آخر الأخبار
مجلة تايم الأمريكية تكتب عن "وكلاء إيران.. بين الحقيقة والأوهام" (ترجمة خاصة)
العلم الإيراني
الخميس, 08 فبراير, 2024 - 10:01 مساءً
نشرت مجلة تايم الأمريكية، المتخصصة في الشؤون السياسية، مقالاً للكاتبة أمل سعد، المحاضرة في السياسة والعلاقات الدولية بجامعة كارديف، سلّطت فيه الضوء على ما أسمته وكلاء إيران في المنطقة، وما خلّفه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة من توتر في المنطقة.
وقالت الكاتبة، في المقال الذي ترجمه المهرية نت: "رغم إن الغارات الجوية الأمريكية ضد أهداف يعتقد بانتمائها إلى "محور المقاومة" في العراق وسوريا واليمن، يبدو أن إدارة بايدن لم تستوعب بعد حقيقة جوهرية وهي أن هذه الجماعات المسلحة الشيعية متنوعة وغير موحدة، ولا يمكن ببساطة تصنيفها مجرد "وكلاء" ينصاعون لأوامر إيرانية مباشرة".
وأضافت: "الدعم الإيراني لها - والذي غالباً ما يكون بالأسلحة والمشورة العسكرية - لا يترجم بالضرورة إلى نوع السيطرة الكاملة التي يتمتع بها الراعي عادةً على رعيته".
واستشهدت الكاتبة بتصريح سفير إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد رواندي، لقناة "إن بي سي" مؤخراً حيث قال: "نحن نسلّح ونموّل حلفاءنا باستثناء الحوثيين، لكننا لا نوجههم ولا نقودهم. لدينا مشاورات مشتركة فيما بيننا". ووصف رواندي علاقة إيران بهذه الجماعات بأنها "حلف دفاعي"، مشبهاً إياه بحلف الناتو.
وقالت: على غرار معظم التحالفات الدفاعية، يتمتع كل عضو في "محور المقاومة" بهامش كبير من الاستقلالية. على سبيل المثال، حزب الله، أقوى جهة غير حكومية في المحور، وأشار اللواء الراحل قاسم سليماني في مذكراته إلى أن أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله كان "مسؤولاً عن جميع سياسات محور المقاومة في سوريا" بعد تدخلها في الحرب الأهلية عام 2013.
أما حركة حماس، وهي جماعة سنية، فقد حافظت دائما على استقلاليتها عن إيران، حتى أنها انشقت عن المحور في وقت مبكر بسبب معارضتها لنظام الأسد في سوريا الذي كان يحظى بدعم التحالف تشير بعض التقارير إلى أن حماس نفذت هجوم 7 أكتوبر دون موافقة أو علم إيران؛ وفق المجلة.
وتتابع: "كذلك أظهر الحوثيون استقلاليتهم مبكرًا، عندما سيطروا على العاصمة اليمنية صنعاء عام 2014، متجاهلين نصيحة إيران آنذاك. وفي سياق آخر، علقت كتائب حزب الله، أقوى فصائل قوات الحشد الشعبي، عملياتها العسكرية ضد القوات الأمريكية في العراق مؤخرًا بسبب ضغوط من الحكومة العراقية. في المقابل، استمرت فصائل أخرى ضمن الحشد الشعبي باستهداف القوات الأمريكية في العراق وسوريا، ما يدل على حرية اتخاذ القرار حتى على المستوى التنظيمي الداخلي".
وأشارت المجلة الأمريكية أن جماعات "محور المقاومة" مثل حماس وحزب الله والحوثيين وغيرها لاتقتصر على المقاومة المسلحة، بل تمارس أدوارًا حكومية أساسية كمؤسسات شبه حكومية متجذرة في مجتمعاتها المحلية. وعلى غرار الحركات الشعبية الأخرى، لا يمكن لهذه الكيانات الهجينة إرضاء توجهات إيران على حساب شعوبها.
وتابعت: "يصادف أن يستمد مصدر شرعية هذه المجموعات بشكل أساسي من أدوارها كحركات مقاومة مسلحة داخل بلدانها، وإن كانت هذه الأهداف تتطابق أحيانًا مع المصالح الاستراتيجية الإيرانية، إلا أن ذلك لا يحدث دائما".
وتنبع أصول الجماعات المكونة لـ"محور المقاومة" من فراغات أمنية تركتها دولها. ففي غزة، ظهرت كتائب القسام كاستجابة لمشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في اتفاقيات أوسلو للسلام عام 1993، والتي فشلت في تحقيق دولة فلسطينية؛ وفق المجلة.
