آخر الأخبار

قنبلة "صافر" العائمة تقتل الأحياء البحرية في سواحل اليمن... هل اقترب انفجارها؟

السفينة صافر قنبلة عائمة تهدد الأحياء البحرية بكارثة بيئية

السفينة صافر قنبلة عائمة تهدد الأحياء البحرية بكارثة بيئية

المهرية نت - وحدة التحقيقات/خاص
الخميس, 28 مايو, 2020 - 11:08 مساءً

تحولت محطة تخزين وتفريغ النفط "صافر" الواقعة في ميناء رأس عيسى بالبحر الأحمر غربي اليمن، إلى قنبلة ضخمة يزداد خطر انفجارها يوماً بعد آخر بسبب عدم صيانتها منذ بدء الحرب.

 

وترسو الناقلة النفطية صافر بشكل دائم في البحر الأحمر، فمضخات حفظ التوازن ومعدات الفلترة وتهوية الخزانات لم يتم تشغيلها منذ 5 أعوام، فيما هناك تراكم للغازات القابلة للانفجار بالإضافة لتأكسد الحديد (الصدأ) لبدن الناقلة يهدد السفينة بتفككها وانفجارها.

 

وإذا حدث ذلك، فلن يؤدي فقط إلى إتلاف أو غرق أي سفن في المنطقة المجاورة فقط، بل ستخلق أزمة بيئية تبلغ أضرارها تقريبا أربعة أضعاف ونصف حجم التسرب النفطي لشركة إكسون فالديز الذي حدث عام 1989 ودمر شاطئ المحيط بمضيق الأمير ويليام، ما أدى إلى تقليص عدد الكائنات البحرية وانتشر النفط ليغطي مساحة تقدر بـ 900 ميل مربع على طول الشريط الساحلي لولاية الأسكا في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

يكشف تحقيق أعده فريق "المهرية نت" عن أسوأ الاحتمالات الناتجة من الخزان العائم صافر في حالة انفجر، وعن تسرب نفطي نسبي لعائمة صافر الذي يؤكد فيه مختصون وصول النفط إلى سواحل عدد من الجزر اليمنية القريبة من السفينة.

 

و التقى الفريق بعدد من المختصين والباحثين وحصل على صور حصرية للشعب المرجانية من الجزر اليمنية القريبة والمتأثرة من الناقلة النفطية صافر.

 

قتل الحياة البحرية

 

أطلق المختصون بالبيئة تحذيراتهم من انسكاب نفطي وتسربه من الناقلة العائمة صافر وخطورة ذلك على الشعب المرجانية والحياة البحرية، وهو ما أكده المختص في مجال البيئة عبدالله الفتيح لـ"المهرية نت" قائلاً: موطن المرجان و600 نوع من الأسماك البحرية واللافقاريات أصبح عدد منها لا يرى الضوء، فعلى الجزر اليمنية الواقعة القريبة من الشريط الساحلي أصبح اليوم يعيش واقعاً بيئياً خطيراً.

 

وأكد الفتيح أن الجزر اليمنية أصبحت مهددة، فيما تم اكتشاف عبر فريق بيئي مختص قام بالسفر إلى الجزر اليمنية بأن النفط المتسرب من الناقلة صافر الآن يمنع وصول الضوء إلى الشعب المرجانية ويقوم بتغطيتها، وبذلك يقتل الأحياء البحرية المتعايشة في بيئة الشعب المرجانية.

 

وتابع: تعد الشعب المرجانية موطن ومسكن الكائنات البحرية، وإن لم يحصل أي تدخل بعد، فيعد تدميرا للحياة البحرية بشكل علني.

 

وأضاف:" الناقلة  صافر كانت تعمل كمحطة تصدير مؤقتة للنفط الخام؛ لكن ظروف الحرب أدت إلى تعطل أعمال شركة النفط، لتترك وراءها نافلة النفط "صافر" قبالة السواحل اليمنية والتي تتعرض للتآكل، واحتمالية الانفجار بسبب غياب الصيانة وخروجها عن العمل لما يزيد عن 4 سنوات.

 

وطالب فريق النزول الميداني إلى عدد من الجزر اليمنية قبالة ناقلة النفط اليمنية "صافر" عبر موقع "المهرية نت" بسرعة إفراغ ناقلة صافر  التي تحتوي على مليون و174 ألف برميل تقريباً؛  وإلا فإن التسرب النفطي سيؤدي لحدوث كارثة بيئية، كونه ذات تقلب عالٍ ولزوجة تقارب لزوجة مادة الديزل، فيما من المتوقع أن تتبخر ثلثي الكمية المتسربة والمنسكبة في مياه البحر في غضون أيام عند حدوث التسرب بالإضافة إلى الغازات المصاحبة التي ستنتج عنها والتي ستنتشر في الهواء وحدوث أضرار جسيمة على صحة السكان في المناطق القريبة، كونها تصيب الجهاز التنفسي.

