آخر الأخبار
تفاهمات الرياض ... لا أمل ولا يأس!
هل علينا أن نشعر بالأمل ، بالقليل منه حتى ؟ أبدا!
هل علينا أن نشعر باليأس إذن ، بالكثير من اليأس؟ أيضا لا !
بماذا علينا أن نشعر إذن ؟ بالاشمئزاز ، بالملل ، بالسخرية ، بالاحتقار ، أو بلا شيء ! ربما لا يوجد ما يستحق حتى مجرد الشعور .
علاقة الانتقالي بالشرعية ، منذ بدايتها ، شكلت مصدرا غزيرا لأكثر الأمثلة تعبيرا عن المستوى الجديد من الانفلات الأخلاقي في الحياة السياسية اليمنية ، والذي دشنته مليشيا الحوثي بانقلابها في 2014 . داخل هذا المستوى لا يفرض عليك اعترافك بفكرة أو مبدأ أو اتفاقية أي التزام تجاه ما تعترف به ، ولا يفترض بك أن تحاول أن تسبغ أي قدر من التناسق على مواقفك السياسية وتصرفاتك على الأرض .
بداية الأمر وجد رئيس الجمهورية نفسه مدفوعا لإعطاء سلطة لمجموعة أشخاص كانوا صريحين ، من خلال السلوك أو التعبير المباشر والرمزي ، في مناقضتهم لاتجاهه (جميعنا ، على سبيل المثال ، نتذكر الشكل الذي ظهر به هاني بن بريك لأداء اليمين الدستورية أمام الرئيس في 2015) ، كما أنهم لم يحتاجوا لممارسة نوع من "التقية" أثناء استثمارهم لشرعية السلطة ، لأنهم لم يشعروا بحاجة كبيرة إلى ذلك طالما أن الداعمين المفترضين للشرعية ، وهم السلطة الأعلى ، لم يكونوا يشترطون من أجل منح دعمهم الولاء الحقيقي لتلك الشرعية ، بل إنهم في كثير من الأحيان اشترطوا العكس .
القبول بالمناصب الرسمية لم يكن يعني اعترافا ، وان كان كذلك فهو لا يعني التزاما ، وبالتالي ذهب هؤلاء الأشخاص للعمل على مشروعهم الخاص تحت غطاء شرعي ، وعندما شعروا أنهم بلغوا درجة متقدمة في هذا المشروع أعلنوا انقلابهم بكل بساطة .
الآن يعلن الانتقالي تراجعه عن قرار " الإدارة الذاتية" ، وبذلك يعترف أن شعوره بالتوقيت فقط كان خاطئا ، بينما ستبقى النية لإعادة الكرة مبيتة إلى وقت لاحق كما تؤكد صيغة البيان الذي عبر عن أن التزام المجلس حصري بالتحالف ، وبدا في البيان كما لوأن اتفاق الرياض المزمع تنفيذه لن يعني بشكل جدي وجود سلطة واحدة وقرار واحد .
الباعث على السخرية عموما هو طبيعة الأطراف الفاعلة في التفاهمات الجديدة ، السعودية والإمارات والانتقالي والشرعية . الإلتزام ليس من طبع أي من هذه الأطراف كما تكشف ست سنين من الصراع والتباس الأدوار وانعدام المسؤولية الأخلاقية .
ستواصل الإمارات بناء المليشيا واقتطاع الجزر والموانئ ، وستبقى السعودية تائهة في هواجسها المتناقضة ، وسيستمر الانتقالي على تلك العنجهية التي يصبغها الشعور المفاجئ بالقوة على أصحاب النفوس الوضيعة ، وسيمدد الرئيس هادي نومه في الرياض إلى أجل غير مسمى .
لا يمكننا فقط أن ننظر إلى حصيلة المفاوضات على الورق ثم نتفاعل معها ، سلبا أو إيجابا ، لأننا نتعامل مع كيانات سائلة ، مزاجية ، ترسم الخرائط والخطط والأهداف ثم تترك كل ذلك وتمضي "حيث يسوقها حمارها" أو "بعيرها " بشكل أدق ، كما يقول المثل الشعبي . هذه التفاهمات ، مثلها مثل الاتفاق الذي تهدف لتنفيذه ، سينتهي بها الحال على الأرجح إلى موضوع إضافي للجدل والنقاش الإعلامي الباهت وتغييب القضية الأساسية لليمنيين ، وفيما عدا ذلك تبدو هذه التفاهمات أسخف من أن تعني لليمنيين مناسبة للأمل أو لليأس في ظل واقع قد بلغ قعر اليأس منذ زمن بعيد .
المقال خاص بموقع ""المهرية نت"