آخر الأخبار

شهر محرم وجمالياته في تعز

الإثنين, 17 أغسطس, 2020

ها نحن في صدد استقبال شهر محرم بانكساراتنا المتتالية وبآمالنا التي نحاول جاهدين أن نحييها ونحافظ عليها من الهلاك مرة أخرى، هذا الشهر العظيم  الذي انتهكت الحربُ حرمته  فأكثرت من القتل فيه وسفك دماء الأبرياء دون مراعاة لحرمته التي فرضها الله على الناس.


 لتعز الحبيبة في هذا الشهر عاداتٌ جميلة توحي بالجمال وتعيدنا لعهد الألفة والمحبة، للزمن الذي كان له طابعه الخاص من الجمال والإخاء والمحبة، الزمن الذي كان فيه الأخ يؤثر على أخيه ولا يتركه في رغم هفواته وزلاته.


 ليلة التاسع من شهر محرم والليالي التي تليها لها اهتمامٌ كبير من قبل  أبناء تعز خصوصًا ساكني الأرياف؛ إذْ يحيونها  بـ" المِسَّاء" وهي عادة  متوارثة منذ القدم.


يقوم الأطفال في هذه الليلة والليالي التي تليها بجمع  حشد منهم للخروج بأمسية رائعة يتنقلون فيها  بين الأحياء السكنية في المناطق التي يعيشون فيها، وهم يهتفون بأهازيج رائعة تخص هذا المساء الجميل، وتهتف الفرقة الممسية فيمرون في جوار كل  بيت ويقفون على باب هذا البيت يهتفون  لمن في البيت ممسين عليهم بالخير والرضا ومن قولهم:

""يامسا يامسا الخير ليليا
ليليا بالرضا والعافية

يامسا جيتُ امسي عندكم
 يامسا  مادريتُ مااسمكم

ثم يبدأون بذكر أفراد  الأسرة ابتداءً بالكبير  حتى يصلون إلى أصغر فرد بهذه الأسرة
وعلى الأسرة أن تعطيهم مقابل ذلك، والعطاء هذا إما أن يكون حبوبًا من القمح  أو قطعًا من الشكولاته  والبعض القليل من يعطيهم مبلغًا رمزيًا من المال يُعطى لقائد هذه الفرقة وهو يقوم بتقسمه للأفراد  بعدما تنتهي هذه الأمسية، وبعض الأسر من تبدي تذمرها منهم واصفةً إياهم بالمزعجين، لكن هؤلاء الأطفال عنيدين إلى درجة كبيرة، يقابلون ذلك التذمر بتعنت ٍ كبير مطالبين أهل هذا البيت أن يقومون بإعطائهم كما تفعل بقية الأسر فيقولون:

"يا مسا لاتقولوا جاوعين
يامسا إلا شباب متولعين

يا مسا وافسحونا شنسير
يا مسا  عادو مرواحنا  النقيل

وهكذا حتى يخرج صاحب هذا البيت ويمنحهم مايستطيع ثم ينتقلون إلى بيت آخر فرحين بما حصلوا عليه، متفائلين جدًا.


 وكلما مرت هذه الفرقة بحارة رافقها منها الكثير من الأطفال  فيزداد العدد ومعه الحماس يزداد أيضًا فتكثر الأصوات ويكون لها صداها في المنطقة مما يجعل هذا المساء ذا مذاق خاص وفريد فأصوات هذه الفرق الرحالة من حارة إلى أخرى تجوب المكان ويسمعها الناس كلهم سواء الذين هم في غرفهم أو الذين يتابعونهم بشغف من أسطح المنازل.


هذه هي العادات الجميلة التي توحي لنا بالائتلاف الجميل وببراءة منقطعة النظير ،
فلو  شاء الله وعشت تلك  اللحظات الجميلة تتابع أصوات الممسين في الليالي الريفية الهادئة، تلك الليالي الخالية من أصوات ضجيج السيارات والدراجات الناريه، بهواها النقي العذب، لو قُدِّرَ لك لعشت لحظات لا يمكن قط أن تنسى.

المقال خاص بموقع المهرية نت

المزيد من إفتخار عبده