آخر الأخبار

اليمنيون ومهمة القضاء على الوقت!

الإثنين, 31 أغسطس, 2020

في واقع تزدحم فيه المآسي ويكثر فيه العناء أصبح كل شيء عائقًا، يقف أمام المواطن الذي أنهكه وطنه بحكامه المشتتين وأنهكته الحياة بما تقدم له من فقر وجوع وبطالة وأمراض، فهي في كل يوم تأتيه بجديد من المآسي والهموم التي لا يقوى على حملها وإن أجهد ذاته في ذلك.   كل يوم تفتح له صفحات من التعب غير المتوقع وغير المحتمل، تهديه أطباقًا من الفقد والاحتياج والفاقة العظمى وقطعًا من البلوى التي لا تنتهي أبدًا ولا ينتهى مرها مهما حاول الإنسان الخلاص منه.

  كل شيء هنا مهمته فقط الوقوف ضد الإنسان البسيط ، حتى الوقت أصبح عائقًا ومثبطًا ومصدرًا للإحباط لدى الكثير من الناس ، لا يدري الإنسان- في ظل هذه الأوضاع- كيف بإمكانه أن يقضيه ويجعله يمر بسلام أو قل: يمر بأقل الخسائر المادية والمعنوية والبشرية، لذا تجد الأغلبية الكبرى من الناس من يجهد ذاته لكي يقضي على الوقت؛ وهو في الحقيقة يهرب منه يبحث عن نجاة منه.

   الوقت الذي كنا نخشى فواته ونُنْصحُ كثيرًا بأن نقضي عليه ونستغله قبل فواته، قبل أن يقضي علينا هو، لم يعد ذلك الوقت الذي وصف بالسيف البتار لسرعة مروره لم يعد الإنسان ، يراه بهذه الصورة، لقد أصبح بطيئًا للغاية في وجهة نظر العامة لكأنه يتسلى بالمشاهد المأساوية التي تحدث للناس فيه، أصبح ثقيلًا كسكرات الموت متعبًا كهي تمامًا مربكًا لكل من فيه.
   أصبح الإقبال على وسائل التواصل الاجتماعي كبيرًا على مستوى الفئات العمرية من صغار وكبار؛ فكثيرةٌ هي الأوقات التي تهدر في هذا، وكثيرون هم الناس اليوم الذين يلزمون شاشات الجوالات ليل نهار داخل البيت أو خارجه، في كل مكان يكونوا فيه قضاءً للوقت لا أكثر، وهذا الإهدار للوقت يكون بمحادثات لا فائدة منها ولاخير فيها، إما في البحث عن أخبار خارج نطاق السياسية أو عن الجديد في النكت والفكاهة المستوحاة من الواقع والسخرية من هذا الواقع المشؤوم ، ولكم ازداد عدد المشاهدين للمسلسلات والأفلام، وكثر اللاعبون للألعاب الإلكترونية، وازدحمت أسواق ومجالس القات، وكثرت النساء اللائي يدمن المداعة والشيشة، كل ذلك بحجة القضاء على الوقت.
    وتمر الأيام وتمضي السنين وكلما مضى عام سعد الناس لمضيه كثيرًا، لكأنه من بعده سيأتي الفرج المريح، لكن الحال هي الحال لا تتغير بل تزداد سوءا وسوادا، العمر يمضي والناس غير مقدرين أن النهاية الحتمية تقترب كل ماضى الوقت.

   لكن أي نهاية ينتظر الناس في بلادي، إن النهايات كلها مأساوية حتى أن من يأتيه الموت يفرحون له كثيرًا؛ لأنه ربما تخلص من عناء ثقيل كان على عاتقة يمسى الحياة الدنيا.. فلا شيء يُحزن عليه إذا فات ما دامت الحياة لا تطاق.
  المقال خاص بموقع المهرية نت 

المزيد من إفتخار عبده