آخر الأخبار

معهد الشرق الأوسط ينشر مقالاً بعنوان: مسار الصدام الحوثي الإماراتي في البحر الأحمر (ترجمة خاصة)

مشاهد لاستهداف الحوثيين سفينة في البحر الأحمر - أرشيف

مشاهد لاستهداف الحوثيين سفينة في البحر الأحمر - أرشيف

المهرية نت - ترجمة خاصة
الاربعاء, 17 يوليو, 2024 - 07:32 مساءً

نشر معهد الشرق الأوسط المتخصص في التحليلات السياسية مقالًا بعنوان: الصِدام الحوثي الإماراتي في البحر الأحمر، للكاتبة إليونورا أرديماني، وهي باحثة مُشارِكة أولى في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية.

 

وأشار المقال في بدايته إلى أن التحركات السياسية والعسكرية الأخيرة للحوثيين تقود إلى مسار تصادمي محتمل مع الإمارات في البحر الأحمر والمناطق المجاورة.

 

وقالت الكاتبة: لا تزال هجمات الحوثيين على السفن التجارية مستمرة بلا هوادة منذ اندلاعها في نوفمبر الماضي عقب بدء حرب غزة.

 

وأضاف: تستهدف الجماعة الملاحة البحرية على امتداد واسع، بدءًا من جنوب البحر الأحمر وصولاً إلى بحر العرب بالقرب من نشطون على الحدود العمانية، وصولاً إلى جزيرة سقطرى.

 

وتابعت: ألقت هذه الهجمات بظلالها على حركة التجارة البحرية عبر موانئ البحر الأحمر، والتي تُشغل بعضها شركة موانئ دبي العالمية (DP World)، وهي شركة تجارية ولوجستية مقرها دبي. يمكن أن تتأثر المشاريع الاقتصادية والبنية التحتية على طول السواحل الجنوبية للبحر الأحمر سلبًا في حال استمرار الأزمة لفترة طويلة، مما يحد من التنمية في منطقة تضع فيها الإمارات ثقلها الاستثماري والجيوسياسي.

 

ونوّه المقال إلى أن "الجبهة البحرية" التي افتتحتها الجماعة المسلحة اليمنية المدعومة من إيران تضامنًا منهم مع غزة عرقلت مسار المحادثات الدبلوماسية بين السعودية والحوثيين التي تهدف إلى وقف إطلاق النار في اليمن، ممّا أدى الى تفاقم الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

 

وعلى نحو غير مباشر، يُلقي هذا الأمر بتداعياته على القوات المدعومة إماراتياً في اليمن والتي تعيش حالة من الجمود السياسي.

 

وأشار المقال إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، والذي يعد جزءًا رسميًا من الحكومة المعترف بها دوليًا، يواجه تدهوراً اقتصادياً في المناطق التي يسيطر عليها بشكل متزايد. وقد شهدت عدن مؤخراً موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتدني مستوى الخدمات الاجتماعية.

 

تمضي الكاتبة بالقول: كشفت أجهزة الاستخبارات الأمريكية عن عمل جماعة الحوثيين وحركة الشباب الصومالية التابعة لتنظيم القاعدة، على توثيق علاقاتهما. حيث يُحتمل أن يقدم الحوثيون السلاح للصوماليين.

 

وأضافت: إن مثل هذا السيناريو، الذي سبق وأن لمَّحَت إليه الأمم المتحدة، من شأنه أن يعزز التعاون بين الجماعتين، اللتين تتشاركان العداء للإمارات، وقد نجحتا، وإن اختلفت الطرق، في استهداف دولة الإمارات وجنودها في الخارج.

 

وأوضحت أن الإمارات تملك استثمارات مهمة على امتداد ساحل البحر الأحمر، لاسيما في مجال إدارة الموانئ، وقد أفاد البنك الدولي بأن معظم موانئ البحر الأحمر تأثرت سلباً بهجمات الحوثيين على حركة الشحن البحري، حيث انخفضت حركة الملاحة البحرية إلى نصف ما كانت عليه قبل الأزمة.

 

ولفت مقال الكاتبة إلى أن "شركة موانئ دبي العالمية" تدير عدداً من الموانئ في منطقة البحر الأحمر والمناطق المحيطة به، بما في ذلك ميناء جدة بالمملكة العربية السعودية، حيث استثمرت الشركة مؤخراً في إنشاء مجمع للخدمات اللوجستية.

 

وتابع: منذ بدأت أزمة البحر الأحمر، سجل ميناء جدة انخفاضاً هائلاً في طاقته الاستيعابية بلغ حوالي 70٪، حيث تأثرت حركة إعادة الشحن الإقليمية بشكل كبير، وهو الأمر الذي طال أيضاً ميناء العين السخنة في مصر، والذي تديره شركة موانئ دبي العالمية.

 

وأضاف: رغم التداعيات السلبية لأزمة البحر الأحمر، حققت مجموعة موانئ أبوظبي مكاسبًا في عام 2023 من خلال الحصول على عقود امتياز واتفاقيات تشغيل لموانئ أخرى في المنطقة. ولم تكن إعادة توجيه مسارات حركة الشحن البحري كُليًا نبأ سيئاً بالنسبة للإمارات، إذ لجأت شركات الشحن على نحو متزايد إلى نقل البضائع عبر الممرات البرية الممتدة من دبي إلى جدة، وبنسبة أقل، من دبي إلى حيفا.

 

رغم ذلك، تجد الإمارات نفسها في موقف صعب. إذ أنها تمتلك مصالح اقتصادية وتجارية وعسكرية متنوعة في منطقة البحر الأحمر، ويؤثر استمرار انعدام الأمن البحري على رؤيتها الاستراتيجية طويلة الأمد، تقول الكاتبة.

 

وتضيف: ينطبق الأمر ذاته على السعودية، إلا أن الإمارات أصبحت الآن تعتمد على السعوديين في التعامل مع الحوثيين، حيث تخوض الرياض محادثات مباشرة معهم؛ وهذا يعني أن أبوظبي تسعى إلى حل - أو على الأقل احتواء - معضلة لها تداعيات مباشرة على استراتيجيتها الوطنية بنحو غير مباشر.

 

رغم استمرار الضربات الجوية الأمريكية لأشهر، وكذلك إرسال بعثتين بحريتين متعددتي الجنسيات، وهما "حارس الازدهار " بقيادة الولايات المتحدة و"أسبيدس" بقيادة أوروبية، لم يوقف الحوثيون هجماتهم على حركة الشحن البحري. بل على العكس، فإن هذه الاستراتيجية تزيد من وزن الحركة المسلحة على الصعيد الإقليمي وتعزز من موقفها التفاوضي، خصوصاً مع السعودية.

 

وعليه، فمن غير المحتمل أن يفضي وقف إطلاق النار في غزة إلى استقرار حقيقي في منطقة البحر الأحمر والمناطق المجاورة له، إذ يُحتمل أن يعاود الحوثيون شن هجماتهم على السفن في وقت لاحق لدعم أهدافهم السياسية على المدى القصير، وهو سيناريو واردٌ طالما تستمر المحادثات الدبلوماسية في التعثر.

 

وأشار المقال أنه مع استمرار هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وجدت المؤسسات اليمنية المعترف بها دولياً، والتي تعد القوات المدعومة من الإمارات جزءاً منها، نفسها في مأزق سياسي.

 

وفي الواقع، لم يتم توجيه دعوة حتى الآن لهذه المؤسسات للانضمام لمحادثات السلام بين السعودية والحوثيين، حيث أصبحت مجبرة على انتظار حدوث تقدم دبلوماسي - ولا سيما بالنسبة للانفصاليين الجنوبيين - قبل اتخاذ قرارها بشأن تحركاتها المستقبلية.

 

وتابع: علاوة على ذلك، يتعين على المؤسسات اليمنية المعترف بها دولياً الآن التعامل مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لهجمات الحوثيين البحرية، وقد تأثرت المناطق التي تسيطر عليها القوات المدعومة من الإمارات مثل عدن بشكل خاص جراء هذه الهجمات.

 

ونوّهت الكاتبة "قبل اندلاع الحرب عام 2015، كانت عائدات النفط، على الرغم من انخفاضها، لا تزال تشكل 75% من ميزانية الحكومة اليمنية"، بيد أن هجمات الحوثيين بطائرات مسيرة على منشآت تصدير النفط مثل الضبة في حضرموت ورأس عيسى في شبوة في أواخر عام 2022 أدت إلى وقف الصادرات، مما أدى، وفقًا لرئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، إلى خسارة تتجاوز ملياري دولار من الإيرادات.

 

تزامن ذلك أيضاً مع انخفاض ملحوظ في حركة المرور عبر ميناء عدن، وإلى حد أقل ميناء المكلا، بسبب هجمات الحوثيين، مما أدى إلى تآكل إيرادات الحكومة بشكل أكبر في أواخر عام 2023.

 

وشهدت مدينة عدن الرئيسية التي تديرها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيًا، عودة الاحتجاجات الشعبية للظهور منذ شهر مايو 2024. ويعود سبب ذلك إلى تدهور الخدمات الاجتماعية وتأخر صرف رواتب الموظفين الحكوميين وازدياد انقطاعات الكهرباء بشكل ملحوظ.

 

ونتيجة لهذه العوامل، أصبحت المظاهرات الشعبية الآن أكثر عدداً وأكبر حجماً مقارنة بالسنوات السابقة، مما دفع السلطات اليمنية إلى نشر قوات الأمن والمدرعات في المدينة.

 

وقالت الكاتبة: أما في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات المناهضة للحوثيين، فقد باتت السلطات عاجزة عن دفع رواتب الموظفين الحكوميين أو عن تغطية تكلفة الوقود المستورد في كثير من الأحيان، وهو ضرورة ملحة بالنظر إلى محدودية القدرة المحلية على التكرير.

 

وأضافت: "الجدير بالذكر أن هناك مؤشرات حالية على سعي الحوثيين إلى تعزيز تعاونهم مع حركة الشباب الصومالية. ففي يونيو 2024، كشفت الاستخبارات الأمريكية عن مباحثات بين الطرفين بشأن صفقة محتملة لتزويد حركة الشباب بأسلحة من قبل الحوثيين، إلا أنه لم يتم حتى الآن رصد أدلة قاطعة على حدوث عملية نقل سلاح فعلية".

 

وتابعت: "تُعدّ هذه الصفقة بمثابة مصدر تمويل للحوثيين يُمكنهم من مواصلة دعم حربهم في اليمن، كما يُحتمل أن يساعدهم على استهداف السفن التجارية غرب المحيط الهندي. بالمقابل، ستعزز حركة الشباب قدراتها الهجومية بالحصول على أسلحة أكثر تطوراً".

 

ووفق المقال: "كشف تقرير صدر عن المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة في عام 2021 عن وجود علاقة بين اليمن والصومال فيما يتعلق بتجارة بالأسلحة، وأكد التقرير أن بعض أسلحة حركة الشباب الصومالية مصدرها شحنات أسلحة إيرانية أُرسلت في الأصل إلى الحوثيين. وفي عام 2023، أورد التقرير النهائي لفريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن وجود "شبكة تهريب منسقة بشكل وثيق تعمل بين اليمن والصومال، وتتلقى الأسلحة من مصدر مشترك وهو إيران"

 

تضيف الكاتب: "تتلقى كل من جماعة الحوثيين وحركة الشباب الصومالية أسلحة من إيران، وتتفقان في معاداة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات، ولا يقتصر الأمر على تزايد حدة الصراعات والإرهاب في كل من البحر الأحمر ومنطقة القرن الأفريقي بما في ذلك السودان واليمن والصومال، وهما منطقتان محوريتان لاستراتيجية الإمارات، بل إن الاستياء من تحركات الإمارات هناك قد ازداد بين الجهات المتطرفة العاملة في نفس المنطقة دون الإقليمية."

 

وتابعت: "يعزى ذلك بشكل رئيسي إلى النفوذ العسكري الإماراتي الراسخ في اليمن، ودعمها التدريبي للجيش الصومالي وقوات الأمن المحلية في صومالي لاند وبونتلاند.

 

ونوّهت "رغم انسحاب قواتها من اليمن في عام 2019، تعرضت الإمارات العربية المتحدة لأربع هجمات من قِبل الحوثيين في مطلع عام 2022، كما تعرضت سفينة الشحن الإماراتية "روابي" للاستيلاء من قبل الحوثيين في البحر الأحمر".

 

وأشارت أنه في عام 2023، أبرمت الإمارات اتفاقية أمنية مع الصومال "للقضاء على حركة الشباب"، وقدمت بموجبها تدريبات عسكرية للجيش الصومالي. وفي يونيو 2023، نفذت الإمارات عمليتها العسكرية الأولى المباشرة ضد الجهاديين في الصومال.

 

وبسبب مساندة الإمارات للحكومة الصومالية في حربها على الإرهاب، صنفت حركة الشباب الإمارات كـ "عدو" لها.

 

وفي فبراير 2024، لقي ثلاثة جنود إماراتيين حتفهم على يد إرهابي اخترق منشأة عسكرية تديرها الإمارات في مقديشو. أما في اليمن، فقد استهدف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وهي الفرع المحلي لتنظيم القاعدة العالمي الذي ترتبط به حركة الشباب، القوات اليمنية المدعومة من الإمارات في المحافظات الجنوبية بشكل متكرر.

 

وتساءلت الكاتبة في مقالها قائلاً: هل ثمة تصادم حتمي؟، مشيرة أنه باستمرار أزمة البحر الأحمر، تتزايد التحديات التي تواجهها الاستراتيجية الاقتصادية والجيوسياسية للإمارات العربية المتحدة في المنطقة وما يجاورها، وذلك بسبب تداعيات هجمات الحوثيين.

 

ورجّحت أن تؤدي هذه الهجمات ليس فقط إلى تقييد تطلعات الإمارات التجارية والتنموية فحسب، بل تحدٍ من نفوذها الجيوسياسي أيضًا في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون الجنوبيون في اليمن، والذين يواجهون سخطًا شعبيًا متزايدًا.

 

وقالت: "كما أن استمرار حالة عدم الاستقرار، تحتمل أن يؤدي التقارب بين الجماعات المتطرفة التي تتفق على معاداتها للإمارات في البحر الأحمر وخليج عدن ومنطقة القرن الأفريقي إلى تعاون أوثق فيما بينها، يرتكز على المصالح المتبادلة، وربما إلى أهداف مشتركة على المدى المتوسط والبعيد.".

 

واختتمت الكاتبة مقالها بالقول: "وفي ضوء هذا التعقيد في المشهد، يبدو أن الإمارات العربية المتحدة تنتظر حالياً التحركات التالية التي ستقوم بها السعودية فيما يتعلق بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن، وذلك بهدف التخفيف من التداعيات المتعددة لأزمة الملاحة البحرية المستمرة في البحر الأحمر".

لقراءة المادة الأصلية من هنا


تعليقات
square-white المزيد في ترجمات