آخر الأخبار

الإسعافات النفسية الأولية.. أمورٌ  منسية  لكنها ضرورية!

الاربعاء, 22 مارس, 2023

قد يَتعجبُ البعض من عنوانٍ كهذا، وقد يتساءل آخرون ما المقصود بالإسعافات النفسية الأولية ولمَ هي ضرورية لهذا الحد؟ وإجابة على ذلك تعرف الإسعافات النفسية الأولية بأنها: "  استجابة إنسانية داعمة لأشخاص يتعرضون للمعاناة وقد يكونون  بحاجة إلى الدعم" ونحن في البلدان التي تضررت من الحروب نعاني كثيرًا من صدمات نفسية تأتينا بطريقة أو بأخرى، فهناك من تحدثُ له صدمات كبيرة قد لا يتحملها وبالتالي يصاب بحالة نفسية ميؤوس منها، أو يصل إلى مرحلة الجنون الحتمي، وكم من حالاتٍ نفسية حدثت للكثير في بلدنا الحبيب اليمن؛ جراء المآسي المتواصلة التي تحدث لبني الإنسان هنا؛ نتيجةً لمآلات الحرب وظروفها الخانقة.

إذن  فكما أننا- في كثيرٍ من الأحايين- نكون بحاجة إلى إسعافات أولية إثر تعرضنا لحادثٍ ما، كذلك يوجد الكثير ممن يكونون  بحاجةٍ إلى إسعافاتٍ نفسية، ولربما أن حاجتهم  للإسعافِ النفسي أكثر  من حاجتهم  لغيره؛ لأن أنفسهم  تتعرض للكثير من الصدمات سواء داخل البيت أو خارجه.

اليوم الكثيرُ من أبناءِ المجتمعِ من أصبحَ لا يطيقُ حتى نفسَه لكثرِ ما يلاقي من أتعاب الحياةِ وأوجاعِها، وهذا عادةً ما يؤثر على أسلوبِه تجاهَ الآخرين فيصبحَ حديثُه جافًا وتصرفاتُه كلها قلقٌ وتوتر، حياتُه مليئةٌ بالخوفِ والحذرِ.

 الكثير من الآباء اليوم ماعادوا يطيقون الحديث مع أطفالهم؛ فهموم الحياة قد أثقلت كاهلهم وجعلتهم في تخبط مستمر، والأطفال أو حتى الشباب بلا شك  يكبتون الكثير من الأوجاع؛  يكتمونها لأنهم لم  يلاقوا من يسمع لهم، من يطبطب عليهم ويسمع لحديثهم ومما هم يشكون؛ ليخرجوا الكبت الذي يتوسط نفسياتهم ويحدث لهم الكثير من الألم الذي   قد لا يراه الآخرون.

أحداث  أليمة، كثيرة ومختلفة يعيشها المواطن اليمني اليوم، فهناك من فقد أهله جملة واحدة، وهناك من فقد كل ممتلكاته، ومن فقد مصدر دخله وهناك من تعرض للابتزاز  بطرق مختلفة ومن تعرض للسلب والنهب والقمع، أو من تعرض للاغتصاب وخوصًا من فئة الأطفال، والمعروف أن ردود الأفعال إزاء أحداث كهذه  تختلف من إنسان لآخر كما أن قدرات التحمل تختلف أيضًا من شخص لآخر، وهذا ما جعل ظاهرة الانتحار تتفشى في اليمن وخاصة لدى القاصرين، لأنهم عاشوا أوقاتًا عصيبة، ووصلوا لطريق مسدود جعلهم يرون أن الخلاص من الحياة هو الحل الوحيد.

 ولهذا قلنا إنه إذا ما تعرض شخص ما لحادث أليم أيًا كان نوعه؛  فهو هنا بحاجة ماسة للإسعاف النفسي الأولي، هذا الإسعاف المعنوي الذي قد يتجاهله البعض بينما هو يشكل فارقًا كبيرًا في حياة المصاب وقد ينقذه من الوقوع في دوامة الجنون أو الموت لا سمح الله.

  
والإسعافات النفسية تنطوي على عدة جوانب منها" تقديم الرعاية والمساندة، وتقدير الاحتياجات والمخاوف، وكذلك مساعدة الناس في تلبية احياجاتهم الضرورية من غذاء ونحوه، والاستماع إليهم من دون ممارسة الضغط عليهم كي يتكلموا، أيضًا مساعدة الناس على الشعور بالهدوء، وحمايتهم من التعرض لمزيد من الأذى".

ومما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أن  الإسعافات النفسية الأولية ليست أمرًا لا يقومُ به إلا المحترفون كما أنها  ليستِ الإرشاد الاحترافي
وليست التفريغ النفسي؛ إذْ إنها لا تتضمن  بالضرورة مناقشة تفصيلية عن الحادث الذي تسبب بالضيق.
ورغم أن الإسعافات النفسية تشمل الاستماع إلى الناس وهم يروون ما حدث لهم إلا أنها لا تنطوي على ممارسة الضغط عليهم للإفصاح عن مشاعرهم وردود أفعالهم حيال ذلك.

وحسب إعتقادي أن هذه الأمور هي في متناول الجميع، فقط ما  يجب علينا هو أن نقف وقفةً جادة مع أنفسنا ومع من حولنا، فالإسعاف النفسي  لا يكلف الكثير، لكنه يعني الكثير للمصابين وربما يكون سببًا في بقائهم على قيد الحياة، وفي حالة نفسية حسنة.


*المقال خاص بالمهرية نت*

المزيد من إفتخار عبده
سيول مخيفة تزيد مأساة اليمنيين!
الاربعاء, 07 أغسطس, 2024
رحيل هنية وجع للأمة!
الاربعاء, 31 يوليو, 2024
خيبة أمل جديدة للشعب!
الاربعاء, 24 يوليو, 2024