آخر الأخبار
ماهي الآثار الجيوسياسية للهجمات الحوثية والرد الإسرائيلي (ترجمة خاصة)
الخميس, 25 يوليو, 2024 - 09:40 مساءً
نشر معهد الشرق الأوسط المتخصص في الشؤون السياسة، مقالاً مشتركاً للسفير الأميركي المتقاعد جيرالد فييرستاين، وهو زميل بارز كبير في الشؤون الدبلوماسية الأمريكية في معهد الشرق الأوسط ومدير برنامج شؤون شبه الجزيرة العربية فيه، وللباحثة فاطمة أبو الأسرار وهي باحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط ومحللة سياسية أولى في مركز واشنطن للدراسات اليمنية.
وأشار المقال الذي ترجمه "المهرية نت"، إلى قصف الحوثيين بطائرة مسيرة تل أبيب في يوليو الجاري، وهو ما "أظهر تقدماً كبيراً في القدرات الهجومية للحوثيين منذ السابع من أكتوبر، وكذلك تصميمهم على الانخراط مباشرة في الصراع مع إسرائيل".
ولفت المقال إلى العدوان الإسرائيلي على ميناء الحديدة، منوهاً إلى استهداف مستودعات الوقود والمواقع ذات الصلة بالطاقة ومرافق أخرى في الميناء، مما أدى إلى اندلاع حريق هائل حول خزانات الوقود، وفاقم الصراع بشكل أكبر.
وأضاف: "من شبه المؤكد أن الهجوم الحوثي على تل أبيب قد تم تسهيله بالتكنولوجيا والدعم الاستراتيجي الإيراني، مما قد يبشر بتحول ملحوظ في استراتيجية العمليات لدى طهران، الأمر الذي قد يجذب أطرافًا إقليمية إضافية ويوسع نطاق الصراع. وقد أظهرت إسرائيل، أنها على استعداد للرد بقوة متزايدة لردع التهديدات المستقبلية".
وتابع: "يزيد الأمر تعقيدًا أن الاستخبارات الأمريكية تشير إلى احتمال تزويد روسيا للحوثيين بصواريخ مضادة للسفن تسير بخطى حثيثة".
واعتبر المقال أن "مثل هذه الخطوة لن تزيد من حدة الصراع بالوكالة بين القوى الكبرى فحسب، بل ستزيد أيضًا من التهديد البحري الذي يشكله الحوثيون في البحر الأحمر، بما في ذلك على الأصول البحرية الأمريكية وحلفها".
وتابع: "علاوة على ذلك، فإن تورّط إيران واحتمال المساعدة العسكرية الروسية يشير إلى هدف جيوسياسي أوسع، يتمثل في الاستفادة من الحوثيين كوكيل لتحدي النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة".
وتضمن المقال تحليلاً حول قدرات الحوثيين وآثارها على الصراع الإقليمي، منوهاً إلى الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن المرتبطة بالاحتلال والعدوان البريطاني الأمريكي.
وتابع: "يعكس تطوير الحوثيين للطائرات المسيّرة المتقدمة مثل صماد-3 ويافا، بدعم إيراني كبير، تعزيز قدراتهم. وتُمثل طائرة يافا المسيّرة، على وجه الخصوص، والتي تجاوزت أنظمة الرادار الإسرائيلية، قفزة كبيرة في مدى وطور عملياتهم".
ومضي بالقول: "من غير المحتمل أن تردع الهجمات الإسرائيلية الحوثيين، حيث تشير قدراتهم المتنامية إلى المرونة وقابلية التكيف مع الضغوط العسكرية. يقوم الحوثيون بتصعيد الصراع، ويعملون تحت الاعتقاد بأن لديهم القليل ليخسروه: فإذا تعرضوا للهجوم من قبل إسرائيل، فسيحصلون على الشهادة، وإذا تم تجنيبهم، فسيحصلون على العزة والكرامة ومظاهر الصلابة"، مضيفاً: وتعكس هذه المخاطرة المحسوبة فهمهم للمشهد الجيوسياسي وديناميكيات التدخل الدولي.
ورجّح المقال أن "انتقام إسرائيل ضد اليمن قد يمتدّ إلى ما بعد استهداف مواقع الحوثيين، بما في ذلك احتمال توجيه ضربات للأصول الإيرانية. وبالنظر إلى العلاقات الوثيقة بين الحوثيين وإيران، فإن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تصعّد الصراع، مما يجذب قوى إقليمية إضافية وربما يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران".
واستدل المقال بما ورد في أحد خطابات زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، بدخول "أسلحة بحرية" إلى العمل قائلاً إن ذلك "يشير إلى تقدم محتمل في القدرات البحرية أيضًا".
وأضاف: "على الرغم من قلة التفاصيل، فإن إعلان عبد الملك يشير إلى تحوّل استراتيجي يهدف إلى تعزيز قدرة الحوثيين على تعطيل الطرق البحرية الحيوية في البحر الأحمر وما بعده، ويؤكد تطوراً في الترسانة العسكرية".
وقال: "من خلال الاستفادة من التقنيات المتقدمة، المدعومة من إيران كما يُزعم، فإن الحوثيين لا يكتفون بتأكيد وجودهم الإقليمي فحسب، بل يعقدون أيضًا جهود الولايات المتحدة وحلفائها لضمان الأمن البحري".
وتابع: "يضيف احتمال تزويد روسيا للحوثيين بصواريخ مضادة للسفن المتقدمة مستوى آخر من التعقيد إلى المشهد الجيوسياسي، مما يزيد من خطر نشوب صراع أوسع، ويعرّض للخطر ليس فقط التجارة الدولية ولكن أيضًا الأصول البحرية الأمريكية والدول المتحالفة معها العاملة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن".
وأضاف: "يراهن الحوثيون على إدراك أن عملياتهم، سواء ضد الأهداف البحرية أو تلك الموجهة إلى إسرائيل، يصعب ردعها أو هزيمتها. وهم يبرمون تحالفات مع أطراف متوافقة معهم، مثل إيران وروسيا، مما يعطيها الاعتراف والقوة اللذين تتوق الجماعة إليهما، ويعتقدون ان هذا سينعكس انتصارًا محليًا".
ولفت إلى أن "استراتيجية الحوثيين تشكل معضلة للولايات المتحدة وحلفائها. فمنذ أكتوبر 2023، حاولت إدارة بايدن تحقيق توازن بين المصالح المتنافسة: حماية الملاحة البحرية الآمنة، ومنع توسع الصراع في غزة، والحفاظ على الخيارات الدبلوماسية لإنهاء الحرب الأهلية اليمنية".
وقال المقال: "أعطى السعوديون وحلفاؤهم الخليجيون الأولوية للسعي إلى حل تفاوضي للصراع اليمني، والحفاظ على وقف إطلاق النار القائم منذ أبريل 2022، وتجنب جولة جديدة من الصراع يمكن أن تجذبهم مرة أخرى إلى المستنقع اليمني...".
وتابع: "تهدد تكتيكاتهم المتطورة والمرحلة الجديدة والأكثر خطورة من التحركات العدوانية الحوثية بتقويض استراتيجية الولايات المتحدة بالكامل؛ رداً على ذلك، دعت القيادة المركزية الأمريكية إلى نهج أوسع - يشمل التدابير الاقتصادية والدبلوماسية إلى جانب الإجراءات العسكرية - مما يسلط الضوء على تعقيد ضمان الأمن البحري في هذه المنطقة المتوترة".
واتهم المقال إيران بتمكين "وكلاءها، ولا سيما حزب الله والحوثيين، من تنفيذ عمليات عسكرية على طول الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان وفي البحر الأحمر والمياه المجاورة، مع الإصرار على أنها لا تسعى إلى توسيع نطاق الصراع في غزة".
ورجّح المقال احتمال أن "يتخذ الإسرائيليون القرار المصيري بضرب أهداف في إيران نفسها مرة أخرى، وبشكل أكثر حدة مما فعلوا في أبريل مع عواقب غير متوقعة، إذا وصل تطور التهديدات للأمن الإسرائيلي إلى مستوى لا يمكن التراجع عنه".
وقال: "في ضوء التهديد المتصاعد الذي يشكله الحوثيون، يمكن أن تستخدم إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاؤها عدة استراتيجيات عسكرية محتملة"، وأضاف: "قد يدفع احتمال تزويد روسيا للحوثيين بصواريخ متقدمة إلى إعادة حساب الاستراتيجيات الأمريكية والإسرائيلية، والتي قد تتضمن ضربات استباقية أو مواقف أكثر عدوانية لردع المزيد من التصعيد".
وأشار مقال معهد الشرق الأوسط إلى أن النهج الأمريكي الإسرائيلي سيتضمن "زيادة العمليات الهجومية التي تستهدف قدرات الصواريخ والطائرات بدون طيار الحوثية ومراكز القيادة وخطوط الإمداد لتقليل قدرة الحوثيين على إطلاق الهجمات وتعكير فعاليتهم التشغيلية".
وتابع: "قد تتضمن استراتيجية أخرى تعزيز التدابير الدفاعية، مثل نشر الأصول البحرية المتقدمة وأنظمة الدفاع الصاروخي لحماية طرق الشحن التجارية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي زيادة تبادل المعلومات الاستخبارية والتنسيق بين الحلفاء الإقليميين إلى تحسين اكتشاف واعتراض الهجمات الحوثية قبل وصولها إلى أهدافها".
ومضى في القول: "يتمثل الاحتمال الثالث في الاستجابة لدعوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا في عدن لمساعدتها على تحسين قدراتها العسكرية لتمكينها من مواجهة الحوثيين على الأرض"، وقال: "وقد طلبت الحكومة تحديدًا من المجتمع الدولي تزويدها بالوسائل لاستعادة السيطرة على ميناء الحديدة من الحوثيين، وهو ما كانت على وشك القيام به قبل اتفاق ستوكهولم لعام 2019."
