آخر الأخبار
بعد أشهر على توقيعه. اتفاق "الرياض" في حالة موت سريري ولا آمال في تنفيذه
جانب من مراسيم توقيع اتفاق الرياض - أرشيفية
الجمعة, 20 مارس, 2020 - 11:03 مساءً
بعد مرور أشهر، على توقيع "اتفاق الرياض" بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، دون احراز أي تقدم يذكر، تبدو الأوضاع في عدن ومناطق جنوب اليمن أكثر سوءاً، مع استمرار الحرب الإعلامية بين الطرفين وتبادل الاتهامات بعرقلة تنفيذ الاتفاق.
وخلال الفترة الماضية التي أعقبت الاتفاق، لم تكترث السعودية لخروقات الانتقالي الجنوبي والتي تمثلت في إجراء ترتيبات عسكرية وأمنية مخالفة لاتفاق الرياض، ما دفع بالحكومة اليمنية إلى إطلاق أول اتهام مباشر للانتقالي بعرقلة تنفيذ الاتفاق.
ووجهت الخارجية اليمنية، اتهامات مباشرة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، بمواصلة التمرد المسلح في العاصمة المؤقتة عدن، وتدشين مرحلة تصعيد تهدد بفشل اتفاق الرياض.
وأبلغ وزير الخارجية اليمني، محمد الحضرمي، سفراء الدول الكبرى لدى اليمن، أن "ما تقوم به وحدات تابعة للمجلس الانتقالي في الآونة الأخيرة من عرقلة عمل المؤسسات الحكومية والتدخل في مهامها واستحداث نقاط جديدة وإرسال تعزيزات عسكرية إضافية في عدن، يعدّ تصعيداً غير مبرر، واستمراراً للتمرد المسلح الذي جاء اتفاق الرياض بهدف إنهائه".
وأكد الحضرمي أن تنفيذ اتفاق الرياض أصبح "ضرورة لا تحتمل المماطلة"، لافتاً إلى أن العراقيل هي من قبل "المجلس الانتقالي"، وفقاً لوكالة "سبأ" الرسمية.
وشدد على أن استمرار "المجلس" الانتقالي في هذا النهج وهذه الممارسات والتصعيد في العاصمة المؤقتة عدن، ستترتب عنه تبعات تهدد بفشل اتفاق الرياض.
رد سعودي مناهض للشرعية ومقوض لها
تصريحات الخارجية اليمنية، لم تغضب فقط الانتقالي الجنوبي والذي دفع بتعزيزات عسكرية إلى عدن، وجرت مناوشات في مطار المدينة، بل ايضاً، دفعت بالسفير السعودي لدي اليمن محمد آل جابر، إلى تجاوز العمل الدبلوماسي ومهامه كسفير ، متجاهلاً في ذات الوقت الدور المفترض على بلاده في استعادة الشرعية اليمنية.
إذ باشر بفتح النار صوب الحكومة الشرعية متهماً إياها بحشد قواتها على المدخل الشرقي لمدينة عدن، وقال في تغريدة على تويتر، آثارت موجة من الردود الغاضبة، إن "قيام قوات تابعة للحكومة اليمنية، بإجراء مناورات عسكرية في منطقة شقرة (جنوب أبين)، وحديث قادتها العسكريين عن ساعة الصفر، أمر غير مقبول".
ولفت السفير إلى أن ذلك "مرفوض في ظل اتفاق الرياض الذي يهدف لعودة الحكومة إلى عدن، وتوحيد الصف وتحقيق التنمية، وفي الوقت الذي تتعرض فيه محافظات مأرب والجوف والضالع لهجمات من قبل مليشيا جماعة الحوثي".
وكان يشير آل جابر في حديثه، إلى مناورات الجيش اليمني التي أجراها في منطقة شقرة الساحلية، التي انسحب إليها بعد استهدافه بغارات جوية إماراتية على المدخل الشرقي لعدن، أواخر أغسطس/آب 2019.
ويعد هذا أول انتقاد سعودي صريح للحكومة اليمنية بخصوص "اتفاق الرياض" منذ توقيعه قبل أشهر، عكس المجلس الانتقالي الطرف الآخر في الاتفاق، لم تبدي السعودية حياله أي تصريح رسمي بشأن خروقاته في عدن والتي أسهمت في فشل تنفيذ الاتفاق، وفق تصريحات مسؤولين في الحكومة اليمنية.
اتفاق الرياض فاشل منذ البداية
في هذا الشأن، يقول الكاتب والباحث اليمني عادل دشيلة، لـ"المهرية نت" إن "اتفاق الرياض فاشل منذ البداية ولم نكن نعول عليه لأنه جاء لشرعنة مليشيات متمردة ولأن الاتفاق تم تفصيله على حسب الشروط الإماراتية والمليشيات التابعة لها.. مع ذلك قبلت الحكومة اليمنية بذلك".
