آخر الأخبار

عن استغلال معاناة اليمنيين لتبرئة صالح

الاربعاء, 09 ديسمبر, 2020

بالأمس أغلقت المخابز أبوابها في تعز، ووجدنا أنفسنا مطالبين بإظهار الكثير من الحنكة والخيال من أجل توفير ربطة خبز، ولعلنا نجد أنفسنا في الأيام القادمة نتخبط داخل سوق سوداء خاصة بالخبز. هذا وضع على درجة قصوى من السوء والتعاسة، ويزيده سوءا عجز الناس عن السيطرة عليه ذهنيا، وتحديد المتسببين به بدقة أكثر، ومن ثم تصور شكل عملي واضح لردة فعلهم عليه .
 
تتوزع احتجاجات الناس في اتجاهات مختلفة، ويصرفون ما يفيض من غضبهم، وهو القدر الأكبر ربما، نحو أنفسهم .  الخروج للشارع من أجل الاحتجاج ليس خيارا سهلا في هذه الحالة، وهو أكثر صعوبة مع حقيقة أن ثورة قريبة العهد، في 2011، قد تم إحباطها والتآمر عليها وتشويهها حتى أصبحت مصدر فزع للجماهير، بدل أن تكون مصدر إلهام .
 
هل ينتهي السوء عند هذا؟! لا
للأسف هناك مجال لمزيد من العبث بحياتنا، ومفاقمة حالة الضياع واليأس التي تهيمن عليها . وكأنه لا يكفي أن تعود خائبا من رحلة بحث مضنية عن الخبز، حتى تجد نفسك في حوار عبثي لست مستعدا نفسيا لخوضه مع مواطن من شركاء الخيبة نفسها، وهو يحاول إقناعك أن كل ما يحدث هو عقوبة قدرية للتمرد على صالح!
 
"معك حق" تقول له وأنت تغالب في نفسك غضبا كبيرا، ما يلبث أن يترجم نفسه إلى ابتسامة يأس حزين !
 
كثير من الناس في هذه الظروف العصيبة لا يجدون صيغة واضحة لرفض ما يحدث لهم سوى التعبير عن حنينهم  لعهد صالح، ولكن بطريقة باعثة على الأسى. هل يمكن لصالح أن يحلم من داخل ثلاجته في صنعاء بأكثر من هذا ؟ ها هو يعود بطلا بعد كل ما اقترفه، ويجني أكثر مما طمع به وهو يعمل خلال عقود على تجهيل اليمنيين وإفقار وعيهم السياسي ؛ والأدهى من ذلك أن يجد المساعدة من رجال محسوبين على الثورة من عينة صاحب الشأن الاقتصادي البحت، معين عبد الملك !
 
مع الناس حق إذا هم افتقدوا حياتهم في عهد صالح، ولا يستطيع عاقل إدانة هذا الشعور البسيط والصادق . لقد كانت الحياة أقل مشقة بكثير، وكان الخبز أوفر، والمواطن أكثر قدرة على تحصيل الرزق . هذه حقائق بسيطة، والاعتراف بها لا يجب أن يشكل مشكلة بالنسبة للذين أيدوا الثورة في 2011 . المشكلة هي أن يتحول الاعتراف بأفضلية عهد صالح إلى طريقة لتبرئة صالح من جريمته كأول المتسببين بهذه الكارثة وهذا الانهيار الذي نعانيه.
 
نحن الآن نعيش الأزمة الإنسانية الأسوأ عالميا حسب التقديرات الأممية، وصالح هو أهم الفاعلين في هذه المأساة . المواطن الذي يتحسر تحت وطأة العذاب اليومي  على عهد صالح، لا يجد بدوره مشكلة في التسليم بأن صالح هو الجذر الأول لهذا العذاب وأنه هو الذي تآمر على توافق اليمنيين وفرصتهم التاريخية في التغيير في 2014 ؛ ولا يجد مشكلة في التسليم كذلك بحقيقة بسيطة من قبيل أن كيس الدقيق كان يكلف فقط 1400 ريال يمني في عام 2002 ، وأصبح يكلف تقريبا 5000 آلاف ريال في 2010، أي أنه تضاعف مرات ومرات  قبل أن يكون هناك ثورة أو انقلاب.
 
العبث الإضافي والإمعان في تعميق حيرة اليمنيين وأوجاعهم يأتي من وجود أصوات تحاول استغلال هشاشة اليمنيين الراهنة وتحويلها إلى مناسبة لبعث صالح في صورة المسيح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقال خاص بموقع "المهرية نت"

المزيد من يعقوب العتواني
في سنوات الثورة كان هنالك أمل 
الاربعاء, 03 فبراير, 2021
لا نسيان ولا تطبيع أيها الحوثيون!
الاربعاء, 27 يناير, 2021