آخر الأخبار
التصعيد القبلي بحضرموت.. حلحلة الملف الأمني أم بوابة لتحقيق مخططات حلفاء الإمارات؟ (تقرير خاص)
اجتماع سابق لقبائل حضرموت
الإثنين, 08 يونيو, 2020 - 11:29 مساءً
يمثل التصعيد القبلي بمحافظة حضرموت على خلفية الانفلات الأمني الذي يعصف بمديريات الوادي والصحراء، محاولة جديدة لحلحلة الملف الشائك منذ سنوات بينما يبدي الكثير مخاوفه من أن تكون تلك التحركات بوابة لحلفاء الإمارات لتحقيق مطامعهم في تلك المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية.
وشكلت الاضطرابات الأمنية المتواصلة منذ سنوات بوادي حضرموت، هاجسا للسلطات المحلية والمؤسستين العسكرية الأمنية والسكان، راح ضحيتها المئات من المسؤولين ومنتسبي الجيش والأمن والمواطنين، رغم تحركات متكررة للمكونات السياسية والاجتماعية والقبلية في المحافظة لمعالجة القضية مع السلطات العليا للدولة غير أن تلك المحاولات تفشل وسط وعود تذهب أدراج الرياح.
وأحيا الملف من جديد حادثة اغتيال مدير أمن مدينة شبام، النقيب صالح بن علي جابر، وثلاثة من مرافقيه نهاية مايو الماضي، بعد أقل من شهر من اغتيال ثلاثة آخرين من مرافقيه.
وعلى إثر ذلك تحركت قبائل يافع بوادي وصحراء حضرموت، في ظل تنامي استهداف أبنائها، وسط عجز من قبل السلطات في اتخاذ إجراءات رادعة والكشف عن الجهات التي تقف خلف تلك العمليات.
وتزامنت حادثة الاغتيال الأخيرة مع تصريحات قيادات الانتقالي حول إطلاق عمليات المقاومة الجنوبية في وادي حضرموت.
وفي 28 من مايو أعلنت قبائل يافع حضرموت، مهلة أربعة أيام للحكومة اليمنية لكشف حقيقة الاغتيالات التي تطال أبنائها، مهددة بالتصعيد حال عدم الاستجابة.
مهلة 20 يوما
ومع انتهاء المهلة في الأول من يونيو الجاري، نصبت قبائل يافع نقاطا في مديرية القطن، تمنع مرور النقل الثقيل للدولة، بالتزامن مع اتصالات مع المكونات القبلية لعقد اجتماع للخروج بموقف موحد تجاه الانفلات الأمني، وهو ما عقد أمس الأول بدعوة من حلف حضرموت وهو أكبر تكتل قبلي بالمحافظة.
وخرج الاجتماع بإمهال الدولة 20 يوما لإسناد مهمة الأمن إلى أبناء المحافظة، مهددة بالبسط على الأرض والثروة في حال عدم الاستجابة.
وأقر الاجتماع تشكيل لجنة برئاسة الشيخ عبد الله سالم بن علي جابر وفي عضويتها ممثلون عن كافة قبائل ومكونات وشرائح المجتمع الحضرمي للإشراف على تطبيق ذلك، وأي إجراءات تصعيدية أخرى.
وتعاني مديريات وادي حضرموت، من ضعف الأجهزة الأمنية وحضوره الصوري في بعض المدن الحيوية، بسبب قلة الكادر والتأهيل والإمكانيات مقارنة المساحة الجغرافية الكبيرة والتوسع السكاني، إضافة إلى تعرض الكوادر الأمنية إلى عمليات الاغتيالات خلال العشر السنوات الماضية، فضلا عن الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها المقار الأمنية.
ويقع حاليا الجزء الأكبر من المهمة الأمنية بوادي حضرموت على عاتق الجيش المتمثل في المنطقة العسكرية الأولى، التي تعاني من ضعف الحاضنة والتعاون الشعبي والهجمة المناطقية، التي عززتها بعض التصرفات والأخطاء.
وتمتاز مديريات وادي وصحراء حضرموت، بأهمية حيث أن تغطي نصف مساحة حدود اليمن مع السعودية، كما أنها تتواجد فيها منفذين رئيسيين هما منفذ الوديعة البري، ومطار سيئون، إضافة إلى وجود حقول نفطية لعدد من الشركات.
ومع الحضور الإماراتي الواسع في مديريات ساحل حضرموت منذ 2016، شنت الكتائب الإعلامية المدعومة من الإمارات هجمات وحملات تطالب بطرد قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت.
حل المشكلة
ويعتقد أمين عام مرجعية حلف قبائل وادي وصحراء حضرموت، جمعان بن سعد، أن التصعيد سينجح في حل مشكلة الانفلات الأمني.
