آخر الأخبار
ليست الحكومة المطلوبة لكنها مطلوبة مع ذلك!
طبيعة الحكومة الجديدة وظروف تشكيلها مبدئيا لا توحي بالاحترام أو الثقة، فهي في كلمتين : حكومة محاصصة وارتهان . هذا انطباع يتشاركه الكثيرون تجاه الحكومة ، من دون أن يعني ذلك أن هذه الحكومة في المحصلة غير صالحة لأي شيء . على العكس ، قياسا إلى درجة السوء التي بلغتها أوضاع اليمنيين قبل تشكيل الحكومة ، تظهر هذه الحكومة كفرصة كبيرة للعودة إلى وضعية أفضل إذا ما تعاملت معها السلطة الشرعية على هذا الأساس ، وإذا توفرت لديها الإرادة لاستغلالها .
بشكل عام ، يمكن القول مع الكثير من التبسيط، أن هذه الحكومة هي ثمرة مقايضة الشرعية بالأرض. قبل تشكيل الحكومة وعودتها إلى عدن ، كان هناك مليشيا مسلحة بلا شرعية تسيطر على العاصمة المؤقتة في مقابل سلطة شرعية من دون عاصمتها المؤقتة ، ومن خلال استضافة الانتقالي تحت السقف الشرعي ، حصلت الحكومة على موطئ قدم تحت سماء عدن . الآن يفترض أن تجمع هذه الحكومة بين الشرعية والأرض .
هذا صعب جدا، ولكنه ليس مستحيلا . هناك واقع يعترض ذلك بقوة، ولكن الواقع قابل للتغيير والتأثير ، والعبرة في الإرادة والجهد .
ولكن أيضا ، هناك أشياء محددة ومباشرة يمكن التعويل على الحكومة بشأنها ، على سبيل المثال ، حظ هذه الحكومة في دعم الرياض النقدي يبدو كبيرا ، مادام أن الحكومة قد صنعت على عين السعودية وبإلحاح وتدخل سعودي هائل . هذا يعطينا الحق في توقع سخاء المملكة تجاه الحكومة بما يمكنها من احتوا انهيار الريال اليمني الذي بلغ حدودا كارثية نهاية العام .
إلى ذلك يمكن للحكومة الجديدة أن تساهم في تحريك الجبهات المجمدة وأن تستعيد ، ولو بشكل مؤقت ، المسار الأول للحرب حينما كان الجميع في مواجهة الحوثي ، وهذا هو أساسا مغزى اتفاق الرياض الذي أثمر هذه الحكومة . صحيح أنه من غير المتوقع للتشكيلات العسكرية المدعومة من الإمارات أن تحارب مجددا إلى جانب الجيش الوطني بشكل حقيقي ومصيري ، ولكنها يمكن أن تنخرط في الحرب بحدود معينة بغرض إظهار التزامها بالاتفاق . من شأن مثل هذه التحركات ، مهما كانت ، أن تخفف الضغط عن مأرب التي تحملت على طول العام الماضي عبء الهجوم الحوثي .
وفي عدن نفسها ، قد تشهد المدينة بعض الانتعاش الخدمي مع حضور الحكومة ، خصوصا أنها عاشت العام الماضي ظروفا سيئة جدا في ظل "الإدارة الذاتية " الخانقة ، وهو ما استدعى أكثر من مرة خروج الناس إلى الشارع للتعبير عن إحباطهم ولكنهم جوبهوا بالقمع . كما أن حضور الحكومة وصمودها في عدن يمكن أن يخفف من حدة الصوت المناطقي الذي هيمن على المدينة في الفترة الأخيرة ، ودفع آلاف المواطنين - الشماليين خصوصا - إلى العيش رهائن الخوف على الممتلكات والسلامة الشخصية .
هذه أمثلة أولية على ما يمكن ، ومايجب أن تقدمه الحكومة لليمنيين ، وهي مهام بسيطة تتماشى بشكل يسير مع طبيعة الحكومة ولا تتعارض مع عيوبها المعروفة من ارتهان وعدم انسجام . ما هو مطلوب من الحكومة أكبر بكثير ، ولكن هذه هي حدودها الدنيا .
المقال خاص بموقع"المهرية نت"