وتواصل الكاتبة أمل سعد "كان الجيش اللبناني تاريخيا عاجزًا عن صد الغزوات الإسرائيلية المتكررة، ما أدى إلى ظهور حزب الله عام 1982. وفي اليمن، ملأ الحوثيون فراغ السلطة الناتج عن المرحلة الانتقالية ما بعد الربيع العربي التي استمرت من 2013 إلى 2014. أما قوات الحشد الشعبي العراقية فقد تشكلت استجابةً لفقدان الجيش العراقي لمدينتي الموصل والفلوجة الرئيسيتين أمام تنظيم داعش عام 2014".
لذا، - تقول المجلة- عندما تستهدف الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أي طرف آخر هذه الجماعات وأراضيها، فإن ذلك يعزز سبب وجودها ويقوي مصداقيتها كمقاومين. وقد تجلى ذلك مؤخرًا في غزة عبر ارتفاع تأييد حركة حماس إلى 43% بعد أن كان 22%وفقا لاستطلاع رأي أجراه المركز الفلسطيني للدراسات وأبحاث الرأي في ديسمبر.
وتضيف: في اليمن، برز تعزيز شرعية الحوثيين بانشقاق عدد من الميليشيات التي كانت مدعومة من السعودية والإمارات. حيث دخل كلا البلدين الحرب الأهلية اليمنية ضد الحوثيين، لكن الميليشيات التي دعموها انحازت الآن إلى الحوثيين بسبب هجماتهم في البحر الأحمر التي تهدف إلى منع السفن من الإبحار إلى إسرائيل.
وتابعت: كما شهد حزب الله زيادة مماثلة في الدعم الشعبي منذ افتتاحه "جبهة تضامن" مع غزة ضد إسرائيل في 8 أكتوبر، حتى أنه حشد العديد من السنيين الذين كانوا قد عارضوا الجماعة الشيعية اللبنانية سابقا.
وبالمثل، حصلت قوات الحشد الشعبي على دعم كبير في عقب الضربات الأمريكية على العراق يوم الجمعة التي أسفرت عن مقتل عدد من قواتها، حيث أعلنت الحكومة العراقية فترة حداد ثلاثة أيام على "الشهداء".
وتؤكد الكاتبة أنه لا يمكن تجاهل "محور المقاومة" بسهولة. حيث يتمتع كل من حزب الله وقوات الحشد الشعبي بتمثيل رسمي في برلمانات وحكومات بلديهما، كما أن أجنحتهما العسكرية تحظى بتغطية قانونية من الدولة.
كما أشارت إلى فوز حركة حماس بالانتخابات في عام 2006 والتي اعتبرها الاتحاد الأوروبي انتخابات نزيهة، وشكلت حكومة أُطيح بها لاحقا من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عام 2007. وسيطرت حماس بعد ذلك على غزة وأسست نفسها كحكومة الأمر الواقع والتي أدارت القطاع منذ ذلك الحين.
وتتابع: في الوقت نفسه، لا يسيطر الحوثيون في اليمن على غالبية البلاد فحسب، بل أصبحوا أيضا الدولة الفعلية بعد سيطرتهم على القوات المسلحة اليمنية في أواخر عام 2014. بالنظر إلى عدم وجود بدائل حكومية فعالة لهذه الجهات، فإن شن حملات عسكرية ضدها لن يؤدي إلا إلى إعادة خلق الظروف السياسية والأمنية التي أدت إلى ظهورها في المقام الأول.
وتشير الكاتبة إلى أن القضية الفلسطينية بالنسبة لجماعات "محور المقاومة" تتجاوز مجرد هاجس أيديولوجي، لتشكل عمادًا جماعيا ومصلحة وطنية مشتركة. فحزب الله يرى أن وقف إطلاق النار في غزة يخدم مصلحة لبنان الوطنية عبر منع توسع الحرب الإسرائيلية إليها.
وتضيف: "كذلك، دفع دعم الولايات المتحدة لحرب إسرائيل على غزة كلًا من الحوثيين وقوات الحشد الشعبي إلى الربط بين مصالحهما الوطنية في اليمن والعراق والمصلحة الفلسطينية".
وقالت المجلة الأمريكية إنه "رغم شنّ بعض فصائل الحشد الشعبي هجمات على قواعد ومواكب أمريكية قبل هذا الصراع، إلا أن حرب غزة زادت من دوافعهم لطرد القوات الأمريكية من العراق وسوريا. أما الحوثيون، فمن المتوقع أن يستفيدوا من مشاركتهم في هذا الصراع بتعزيز موقفهم التفاوضي في محادثاتهم مع السعودية والولايات المتحدة حول مستقبل اليمن".
واختتمت بالقول: "إن الادعاء بأن هذه الجماعات الراسخة ذات الطابع شبه الرسمي ما هي إلا أدوات بيد إيران، يمهد الطريق لاستراتيجية أمريكية كارثية في التعامل معها. وبالتالي، بدلاً من مطالبة إيران بلجم "وكلائها"، على الولايات المتحدة أن تبدأ بلجم إسرائيل، إذا كانت بالفعل حريصة على منع اتساع نطاق هذه الحرب".