آخر الأخبار

ضعف السلطة الشرعية بين الحادث السياسي والإعاقة الذاتية .

الاربعاء, 25 نوفمبر, 2020


مع عودة الأخبار عن مفاوضات متقدمة بين المملكة العربية السعودية والحوثيين ، يعود سؤال مصير الشرعية إلى الواجهة . وسواء صح - والأرجح أنه صحيح - النبأ الذي نشرته وكالة رويترز مؤخرا عن مطالبات السعودية للحوثيين بتوفير منطقة عازلة على حدودها مع اليمن مقابل تنازلات سعودية كبيرة أم لا ، فإن مثل هذه الأنباء تزيد من حدة شعور اليمنيين بضعف سلطتهم الشرعية وخطورة وضعها. الواقع يشير بوضوح إلى أن الشرعية ستواجه صعوبة بالغة في النجاة من دون الدعم السعودي ، رغم كل عيوب هذا الدعم الذي ساهم حتى الآن في تقويض الشرعية بقدر ما أبقى عليها . 


منذ انقلاب الحوثيين على الرئيس هادي في 2014 ، وهي النقطة التي افترضنا حينها أنها مثلت أعلى مستويات ضعف الدولة اليمنية وحتى هذه اللحظة بعد ست سنين وشهرين ، يبدو وكأن السلطة الشرعية لم تتقدم خطوة واحدة حقيقية في طريق تقوية حضورها كمقدمة مهمة لبناء وتقوية دولة اليمنيين . وفيما عدا هروب الرئيس من الإقامة الجبرية في بيته في صنعاء تحت قبضة الحوثيين إلى إقامة جبرية أكثر رفاهية في الرياض ، فإن السلطة الشرعية لا تزال على حالها : عاجزة وربما معاقة ... لا عمود فقري وطني ولا حتى عكاكيز مستوردة تسند أكثر مما تخون . 


ما تؤمل عليه النخبة السياسية المرتهنة للرياض هو أن تفيق السعودية وأن تكتشف في النهاية ارتباط مصالحها بمصالح اليمنيين ثم تعيد تصحيح مسار الحرب وفقا لذلك ، والمشكلة ليست في الأمل نفسه ، رغم غلبة الشكوك حول صلاحيته ، ولكن في أن يكون هذا الأمل هو كل ما في جعبة الرئيس هادي ومستشاريه وحكومته . هذا يعني باختصار رهن مصير اليمن بالتحولات الذهنية لمحمد بن سلمان ، وانتظار أن يصل ولي العهد إلى درجة من النضج يتفهم معها حرج الموقف وخطورة الوضع ! 


الأكثر جرأة وحكمة داخل السلطة الشرعية خرج قبل أيام بمنشور باهت لا تهتز له أطراف عباءة الأمير السعودي الغافل : " الوقت كالسيف ، إذا لم تقطعه قطعك " ، أما بقية المسؤولين فإنهم يكشفون لنا وللعالم كل يوم عن استعدادهم لأن يرابطوا في القصور الملكية في صبر وصمت إلى أن يبلغ الفتى تمام عقله ، وليس لديهم لا الجرأة ولا الحكمة ولا الضمير ليتساءلوا لعل بلدهم يكون أقرب إلى الضياع من بن سلمان إلى الصواب . 


كان بإمكان الرئيس هادي وسلطته خلال سنوات أن يبحثوا عن مصادر للقوة ، لو أنهم اختاروا ممارسة السياسة بدل اعتناق هذا الأمل السلبي ... هذا إن كان الأمل أساسا يصلح لتسمية ما يفعله هادي وجماعته مع المملكة . كان على السلطة الشرعية أن تطور علاقات أقوى مع العالم  الخارجي، ولا تكتفي بالاحتجاب خلف جلباب سلمان . كان عليها البحث عن أصدقاء يكونون على استعداد لإسنادها حين ينقطع سند المملكة ، خصوصا أن نذر التخلي السعودي ظلت تتوارد على مدى سنوات ، ولن يكون آخرها أخبار المنطقة العازلة . 


وإذا كان الحديث عن ضرورة بحث الشرعية عن تحالفات خارجية في معزل عن السعودية قد بدا دائما- ولا زال - غير واقعي بالنسبة لكثيرين ، فإنه لن يتوفر لهم إبداء نفس الحكم على الحديث عن واجب السلطة الشرعية في بناء تحالفاتها الداخلية . الجسد السياسي للشرعية يتشكل من مجاميع متنافسة من المنتفعين ، ولا يؤهلها للصمود في وجه التحديات القائمة، ولا يساعدها في الاتكاء على نفسها حين يغيب السند الخارجي .

مع الوقت يتنامى شعور غريب لدينا نحن اليمنيين بأن ضعف سلطتنا الشرعية ليس نتيجة حادث من حوادث السياسة ، يمكن إصلاحه بالسياسة نفسها، بل نتيجة إعاقة ذاتية ماثلة في رأس السلطة ومحيطه السياسي .

المقال خاص بموقع "المهرية نت"

المزيد من يعقوب العتواني
في سنوات الثورة كان هنالك أمل 
الاربعاء, 03 فبراير, 2021
لا نسيان ولا تطبيع أيها الحوثيون!
الاربعاء, 27 يناير, 2021