 

حالة طوارئ

 

احتمال حدوث حالة طوارئ بيئية خطيرة أصبح مؤكدا، يقول مدير البحوث والسياسات في مرصد النزاعات والبيئة في المملكة المتحدة، دوج وير: كي يقوم فريق فحص فني من قبل الأمم المتحدة، من الصعب تحديد الخطر الدقيق الذي تشكله السفينة سريعاً لأن هناك العديد من المخاطر ولكن احتمال حدوث حالة طوارئ بيئية أصبح واضحاً.

 

وأضاف: إذا ما وقع انفجار سيكون له تأثير شديد على البيئة البحرية للبحر الأحمر، وعلى التنوع البيولوجي وسبل العيش على حد سواء، فقد زادت احتمالات حدوث حالة الطوارئ إذا ما انفجرت السفينة لأن الصراع المستمر سيعيق جهود السيطرة على التلوث الذي قد يسببه والاستجابة له.

 

مصابيح في صافر

 

 ما يزيد الأمر سوءاً أن السفينة صافر ترسو في منطقة الصراع، وهو ما قد يجعل الناقلة عرضة للخطر، أو الاستهداف العسكري، ولهذا يقوم عدد من العاملين في مبنى السفينة المتهالك بتشغيل الأضواء فيها ليلاً.

 

يقول محمد علي أحد العاملين في مبنى سفينة صافر، لـ"المهرية نت": لدينا منظومة شمسية صغيرة نقوم بتشغيل الأضواء فيها ليلاً أولاً كي يصبح دليلاً للسفن الأخرى بمعرفتها بموقع السفينة.

 

وأضاف محمد أن الغرض الآخر هو من أجل تسهيل رؤية السفينة الطائرات التابعة للتحالف العربي وتجنباً من استهدافها عسكرياً.

 

 وقال إن الحياة داخل السفينة صافر توقفت تماماً، محذرا من خطر الانفجار بسبب التراكم الخطير للغازات المتطايرة التي تطلق من البترول المخزن داخل السفينة وعدم صيانة السفينة لأكثر من أربعة أعوام.

 

واختتم حديثه قائلاً: يمكن أن تحفز شرارة أو رصاصة خاطئة أو اصطدام مع سفينة أخرى انفجارا مدمرا من شأنه أن يدمر المنشأة وخط الأنابيب، ويحدث دمارا على البيئة البحرية، بالإضافة إلى الخسائر البشرية المحتملة على الأرجح، سيسهم بشكل شبه مؤكد في أزمة إنسانية.

 

إنقاذ صافر

 

تشكل التوربينات البخارية التي تعمل بوقود المازوت قلب الناقلة العائمة، وبدونها تتوقف جميع الأنشطة في السفينة وتصبح الناقلة عديمة الفائدة.

 

وطالب رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة "عبد الملك الغزالي" بضرورة تزويد سفينة صافر بمادة المازوت.

 

وبذلك يتم توليد الكهرباء في السفينة من خلال التوربينات البخارية ما يؤدي إلى إنتاج البخار في السفينة داخل الصهريج ويعتمد توفره على الوقود لتشغيله.

 

يقول صالح غيلان من مؤسسة موانئ البحر الأحمر لـ"المهرية نت": بسبب عدم تواجد مادة المازوت التي تشغل منظومة الأجهزة في السفينة، فالغلايات والحريق والصيانة العامة وكل شيء فوق السفينة سيؤدي إلى حدوث انفجار بسبب انبعاث غازات هيدروكربونية شديدة الانفجار لخزانات الوقود داخل السفينة، محذرا أنه في  حال حدوث انفجار يمكن للكارثة البيئية ان تمتد في المنطقة كامل.

 

وأضاف: نحن كشؤون بحرية نناشد المنظمات البحرية الدولية التي لها علاقة بمجلس الأمن والتي تختص بحماية البيئة البحرية من التلوث والأمن البحري والسلامة البحرية والتدخل في حل هذه المشكلة وذلك عن طريق إحدى خيارين هما أولاً تمويل السفينة بمادة المازوت بمقدار (6 ألف طن) وهي المادة الأساسية التي كانت سفينة صافر تتلقاها كل خمسة أشهر وتكفيها لفترة كافية.

 

حلول

 

وعلى وقع الخلافات بين الحكومة اليمنية والحوثيين، بشأن الاتهامات المتبادلة حول إعاقة صيانة الخزان العائم، يطرح رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة "عبدالملك الغزالي"، ثلاثة حلول من جانب سلطة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين قائلاً: نحن في وزارة المياه والبيئة بالهيئة العامة لحماية البيئة دقينا ناقوس الخطر مخاطبين المجتمع الدولي والمنظمات الدولية للاضطلاع بدورها لمنع حدوث هذه الكارثة.

