آخر الأخبار

"كورونا" يعزل المعزول ويحاصر ما تبقى من حياة اليمنيين

المهرية نت - خاص
الإثنين, 23 مارس, 2020 - 07:04 مساءً

تقترب اليمن من إغلاق صفحة العام الخامس، وبدء عام جديد من عمر الحرب التي أكلت الأخضر واليابس، وخلفّت أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم، حسب تقارير أممية، لكن فيروس كورونا أغلق ما أبقته الحرب من نوافذ محدودة لليمنيين في الحياة.

 

فمع انتشار الوباء في عدد من الدول ومنها المجاورة لليمن، قررت الحكومة إغلاق المطارات وتعليق الرحلات الجوية ومنها الداخلية، قبل أن يغلق الحوثيون التنقلات بين المحافظات، ويمنعون القادمين من خارج المحافظات التي يسيطرون عليها من الدخول.

 

تسبب الوباء في وقف الرحلات الجوية ابتداء من 17 مارس الجاري، في الوقت الذي كانت تمثل تلك الرحلات نافذة أمل لمئات المرضى والجرحى الذين لم يحصلوا على الرعاية الصحية داخل اليمن، كما أن الوضع الصحي للمصابين بأمراض مزمنة لا تحتمل المزيد من التأجيل.

 

أضاف "كورونا" صفحة جديدة في حياة اليمنيين المرهَقة، وقدم نفسه وباءً جديداً يضاف إلى الأوبئة والأمراض والتحديات الكثيرة التي فرضتها 5 سنوات من الحرب القاتلة على ملايين المواطنين في اليمن.

 

ينظر الكثير من اليمنيين إلى الإجراءات باعتبارها ظاهرة إيجابية، بل ويطالبون بأن تكون متكاملة على كل الجوانب، فالقصور الذي يرونه فيها أنها لم تغلق أسواق القات رغم إغلاق المساجد، ولم تُصرف رواتب الموظفين رغم الدعوة إلى تقليل التحركات والاستعداد لمرحلة الحجر المنزلي.

 

في منتصف مارس الجاري، أشار رئيس الحكومة اليمنية، معين عبدالملك في خطاب متلفز، إلى جملة من الإجراءات، بالتزامن مع عودة  نحو 50 ألف يمني خلال شهرين، معظمهم من دول انتشر فيها الوباء، مشيراً إلى إمكانية مراجعة قرار إيقاف الرحلات الجوية والمنافذ والبحث في استئناف رحلات لإجلاء المواطنين.

 

لم يُشر رئيس الحكومة، إلى مشكلة تأخر رواتب مئات الآلاف من موظفي الدولة، الذين يمثّل لهم صرف الراتب حلاً مبدأياً لتوفير الاحتياجات الضرورية من المواد الغذائية والصحية والمنظفات، ومستلزمات الحجر المنزلي، إلا أنه طالب الحوثيين بإيقاف قرار منع تداول العملة الجديدة في مناطق سيطرتهم، وتوحيد الجهود لمواجهة مخاطر هذا الوباء والحد من آثاره.

 

وأضاف: "علينا جميعاً إخراج هذه القضية الخطيرة من حيز التجاذبات والاستغلال والتشويش، ورفع الوعي الشعبي والمجتمعي بالاحترازات الضرورية، وتسخير كل القدرات الإعلامية لإيصال المعلومات الضرورية لكل مواطن، والتوعية بمخاطر هذا الوباء وطرق الوقاية منه.

 

في السابق كانت الإجراءات المعقدة التي يقوم بها الحوثيون في منافذ الدخول لمناطق سيطرتهم، تعرقل من التنقلات بين المحافظات اليمنية، كما أضافت إجراءات "الانتقالي" عبئاً آخر، بعد أن منعت "النخبة والحزام الأمني"، دخول الكثير من المواطنين إلى عدن والمحافظات المجاورة.

 

اليوم يُمنع اليمنيون من التنقل، بداعي "الحجر الصحي"، ويقفون بالآلاف في محافظات البيضاء وتعز والساحل الغربي، دون توفير إجراءات ذلك الحجر، فيما لا يستطيع المسافرون تحمّل تلك المتاعب على المستويين الإنساني والاقتصادي، فمعظمهم إما عائدون من رحلات علاجية، أو باحثون عن عمل.

 

يبرّر الحوثيون احتجاز القادمين من المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة، لكونهم "لم يخضعوا لإجراءات صحية وبعضهم قدموا من السعودية"، ويدافعون عن إجراءاتهم باعتبارها تهدف لمنع دخول فيروس كورونا إلى صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتهم، لكن الحكومة أدانت الأمر، واعتبرت "الحالة المأساوية التي وُضع فيها المواطنون تشكل خطراً كبيراً على حياتهم، نتيجة لاحتجازهم وعدم توفر الرعاية الصحية اللازمة"

تقول "أماني الأديمي"، في صفحتها على فيسبوك، "أنا من ضمن المحتجزين، ولا أقول حجر صحي، حيث تم احتجازنا بعد عودتنا من السعودية لأداء العمرة.

 

وأضافت الأديمي، أن إجراءات تجهيز أماكن الحجر الصحي، غائبة، حيث لاتوجد دورات مياه، ولا أطباء، ورغم مرور أيام لم يتم فحص الجميع، قبل أن يتم نقلنا بمرافقة أمنية إلى حوش جامعة رداع، وإغلاق الأبواب، دون توفير أدوات النظافة والتعقيم.

 

وأشارت إلى أن الوضع الذي يعيشه آلاف المواطنين في محافظة البيضاء، يهدد بإصابتهم نظراً لكثرة العدد وغياب الإجراءات الصحية، التي طالبت بضرورة توفيرها.

 

الأمر ذاته أشار إليه الرياضي عبدالسلام الغرباني، الذي قال إن نحو 10 ألف مواطن محتجزون في الملاجم بمحافظة البيضاء دون توفر أدنى التجهيزات الصحية.

بفارغ الصبر، ينتظر الآلاف أن تمر فترة "الحجر الصحي" الذي وقعوا فيه، فيما تحاول بعض المؤسسات ومواطنون تقديم ما أمكن، لتغطية جزء يسير من احتياجات آلاف المسافرين في محافظة البيضاء، بينما يحمل الحوثيون المنظمات الدولية "مسؤولية توفير احتياجات مراكز الحجر من مواد إيوائية وغذائية وصحية".

 

ومع انتظار اليمنيين لانفراجة في الأزمة التي تخطت 5 سنوات منذ انقلاب الحوثيين على السلطة، تبرز كوارث أخرى تثقل كاهلهم، وتدفع آمالهم باتجاه توحيد الجهود لمواجهة الوباء الذي سيمثل كارثة كبيرة إن تفشى في ظل الإمكانيات المحدودة.

 

 


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية