آخر الأخبار

هل تنجح الحكومة في الحد من تدهور الريال اليمني؟ (تقرير خاص)

الريال اليمني يهوي إلى مستويات قياسية

الريال اليمني يهوي إلى مستويات قياسية

المهرية نت - رهيب هائل
الخميس, 24 أكتوبر, 2024 - 08:43 صباحاً

بعد أن تجاوزت العملة المحلية حاجز 2000 ريال أمام الدولار، بدأت الحكومة الشرعية خلال الفترة الأخيرة التحرك، والاستجابة لدعوة البنك المركزي، وعقدت اجتماعات مع الوزراء والفريق الاقتصادي وأصدرت حزمة من الاجراءات بغية الحد من هذا التدهور .

 

وكان البنك المركزي قد عقد اجتماعا مع مجلس إدارته، يوم الثلاثاء الموافق 15 أكتوبر/ تشرين 2024م، ودعا الحكومة اليمنية إلى إعادة النظر في سياساتها المالية والاقتصادية، وخاصة في مجال تعبئة وتحصيل الموارد العامة وإعادة تخطيط الإنفاق، بالإضافة إلى دعمه ومساندته بما يمكنه من القيام بواجباته باستقلالية ومهنية في ظل هذه الظروف الصعبة والتطورات غير المواتية.

 

وبالتزامن مع هذا، طالب رئيس الحكومة، أحمد بن مبارك، بدعم دولي لوقف تدهور العملة الوطنية، وقال خلال استقباله المبعوثة النرويجية الخاصة إلى اليمن، هايدي جوهانسون، إن:" المتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة تستدعي من المجتمع الدولي تقديم دعم أكبر للحكومة من أجل صناعة التحول المنشود الذي يتطلع إليه جميع اليمنيين".

 

ويوم الخميس 17 أكتوبر/تشرين 2024، ناقش رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، مع لجنة إدارة الأزمات الاقتصادية والإنسانية برئاسة رئيس الحكومة، أحمد بن مبارك، وبحضور قيادة البنك المركزي وعدد من الوزراء، السيناريوهات الاقتصادية والإنسانية القائمة والمحتملة.

 

وبوم الأحد الماضي 20 أكتوبر/تشرين، عقد رئيس مجلس القيادة اجتماعاً طارئاً باللجنة الأمنية العليا، لبحث إسناد البنك المركزي، وتمكينه من إدارة السياسة النقدية، وتنفيذ إجراءاته الرامية لحماية العملة الوطنية. 

 

 

وأقر الاجتماع “التسريع بإنفاذ خطة الانقاذ الاقتصادي، وردع المضاربين بالعملات، وتفعيل أجهزة الضبط دعما لاستقلالية البنك المركزي وسياساته القانونية في إدارة القطاع المصرفي”.

 

 

ويوم الثلاثاء الماضي وجهت الحكومة الوزارات والجهات المعنية بتحمل مسؤولياتها في الرقابة الصارمة على أسعار السلع والخدمات، والسيطرة على معدلات التضخم، في إعقاب تدهور العملة. 

 

وطالبت الحكومة في اجتماع لها بالعاصمة المؤقتة عدن، السعودية والإمارات، بدعم جهودها للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، وضبط أسعار صرف العملة مشددة على ضرورة التطبيق الصارم لترشيد فاتورة الاستيراد، وإسناد جهود البنك المركزي اليمني في الرقابة على القطاع المصرفي وردع المضاربين، ومؤكدة على ضرورة تشديد الاجراءات في المنافذ لمنع تهريب العملات الأجنبية.

 

 

ويوم أمس الأربعاء جددت الحكومة اليمنية، مطالبها لصندوق النقد الدولي بتقديم المساعدة والدعم في بناء وتعزيز قدرات المؤسسات المالية في البلاد، بحسب اجتماع أجراه وزير المالية سالم بن بريك في العاصمة الأمريكية واشنطن، مع ممثلي صندوق النقد الدولي، بحسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ).

 

ووفقا للوكالة فإن الاجتماع بحث آليات بناء وتعزيز قدرات المؤسسات المالية، والصعوبات التي تواجهها ومتطلبات بنيتها التحتية، والحاجة لدعم وزارة المالية للبدء في نظام الخزانة الموحد، ومصلحتي الضرائب والجمارك في أنظمة المعلومات.

