آخر الأخبار
فورين بوليسي : حرب ترامب ضد الحوثيين بلا جدوى (ترجمة خاصة)

آثار الدمار الذي خلفته الغارات الأمريكية
الجمعة, 25 أبريل, 2025 - 09:49 صباحاً
قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية إن حرب الرئيس دونالد ترامب ضد الحوثيين بلا جدوى.
جاء ذلك في تقرير لكيث جونسون وهو مراسل لدى مجلة فورين بوليسي، يختص بتغطية الشؤون السياسية الخارجية و الاقتصادية والطاقة. وقد غطى أحداثًا من أوروبا وأميركا الشمالية والشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.
وقال الكاتب "في الأسابيع الخمسة التي أعقبت تصعيد إدارة الرئيس دونالد ترامب لهجماتها على جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في اليمن، برزت عدة مشكلات كبيرة، مما يُسلّط الضوء على مدى صعوبة تحويل الخطاب المتشدد للرئيس الأمريكي إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع".
وأضاف أن العملية، التي أُثير حولها جدل واسع بعد مناقشتها عبر تطبيق "سيغنال" حيث شارك فيها صحفي بطريق الخطأ، لم تتمكن حتى اللحظة من تحقيق أي من هدفيها المعلنين: ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر، وإعادة فرض سياسة الردع.
وأشار إلى أنه لا تزال حركة الشحن عبر البحر الأحمر وقناة السويس المجاورة تعاني من ركود شديد، على الرغم من هجوم أمريكي تجاوزت تكلفته مليار دولار ضد الحوثيين. ولا تزال الجماعة المسلحة على تحديها، محذّرة خلال عطلة نهاية الأسبوع من أن ترامب غرق في "مستنقع"، فيما كثفت من جانبها هجماتها على إسرائيل والسفن الحربية الأمريكية في المنطقة.
وحسب الكاتب، يُلاحظ أيضاً غياب فاضح للشفافية بشأن هذه العملية، التي تُعد أكبر استعراض للقوة العسكرية الأميركية في الولاية الثانية للرئيس ترامب. إذ لا يعقد البنتاغون مؤتمرات صحفية حول الحرب الجارية، فيما تكتفي القيادة المركزية الأميركية، المسؤولة عن العمليات في الشرق الأوسط، بنشر مقاطع مصوّرة لعمليات على متن حاملات الطائرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مرفقة بوسم "#الحوثيون_إرهابيون".
ولفت الكاتب إلى أن ما يبعث على القلق بشكل أكبر هو أن وتيرة العمليات العسكرية الأميركية، بما في ذلك الضربات المتواصلة على مدار الساعة التي تنفذها مجموعتا حاملات طائرات أميركيتان، تستنزف مخزون الذخائر الدقيقة المحدود، الذي يرى العديد من خبراء الدفاع أنه من الأفضل الحفاظ عليه لأي صراع محتمل مع الصين، فيما تبرز أهمية ذلك بشكل خاص عند الحديث عن المخزون المحدود من الصواريخ الجوّالة بعيدة المدى، التي ستكون حاسمة في حال اندلاع مواجهة حول تايوان.
وقال أليسيو باتالانو، الخبير في الشؤون البحرية بكلية كينغز في لندن: "إذا كان الأمر يتعلق بحرية الملاحة، فإنه لا يُؤتي ثماره". وأضاف: "كيف يمكن الترويج لفكرة أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ هي الأولوية، في حين يتم سحب مكونات أساسية وحاسمة لأي صراع في تلك المنطقة لصالح عمليات تُنفذ في الشرق الأوسط؟"
وذكر التقرير أن الخبر الجيد —إن صح التعبير— هو أن الحاجة الملحّة لإعادة فتح البحر الأحمر وقناة السويس أمام حركة الشحن التجاري باتت أقل من أي وقت مضى، منذ أن أغلقها الحوثيون فعليًا في نوفمبر 2023 من خلال سلسلة من الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على السفن التجارية، في خطوة قيل إنها نُفذت دعمًا للفلسطينيين في ظل العدوان الإسرائيلي.
وأفاد التقرير أن الحرب التجارية التي أطلقها ترامب أثرت سلبًا على توقعات الشحن العالمي إلى درجة أدت إلى انهيار أسعار نقل الحاويات، ما قلل من دوافع شركات الشحن للقلق حيال تغيير مسار بضائعها إلى الطريق الطويل عبر رأس الرجاء الصالح.
