آخر الأخبار
مجلة: معاناة مضاعفة للصيادين اليمنيين بسبب الحرب وتغير المناخ (ترجمة خاصة)
قوارب للصيادين في الحديدة، رويترز
الخميس, 30 مايو, 2024 - 09:26 مساءً
نشرت مجلة "كونتيكست"، التابعة لمؤسسة طومسون رويترز، مقالاً للكاتب والصحفي نزيه عسيران، قالت فيه إن نيران الصراع وتقلبات المناخ تجبر صيادي اليمن على ترك مهنتهم، أو البحث عن لقمة العيش المحفوفة بالمخاطر قبالة سواحل شرق إفريقيا.
واستعرضت المجلة المختصة بتحليل القضايا والأحداث وتأثيرها على المجتمع والمواطنين والبيئة، في المقال الذي ترجمه "المهرية نت"، قصة الصياد اليمني سالم عتيق، واعتبرت عام 2024 بمثابة "عاصفة جامحة" بالنسبة له.
وأضافت: أُجبر عتيق على ترك المياه الغنية بالأسماك في البحر الأحمر بسبب الصراع، وأصبح يقتات الآن على كميات قليلة من الأسماك يصطادها بالقرب من الساحل، إضافة إلى إضطرابات الطقس القاسية الناجمة عن تغير المناخ.
وتابعت: تعرض عتيق في شهر مارس، لإطلاق نار من السفن الحربية على مقربة من قاربه أثناء صيده في البحر الأحمر، والذي أصبح الآن مكانًا محفوفاً بالمخاطر نتيجة لهجمات جماعة الحوثي على الملاحة الدولية فيه، وتزعُم الجماعة بأن دافعها هو التضامن مع الفلسطينيين في حرب غزة.
تضيف المجلة: نتيجة للصدمة التي تعرض لها من هول الحادثة، قرر عتيق التوقف عن صيد سمك التونة لبقية الموسم، وكما لو أنَّ مصاعبه لم تكن كافية، فقد اجتاحت أمواج المد غير المعتادة كوخًا قريبًا من منزله في البريقة بالقرب من عدن، كان يُخزِّن فيه معدات الصيد الخاصة به، مما أدى إلى إتلاف بعضها.
وقال عتيق لـ"كونتيكست": لم يحدث من قبل أن يدخل الماء إلى الكوخ في هذا الوقت من السنة. لقد اختلطت مواسمنا تمامًا، ومثل المزارعين، لدينا نحن الصيادين حساباتنا الخاصة بناءً على المواسم. ولكن الآن، لم تعد حساباتنا مفيدة."
وتشير المجلة أن تداخل كارثتي الصراع وتغير المناخ في اليمن أدى إلى تفاقم أزمة إنسانية جعلت أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 33 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات الخارجية، واضطر حوالي 4.5 مليون شخص لترك منازلهم.
ويضيف الكاتب: وجهت المصاعب المزدوجة ضربة موجعة لمجتمع الصيادين. فإلى جانب تدمير الحرب الأهلية على اليابسة للقوارب والموانئ ومواقع تجهيز الأسماك، فإن الصراع البحري الجديد يُكلّف الصيادين أرواحهم وأموالهم بسبب طردهم من مناطق صيدهم المعتادة.
أوضح عتيق في حديثه عبر الهاتف مع كونتكست " أنهم يُجبَرون على إقتراض المال". وأضاف أنه بسبب الظروف الحالية، لا يستطيع صيد سوى الأسماك الصغيرة الأقل قيمة بالقرب من الساحل، بينما كان بإمكانه اصطياد الأسماك الأغلى ثمناً مثل التونة في أعالي البحار.
وتابع عسيران: اندلعت حرب أهلية في اليمن منذ أن أطاح الحوثيون المدعومون من إيران بالحكومة في العاصمة صنعاء أواخر عام 2014. ثم تدخل تحالف عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية في عام 2015، بهدف إعادة الحكومة إلى السلطة.
ويشهد صيادو السواحل الشمالية في اليمن من اضطرابات مستمرة منذ فترة، وقد اضطروا لتغيير مسارات صيدهم بسبب الوضع الأمني المتدهور الناجم عن الحرب الأهلية الطاحنة لسنوات؛ وفق المجلة.
تضيف: لم يقتصر الأمر على صيادي الشمال، إذ بات صيادو المناطق الجنوبية أيضا ضحية لتداعيات حرب غزة الممتدة إلى البحر الأحمر، وهو ما دفع بالولايات المتحدة وبريطانيا إلى نشر سفن حربية في المنطقة وشن ضربات على مواقع حوثية باليمن.
وأشار المقال إلى أن وزارة الثروة السمكية التابعة للحوثيين أعلنت في مارس الماضي، عن مقتل صيادين اثنين على الأقل في غارات جوية للتحالف الأمريكي البريطاني قبالة ميناء المخا في البحر الأحمر، جنوب غرب اليمن، وقالت: لم تُصدر القيادة المركزية الأمريكية أي تعليق حتى الآن على الحادثة عند سؤالها عن ذلك.
