آخر الأخبار
حينما يتحول المال إلى حاكم ظالم
غياب الدولة والانقسام الذي تعيشه اليمن اليوم أدّى إلى كثير من المظالم والمصائب التي يكون ضحيتها المواطن البريء.
من هذه المصائب- التي تودي بحياة الناس إلى الهاوية فتراها تحق الباطل وتزهق الحق- ظاهرة انتشار الرشوة والتعامل بها بين الناس.
لقد أصبح من الصعب عليك اليوم أن تنجز معاملة بسيطة دون تعب وجري، ودون مال وفير، حتى على مستوى توقيع وريقة صغيرة، فإذا أردت أن تنجز معاملة ما ينبغي أن يكون في جيبك الكثير من المال، وإلا فعليك الانسحاب أو تقبل النتائج غير المرضية.
أصبحنا نعيش واقعاً، المادة فيه هي المسيطرة على كل شيء، المال فيه هو الحاكم الأول وهو البوق الناطق بما يريد أصحابه، وهو الآمر والناهي، ومن يملكه ويفقد الضمير يمكن أن يعمل به ما يريد، قد يشتري به أرواحاً ويبيع أخرى بين ساعة وضحاها، ولن يلقى أي معارضة مهما طال جرمه.
كم من جريمة قتل حدثت تم شراء القاتل لها بثمن بخس؟! وكم من قضية دخلت المحاكم تنتظر النصرة؟!، وبالتالي تخرج تجر أذيال الهزيمة لأن أهلها لم يقدروا على دفع القدر الكافي من المال، فحتى بعض القضاة اليوم يبتاعون ويشترون بالمال، ويصدرون أحكاماً ما أنزل الله بها من سلطان، وذلك مقابل المال؛ فتراهم يزجّون بأناس داخل السجون لا ذنب لهم إلا أنهم يبحثون عن حقوق لهم مغمورة بين أدراج القضاء.
وعلى كل المستويات تجد أن الرشوة قد أصبحت أمراً ضرورياً في الحياة، فلكي يعيش الناس ينبغي عليهم أن يقدموا ما يُطلب منهم من المال، فالقضاة في المحاكم يريدون المال لكي يتسنى لهم حل القضايا، والعاملون في المكاتب يريدون المال لكي يتسنى لهم توقيع الأوراق، حتى الذين يعملون في نقاط التفتيش ينبغي عليك أن تعطيهم مالاً لكي يسمحوا لك بالعبور ولكي يستطيعوا أن يمرروك بسهولة وإن كنت تعمل سائق باص بالأجرة.
ترى إلى متى سيظل شعبنا اليمني يدفع الثمن وهو الضحية؟!، إلى متى سيظل عليه واجبات وليس له حقوق قط؟!.
إلى متى سيظل شعبنا مكتوف الأيدي، فاغر الفاه لا يقوى على البوح بما يوجعه في هذه الحياة؟!.
*المقال خاص بموقع المهرية نت