وأضاف: "وعلى الرغم من جدوى هذه الاستراتيجية، إلا أنها أقل احتمالا، حيث أن بناء القدرات العسكرية اليمنية سيكون مشروعًا طويل الأمد يتطلب سنوات للوصول إلى النضج، ويمكن أيضًا أن يعيد إشعال الحرب الأهلية، مع عواقب وخيمة على السكان المدنيين اليمنيين الذين يعانون منذ فترة طويلة".
كما نوّه المقال إلى الجهود الدبلوماسية الدولية ومبادرات السلام، وقال "بالإضافة إلى الخيارات العسكرية، فإن معالجة الصراع المتصاعد وآثاره يتطلب جهدًا دبلوماسيًا دوليًا متعدد الأوجه وقويًا. إن الانخراط مع الجهات الفاعلة الديمقراطية في اليمن أمر بالغ الأهمية".
وأكّد على ضرورة أن تضاعف "الولايات المتحدة جهودها لإقناع روسيا بعدم تسليح الحوثيين، وإشراك دول أخرى للتوسط وممارسة الضغط الدبلوماسي على موسكو. تعتبر هذه القنوات الدبلوماسية حيوية لمنع المزيد من التصعيد وتعزيز مناخ مواتٍ للمفاوضات الهادفة".
وتابع: "علاوة على ذلك، فإن الاستفادة من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة لتنفيذ القرارات الحاسمة وفرض العقوبات على الحوثيين وداعميهم يمكن أن يساعد في وقف تدفق الأسلحة المتقدمة وتقليل الأعمال العدائية".
وأشار المقال إلى أن "التدخل في شؤون الحوثيين، حتى عندما يكون مبرراً، ثبت أنه أمر معقد ومليء بالتحديات. ومع ذلك، لا ينبغي أن يدعو ذلك إلى التشاؤم"، مضيفاً: "إن اتخاذ إجراء استراتيجي وسريع أمر ضروري لحل الأزمة بكفاءة، حيث إن المواجهة الإقليمية المطولة تزيد فقط من التكاليف والمعاناة وتستدعي تنازلات غير قابلة للاستدامة".
وتابع: "وقد اقترح بعض المدافعين اليمنيين استهداف كبار المسؤولين الحوثيين عسكرياً، الأمر الذي قد يجبر الحوثيين على إعادة النظر في أفعالهم. وهناك سابقة في ذلك في حالة اغتيال الرئيس الحوثي الفعلي صالح الصماد عام 2018، والذي أدى إلى انخراط الحوثيين في محادثات السلام في ستوكهولم (حتى لو ثبت أنهم كانوا يتصرفون بحسن نية)، مما يشير إلى أن الحوثيين قد يستجيبون للتهديدات المباشرة ضد قيادتهم".
وتابع: "علاوة على ذلك، تتطلب التطورات الأخيرة التي تتعلق بالتأثير الروسي والاهتمام بتسليح وكلاء إيران إعادة تقييم استراتيجي من قبل الولايات المتحدة وحلفائها."
ورجّح المقال أن ذلك "يتطلب زيادة الوجود العسكري في المنطقة. يواجه اليمن خطر أن يصبح بقعة شطرنج في هذا المواجهة الجيوسياسية الأوسع، مع عواقب وخيمة على سكانه المدنيين".
ولفت أن "الولايات المتحدة وحلفاؤها وإسرائيل يفتقرون حاليًا إلى استراتيجية متماسكة لمعالجة التهديد الحوثي بفعالية".
وتابع: "في هذا المشهد المتطور، من الأهمية بمكان فهم أن آثار هذه الإجراءات ستمتد إلى أبعد من الصراع المباشر، مما يمثّل تحديًا للمجتمع الدولي لتمهيد الطريق نحو الاستقرار في منطقة متقلبة بشكل متزايد".
وأكّد أن "استراتيجية التصعيد التي ينتهجها الحوثيون لديها القدرة على إرباك توازن القوى الهشّ في الشرق الأوسط، وتؤكد على قدرة الجهات الفاعلة الأصغر على التأثير على النتائج الجيوسياسية الأكبر من خلال المخاطر والحلفاء المحسوبة".
وقال :"مع تطور الوضع، يجب على صناع القرار إدراك الطبيعة متعددة الأوجه لهذا الصراع. تكشف مناورة الحوثيين عن فهم دقيق للديناميكيات الإقليمية، مستغلة الثغرات في نهج المجتمع الدولي تجاه الاستقرار في الشرق الأوسط".
وأشار أن "الحساب الاستراتيجي يتضمن الآن ليس فقط الردود العسكرية، ولكن أيضًا الجهود الدبلوماسية الشاملة للتخفيف من الآثار الأوسع لهذا التصعيد". واختتم "من الضروري ألا يطغى السعي للأمن الفوري على السعي طويل الأجل لتحقيق السلام والاستقرار الإقليميين"