وحول تصريحات الخارجية اليمنية التي حذرت من فشل الاتفاق، قال دشيلة، إنها "جاءت بعد الانتظار لما يقارب 5 أشهر حيث يماطل الانتقالي ويرفض تسليم السلاح والانسحاب من المؤسسات الحكومية ودمج المليشيات التابعة له في جهازي وزارة الدفاع والداخلية، مع أن التحالف العربي هو الضامن لتنفيذ الاتفاق إلا أنه لم يستطع حسم الملف الأمني والعسكري ".
وتعليقاً على مهاجمة السفير السعودي لدى اليمن الحكومة الشرعية، قال الكاتب والباحث اليمني "إنها جاءت لترد على تصريحات الخارجية اليمنية وهذا مؤشر خطير ويدل على أن السعودية غير مكترثة للشرعية اليمنية التي تقول إنها جاءت لنصرتها".
وأضاف أن عبارة السفير السعودي في تغريدته "من غير المقبول" دليل واضح أن التحالف لا يحترم سيادة الدولة اليمنية ولو كان هذا التصريح صادر من سفير في دولة أجنبية لتم طرده خلال دقائق. لكن الشرعية اليمنية ارتضت ذلك ووضعت كل بيضها في سلة التحالف العربي".
واختتم حديثه بالقول "لذلك، اتفاق الرياض لن ينفذ وخاصة الملحق الأمني والعسكري مما يعني أن المشهد مرشح لكل الاحتمالات بما في ذلك تفجير الوضع عسكريًا، وهو ما لا نتمناه".
إعلان وفاة اتفاق الرياض
من جهته، قال المحلل السياسي عبدالرقيب الهدياني، "إن اتفاق الرياض المتعثر منذ 5 أشهر، لم يكن منطقياً منذ البداية، إذ ساوى بين الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، وبين المجلس الانتقالي المتمرد على السلطة في عدن".
وأضاف لـ"المهرية نت"، أن الحكومة الشرعية رغم ذلك وافقت، على اعتبار أن الاتفاق سوف يقضي بعودتها إلى العاصمة المؤقتة عدن، والتي من شأنها أن تعيد تشغيل وتفعيل مؤسسات الدولة، لكن مع ذلك لم ينفذ حتى اليوم من الاتفاق بشيء".
ومضى قائلاً: "كان هناك تنفيذ بعودة الحكومة الشرعية إلى العاصمة عدن وهو البند الأول من الاتفاق.. وقد عادت بشكل غير مكتمل كـ "حكومة خدمات"، ورغم ذلك منعها مؤخراً المجلس الانتقالي من الاجتماع على مرأى ومسمع من القوات السعودية التواجدة في عدن".
واستغرب الهدياني، من الصمت السعودي حيال منع الانتقالي الجنوبي، انعقاد فريق حكومي في العاصمة عدن الأسبوع الماضي.
وقال إن غياب التصريحات السعودية الرسمية تجاه ما قال عنها "جملة" من خروقات المجلس الانتقالي في العاصمة عدن، باعتبارها رأس ومحور اتفاق الرياض، يثير الكثير من الشكوك.
ولفت إلى أن السعودية باعتبارها الراعي الأول للاتفاق لم تتحرك على الأرض لتنفيذه، كما لم توضح حتى الآن بالاسم عن الطرف المعرقل لتنفيذ الاتفاقية.
واعتبر الهدياني، اتفاق الرياض بـ"حكم الميت"، مشيراً إلى أن عدن لا زالت رهن الفوضى ومسرح للإحتراب الداخلي، والاغتيالات التي تزايدت منذ توقيع الاتفاق نتيجة الفراغ الأمني، ما يعني أن الاتفاق لم ينعكس ايجابياً على المدينة واستقرارها." على حد قوله
وأضاف، "على الحكومة الشرعية، أن تتحرك وفق حقوقها الدستورية والقانونية، لبسط سيطرتها على كامل التراب اليمني بما فيها العاصمة المؤقتة عدن".
ولفت إلى أن التحرك الأمني والعسكري لاستعادة كل شبر في اليمن، حق قانوني مكفول للحكومة الشرعية وحدها، ويجب عليها التحرك خلف هذا الإطار.
ومن شأن تعثر تنفيذ اتفاق الرياض، أن يقود البلاد إلى مزيد من التداعيات الخطيرة، إذ تصاعدت مؤخراً حدة التوتر الأمني في محافظات (عدن وأبين وشبوة وسقطرى).
ويبدو أن السعودية، عاجزة حتى الآن عن تنفيذ الاتفاق، وإلزام الطرف المعرقل بتنفيذه، ما يرجح بوفاة الاتفاق ويفتح الباب أمام كل الاحتمالات، فهي لا ترغب - بحسب مراقبين- بالصدام مع أبوظبي الحليف الأكبر بالنسبة لها، والمساند الأول لقوات الإنتقالي الجنوبي والداعم لها، كما أنها لا تريد انتقاد الأخير.
ويخشى مراقبون، أن يتلقى الجيش اليمني طعنة من التحالف العربي بقيادة السعودية، خصوصاً مع اشتداد المعارك شرق البلاد، وتمكن الحوثيين مؤخراً من السيطرة على الجوف ومحاولتهم السيطرة على مأرب الغنية بالنفط والغاز.