آخر الأخبار

تمردات سقطرى هل من حد لهذا العبث؟

الثلاثاء, 21 أبريل, 2020

في سقطرى بقيت الأمور على ما هي عليه من الغموض فيما يتعلق بمصير التحرك الانقلابي واسع النطاق الذي جرى في الرابع عشر من شهر ابريل/ نيسان الجاري، في إطار اللواء الأول مشاه بحري، القوة الضاربة الوحيدة في محافظة أرخبيل سقطرى.

لم يجر حتى الآن أي تحرك ضد الانقلابيين ولم يتضح بالضبط ما هو موقف القائم بأعمال قائد اللواء العميد ناصر قيس الذي يفترض أنه أقرب من حيث الولاء للرئيس إذا ما أخذنا بعين الاعتبار البعد المناطقي، وهل تنقصه الحنكة أم أنه لا يتوفر على إمكانيات حقيقية لإجهاض التمردات المدعومة من الإمارات أم أنه متواطئ بالفعل.

ثمة علامة استفهام كبيرة تبقى مرسومة في سماء سقطرى بشأن هذا القائد وبشأن مغزى بقاء الخارجين على القانون طليقي السراح رغم أنهم ارتكبوا جرائم يستحقون عليها المحاكمة والعقوبة المغلظة بالسجن.

فقد قام هؤلاء بكل الجرائم الجسيمة، كالضلوع في تهريب أسلحة ومهاجمة مرافق الدولة وإثارة القلاقل وتنفيذ هجوم إرهابي مسلح على منزل محافظ محافظة سقطرى رمزي محروس في محاولة صريحة وواضحة لاغتيال المحافظ، وهي أول جريمة تشهدها سقطرى.

اللجوء إلى السلاح في عمليات تصفيات بهذه الصورة التي رأيناها خلال الأيام الماضية، يمثل خروجاً عن المألوف وسلوكاً غريباً ومنبوذ ومستهجنا من قبل سكان سقطرى المسالمين والذين ينزعون إلى السلام لكنهم لا يسكتون على الباطل كما أثبتت أحداث السنوات الماضية.

استثمرت الإمارات بأثمان بخسة في محافظة أرخبيل سقطرى، فلم تقدم لسكان هذا الأرخبيل إلا القليل مقابل ما حصلت عليه من تسهيلات، وما تخطط للحصول عليه، بما في ذلك الاستحواذ على المرافق الخدمية كالهرباء والصحة والتحكم بها بشكل كامل وشراء مساحات واسعة من الأراضي، وتأسيسي شركة اتصالات واحتكار أجواء المحافظة وتسيير الرحلات، وإعطاء انطباع بأن سقطرى باتت إقليماً ملحقاً بأبوظبي.

لا أحد يشعر بخيبة الأمل مما يجري في سقطرى أكثر من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد الذي حدث نفسه بأنه قاب قوسين أو أدنى من الحصول على الجائزة الكبرى لتدخله العسكري في اليمن الذي تبين أنه كان ضد اليمنيين وليس معهم وفي مهمة عدائية ضد وطنهم لا إسناداً لدولتهم.

ومع ذلك تبقى الإمارات لاعباً مهما في محافظة أرخبيل سقطرى فرجال مخابراتها بقيادة خلفان المزروعي يسرحو ويمرحون ويتزوجون ويقيمون الأعراس، رغم موقف بلدهم العدائي من اليمن وسيادته في هذا الأرخبيل.

ويعزى ذلك إلى الدور الذي تؤديه القوات السعودية، ففي الوقت الذي لا تبدي فيه الرياض ارتياحاً لمخططات أبوظبي فإنها ليست مهتمة بكبح جماح المخططات الإماراتية، طالماً وبإمكانها أن تبقيها تحت السيطرة.

الناس في سقطرى يشعرون أن الإماراتيين ومن يعمل لحسابهم في منأى من المساءلة، ولكن هذه هي الحقيقة فالقوات السعودية لا تريد أن تصطدم بالإمارات ومخططاتها، وليس لدى الرياض تلك الحساسية فيما يتعلق بالسيادة اليمنية، فهي نفسها تتواجد في المهرة بصورة استفزازية وتفرض نفوذها العسكري الشامل على المحافظة.

لهذا لا غرابة أن تسمعون عن تمردات ويبقى المتمردون في أماكنهم ومناصبهم لا يخشون من شيء، بل وبإمكانهم أن يغيروا ولاءاتهم بحسب التمويل الذي يصل إليهم سواء من ابوظبي أو من الرياض.

لذا كان تحرك وجهاء سقطرى الأخير في غاية الأهمية لأنه أعطى رسالة واضحة بأن السلم الاجتماعي في سقطرى لا يتحمل هذا القدر من العبث وأن أبناء سقطرى متحدون خلف هدف حماية المحافظة من العبث، وموقفهم واضح من مساندة الشرعية والسلطة المحلية التي تمثلها.

مطالبهم كانت أكثر وضوحاً إذ لا ينبغي أن تبقى المنشآت السياسية وفي مقدمتها المطار والميناء تحت سيطرة مجاميع مسلحة لا استقرار لولائها ولا ضابط لانتماءاتها والأجندات التي تخدمها.

من المهم من الآن فصاعداً أن يحضر البعد الاجتماعي في الأرخبيل، لأن السباق على المعسكرات هدفه تركيع مجتمع سقطرى في نهاية المطاف بأدوات عسكرية وبعناصر من خارج المحافظة، وهذا يتطلب منذ الآن إعادة التوازن للجانب العسكري والأمني بحيث يتحقق لمجتمع سقطرى ما يستحقون من ضمان لأمنهم واستقرارهم خلال المرحلة المقبلة.

*المقال خاص بموقع" المهرية نت

المزيد من ياسين التميمي