آخر الأخبار
عن تمرد أحد ألوية درع الوطن
بينما الشعب اليمني يقف على حافة مجاعة حقيقية، ليس بسبب استمرار الحرب؛ بل بسبب ما بات يٌعرف بخفض التصعيد طويل الأمد و المُهين لأصحاب القرار السيادي في الدولة اليمنية، تنفجرُ فضيحةُ هروب اللواء الرابع درع الوطن (سلفي) بأسلحته ومعداته من معسكره في لحج باتجاه مدينة عدن.
قائد اللواء أسامة الردفاني الذي أساء بهذا السلوك للشرف العسكري ولمنطقته (ردفان) التي تُعرف بأنها أحد أهم مناجم القوى البشرية للجيش اليمني قبل الوحدة وبعدها، لا يبدو أنه يعكس بهذا السلوك رغبة في الانتقام من قرار إعفائه من قيادة اللواء، بقدر ما يعبر عن قابليته للبيع في مزاد الارتهان للقوى الإقليمية كما أنه يكشف عن عمق الصراع الدائر في المناطق الجنوبية للاستحواذ على القوى والمعدات العسكرية، وإعادة توجيهها لصالح مشاريع متصارعة، والتسبب في هذه الفوضى التي تكرست بفعل تعدد التشكيلات العسكرية وولاءاتها الإقليمية.
محاولة السطو على معدات وملاك أحد ألوية درع الوطن هي حلقة في صراع الإرادات بين الإمارات والسعودية، وهو الصراع الذي يُبقي أمرَ استعادة الدولة هدفاً بعيد المنال ويبقي البلادَ برمتها مسرحاً للصراع المفتوح على كل الاحتمالات والمآلات.
وبكل بساطة كانت حركة التمرد الفاشلة التي أُسقطت بفعل التوازن المناطقي، ستُحسب للقائد السلفي ابو أسامة الردفاني على أنها صحوة وطنية جنوبية وخطوة باتجاه استعادة دولة الجنوب العربي المزعومة، وهي في أحد تجلياتها تكشف عن إخفاق مثير للإحباط لجهود اللجنة العسكرية العليا المكلفة بتوحيد التشكيلات العسكرية ضمن المؤسسة العسكرية اليمنية ممثلة في وزارة الدفاع وهيئة الأركان والعمليات المشتركة، وتثبت أن عملية الدمج يستعاض عنها بالتمرد والانزياحات الكارثية.
واللافت أن تمرد الردفاني يضرب مبدأ طاعة ولي الأمر في مقتل، لكون هذا المبدأ يشكل عقيدة فقهية سياسية وعسكرية لدى المجاميع السلفية التي أُعيد تدويرها للقيام بمهام عسكرية فضفاضة لا علاقة لها بالعقيدة الوطنية، في ساحة الصراع اليمنية.
وفي هذا الإطار يمكن النظر إلى قوات درع الوطن باعتبارها إحدى تجليات الإغراق المتعمد للساحة اليمنية بتشكيلات عسكرية سلفية لا دولتية، في إطار الصراع الخفي والمعلن للهيمنة على القرار اليمني وتعطيل القدرات الوطنية وتحييد المؤسسة العسكرية الوطنية التي يعود إليها الفضل في الدفاع عن أهم المفاصل الحيوية في الجغرافيا اليمنية وفي إبقاء نفوذ الشرعية بالثقل الجيوسياسي الذي هو عليه اليوم.