آخر الأخبار
ما هي أسباب انهيار الريال اليمني وكيف يمكن للحكومة احتواءه ؟
تخطى الدولار الأمريكي لأول مرة جدار ال 1000 ريال يمني في التعاملات المصرفية
الاربعاء, 14 يوليو, 2021 - 09:25 صباحاً
تابع الريال اليمني فقدان قيمته أمام العملات الأجنبية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية ، وصولاً إلى مستوى قياسي جديد خلال الأيام الماضية عندما تخطى الدولار الأمريكي لأول مرة جدار ال 1000 ريال يمني في التعاملات المصرفية .
الانهيار في قيمة الريال تسارع بشكل ملحوظ منذ العام الماضي 2020 ، وازداد حدةً مع قيام الحوثيين بحظر تداول الطبعة الجديدة التي تصدرها الحكومة اليمنية في مناطق سيطرتهم ، وأيضاً بعد نفاذ الوديعة السعودية لدى البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن أواخر العام الماضي مع عجز البنك عن توفير العملة الصعبة اللازمة .
وكان هذا الانهيار قد سرّع في ديسمبر /كانون الأول 2020 في إعلان تشكيل الحكومة المنبثقة عن " اتفاق الرياض" وإعادتها إلى عدن مع وعود بالتركيز على " التعافي الاقتصادي" في العام الحالي ، غير أن الحكومة عجزت عن إحراز أي تقدم في هذا الملف لأسباب متعددة .
وتسبب هذا التردي المستمر في قيمة العملة الوطنية بارتفاع جنوني في الأسعار داخل الأسواق اليمنية ، الأمر الذي أجج من شكاوى المواطنين اليمنيين الذين أصبحت قدرتهم الشرائية شبه منعدمة ، واعتماد الملايين منهم بشكل كلي على المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة في عموم البلد المنكوب بالحرب منذ 2014 .
عوامل عديدة للتدهور
الانهيار الأخير دفع بعدد كبير من الصرافين داخل العاصمة المؤقتة " عدن" إلى تعليق عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية ، وهو خيار سبق لمحلات الصرافة في مناطق الشرعية أن لجأت إليه في أوقات سابقة ، كما هددت "جمعية صرافي عدن " بالتحول إلى الإضراب ما لم يكن هناك ردة فعل من قبل الحكومة إزاء الانهيار الحاصل .
وأرجع خبراء اقتصاديون الانهيار الحاصل إلى عدة أسباب ، أبرزها الوضع الأمني والسياسي للجزء الذي يخضع إسمياً لسيطرة لحكومة اليمنية الشرعية ، وحرب العملة التي يخوضها المتمردون الحوثيون ضد الحكومة ، إضافة إلى عجز الحكومة عن تغطية نفقاتها ، والمضاربة في العملة في هذه المناطق .
" من الصعب الحديث بصورة مختصرة عن أسباب هذا التدهور ، ومن الواضح أن هناك عدة عوامل ، منها ردة الفعل الحوثية على خطوة الحكومة بتزويد السوق بكميات من طبعة جديدة ولكنها من الفئات النقدية القديمة ،" قال الخبير الاقتصادي اليمني مصطفى نصر .
وكانت جماعة الحوثي أبدت الشهر الماضي رفضاً حاداً لاعتزام الحكومة توفير كمية من الفئات النقدية (القديم) التي كانت قد توقفت عن طباعتها منذ 2016 ، وشرعت جماعة الحوثي في اتخاذ إجراءات تمنع تسرب تلك العملة إلى مناطق سيطرتها ، بعد أن كانت قد أوقفت في وقت مبكر العام الماضي التعامل بالطبعة الجديدة التي درج المواطنون على تسميتها ب " القعيطي" .
وتابع نصر للمهرية نت " أيضاً طباعة الحكومة لكميات من النقود من أجل تغطية النفقات التشغيلية كالمرتبات أثر سلباً في قيمة الريال " .
وتمتنع جماعة الحوثي عن دفع رواتب الموظفين اليمنيين الذين يزيد عددهم عن مليون ومائتي ألف موظف حكومي ، مستخدمةً إياهم ورقةً لزيادة الضغط على الحكومة .
وأشار نصر ، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إلى مسألة المضاربة على العملة الصعبة الحاصلة في مناطق الشرعية ، معزياً إليها جزءاً من أزمة الريال اليمني . " هناك حالة عبث غير منضبطة في تداول العملة ، بيعاً وشراءاً ، وهو ما يعكس هشاشة البنك المركزي في عدن وهشاشة الحكومة ككل ."
وكان البنك المركزي اليمني قد نفذ عدة تدخلات خلال الأيام والأسابيع الماضية في محاولة منه لضبط السوق المالية ، ووجه أواخر الشهر الماضي بإغلاق كافة شبكات التحويل المالي المحلية ، كما دفع بفرق تفتيش خاصة بالبنك إلى السوق بغرض ضبط المضاربين بالعملة .
حل اقتصادي سياسي أمني
وبقدر ما أن عوامل انهيار الريال اليمني متعددة ، فإن خطوات معالجة هذا الانهيار بحسب محللين لا تقل تعقيداً ، ما يجعل الحكومة اليمنية المتواجدة في معظمها خارج البلاد أمام تحدٍ كبير .
وكانت الحكومة قد غادرت عدن في مارس/آذار الماضي بعد اقتحام أنصار المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا ، والحاكم الفعلي في عدن ، لمقرها في قصر معاشيق الرئاسي في العاصمة المؤقتة ، كما حال تعثر تنفيذ الشق الأمني من " اتفاق الرياض" بين الحكومة والانتقالي دون وفاء السعودية بالتزامها بدعم الحكومة مالياً بحسب مراقبين .
" العملة تتأثر بالوضع السياسي والأمني ، ومن الواضح أن هناك صراع يلوح في الأفق داخل عدن ، وكل هذه التعقيدات تصب في النهاية في إضعاف قيمة العملة الوطنية ، وإضعاف الاقتصاد عموماً،" واصل نصر .
الحكومة اليمنية اجتمعت عبر الاتصال المرئي أمس الثلاثاء ، وأقرت حزمة من التدابير الاقتصادية الرامية إلى الحد من تدهور الريال اليمني واصفةً إياه ب"غير المبرر" ، غير أن نصر اعتبر أن الحل أكثر تعقيداً من ذلك .
" الحل هو سياسي واقتصادي وأمني ، وليس اقتصادياً فحسب . صحيح أن الحلول الاقتصادية من قبيل تفعيل أدوات السياسة النقدية ، والحصول على كميات من العملة الصعبة لتوفير احتياجات السوق ، ووقف المضاربة ضرورية ؛ لكن هناك قضايا سياسية وأمنية يجب معالجتها لتسوية هذا الملف ."