 

ومع استمرار هذه التحركات، وسط تزايد انهيار العملة المحلية، وغياب تنفيذ الإجراءات على أرض الواقع، وإغفال وضع سعر عادل لها، ووقف التضارب بالعملات، واستئناف تصدير النفط والغاز، يؤكد صحفيون ومحللون اقتصاديون أن العملة ستستمر في التدهور وحالة المواطن ستتجه نحو الأسوأ.

 

*تحديد صرف عادل

 

بهذا الشأن، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي، وحيد الفودعي، إن:" الصرف العادل للدولار الأمريكي، وفق تقدير دقيق باستخدام نموذج SARIMAX الكامل وبناءً على بيانات تاريخية تمتد لـ 103 أشهر عبر أكثر من 8 سنوات، يُفترض أن يصل في نهاية شهر أكتوبر من هذا العام إلى 1716 ريالا لكل دولار، وهذا الرقم أخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية والسياسية التي شهدها عام 2024، والتي أسهمت بشكل مباشر في تفاقم الأزمات وارتفاع سعر الصرف إلى هذه المستويات".

 

وأضاف الفودعي لـ(المهرية نت)" بينما لو استمرت الظروف التي سادت خلال عام 2022 وجزء من عام 2023، والتي كانت تتسم بنوع من الاستقرار النسبي مقارنةً بالوضع الحالي، كان من المفترض أن يكون سعر الصرف اليوم حوالي 1540 ريالا/ دولار وفقًا لنفس النموذج التقديري". 

 

وقال إن هذا يعكس كيف انزلقت الأوضاع نحو الأسوأ بسبب التدهور الاقتصادي المتزايد والجمود السياسي، حيث تجاوز سعر صرف الدولار في السوق اليوم 2000 ريال/ دولار.

 

وتابع "أما إذا استمرت الأوضاع الراهنة، التي تفاقمت منذ نهاية عام 2023 وحتى الآن، دون أي تغيير، خصوصاً مع استمرار توقف صادرات النفط، فمن المتوقع أن يصل سعر صرف الدولار إلى 2067 ريال/ دولار بحلول نهاية هذا العام، وهذا السيناريو يُظهر حجم التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني في ظل غياب استجابة حكومية فعّالة أو حلول جذرية لمواجهة هذه الأزمات".

 

واستدرك قائلا:" ما يجب أن يكون بفعل العوامل الاقتصادية هو سعر صرف 1716 ريال/ دولار، وما هو كائن الآن بتجاوزه 2000 ريال/ دولار، يُعد بمثابة جرس إنذار لصناع القرار، وما يحدث لسعر الصرف ليس فقط نتيجة لظروف اقتصادية حقيقية، سواء كانت مالية أو نقدية، بل يُظهر أن التأثير الأكبر جاء بفعل المضاربة بالعملة من قبل تجار الأزمات والفاسدين وغاسلي الأموال".

 

ولفت إلى أن" استمرار تدهور العملة دون تدخل عاجل وفعّال سيؤدي إلى انهيار أوسع في سعر العملة، وسيزيد من الأعباء على المواطنين والاقتصاد اليمني بشكل غير مسبوق، وقد يهدد مستقبل البلاد المالي ويقود إلى عواقب وخيمة على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي".

 

*اتخاذ قرارات حاسمة

 

 وشدد الفودعي على ضرورة أن تبادر الحكومة الشرعية إلى اتخاذ قرارات حاسمة، سواء كانت أمنية ضد المضاربين بالعملة أو اقتصادية مالية، والتنسيق مع الجهات الاقتصادية الدولية، وتحسين المناخ الاستثماري وتفعيل آليات الرقابة المالية، بالإضافة إلى ضرورة الدعم العاجل من الأشقاء في دول الجوار، سواءً من خلال مساعدات اقتصادية مباشرة أو ودائع مالية لدعم احتياطات البنك المركزي. 

 

وأفاد بأن" استخدام نماذج تحليلية متقدمة في تقدير سعر الصرف العادل في السوق، التي تعتمد على بيانات تاريخية وتحليل شامل للعوامل المؤثرة، يتيح تقديرًا دقيقًا للأسعار ويمنع ترك السوق عرضة للتلاعب من قبل المضاربين، مشيرا إلى أنه في ظل غياب التدخل المستند إلى التحليل العلمي، يترك المجال واسعًا للمضاربين على العملة لتوجيه الأسعار بناءً على مصالحهم الشخصية، مما يؤدي إلى تقلبات حادة في سعر الصرف، ويزيد من عدم الاستقرار الاقتصادي".