وتابع: لا يجد الصيادون الذين اختاروا الابتعاد عن صيد أعماق البحار والاكتفاء بالمياه القريبة ملاذاً آمناً. فإلى جانب المخاطر الأمنية التي تمثلها السفن الحربية والطائرات، يواجهون تحديات تتمثل في تقلبات التيارات المائية والرياح، والتي يربطونها بتغير المناخ.
"الوضع صعب، وقد انخفضت معدلات الصيد بشكل كبير. نحاول اتخاذ ما يلزم من احتياطات، ونتوكل على الله." هكذا وصف الصياد العدني ناصر حاجي الوضع.
ارتفاع منسوب المياه وتزايد العواصف
كانت اليمن من أكبر الدول الرائدة في إنتاج الأسماك قبل اندلاع الحرب الأهلية، إذ تزخر مياه سواحلها الممتدة على طول 2520 كيلومتر (1570 ميلاً)، بأكثر من 350 صنفًا من الأسماك والكائنات البحرية، بما في ذلك التونة والسردين والباغة وجراد البحر (الاستاكوزا)؛ تقول المجلة.
ويشير المقال إلى ما كشفه المجلس النرويجي للاجئين أن قطاع صيد الأسماك كان يوفر فرص عمل لأكثر من نصف مليون شخص قبل الحرب، إذ احتلت الأسماك المرتبة الثانية في قائمة صادرات السلع بعد النفط والغاز الطبيعي.
يتابع: لكن الحرب قوضت أركان البلاد بأكملها، ومن المتوقع الآن أن يعاني ما يصل إلى 60٪ من السكان من انعدام حاد للأمن الغذائي في عام 2024، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، والظروف الجوية القاسية، بما في ذلك الجفاف الشديد، والصراع المستمر.
تصنف اليمن ضمن أكثر دول العالم عرضةً لتغير المناخ، وهي من أقل الدول استعدادًا لمواجهة تداعياته أو التكيف معها.
وقالت: أفادت جمعية رعاية الأسرة اليمنية (YFCA)، وهي منظمة غير حكومية، في تقرير صدر العام الماضي، بأن منسوب مياه البحر على طول الساحل يُرجَّح بأن يرتفع بمقدار 0.3-0.54 مترًا (0.98-1.77 قدمًا) بحلول عام 2100.
وحذّر التقرير كذلك من تزايد تعرض اليمن للأعاصير، حيث ضربت البلاد ستة أعاصير مدارية قوية منذ عام 2015. وتسببت هذه الأحداث في نزوح الآلاف وتدمير قوارب ومعدات الصيد.
في أكتوبر الماضي، تأثر نحو 18 ألف منزل في الجنوب الشرقي بإعصار تيج، الذي خلف دمارًا واسعًا في البنية التحتية، بما في ذلك المنشآت الصحية والطرق وشبكات الاتصالات.
ومن الممكن أن تؤدي العواصف المدارية وارتفاع درجات حرارة سطح البحر إلى استنزاف مخزونات الأسماك، بينما تجعل الظروف الجوية القاسية الصيد محفوفًا بالمخاطر.
وحذّر مساعد عقلان، الباحث المتخصص بالمياه والبيئة مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، من أن هذه العوامل تدفع الصيادين إلى التخلي عن مهنتهم.
وأضاف للمجلة: "أصبح مصدر رزقهم مُهددًا". وأضاف عقلان: "فاقمت الحرب من وطأة المشاكل التي يعاني منها الصيادون".
يضطر بعض الصيادين إلى البحث عن الرزق في أماكن أبعد، حيث يخوض البعض منهم مغامرة الصيد في مناطق على طول الساحل الشرقي لأفريقيا، إلا أن هذه المياه محفوفة بالمخاطر، إذ يتعرض بعض الصيادين للخطف من قبل القراصنة أو الاعتقال من قبل السلطات الأجنبية.
ونقلت المجلة عن وكالة "سبأ" التابعة للحوثيين، بأن 17 صيادًا يمنيًا تم إطلاق سراحهم هذا الشهر وعادوا إلى اليمن بعد احتجازهم لأسابيع في سجن إريتري تحت ظروف صعبة.
وذكرت سلمى ناصر عبدان، رئيسة جمعية الساحل التنموية للمجلة بأن اضطرابات البحر الأحمر دفعت الصيادين اليمنيين من عدن ومناطق جنوبية أخرى إلى خوض غمار مسارات صيد أكثر خطورة لأول مرة.
وفي الوقت نفسه، تصاعدت المخاطر مع عودة القراصنة إلى نشاطهم في المياه قبالة سواحل الصومال.
وأضافت عبدان: " إنهم معرضون لمخاطر القرصنة والقتل ومصادرة معدات صيدهم في المياه الصومالية".