آخر الأخبار

الشرعية وحسم الحرب وهشاشة بن سلمان وبن زايد

الخميس, 28 مايو, 2020

الحرب في اليمن، إلى الآن، قد أخذت من الزمن أكثر مما اكتفت به حربان عالميتان، ولا أحد يتجرأ على تخيل نهاية قريبة لها..إنها حرب متعذرة الانقضاء حتى في الحلم .
 
هذه المقارنة تبدو غير واقعية وفيها إفراط في التعميم، ولكنها تصلح للسخرية، ويمكن مع قليل من التعسف  أن تضيء بعضاً من مشاكل الحرب التي تطحن عظامنا منذ ست سنوات دون أن تسفر عن شيء.
 
لا شك أن فكرة الزعامة تهيمن على خيال بن زايد وبن سلمان وتتحكم بالكثير من تصرفاتهما فيما يتعلق بالحرب الدائرة في اليمن،..أميران شابان تقادم بهما الزمن قليلاً عن الظروف الأولى لاصطناع عرشيهما على يد الإمبريالية الغربية، فتسرب إليهما بعض الوهم في أصالة العرشين وأخذا يتصرفان كإمبراطورين حقيقيين، وساعد في  تنمية هذا الوهم لدى الشابين وفرة المال والسلاح في متناول الأيدي، وبلد ضعيف ومفكك في الجوار، جاهز لأن يصير مختبراً لمختلف الأوهام السياسية .
 
اليمن، كما تخيله بن زايد وبن سلمان بداية الحرب،  يشبه كثيرا المنتزه الخيالي في مسلسل Westworld ، حيث يدخل الوافدون لكي يستمتعوا بسيادة مطلقة على مضيفيهم الآليين الذين يشبهون البشر إلى حد مستحيل لكنهم مجردين من أي إرادة حقيقية، يحقق الوافدون في هذا المنتزه الخيالي كل رغباتهم الجامحة التي تمنع عنهم في العالم الواقعي من قتل واغتصاب وتخريب، لاحقاً في المسلسل يتبين أن السيادة المطلقة التي يستمتع بها الوافدون ليست أكثر من مجرد حيلة ذكية اختلقتها الشركة الراعية للمنتزه لتدفع الزبائن للكشف عن أعمق ما في طبائعهم ليتسنى لها السيطرة عليهم..سيادة بن سلمان وبن زايد أكثر هشاشة بكثير.
 
السلطة الشرعية، المعني الأول بحسم هذه الحرب، تواصل رهن سيادتها عند تحالف وليي العهد وتعامله كسيد مطلق وضامن وحيد للنصر، دون أن تدري أنها بذلك تساهم في تمديد أجل الوهم الإمبراطوري، وبالنتيجة، إبقاء اليمن عالقاً بين فكي الحرب إلى أجل غير مسمى .
 
كثيراً ما يعزو الناس، بما فيهم مسؤولون في السلطة الشرعية، استمرار الحرب دون تقدم إلى إرادة التحالف أن تبقى الأمور على هذه الحال، ويجدون في ذلك مبرراً مكتملاً لعدم الاستفادة من القوة العسكرية الكبيرة في تحقيق انتصار مناسب على الحوثيين، "التحالف لا يريد ذلك "، وكأن الإرادة متوفرة بدرجة كبيرة عند قادة هذا التحالف ولكنها تصب في اتجاه عدم الحسم كما ينبغي وكما هو معلن، نادراً ما وضعت هذه الإرادة موضع تساؤل، رغم أن التاريخ يجعل من الصعب التسليم في وجود سيادة أو إرادة حقيقية بالنسبة لدول  التحالف.

نزعةMBS  وMBZ  للتحكم بمصائر بلدان أخرى، كاليمن وليبيا ولبنان، أقرب إلى عقدة النقص منها إلى جنون العظمة الذي أمسك بنفوس أباطرة وزعماء الحربين العالميتين، وهما الحربان اللتان تشكلان الخيال والذاكرة لمعظم الزعماء المعاصرين من ذوي النزوع العسكري والتوسعي  .
 
الحرب العالمية، سواء الأولى أو الثانية، خيضت بإرادات شبه حرة ومكتملة وكانت فيها طموحات الأطراف المتحاربة غير محدودة سوى بحدود ما لها من القوة المادية والمعنوية، وكان متوقعاً أن تمضي الحرب نحو نهايات حاسمة بانتصارات كبيرة وهزائم كبيرة، على العكس مما يجري في الحرب هنا، حيث يظهر بعد سنوات طوال وكأن جميع الأطراف لديها حظوظ متقاربة في النصر والهزيمة، بغض النظر عن الفارق الواضح في الإمكانات  المادية لصالح الخصوم المفترضين لجماعة الحوثي إضافة إلى فارق المشروعية، والسبب في ذلك، إلى حد ما، عائد لفقر الإرادة لدى قادة الشرعية والتحالف.
 
يبدو الحوثيون أكثر استعداداً للذهاب في هذه الحرب إلى نقاط بعيدة لو توفر لهم القدر الأدنى من الأمل في الانتصار..حين توفر هذا القليل من الأمل بداية هذا العام، تقدموا في الجوف ولم يوفروا أي جهد في محاولة إسقاط مأرب لولا أن حدود قوتهم انتهت هناك، لكن ذلك لا يعني وجود إرادة حوثية أصيلة وحرة، ليس فقط باعتبار الجماعة بالأساس ذراعاً إيرانياً، ولكن لأن هذا الاستعداد الحوثي للتقدم حيثما لاحت الفرصة يبدو مقصوداً ومحدداً من قبل النافذين الكبار في المنطقة لكي يكافئ التفوق المادي للتحالف.

المزيد من يعقوب العتواني
في سنوات الثورة كان هنالك أمل 
الاربعاء, 03 فبراير, 2021
لا نسيان ولا تطبيع أيها الحوثيون!
الاربعاء, 27 يناير, 2021