 

وأردف قائلا" ينبغي على الحكومة وصناع القرار ضرورة الاستثمار في بناء فرق متخصصة في التحليل الاقتصادي باستخدام نماذج رياضية متقدمة، لضبط سياسات العملة ووضع استراتيجيات مستدامة قادرة على إدارة تقلبات السوق".

 

 وشدد على تفعيل دور الجهات الرقابية وتحديث أدوات التحليل المالي من أجل الحد من هيمنة المضاربين على السوق، وتعزيز الشفافية والعدالة في تسعير العملة.

 

*ضرورة تطبيق الإجراءات واقعيا

 

في ذات السياق، يقول الصحفي والمحلل الاقتصادي وفيق صالح إن:" حزمة الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة الشرعية في اجتماعها سابقا جيدة ولا بأس بها، ولكن الأحق هو تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع، وترشيد فاتورة الاستهلاك وتنمية الموارد المحلية وفرض الرقابة على سوق الصرف وتنفيذ أدوات السياسة النقدية".

 

وأضاف لـ" المهرية نت" جميع هذه الإجراءات مهمة، وخطوات جيدة، لكن الأهم من ذلك تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع بحيث تؤتي ثمارها وتحقق الأهداف في تحقيق استقرار سعر صرف العملة الوطنية وإعادة التعافي للوضع المعيشي للمواطنين".

 

وشدد على ضرورة" استئناف تصدير النفط والغاز وحشد الدعم الدولي والإقليمي وتوفير احتياطات كبيرة من العملة الصعبة في البنك المركزي اليمني وتنمية الموارد المحلية وتقليص النفقات وخصوصا النفقات الخارجية مدفوعة النقد الأجنبي لأنها تستنفذ الموارد الشحيحة للحكومة اليمنية".

 

وشدد على ضرورة مصارفة كافة الرواتب بالريال اليمني ومعالجة عملية الاستيراد ومشكلة الانقسام النقدي الذي تسبب بخلق استنزاف للعملات الصعبة من مناطق الحكومة اليمنية وتهريبها إلى مناطق جماعة الحوثي، حيث تظل هذه المشكلة قائمة في ظل هشاشة القطاع المصرفي في مناطق الحكومة الشرعية واستمرارها في العمل بنظام التعويم الحر.

 

 

*ضبط النظام المصرفي

 الصحفي مختار شداد يرى أن :"النقاشات التي تدور حول تدهور العملة لا أعتقد أنها ستكون ذات جدوى على أرض الواقع، لأن الأزمة ليست مستجدة على الساحة الاقتصادية، بل هي نتيجة لتراكمات وأزمات منذ أعوام، والأزمة معروفة بشكل واضح لكل متابع أو مهتم بالاقتصاد، ولا يمكن لنقاش مع وزراء الدولة أن يعمل على إنهاء تدهور العملة الوطنية".

 

وأضاف لـ" المهرية نت" مشكلة تدهور الريال الوطني تكمن في زيادة الطلب على النقد الأجنبي بصورة كبيرة، بالإضافة إلى أن الحكومة لم تستطع السيطرة على الأوضاع وفرض أدوات صارمة للسياسة النقدية، تجاه المضاربين والمتلاعبين، مع العلم أن الطلب على العملة الأجنبية في السوق ليس حقيقيًا بدافع الاستيراد، وإنما توجد مساحة كبيرة للمضاربين بالعملة بغرض تحقيق الأرباح، أو أي أغراض أخرى قد تكون سياسية.

 

وأفاد بأن" البنك المركزي يحتاج إلى دراسة بدائل لتوفير سيولة من النقد الأجنبي، بجانب المزادات التي يعلن عنها بين الحين والآخر، وضبط النظام المصرفي القائم لإصلاح الاختلالات في سوق الصرف".

 

أما الناشط خليل نعمان فيقول لـ "المهرية نت" إن:" الإجراءات السليمة في الوضع الراهن تكمن في أمرين اثنين إما تنفيذ قرارات البنك المركزي ورؤية محافظه أحمد غالب المعبقي السابقة أو تصدير النفط والغاز وفق اتفاقية المبعوث الأممي، حينما أوقف قرارات البنك المركزي في اللحظة الأخيرة بهدف استعادة تصدير النفط".




تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية