آخر الأخبار
ذكرى الثلاثين من نوفمبر وواقع اليوم
يمثل 30 نوفمبر 1967م أحد محطات الانتصار العظيم لإرادة شعب تواق للحرية والاستقلال ، رغم ما يكتنزه من فرح وحزن، من انتصارات وخذلان للبعض، يبقى حدث تاريخي يجسد تاريخ طويل من النضال والكفاح ضد المستعمر وأعوانه.
الحديث عن 30 نوفمبر اليوم يحتاج لدراسة وتمعن جاد في تاريخ هذا الحدث، لنستلهم منه فكرة الاستقلال والحرية، استقلال القرار وحفظ السيادة وحرية إرادة الناس ليعبروا عن مكنوناتهم ورغباتهم وتطلعاتهم.
يمثل 30 من نوفمبر رحيل آخر جندي بريطاني، والقضاء على حلم المستعمر في إنشاء كيان سياسي وظيفته الحقيقية خدمة مخططاته في المرحلة القادمة، نحتفل بتوحيد 23 سلطنة ومشيخة وإمارة، تحت كيان وطني بهوية الوطن الكبير
مع الأسف أن ما وحد كل القوى بمختلف توجهاتها للنضال والكفاح المسلح ، مزقته السلطة والأيدلوجيا ، فتسبب في حرب أهلية ، كانت نتائجها وخيمة على الاستقلال والوطن، الذي أعاق التحرر الوطني وبناء الدولة ونهضة المجتمع، ومع تراكم الأحداث أنتجلنا واقعنا اليوم، الذي لا يسر عدو ولا صديق، وضع مأزوم ومحتقن مصطنع لاغتيال روح فكرة الاستقلال من العقول والافكار الضمائر.
أخطر ما يصيب العقل ويدمر المعنويات هو الاستسلام للنكسات، والإصابة بداء الفتنة، فتنة أطلق دابرها وسار على دربه المصابون، حتى تمكنت منهم وعقولهم وأفكارهم وقناعاتهم وتوجهاتهم.
خطر يكمن في عدم الوعي على توصيف الواقع، وترتيب الأولويات المستحقة، وتوهم تحديات غير مطروحة وتهميش رهانات حاضرة وواجبة، وإهدار طاقات في مواطن غير ذات جدوى، وتمزيق ما هو ممزق، وإعاقة رص الصفوف في الاتجاه القويم وتقويمها نحو المواجهة باقتدار للاستحقاقات.
ولهذا امتهنا الإقبال على ارتكاب أخطاء جديدة لتكرار المآسي والنكبات، بفقدان الوعي نفتقد للتسامح مع الذات والآخر ، للتضحية من أجل وطن وأمة ، فتغلب علينا الأنانية بسوء تقدير فادح للصراع، فنكون ضحية للاستبداد والطغيان مهما اختلفت أدواته وتعددت مبرراته، ويصعب علينا استكمال استقلال الإرادة والوطن والاختيارات، فبقينا ضحايا ماض عفن وتخلف وغباء فوت علينا استعادة حرية استقلال القرار والاختيار، لنبقى مستعمرين وتحت الوصاية الدولية، كأمة لم تنضج بعد وتشكل خطرا على المنطقة والعالم، فنضع تحت الوصاية والقوانين التي تشرع للاستعمار الجديد.
كم نحتاج من الدروس والعبر لكي نتعلم ونستلهم من تجاربنا ما يفيد لأمتنا ووطننا، للاستقلال من الوصاية الدولية، وعدم إيجاد المبررات للتدخل الخارجي، اليوم لم تعد تحكم لا الجبهة القومية ولا جبهة التحرير، لا منتجات الصراع ما بعد الاستقلال، ومنتجات الصراعات المتتالية، فاليوم الجميع تحت مقصلة الوصاية، والمؤسف أن البعض ما زال يبحث عن حليف دولي للتمكين، وهذا بحد ذاته مؤشر خطير لعدم استيعاب دروس وعبر الماضي، وأننا نسير على درب أخطاء الماضي وخطاياه.
لا يوجد أمامنا إلا فرصة واحدة متاحة هو السير في طريق الاستقلال بالقرار والسيادة للحاق بركب الأمم التي أفلحت في الانعتاق من عبودية التحالفات التي تجعل منا أدوات وظيفية في مشاريع لا وطنية، فالتحدي اليوم يكمن وفي وحدة الصف والشراكة في معركة وطنية مع بقايا المستعمر والارتهان للمشاريع الخارجية ، ما لم سنبقى كرة تقذف بها أرجل تلك المشاريع الاستعمارية القبيحة.
*المقال خاص بالمهرية نت *