آخر الأخبار
حملاتٌ مكثفة على محلات الصرافة.. هل تنقذ الريال اليمني؟ (تقرير خاص)
جرى مؤخراً تنفيذ حملات لإغلاق محلات صرافة في عدد من المحافظات
الاربعاء, 06 نوفمبر, 2024 - 10:06 مساءً
تدهورت قيمة العملة الوطنية في الأشهر الأخيرة بشكل كبير؛ ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية والمعيشية لدى المواطنين الذين يكابدون الحياة بحثًا عن لقمة العيش.
ومؤخرًا تجاوزت أسعار الصرف حاجز 2050 ريالًا للدولار الواحد، في ظل استمرار المضاربات ما أفقد الريال اليمني خلال شهر أكتوبر 2024 أكثر من 20% من قيمته في عدن والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.
وخلال الأيام الماضية أطلقت النيابة العامة بالتعاون مع فروع البنك المركزي والأجهزة الأمنية في العديد من المحافظات حملات مكثفة لإغلاق شركات الصرافة غير المرخصة والمخالفة للوائح التنظيمية.
ويوم الأحد أغلقت نيابة الأموال العامة بمحافظتي حضرموت والمهرة، بالتنسيق مع الإدارة العامة للأمن والشرطة بساحل حضرموت وإدارة البنك المركزي فرع المكلا، حملةً لإغلاق محلات الصرافة غير المرخصة والمخالفة للقانون" وفق إعلام النيابة".
وفي محافظة المهرة شملت الحملة إغلاق 11 شركة صرافة مخالفة، منها 5 شركات في مديرية الغيضة، و5 شركات في مديرية شحن، وشركة صرافة واحدة في حوف، وتواصلت الحملة من خلال النزول الميداني في المديريات الأخرى؛ لضبط المخالفات وإغلاق الشركات غير المرخصة بما يتوافق مع القوانين المنظمة للقطاع المالي في البلاد.
وكانت النيابة العامة قد أغلقت يوم الخميس الماضي، عدداً من محلات الصرافة في العاصمة المؤقتة عدن، وذلك في إطار جهودها لتطبيق إجراءات البنك المركزي اليمني ضد المصارف المخالفة.
جاء هذا التحرك في إطار الإجراءات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية للحد من انهيار العملة، في ظل فشل الإجراءات المتخذة لمعالجة هذا التدهور المريع، وانعكاساته على حياة المواطنين في مختلف المجالات، فهل سيكون النجاح حليفًا للنيابة العامة في الحد من انهيار الريال اليمني؟.
خبراء اقتصاديون وناشطون يرون أن هذا التحرك لا يكفي للحد من الانهيار الحاصل في سعر صرف الريال اليمني وأن الوضع الحاصل بحاجة إلى تحركات جادة في العديد من الجوانب، وعمل العديد من الإصلاحات.
في هذا الشأن يقول الصحفي والمحلل الاقتصادي وفيق صالح: "الحملات الأمنية لإغلاق شركات الصرافة المخالفة وغير المرخصة لن تحل أزمة انهيار الريال، حتى وإن كانت مهمة ومطلوبة لضبط الانفلات الحاصل في أسواق الصرف".
وأضاف صالح لـ"المهرية نت": ما يحتاج له الوضع الراهن، لإعادة الاستقرار المعيشي للمواطن، هو حزمة إصلاحات شاملة، تتضمن تنمية الموارد المحلية والخارجية وإصلاح الاختلالات الحاصلة في مؤسسات الدولة والالتزام بمبادئ الشفافية والنزاهة والحوكمة".
وتابع: "الوضع الاقتصادي اليوم بحاجة إلى إصلاح المنظومة النقدية عبر ضبط النظام المصرفي، وإعادة الاعتبار للبنك المركزي والجهاز المصرفي الرسمي وكذلك حشد الدعم الدولي في المجالين المالي والفني، ورفع قدرات المؤسسات المحلية وتسهيل التعاملات المالية مع البنوك والمؤسسات المالية الدولية".
وواصل: "أما الحملات الأمنية على محلات الصرافة فهذه ستعمل فقط على ضبط السوق من الانفلات الحاصل الذي تشهده الأسواق، وهذا العمل بحاجة إلى أن يتبع بعمل إصلاحات تعيد للريال قيمته".
في السياق ذاته يقول الصحفي والناشط السياسي وليد الجبزي: "الانهيار المخيف للريال اليمني أمام العملات الأجنبية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية ينذر بكارثة كبيرة، في ظل عجز من قبل الحكومة وخذلان المجتمع الدولي والأمم المتحدة ودول الجوار والتي جميعها وقفت أمام قرارات البنك المركزي اليمني وعملت على إيقافها بدون أي شروط".