وأشار في تصريح لـ"المهرية نت" إلى أن قضية استغلال التصعيد من أي أطراف أخرى كالانتقالي او التنظيمات الإرهابية أمر وارد، ولكن لم يعد لأبناء حضرموت من بد من الوقوف بجدية وحزم لحل هذه المشكلة التي تؤرق الجميع.
وعبر عن أمله في أن تفيق الحكومة من سباتها تجاه الملف الأمني بوادي حضرموت وتوليه اهتمام عاجل وسريع لحفظ أرواح مواطنيها.
ولفت إلى أن الحكومة إذا لم تقم بواجبها ومن أهم حفظ النفس، لفقدت مشروعيتها كحكومة وفتحت المجال للقبائل وكل مكونات المجتمع بالقيام بدور الدولة مع كل العواقب الوخيمة لهذا الإجراء، إلا أنه مالا ينفذ الواجب إلا به فهو واجب.
يفتح الباب على مصراعيه
ويرى الكاتب منصور باوادي، أن وادي حضرموت أصبح يشكل معضلة للسلطة المحلية من الناحية الأمنية، موضحا أن غياب المعالجات يؤدي لنتائج عكسية غير محسوبة العواقب.
وبين أن أي اضطراب أمني في أي بلد ما، يمثل البيئة المناسبة لتدخل أطراف أخرى، أو لتصفية حسابات وكسب مكاسب سياسية بدرجة أساسية.
وأشار في تصريح لـ"المهرية نت" إلى أن ذلك يجعل المجلس الانتقالي الذي فشل في تأمين عدن أمنيا بالتلويح بتشكيل مقاومة جنوبية لتحرير الوادي بزعمهم، لافتا إلى أن هذا تطور خطير يزيد اتساع الرقع ويوسع المشكلة أكبر ويدخل الوادي بل حضرموت كلها في صراع أطراف تستثمره لجلب مكاسب سياسة لها، وخاصة أن الانتقالي لازال يحظى بدعم كبير من دولة الإمارات.
وشدد على أن قطع الطريق على أي مشروع آخر هو المطلب حاليا.
وأضاف "الانتقالي على ما يعانيه مؤخرا من تراجع كبير في كل المجالات السياسية والعسكرية وعلى مستوى الدعم الشعبي إلا أنه بحاجة ماسة لما يعيد له التوهج والحضور، وهنا ستكون الطامة".
وأشار إلى أن بعض المتابعين يعلقون آمالا على اللقاء القبلي ومخرجاته.
ويرى باوادي، أن اللقاء القبلي لا يعدوا كونه امتصاصا لحالة الغليان الذي يشهدها الشارع الحضرمي من جراء الانفلات الأمني، مؤكدا أن التجارب مع أي تحرك قبلي ليست جيدة إذ سرعان ما تنتهي القضية في دهاليز المكاتب ليطويها النسيان.
وأوضح أن الشارع الحضرمي يشعر أن المكونات القبلية وعلى رأسها المؤتمر الجامع يخضع أيضا للمناورات السياسية على حساب القضايا الأساسية لحضرموت.
وخلص إلى أن الوضع الحالي يفتح الباب على مصراعيه لأي طرف كان كالانتقالي أو القاعدة أو الحوثي في استثماره مما يزيد الأمر سوءا ويدخل حضرموت في نفق الانفلات الأمني وجعلها ساحة صراع لأطراف خارجية لتحقيق مصالحها وأهدافها.
وأكد أن الأمر يتطلب تدخل السلطة أو تحرك شعبي عبر منظمات المجتمع المدني للضغط على الجهات المسؤولة عن الأمن في حضرموت لوقف نزيف الدم في وادي حضرموت.
من جانبه، يقول القيادي في مرجعية حلف قبائل وادي وصحراء حضرموت، عارف بن علي جابر، إن الأمن في الوادي بات مطلب الجميع.
وأشار في تصريح لـ "المهرية نت" إلى أن هناك استهداف ممنهج لزعزعة الأمن في الوادي سقط بسببه الكثير من أبنائه ومن منتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية.
وعبر بن علي جابر، عن ثقته الكبيرة بالقيادة السياسية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي بتفهم الانفلات الأمني، مشير إلى أن المنطقة العسكرية الاولى قدمت الكثير من التضحيات من أجل الاستقرار في الوادي ولا ينكر هذا إلا جاحد لكن هي في الأخير مؤسسة عسكرية وليست أمنية.
وشدد على ضرورة الاهتمام بالملف الأمني من الجهات المختصة وإشراك أبناء الوادي بصورة مرضية.
ولفت إلى أن الانتقالي يريد استغلال أي شيء من أجل تحقيق أهدافه في الوادي، مؤكدا أن الوعي والادراك اللذين يتمتع بهما أبناء حضرموت الوادي يحول دون ذلك.
وذكر أن النموذج الذي قدمه الانتقالي في عدن جعل الجميع في بقية المحافظات يأخذون الحيطة والحذر.