وقال إنه عندما قرر الحوثيون لأول مرة استغلال موقعهم الاستراتيجي على ضفاف أحد أهم الممرات المائية في العالم، مضيق باب المندب، للضغط على إسرائيل والغرب، جاء الرد من الغرب سريعا، إذ أرسلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قوات بحرية لتوجيه ضربات للحوثيين، في حين أرسل الاتحاد الأوروبي قوة بحرية خاصة به للمساعدة في مرافقة السفن التجارية عبر منطقة سرعان ما أصبحت محظورة على الملاحة.
ورغم أن الأهداف بين المهمات الأميركية-البريطانية ونظيرتها الأوروبية كانت متباينة بعض الشيء—حيث ركزت الأولى على تقويض قدرات الحوثيين البرية في تعطيل حركة التجارة، في حين تبنّت أوروبا نهجًا أقرب إلى حماية حرية الملاحة—إلا أن النتائج لم تكن مجدية. فقد ظلت أسعار التأمين في مرتفعة للغاية، وشهدت قناة السويس تراجعًا حادًا في حركة العبور، وفق التقرير الذي أشار إلى أن إدارة ترامب الجديدة دخلت المشهد، عازمة على تحقيق ما عجزت عنه إدارة بايدن السابقة.
وقال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسث، في محادثة "سيغنال" التي أصبحت الآن سيئة السمعة، والتي شارك فيها عن غير قصد مع صحفي قبل وخلال الهجمات التي شُنت في مارس ضد الحوثيين: "إن المسالة لا تتعلق بالحوثيين". كتب هيغسث: "أرى أن الأمر يتعلق بأمرين: أولًا، استعادة حرية الملاحة، باعتبارها مصلحة وطنية جوهرية؛ وثانيًا، إعادة فرض سياسة الردع التي دمّرها الرئيس جو بايدن".
ورفض نائب الرئيس جي. دي. فانس، خلال محادثة "سيغنال"، فكرة اعتبار حرية الملاحة مصلحة وطنية أميركية أساسية. وكان هناك توافق داخل فريق ترامب للأمن القومي على وجوب تحمّل أوروبا لتكاليف التدخل العسكري الأميركي غير المرغوب فيه. في المقابل، ترى القيادة المركزية الأميركية أن المسألة تتمحور بالكامل حول الحوثيين.
يواصل التقرير "لكن التناقضات الجوهرية في السياسات والأولويات الأميركية بدت بوضوح من خلال الرسائل النصية المرتبكة. والأهم من ذلك: ماذا حدث للتحول نحو آسيا؟".
وقال باتالانو: "الولايات المتحدة البحرية بارعة في استهداف الأهداف على اليابسة. لكن النجاح العملياتي والتكتيكي لا يمكن أن يخفي الحقيقة بأن التأثير الاستراتيجي ما زال بعيد المنال، إن لم يكن غامضًا تمامًا". وأضاف: "إذا كان الهدف هو ردع القيادة الصينية بشأن تايوان، فلا أظن أنه يحقق ذلك".
ونبه التقرير إلى أنه منذ عهد توماس جيفرسون، خاضت الولايات المتحدة معارك من أجل حرية الملاحة، في بعض الأحيان في مياه قريبة من ساحة الصراع الحالية. ما يصعب فهمه الآن هو سبب إنفاقها للموارد في محاولة عبثية لفتح ممر مائي لا يحتاج إلى فتح، بينما هناك تحديات أخرى أكثر إلحاحًا. الأسوأ من ذلك، أن سوء استخدام القوة البحرية قد يرتد بنتائج عكسية خطيرة — إذ يتطلب الأمر وقتًا وجهدًا كبيرين لإقناع الدول الديمقراطية بإنفاق مبالغ طائلة على سفن حربية متطورة تُعد ضرورية وتتمتع بفائدة كبيرة، وإن لم تكن لهذه المهمة تحديدًا.
وأضاف باتالانو: "ما أراه مقلقًا للغاية هو أنهم يقوضون الجدوى الحقيقة للقوة البحرية"، مضيفًا: "في المستقبل، سيتساءل الناس: لماذا نحتاج إلى بحرية؟ لم نحقق شيئًا ضد الحوثيين — وسيكونون على حق".
وتُعد "فورين بوليسي" مجلة إخبارية أمريكية أُسست في عام 1970، وتركّز على القضايا الدولية، والتطورات الراهنة، والسياسات العامة محليًا ودوليًا.