 

 وقال الغزالي لـ"المهرية نت" نحن نؤكد على ثلاث نقاط قبل وقوع انفجار او تفكك في سفينة صافر وهي إفراغ حملة السفينة صافر من النفط الخام والسماح بتصدير محتوياتها من النفط لتفادي الكارثة.

 

ثانياً تزويد الناقلة بالمازوت لتشغيل المولدات الكهربائية التي تعتمد عليها مضخات حفظ التوازن ومعدات الفلترة وتهوية الخزانات للحيلولة دون تراكم الغازات القابلة للاشتعال في الخزانات. ثالثاً: عمل صيانة لأزمة لتفادي أسوأ كارثة بيئية بالمنطقة.

 

وحذر رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة من استمرار دول التحالف  في منع تزويد الناقلة بالمازوت وصيانتها وإفراغ حمولتها من النفط الخام والسماح بتصدير محتوياتها، وعندها لن يكون هناك حاجة لإبلاغ العالم بالكارثة حيث سيتكفل النفط المتسرب بإيصال الرسالة إلى كل شواطئ البحر الأحمر حتى العقبة وقناة السويس والبحر الأبيض المتوسط وبحر العرب وصولاً إلى مدخل الخليج العربي وأجزاء واسعة من المحيط الهادي وشواطئ القرن الإفريقي مسببة كارثة على البيئة البحرية وتنوعها.

 

وأضاف: سيقضى على الأحياء البحرية والأسماك والشعب المرجانية في المنطقة وما حولها لسنوات طويلة، كما سيؤثر على كافة الجوانب الاقتصادية والبيئية وحركة الملاحة البحرية في المنطقة المتأثرة.

 

ومن بين الأسباب التي فاقمت الخلاف بين الحكومة اليمنية والحوثيين حول السفينة العائمة، يريد الأخيرون ضمانات بأنهم سيكونون قادرين على التحكم ومصادرة عائدات النفط على متن السفينة بقيمة 80 مليون دولار، وهي خطوة قد تتطلب آلية جديدة لتصدير النفط.

 

 25 عاما للتعافي

 

على صعيد متصل حذرت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً من "الوضع السيئ والمتدهور" الذي يهدد "كارثة بيئية وإنسانية وشيكة في البحر الأحمر".

 

وجاء التحذير الأخير على لسان وزير الإعلام معمر الارياني، قائلاً: إن تسرب النفط في البحر الأحمر سيؤدي إلى إغلاق ميناء الحديدة لعدة أشهر وارتفاع أسعار الوقود أكثر من 800% وتضاعف أسعار السلع والواد الغذائية كما ستكلف مخزونات الثروة السمكية أكثر من 10 مليار دولار خلال السنوات العشرين القادمة.

 

وأشار إلى أن ثلاثة ملايين شخص في الحديدة سيتأثرون بالغازات السامة وسيحتاج 500 ألف شخص اعتادوا على العمل في مهنة الصيد وعائلاتهم وقد يستغرق مخزون الأسماك 25 عاماً للتعافي.

 

وأوضح في تصريح صحفي أن اختلاط الغاز بمياه الأمطار قد ينتهي به المطاف في طبقات المياه الجوفية مما سيؤدي إلى التسمم البطيء ومشاكل صحية ل6 ملايين شخص.

 

ونوه الإرياني إلى أن 58 منظمة إنسانية سوف تعلق خدماتها في الحديدة، مما يعطل الخدمات عن 7 ملايين محتاج.

 

ودعا المجتمع الدولي للتدخل العاجل وممارسة الضغط الكافي لتفادي هذا الخطر المحدق وتمكين الفريق الفني التابع للأمم المتحدة من تقييم الاضرار ومباشرة اعمال الصيانة الدورية للناقلة النفطية صافر.

 

 القنبلة العائمة

 

وأكد عدد من المختصين أن ناقلة النفط المهجورة صافر أصبحت توصف بأنها "قنبلة عائمة" راسية على بعد 4.8 ميلاً بحرياً عن شاطئ رأس عيسى الذي يبعد 60 كم شمال مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

 

وتوقفت الناقلة صافر عن تصدير النفط الخام الخفيف المستخرج من القطاع 18 في محافظة مارب نتيجة للحرب الدائرة في مارس 2015 بخط أنابيب تصدير النفط 430 كم من مارب، مع معدات تسمح بنقل النفط الخام للسفن الأخرى لأغراض التصدير.

 

وتأسست سفينة صافر في عام 1976 ، وهي ناقلة نفط كبيرة يبلغ وزنها الداخلي 409000 طن متري وتبلغ طاقتها حوالي 3 ملايين برميل من النفط مملوكة لشركة SEPOC وأصبحت ثالث أكبر ميناء عائم في العالم لتخزين النفط وتصديره إلى العالم.

 

ومنذ مارس 2015، كانت السفينة صافر تقوم بنقل كميات من النفط الخام الجاهزة للتصدير، تقدر بأكثر من مليون و200 ألف برميل من النفط الخام.

 

  


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية