آخر الأخبار

عن جرائم التحالف والحوثيين وأنواع الضمائر!

الجمعة, 10 أبريل, 2020

 قبل أكثر من أسبوع قتل "التحالف" عشرات الخيول في صنعاء في مشهد بليغ الدلالة يكشف كيف يجمع هذا التحالف إلى جانب فقره العسكري والسياسي فقرا أخلاقيا وكيف يعجز عن توظيف أدواته العسكرية في تحقيق مكاسب حقيقية فيكابر متابعا استخدامها كيفما اتفق دون أدنى حساسية.
 
تداعت الإدانات الغاضبة على إثر الحادثة، وطافت صور الخيول النافقة والمحطمة أرجاء العالم الافتراضي، واشترك الجميع في التأكيد على "الضمير" كأساس لهذه الإدانة.
 
ينبغي التنويه هنا إلى أن التركيز ينصب على التفاعل غير الرسمي مع الحادثة.
 
على كل حال، عند إمعان النظر في طبيعة ردود الفعل هذه يتكشف أمامنا أن الضمير المعلن لم يكن هو نفسه عند جميع المعلقين على الجريمة.. أي أنه تعدد تبعا لتعدد أغراض أصحابه.
 
بعضهم غضب لمرأى الحيوانات البريئة تموت دون ذنب، والبعض تغاضب أكثر مما غضب لاتقاء شر الحوثيين ولمجرد إثبات أنه ليس "عميلا"، والبعض أعلن غضبه (ولنضع عشرة خطوط تحت "أعلن" )  لأن الإعلان هو ما يهمه من هذا الأمر كله .
 
غضب النوع الأول ليس مبررا فقط، بل هو الموقف الأعلى أخلاقيا، وهو ثمرة ضمير حي بالفعل لا تزال بوصلته تعمل بدقة على تحديد الخير والشر والصواب والخطأ، وهو بالكاد ظهر في مواقع التواصل لسببين:
 
الأول أن مواقع التواصل محكومة بالنشاط المنظم، والغضب الأصيل يشترط العفوية، والعفوية تنتعش في الفرد المستقل والمتمرد وتذوي في التنظيمات.
 
 والثاني: أن ضميرا بهذه الحساسية لا شك أنه قد تشرب قدرا من اليأس والشك في فاعلية التعبير بعد خمس سنوات من الحرب عاصر فيها جرائم رهيبة استهدفت فيها المدارس والأعراس وتجمعات العزاء.
 
 
 النوع الثاني، الذي تغاضب أكثر مما غضب، أصحابه يمنيون عاديون في مناطق سيطرة الحوثي، ويمثلون الجزء الأكبر من مجموع الذين تفاعلوا مع جريمة التحالف الجديدة، كما كانوا دائما من قبل.
 
هؤلاء، كما سبق الإشارة، دافعهم الأول لإدانة الجريمة هو الخوف، وينشغلون عادة في البحث عن مساحة معينة تبقيهم في مأمن من التورط في تأييد أو عداء مباشر للحوثي.
 
 وهذا لا ينفي أن هؤلاء الناس يتفاعلون مع مجازر التحالف عن ضمير، بل أن بحثهم عن السلامة يطغى على البواعث النفسية الأخرى، وهو سلوك مبرر تماما، فليس كل الناس مناضلين أو أبطالا. 
 
النوع الثالث: وهو هاجسي أثناء كتابة هذه السطور كان قد اكتسب سمعة سيئة منذ بداية الحرب وأصبح ضميره موضوع سخرية دائمة في مواقع التواصل وجرى تسمية أصحابه ب"كتيبة الحياد" مع ما في هذه التسمية من خبث غرضه التلميح لتورط هذه المجموعة في عمل منظم داعم للحوثيين من موقع مستقل.
 
ممثلو منظمات حقوقية ونشطاء ليبراليون وصحفيون يساريون هم عماد هذا النوع من الضمير الموجه أو الضمير الوظيفي أو الضمير المصطنع أو أي شيء ما عدا الضمير الحقيقي.
 
 بعد ستة أيام من سابقة التحالف في استهداف اصطبلات الخيول في صنعاء، كان على الحوثي أن يؤكد قدرته على التنويع في جرائمه كذلك، وهو المشهود له بابتكار السوابق الإجرامية، فاستهدف قسم النساء في سجن تعز المركزي.
 
عشرات النساء اللواتي كن يدفعن ثمن جرائم جنائية خاصة، وجدن أنفسهن ضحايا لمجرم عام في عملية استهداف للإنسان أولا ولفكرة الإصلاح والعدالة بعد ذلك.
 
 وكما في كل مرة تتزامن أو تتعاقب فيها جرائم التحالف مع جرائم الحوثيين، عجز الضمير الوظيفي عن متابعة مهمته وسقط في شرك التبريرات المستهلكة قبل أن يموت.
 
لم يستطع هذا الضمير مواصلة الركوب على أشلاء الأحصنة المغدورة، لأن أشلاء آدمية قطعت عليه جولته وحاصرته وأجبرته على كشف هويته.
 
هذا الضمير يموت بسهولة ولكن أيضا يبعث بسهولة، لأنه باختصار مصطنع وغير حقيقي.
 

المزيد من يعقوب العتواني
في سنوات الثورة كان هنالك أمل 
الاربعاء, 03 فبراير, 2021
لا نسيان ولا تطبيع أيها الحوثيون!
الاربعاء, 27 يناير, 2021