وأضاف الجبزي لـ"المهرية نت": "كان من المفترض على الحكومة الشرعية الضغط على الأمم المتحدة ودول الجوار باستخدام ورقة قرارات البنك من أجل دعم خزينة الدولة عن طريق السماح بعودة تصدير النفط من أجل تحسين العملة الوطنية؛ لكنها لم تستغل الفرصة الكبيرة التي كانت بيدها".
محاولة يائسة
وأردف "اليوم نرى هناك تخبطًا من قبل البنك المركزي اليمني في عدن والحكومة الشرعية في محاولة يائسة لإنقاذ الريال اليمني المتهاوي أمام العملات الأجنبية، وذلك تارة ببيع عملات أجنبية عن طريق المزاد، وتارة بعمل اجتماعات لا طائل منها، وأحيان بحملات على محلات الصرافة".
وتابع"جميع هذه الحلول التي يتوقع البنك المركزي والحكومة الشرعية أنها ستنقذ العملة الوطنية ماهي إلا جزء بسيط من الحلول لكنها لم ولن تساعد على إنقاذ الريال اليمني المنهار الذي وصل إلى أدنى مستوى له في تاريخه".
وأشار إلى أن "إنقاذ الريال اليمني وعودته إلى الاستقرار وبشكل نسبي يحتاج إلى حنكة سياسية ووقفة جادة من الحكومة باتخاذ قرارات صارمة تعزز من الإيرادات عن طريق تصدير النفط والغاز وتفعيل المنشآت الاقتصادية المتوقفة منها منشأة بلحاف".
وأضاف: "كما تحتاج إلى ضبط الموارد الحقيقية للدولة وتوريدها للبنك المركزي اليمني في عدن، وكل ذلك لا يتم إلا بتوحيد القوى السياسية والعسكرية المؤيدة للشرعية، بالإضافة إلى تخفيف المصروفات التي تصرف للمسؤولين الحكوميين بالعملة الصعبة وعودتهم إلى داخل البلاد".
وتابع: "الحملات المكثفة على محلات الصرافة وحدها لن تنقذ الريال اليمني فهو بحاجة ماسة إلى قرارات حاسمة وأعمال جادة تعيد له روحه بعد كل هذا الانهيار".
لن توقف تدهور الريال اليمني إطلاقًا
بدوره يقول الناشط الإعلامي أبو فاهم، فؤاد العسكري "الحملات الأمنية على محلات الصرافة لن توقف تدهور الريال اليمني مطلقًا ولن تعالج الأوضاع المعيشية المنهارة، وإن عالجت فستكون بمثابه مكياج العروس أيام ويعود الأمر إلى الأسوأ".
وأضاف العسكري "الأمر الذي سينقذ تدهور الريال اليمني هو إيقاف صرف الإعاشات التي هي خارج النظام والقانون، والصرفيات على المسؤولين النائمين في عواصم الدول، ثم تفعيل وتشغيل الصادرات والإنتاج؛ فسبب انهيار الريال ليس محلات الصرافة وحسب".
وأشار إلى أن "من أبرز مسببات تدهور سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية هو تزايد الفجوة بين العرض والطلب من العملات الأجنبية في السوق بسبب زيادة الطلب على العملة، الناتج عن زيادة الطلب على السلع المستوردة لأسباب من أهمها ضعف الحكومة وتوقف الإنتاج المحلي، والمضاربة بالعملة، والشلل في التحكم بالسوق اليمنية".
وتابع: "ومن أسباب تدهور العملة المحلية أيضًا هو عدم قيام البنك المركزي اليمني بمهامه في مجال تحديد سعر الصرف وترك أمر تحديده لصالح السوق غير النظامية مثل محلات ومؤسسات الصرافة، مع ضعف التنسيق مع البنوك التجارية والبنوك الإسلامية، وكذلك تخلي البنك المركزي عن توفير النقد الأجنبي لتمويل احتياجات الاستيراد، وعدم قيام الإدارة العليا في البنك المركزي عدن بدورها المطلوب منها".
غير مجدية
من جهته قال الناشط الإعلامي، محمد الغزالي: "الحملات المكثفة ضد محلات الصرافة في المحافظات المحررة لضبط التلاعب في صرف العملات لا أراها مجدية، طالما وأن مقومات الاقتصاد الوطنى منهارة بل معظمها مغيبة تمامًا عن العمل".
وأكّد الغزالي ضرورة تفعيل الصادرات من النفط والغاز، وتفعيل الموانئ وتحصيل الضرائب وغيرها إلى خزينة الدولة، ومكافحة الفساد، والتقشف في النفقات العامة للدولة في كافة المجالات، فهذا الأمر كفيل بحفظ استقرار صرف العملة وبالتالي إنقاذ الريال اليمني".
وتابع: ضبط الصرافيين في الوقت الذي لا توجد فيه عائدات لخزينة الدولة ولا مكافحة لمنابع الفساد ولا تقليل من صرفيات مسؤولي الدولة غير المهمة فهذا يظل عملًا دون نتائج إيجابية".