوزعون على عدة جزر وهذه الجزر غالبا يكون فيها منشآت عسكرية تتبع قوات خفر السواحل الإريترية.

 

إحصاءات صادمة

 

وتشير آخر الإحصاءات الصادرة من قبل الهيئة العامة للمصائد السمكية في البحر الأحمر، إلى أن عدد الصيادين المختطفين في عام 2021بلغ 882 صيادًا. أمَا في عام 2022، فبلغ عددهم 750 صيادًا.

 

وأظهرت إحصاءات وتقارير محلية تنفيذ البحرية الإريترية أكثر من 7 آلاف جريمة اختطاف بحق صيادين يمنيين من المياه الإقليمية اليمنية في البحر الأحمر منذ عام 2015.

 

يُذكر أن إريتريا قد أقدمت سابقًا على احتلال جزيرة حنيش الكبرى في عام 1995. وبعد وساطات إقليمية ودولية لحل النزاع، أصدرت لجنة التحكيم الدولية قرار تحكيمها الأول في عام 1996 واستمرت المفاوضات حتى عام 1998 منتهية بتسلم الحكومة اليمنية رسميًا جزيرة حنيش الكبرى.

 

وفي عام 1999، جرى ترسيم الحدود البحرية بين البلدين بخط حدودي بحري واحد مستند على نقاط الأساس على الشاطئين الشرقي للجمهورية اليمنية والغربي لإريتريا.

 

ووفق اتفاق الأمم المتحدة لقانون البحار، فالمياه الإقليمية للدول هي ذلك النطاق البحري القائم والممتد ما بين الإقليم والبحر العام انطلاقًا من خط الأساس وبمدى لا يتجاوز 12 ميلًا بحريًا.

 

لكن بالعودة لما نصّت عليه اتفاقية التحكيم بين البلدين، فقد ضمنت حق الاصطياد التقليدي لمواطني الدولتين في أي موقع من البحر من سواحل البلدين، كما أعطتهم حقّ تسويق منتجاتهم في الموانئ الإريترية واليمنية من دون تمييز أو مضايقة.


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية