في مقابلتها الأخيرة التي أجراها معها الموقع الأمريكي "Inside Arabia" ، قالت توكل كرمان أنها لا تعبأ كثيرا بالحملات الإعلامية التحريضية التي تمولها ضدها كل من الإمارات والسعودية في مواقع التواصل الاجتماعي ، طالما أن المنشار الذي مزق جمال خاشقجي سيبقى بعيدا عنها .
 
على ما في هذا التصريح من تهكم واضح وسخرية لاذعة من قبل صاحبة نوبل ، فإنه لا يمس بمأساة خاشقجي الإنسان أو ينتقص من خطورتها كما قد يوحي التصريح ظاهريا . يقوم الأدب السياسي الساخر على مثل هذا النوع من التعريض بالممارسات الإجرامية للأنظمة السياسية دون أن يفهم منه الاستهتار أو عدم احترام آلام من وقعوا ضحايا لهذه الممارسات ، والسخرية يمكن أن تكون هنا هي " ذروة الألم " كما يعرفها الكاتب السوري المعروف محمد الماغوط .
 
الروع الذي خلفه اغتيال خاشقجي ، والصدمة التي تركها تقطيع جسد الرجل في نفوس المتابعين عبر العالم ، كان من لا بد أن يأخذا مع الزمن صيغة السخرية هذه ، خصوصا مع تعذر تطبيق العدالة ، فالجريمة التي لا تستقر بمرتكبها في زنازين القضاء  ، لا مناص من أن تهوي به في قبو العار على الأقل .
 
عموما لا تعدو سخرية كرمان أن تكون قطرة وسط موجات السخرية التي انطلقت منذ أن تكشفت الجريمة الفضيعة ، حيث أصبح "المنشار " منذ ذلك الحين رمزا للقسوة وانعدام الخبرة في آن ، وهما صفتان تميزان بشكل قاطع طريقة الإدارة التي يتبعها محمد بن سلمان .
 
دخل المنشار وسط سيل من النكات الساخرة من ولي العهد السعودي ، وظهر في عشرات الرسوم الكاريكاتورية ، وأصبح اللافتة الأشهر في الوقفات الاحتجاجية المعارضة لبن سلمان عبر العالم ، ولا مبالغة في القول أنه ربما أصبح أكثر استعمالا في الإشارة لولي عهد المملكة من الاختصار الشهير MBS . 
 
  نكتة واحدة علقت في ذهني أكثر من غيرها ، وقد تم إطلاق هذه النكتة "المنشارية " أثناء ذيوع خبر يتحدث عن مساع سعودية حثيثة لشراء نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي ، وتذهب النكتة إلى أن بن سلمان يعتزم ، بعد إتمام الصفقة ، تغيير اسم النادي الرياضي إلى "منشار يونايتد" . تتركز قوة هذه النكتة كما هو واضح في الجناس البادي بين كلمتي "منشار" و "مانشستر" ، إضافة إلى التقابل في المعنى بين "المنشار" الذي هو أداة تقطيع والكلمة الإنجليزية " يونايتد" التي تشير إلى الاتحاد .
 
على أية حال ، لقد كان النادي الإنجليزي محظوظا ونجى من "منشار " بن سلمان ، بل إن صندوق الاستثمارات السعودية وجد نفسه عاجزا حتى عن شراء النادي الإنجليزي المغمور "نيوكاسل يونايتد" وذلك لأسباب تتعلق بالعار الذي أشرنا إليه سابقا .

المقال خاص بموقع "المهرية نت"